المحتوى الرئيسى

خيري رمضان.. «اضحك للدنيا» (بروفايل)

03/05 20:41

بمزيج من الأمل والألم أطلق الإعلامي خيري رمضان كلما​ت موجزة لخص من خلالها فكرته الجديدة: «نحن نقدم السخرية، ليس بقصد الإضحاك، ولكن لنقد الواقع فالواقع مليء بالتناقضات التي تدعو إلى الابتسامة المريرة ينطبق عليها قول الشاعر "لا تحسبوني أرقص بينكم طربا/ فالطير يرقص مذبوحًا من الألم"، والتي جاءت ردا على سؤال أحدهم بشأن رئاسته تحرير جريدة «اضحك للدنيا» التي اقتبسها من كتاب صغير ساخر للكاتب محمد عفيفي يحمل اسم «ابتسم للدنيا»، وحذره البعض من خوض تجربتها الجريئة التي ربما تنتقص من قدره ككاتب سياسي.

لم يلتفت رمضان لسيل الانتقادات التي وجهت إليهم، وتقوم فلسفتها على دعوة للناس للضحك، على همومهم وأحزانهم وعلى ساستهم وواقعهم المرير، لأننا نريد أن نذكر الناس دائما أنهم يجب أن يضحكوا، وهو ما بدا واضحًا على اللوجو المرسوم للجريدة، فالشخص المرسوم مع الاسم ليس سعيدًا، كأنه يريد أن يقول على أي شيء نضحك؟ مؤكدًا أنها مطبوعة سياسية بالأساس تتحدث عن الفساد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والفني والإعلامي، والسياسة تدخل في كل شيء بحياة المواطنين، والشباب كان يتحدث لديهم ويراسلهم بأكثر من 100 خطاب يومي مكتوب ليعبر عن غضبه المرير من السياسة، لأن غالبية المشاكل والأزمات يرتكبها الساسة دائمًا.

كانت «اضحك للدنيا» ​أول جريدة مصرية سياسية ساخرة في مصر، حاصلة على رخصة من لندن تحقق المعادلتين (المزج بين السياسة والسخرية)، يكتب فيها الجميع من الخفير إلى الوزير ولا تفرق بين أحد، فحرية الرأي متاحة للجميع، وتبنى الفكرة الجديدة عدد من الناشرين المصريين وتحمسوا لها بشدة، وكان من بينهم الناشر عادل المصري صاحب دار نشر «أطلس»، وهالة عمر صاحبة دار نشر «هلا»، وعبد اللطيف عاشور صاحب دار نشر «ابن سينا»، كما كان شريكا في الفكرة كل من الكاتب الساخر يوسف معاطي، والصحفي بلال فضل والساخر عمر طاهر والشيخ خالد الجندي، ورسومات فنان الكاريكاتير«مخلوف».

حققت الجريدة الوليدة انتشارًا كبيرًا ومعدلات توزيع هائلة، ولكن الحلم لم يكتمل، فتمت مصادرة عددها الثاني تحت دعاوى المساس بشخصيات ورموز الدولة نتيجة طباعتها 50 ألف نسخة دون أن تمر على الرقابة، بسبب موضوع كان عنوانه «جمال مبارك عنده فيات 128 وكمال الشاذلي لبان».

13 عامًا مضت على مصادرة حلم خيري رمضان «اضحك للدنيا» الذي توقف لعامين ثم عادت الجريدة مرة ثانية عبر مُلحق يوزع مجانًا مع جريدة البلاغ الأسبوعية منذ 8 أغسطس 2008، ورحل خيري رمضان وتوقفت الجريدة الساخرة لظروف غير معلومة، وتولى مدير تحرير جريدة الأهرام العربي مع تحريره باب «بريد الجمعة» في جريدة الأهرام خلفًا للكاتب الكبير عبد الوهاب مطاوع.

ثم انضم رمضان بعد ذلك إلى عالم «الميديا» من بوابة الإعلام الخاص.. والبداية كانت عبر كرسي فضائية «الأوربت» الذي جلس عليه كثير من الإعلاميين المصريين وكانت بمثابة «ترانزيت» لهم للعمل في قنوات عربية ومصرية كبرى، فالتحق بعدها بقنوات «النهار» ثم «CBC» وأخيرًا عاد مجددًا للتليفزيون المصري بعد خطة التطوير الجديدة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو»، واعتمد على مهارته في التفاعل مع قضايا مجتمعية ومع الجمهور وتوفير مساحة من الحرية فى مناقشة القضايا المختلفة، ومعالجة الموضوعات المطروحة بمهنية عالية بدون خناقات أو أصوات صاخبة أو صراخ وتجريح لأحد، ومعلومات غير دقيقة ولا يحكمه غير ضميره الإنساني.

في حلقة 18 فبراير الماضي التي جاءت بعنوان «عذرًا هن زوجات مقاتلات» نقل رمضان رسالة زوجة عقيد شرطة حالي ومكالمتها الباكية التي تحدثت في دقائق عشر عن أزمة عامة يعاني منها غالبية ضباط وزارة الداخلية، ووجهت أثناء الحلقة رسالة مفادها: «أنا حرم ضابط شرطة وحياتي بتدمر» وتحدثت عن تدني رواتبهم وغياب العدالة في توزيع المرتبات بين ضباط الشرطة، حسب قولها.

تحكي زوجة عقيد الشرطة الذي لا يعمل في أي وظيفة أو عمل آخر أنه قرر الانتقال إلى منطقة نائية تابعة لمحافظة البحر الأحمر حتى يزيد راتبه، بينما الأسرة تسكن في مدينة العبور، وهنا كانت الأزمة، حيث كان لديه طفلان في مدرسة خاصة وقررا نقلهما إلى مدرسة حكومية بسبب عدم قدرتهما على سداد 10 آلاف جنيه -كلام فاضي- حسب رمضان لكل طفل في السنة، وهم يمثلون القاعدة العريضة من الضباط الشرفاء.

وبحكم بداياته في مؤسستي أخبار اليوم والأهرام وعمله لسنوات عدّة بالحوادث، وكان مسئولاً عن تحرير «بريد الجمعة» بجريدة الأهرام بعد رحيل الكاتب الكبير عبد الوهاب مطاوع، وطبيعته أنه يهتم بالشكاوى الإنسانية ويتعاطف معها، واحتك خلالها رمضان بعدد كبير من الضباط وعاش بينهم وتوطدت علاقته بهم وذويهم، وبحسه الإنساني تعاطف معهم كما بدا جليًا في تعاطفه مع رسالة الزوجة الحزينة، التي ربما خانه ذكاؤه في مدى إساءتها لجهاز هام في الدولة، رغم أنه كان لديه حسن نية شديد في هذا الملف الشائك، يتحدث رمضان دون أي أغراض أو نوايا أخرى خفية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل