المحتوى الرئيسى

خلط التجارة والسياسة يُلاحق ترامب.. فمَن سيدفع الثمن؟

03/05 19:13

مَرّت حوالي تسعة أشهر على الأزمة الخليجية ولم تجد طريقها للحل بعد. فلا يزال كل شيء بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى كما كان عليه، عندما قرّرت الدول الأربعة الأولى مقاطعة الثانية، وساقت لأجل ذلك عدة مبرّرات منها "دعم قطر للإرهاب"، وهو ما تنفيه هذه الأخيرة. لكن الجديد في الموضوع، هو ما تكشفه الصحافة الأمريكية من احتمال توّرط أمريكي في الأزمة، لأسباب غير مقنعة، خاصة وأن دونالد ترامب لم يُخف منذ البداية انحيازه إلى الطرف الذي أعلن المقاطعة.

المعلومات التي كشفت عنها الصحافة الأمريكية تفتح من جديد جدل تأثر السياسة الخارجية الأمريكية بالمصالح المالية والعلاقات الشخصية، خاصة وأن أكثر من وسيلة إعلامية نقلت هذه المعلومات التي توجد حالياً رهنَ التحقيق القضائي. تعدّ جماعات الضغط والتأثير أمراً معروفاً في الولايات المتحدة، حيث توجد عدة قوى تبحث عن تعزيز نفوذها في البلاد العام سام، لكن تأكيد وقوع الإدارة الأمريكية تحت تأثير إدارات أخرى تُوّجه البيت الأبيض لأهدافها، سيُعقّد أكثر مهمة دونالد ترامب في الحفاظ على ما تبقى له من منسوب الثقة بين المتعاطفين معه، وسيفتح النقاش حول مستقبل الرئيس المثير للجدل.

وإذا كان حسن منيمنة، خبير عن معهد الشرق الأوسط في واشنطن،  يشير في تصريحات لـDW عربية أن كل المعلومات المنشورة إلى حد الآن ليست مؤكدة، ولا يمكن اتخاذ مواقف بناءً على تهم لا تزال تحتاج في طور التحقيق القضائي كي يتبين صدقها أو زيفها، إلّا أنه يعود ليؤكد أن الشبهات بهذا الشأن ليست جديدة، وأن طابع ترامب الذي يُشخصن الأمور، يجعل المتتبع يدرك أن مثل هذه الادعاءات غير مبنية على عدم.

يظهر جاريد كوشنر، صهر دونالد ترامب وكبير مستشاريه، عصا الرحى في هذه التقارير، فقد نقل موقع ذا انترسبت أن لقاءً سبق أن جمع بين والد كوشنر، ووزير المالية القطري علي شريف العمادي في نيويورك شهر أبريل/نيسان عام 2017، لأجل تمويل مبنى ضخم يخصّ شركات عائلة كوشنر، لكن الصفقة لم تتم بسبب الرفض القطري.

ليست هذه المعلومات هي الأولى من نوعها، فقد سبق لمواقع صحفية مقرّبة أو مرتبطة بقطر أن نشرت قبل أشهر تحريض كوشنر الإدارة الأمريكية ضد قطر، بشكل يربط بين اتخاذ كوشنر لهذا الموقف وبين رفض قطر تمويل المبنى رقم 666 في الجادة الخامسة بمدينة نيويورك. كوشنر نفى كل هذه الادعاءات، وقال متحدث باسم محاميه إن هناك مصادر تقوم بحملة معلومات مغلوطة لتضليل وسائل الإعلام، نافيا أن يكون موكله قد خلط بين نشاط الشركة والاتصالات التي كان يجريها.

غير أنه ما يثير الشكوك أكثر، أن قناة إن بي سي نيوز أشارت إلى زيارة مسؤولين من الحكومة القطرية للولايات المتحدة قبل أسابيع لأجل تقديم أدلة لروبرت مولر، المحقق المعيّن من لدن وزارة العدل الأمريكية للتحقيق في مزاعم التدخل الروسي خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، حول تنسيق بين كوشنر والدول المقاطعة لقطر لأجل الإضرار بهذه الأخيرة. وقد أورد موقع القناة أن الأزمة في الخليج بدأت بعد تلك الزيارة التي قام بها ترامب وكوشنر إلى السعودية شهر ماي/أيار 2017، عندما جرى توقيع عقود تتجاوز 400 مليار دولار.

موقع هافينغتون بوست، في نسخته الإنجليزية، قال إن صداقة كوشنر مع السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تزيد من الشكوك حول إمكانية أن يكون كوشنر قد شجع ترامب على اتخاذ موقف سلبي من قطر. هذه الأنباء المتلاحقة، دفعت بالسيناتور الأمريكي كريس مورفي للتصريح أنه من الواجب على كوشنر الاستقالة إذا ما تأكد تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية ضد قطر لأجل مصالح مالية خاصة. وقد تحدث السيناتور عن أن وقوف ترامب إلى جانب السعودية والإمارات ضد قطر أمر غير مفهوم، بما أن بلاده تملك مصالح كبيرة مع الدوحة.

هل استغلت أطراف متعددة كوشنر؟

كرة الثلج حول قضية كوشنر تكبر رويدا وريدا في أمريكا، فقد أشارت قناة إن بي سي نيوز مؤخراً، في تقرير لها، أن  روبرت مولر وسع شبكة تحقيقاته إلى البحث في إمكانية أن تكون الاتصالات التي أجراها جاريد كوشنر مع أشخاص من قطر وتركيا وروسيا والصين والإمارات، لأغراض تتعلّق بمشاريع شركة عائلته، قد أثرت لاحقاً في السياسة الخارجية للبيت الأبيض.

أين يمكن أن تصل تحقيقات مولر؟

الكشف عن موضوع اتصالات كوشنر يعود إلى تقرير نشرته الواشنطن بوست يوم 27 فبراير/شباط 2018، أشارت فيه إلى أن أربع دول على الأقل، هي الإمارات والصين وإسرائيل والمكسيك، تداولت كل واحدة منها على حدة، عبر مسؤولين لها في واشنطن، في الطرق الممكنة للتقرب من كوشنر حتى تستغل علاقاته التجارية ومشاكله المالية وضعف تجربته الديبلوماسية. وتابعت الجريدة أن اتصالات كوشنر مع بعض الحكومات الأجنبية كانت وراء ارتفاع الشكوك حوله في البيت الأبيض وبالتالي عدم حصوله على تصريح أمني دائم داخل هذه البناية الرسمية.

يعلّق حسن منيمنة أن غالبية الدول عبر العالم تسعى إلى تحقيق مصالحها عبر استهداف نقاط الضعف لدى الخصوم والحلفاء، ومن الطبيعي أن تجد الدول المذكورة في كوشنر أداة للتغلغل أكثر داخل القرار السياسي الأمريكي، واللوم هنا يجب أن ينصب بالأساس على ترامب الذي فتح المجال لرجل قليل الخبرة السياسية حتى يكون كبير مستشاريه، يتابع منيمة، كما يجب توجيه اللوم للطبقة السياسية الأمريكية التي لم تعترض بما يكفي على هذا التعيين.

اسم آخر ظهر في القضية، يوجد كذلك ضمن الدائرة التي يحقق فيها روبرت مولر، هو رجل الأعمال الأمريكي-اللبناني جورج نادر، الذي يقدم نفسه مستشاراً لولي العهد الإماراتي، محمد بن زايد. فقد كتبت النيويورك تايمز، أنه كان دائم الترّدد على البيت الأبيض خلال عام 2017، وأن تحقيقات مولر تنصب أيضا على دور محتمل للإمارات وجورج نادر لأجل شراء النفوذ داخل الولايات المتحدة عبر تمويل جزء من حملة ترامب خلال الانتخابات. تقرير الجريدة يشير إلى أن شبهة التدخل في الانتخابات، لا تطال موسكو لوحدها، كما أن التركيز على جورج نادر قد يدفع إلى التحقيق أكثر حول كم المال القادم من بلدان أخرى، ومدى إمكانية تأثيره على قرارات ترامب.

يعيش جاريد كوشنر؛ كبير مستشاري البيت الأبيض وصهر ترامب، متاعب عديدة منذ الشهور الأولى في منصبه، آخرها ما كشفه موقع "ذي إنترسبت" الأميركي في مارس/ آذار، إذ سعت شركته العقارية في أبريل/ نيسان2017 إلى تأمين تمويل قطري قوبل بالرفض. هذه الأنباء المتلاحقة دفعت بالسيناتوركريس مورفي للتصريح أنه من الواجب على كوشنر الاستقالة إذا ما تأكد تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية ضد قطر لأجل مصالح مالية خاصة.

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" هذا الشهر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي إبعاد ابنته إيفانكا وزوجها جارد كوشنير من البيت الأبيض. كما ذكرت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين مطلعين، أن الرئيس ترامب بات يشعر بخيبة أمل متزايدة من صهره ومستشاره كوشنير. وكان ترامب قد سحب منه الحق في الاطلاع على مستندات سرية تتعلق بأمن الولايات المتحدة.

في 28 فبراير/ شباط، أعلنت هوب هيكس استقالتها. هكيس، التي عملت لصالح عائلة ترامب منذ 2012، لم تذكر سبباً لاستقالتها، واكتفت بالقول: "أعجز عن إيجاد كلمات أعبر فيها عن امتناني للرئيس دونالد ترامب"، فيما وصفها ترامب قائلاً إنها "رائعة حقاً"، ومؤكداً على أنه سيفتقدها إلى جواره. هيكس عملت سكرتيرة صحفية لترامب خلال حملته الانتخابية، وتولت منصبها في البيت الأبيض في أغسطس/ آب الماضي كمديرة للاتصالات.

أُقيل جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالية (إف بي آي)؛ يوم 9 مايو/ أيار 2017. وذلك بحجة إعطائه معلومات غير دقيقة للكونغرس بشأن رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون. بعد استقالته هدد كومي بكشف معلومات محرجة عن الرئيس الأمريكي ترامب.

جون كيلي، الذي نفى في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إقالته أو استقالته من منصبه، يعيش وضعاً صعباً قد يؤدي الى إطاحته، بعدما أغضب الرئيس الأميركي ترامب بأسلوب تعامله مع اتهام موظف في البيت الأبيض بعنف أسري. وقد تجاوز توتر العلاقات بين جون كيلي، كبير الموظفين، وكوشنير، الذي مُنع من الاطلاع على أسرار مهمة، إلى ترامب، الذي بدا متوتراً وهو يسأل إن كان كوشنير استثناءاً، فأجاب بأنه أوكل الأمر إلى جون كيلي.

أعلنت وسائل إعلام أميركية يوم الجمعة الماضي (2 مارس/ آذار2018) عن إمكانية مغادرة مستشار الأمن القومي، هربرت ريموند ماكماستر، للبيت الأبيض نهاية الشهر الجاري، بحسب ما نقلت قناة "سي إن إن". كما نقلت أنه سيترك منصبه إثر "نقاط توتر عديدة" مع الرئيس، وفي ظل العلاقة المضطربة القائمة بينهما أحياناً. وكان ترامب قد أعلن عن تعيينه في20 فبراير/ شباط 2017 بعد قرابة أسبوع من استقالة مستشاره السابق مايكل فلين.

أعلن البيت الأبيض استقالة مايكل فلين، مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، على خلفية اتهامه بـ "تضليل" الإدارة الأميركية بشأن إجرائه اتصالات مع روسيا قبل تسلّمه منصبه. وكان فلين قد قدم استقالته يوم 13 فبراير/ شباط2017.

أقال دونالد ترامب ليلة الاثنين 31 يناير/ كانون الثاني2017 وزيرة العدل السابقة؛ سالي ييتس، بعد رفضها الدفاع عن قرار ترامب الذي يخص منع سفر مواطنين من ست دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. رفضها هذا أدخلها في قلب "أكبر جدلٍ" شهدته أيام ترامب الأولى في الرئاسة، حسب ما تناقله كثير من المواقع الإخبارية.

نقلت وكالة رويترز قبل ستة أشهر أن غاري كون كتب مسودة استقالته بالرغم من أنه لا يزال في منصبه. كبير المستشارين الاقتصاديين لترامب كتب مسودة استقالته بسبب ما اعتبره رد فعل ضعيف من الإدارة على الاشتباكات التي وقعت بين محتجين من النازيين الجدد وآخرين مناهضين للعنصرية. لكنه قرر الاستمرار في منصبه.

يقال إن جيف سيشنز قدم استقالته السنة الماضية مرة واحدة على الأقل. وزير العدل الأمريكي، الذي نأى بنفسه عن التعامل مع التحقيقات حول علاقة إدارة ترامب مع روسيا، أثار “خيبة أمل كبيرة” عند ترامب. وقد عاد الرئيس الأمريكي بداية الشهر الجاري (مارس/ آذار 2018) ليشن هجوماً جديداً عليه، واصفاً قراره بطلب التحقيق في احتمال إساءة التصرف في قضية التنصت غير القانوني بأنه "معيب". إعداد: مريم مرغيش

الجريدة أعطت كذلك اسماً آخر يثير الجدل، يتعلّق الأمر بإليوت برودي، الجمهوري النافذ الذي يمتلك شركة أمن خاصة في الإمارات، تقدر قيمة عقودها بملايين الدولارات. الجريدة تقول إن جورج نادر تسلّم تقريرا مفصلا من برودي، عن اجتماع خاص مع الرئيس ترامب في مكتبه، وإن برودي مارس ضغطاً على ترامب لأجل لقاء خارج الضوابط الرسمية مع محمد بن زايد، الهدف منه دعم الإمارات في منطقة الخليج وإقالة ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، الذي حاول البقاء على الحياد في الأزمة الخليجية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل