المحتوى الرئيسى

"العصفور الأحمر" فيلم عن الجنس والجاسوسية والحرب الباردة

03/05 23:31

هذه روابط خارجية وستفتح في نافذة جديدة

يبدو الفيلم الجديد الذي يحمل عنوان "ريد سبارو" (العصفور الأحمر) كما لو كان يتضمن وصفةً مضمونة لا تخيب تجمع بين الجنس والجاسوسية والحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، كما تقول الناقدة كارين جيمس.

فلتتخيل هذا الموقف: فتاة روسية تعمل راقصة باليه؛ كُسِرت ساقها ولديها أم مريضة تقبع في منزلٍ حقير، تفاجأ بعمها ذي الشخصية الشيطانية -ويُدعى فانيا - يقول لها إن الحل الوحيد لمشاكلها المالية يتمثل في أن تصبح بمثابة "فتاة مُستعبدة جنسياً" تعمل في خدمة الحكومة؛ فماذا عساها أن تفعل؟

حسناً هذا هو السبب الذي يجعل الممثلة جينيفر لورانس - أو بالأحرى شخصية "دومينيكا إيغوروفا" التي تجسدها في فيلم "ريد سبارو" (العصفور الأحمر) - تجد نفسها في معهد يُلقن نوعاً خاصاً جداً من الدروس. فهناك نجد مُدَرِسَةَ - تجسد شخصيتها تشارلوت رامبلينغ وتُصر على أن يُطلق عليها اسم المشرفة - وهي تُعَلِم طلاب صفها فن التجسس من خلال الإغواء.

الغريب هنا هو ذاك الزي الموحد، الذي يرتديه الطلاب ذكوراً وإناثاً ممن يتعلمون فن الإغواء، والمتمثل في ستراتٍ رياضية ذات لون رمادي باهت وأحذية عملية الطابع. فهل أُضيفت هذه التفصيلة من أجل جعل الأمر أكثر صعوبةً وتعقيداً؟ ربما.

على أي حال، يبدو الفيلم كما لو كان يتضمن وصفةً مضمونة لا تخيب من الجنس والجاسوسية وروسيا. لكن رغم ذلك فإن السبيل الوحيد لإيجاد معنىً لهذا الفيلم النمطي ذي الطابع المرتبك- الذي كان يُفترض أن يكون مشوقاً - هو أن نعتبره عملاً كوميدياً لم يقصد صناعه أن يكون كذلك.

فالفيلم مُثقل بمن يتحدثون الروسية بلهجة نمطية سخيفة مُستعارة من الأفلام العتيقة البالية التي كانت تتناول الحرب الباردة، كما تُثْقِل هذا العمل مشاهد جنسية غير مثيرة على الإطلاق، فضلاً عن مشاهد أخرى تُظهر تعذيباً مبرحاً ومؤلماً، تتخلل الأحداث هنا وهناك.

ولا يصعب على المشاهد إدراك الطابع الغريب الذي يتسم به الفيلم منذ مشاهده الأولى، تحديداً حينما نرى لورانس - للدقة بديلتها التي تؤدي مشاهد رقص الباليه بدلاً منها - وهي ترقص دون براعة على مسرح البولشوي.

وبعدما يؤدي حادثٌ يقع على خشبة المسرح إلى كسر ساق البطلة وتدمير مستقبلها كراقصة باليه في آنٍ واحد، يُظْهِرُ انتقامها العنيف من ذلك، غضباً خفياً كان يعتمل في نفسها. لكنها - ولسبب غير مفهوم - تظهر عديمة الحيلة حينما يهددها عمها (يجسد شخصيته ماثياس شونارتس) الذي يعمل في وكالة الاستخبارات الروسية، بأنها ستُقاسي الفقر وأن أمها (تؤدي دورها جولي ريتشاردسون) سُتحرم من الرعاية الصحية، وهو ما يُجبر بطلتنا على الالتحاق بمهنتها الجديدة.

بالتوازي مع ذلك، نرى عميلاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي آيه) يُدعى نيت ناش (يجسد شخصيته جويٍل أدجيرتون)، وهو يعدو على غير هدى في متنزه "غوركي" الشهير بالعاصمة الروسية موسكو. وفي سياق محاولته لحماية هوية مصدره الروسي الذي يشغل منصباً رفيع المستوى؛ يفضح ناش هويته هو نفسه ويكشف النقاب عن الغطاء الذي كان يعمل من ورائه، ليُعاد إلى وطنه محملا بالخزي والعار.

وسرعان ما تُرسل دومينيكا (لورانس) إلى بودابست لمقابلة ناش - المُعاد تكليفه بمهمة أخرى - لكي تمارس معه كل ما تعلمته في المعهد وعلى الوجه الأكمل - وذلك لحمله على الكشف عن اسم جاسوسه الروسي الخائن، الذي عمل طويلاً وبنجاح على كشف أسرار موسكو، من خلال موقعه الرفيع دون أن يدري به أحد.

المشكلة أننا نرى بطلتنا - التي تعمل على تطبيق دروسها عملياً مع ناش - وهي تنطق على نحوٍ متكلف الجُمل الحوارية التي صيغت بشكل مزعجٍ للغاية.

وهنا يُفترض أن ينجرف الاثنان في علاقةٍ متقدة ومحمومة. ولكن رغم أن أفلاماً مثل "سيلفر لاينينغ بلايبوك" (المعالجة بالسعادة) و"أمريكان هاسل" (صخب أمريكي)، تكشف بلا ريب عما تتمتع به لورانس من موهبة وقدرات، تماماً مثلما يقوم بالدور نفسه - ولكن مع أدجيرتون هذه المرة - فيلما "لافينغ" و"ذا غيفت" (الهدية)، فإنهما يظهران في هذا الفيلم بصفاتٍ لا تكفي لإقناعنا بأن هناك ما يكفي لإشعال شرارة عشقٍ محموم بينهما.

فهي تبدو رقيقةً وديعة وهو يظهر رجلاً مثيراً للإعجاب. وهذا بصرف النظر عما إذا كانت المشاهد الحميمية الظاهرة على الشاشة مفتعلة لدواعٍ تتعلق بكون البطلة تتجسس على البطل أم لا.

ويعتمد السيناريو الذي كتبه جاستين هايث على روايةٍ ناجحةٍ ألفها عنصرٌ سابق في الـ" سي آي آيه" يُدعى جَيسون ماثيوس. وبغض النظر عن خبرة ماثيوس التي استفاد منها الكاتب، فمن العسير تصور أنه في عصر يحكم فيه روسيا رئيسٌ مثل فلاديمير بوتين، وتنسب خلاله إلى هذا البلد أنشطةٌ مثل قرصنة أجهزة الكمبيوتر لأغراضٍ سياسية، يقدم شخصٌ ما فيلماً تدور أحداثه حول عملية تجسس روسية، ويغفل فيه بهذا الشكل الأوضاع السياسية الراهنة في العالم.

بل إن العمل لا يستفيد بما تتطرق إليه شخصياته ذاتها، فالمُدَرِسة في هذا المعهد الروسي ذي الطابع الغريب من نوعه تقول أمامنا على الشاشة إن الحرب الباردة لم تنته ولكنها تهشمت فحسب إلى آلافٍ من "الأجزاء الخطرة".

لكن بدلاً من أن يتناول صُنّاع العمل هذه الأجزاء الجديدة التي يُشار إليها، نجدهم يضيفون حبكةً ثانوية، تتناول محاولةً تقوم بها مسؤولة عن مكتب عضوٍ في مجلس الشيوخ الأمريكي (تجسد شخصيتها ماري-لويز باركر)، لبيع كومةً من الأقراص المدمجة- وهي للدقة أقراص كمبيوتر من الطراز القديم - وعليها معلوماتٌ سرية إلى الروس.

من جهة أخرى، فرغم أن الفيلم من إخراج فرانسيس لورانس، الذي أخرج من قبل ثلاثةً من أفلام سلسلة "مباريات الجوع"، فإن قليلاً من القدرات الفنية التي يتحلى بها هذا الرجل، يظهر في "العصفور الأحمر"، الذي تتجول أحداثه بين فيينا وبودابست، التي صُوِّرت فيها غالبية المشاهد.

اللافت أننا نجد أن صُنّاع العمل يضعون شخصياتٍ ذات طابع سخيف وغريب وسط خلفياتٍ باذخة ومترفة، فضلاً عن أن تصوير هذه الشخصيات يتم - في أغلب الأحيان - على نحوٍ سخيف وغير ملائم.

بجانب ذلك، فللأسف يبدو مشهد تعذيبٍ نرى فيه دلواً من المياه وهو يُسكب على رأس امرأة، وكأنه مأخوذٌ من فيلم "فلاش دانس" الذي أُنْتِجَ في ثمانينيات القرن الماضي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل