المحتوى الرئيسى

ماذا فعلت الأيام بـ«عمرو الدجوي»؟

02/23 15:08

ألم تكن هناك وسيلة لإخراجي عنوة من عالمي الخاص غير تلك الترددات الصوتية التي تسبح فيها البذاءة، سماعات الأذن الجديدة لم تكن الحصن المنيع، ورفع الراية البيضا أمام محترفي دهس الجزء العلوي من الحذاء، انتقصت من أركان التغرب المنشودة، حتى بكائية حمزة نمرة الأخيرة افسدتها جملة سائل الميكروباص النحيل، وهو يصارع من أجل البقاء بين أساطين سائقي السرفيس في محطة الإسعاف: «أنا عمرو الدجوي.. وهفضل عمرو الدجوي».

رجل أربعيني لم يمنعه شيب فوديه من التندر على «عمرو الدجوي» قائلًا: «أنا سعد الدالي إنت مين؟»، وبدا للجميع أن السائق من الفريق المضاد للشاب الذي ترك صدى عبارته تسيطر على 13 مواطن جمعتهم سيارة بيضاء، ومسألة حسابية ينسلخ عنها السائق مسبقًا بمتلازمة: «مش معايا فكة».

«أكثر من حبكة سينمائية تليق بهذا الشاب المتأفف من حاضره وهرول إلى ماضيه؛ كأنها حبة النور الأخيرة بعد انفراط مسبحة أحلامه»

تبخرت سيرة «عمرو الدجوي» مع أول ورقة نقدية ظهرت في السيارة، لكن الاسم ترك آثرًا دفعني للبحث عن صاحبه في محركات البحث، فخامة الاسم تليق ببطل رواية أو نجل رجل أعمال تتصدر أخباره الصحف والمنصات الالكترونية، للحظة وجدتني عنصريًا في تصنيف الاسم لصالح طبقة اجتماعية تشاهد جمهور محطة الإسعاف من زجاج «فاميه»، لا بأس لن أقر بملائكية تصرفاتي اليوم.

لماذا نطقها هكذا؟.. ورأيت في اسمه أطلال عائلة ثرية فقدت ممتلكاتها بعد قرار التأميم في العهد الناصري، وشاب يفقد فرصته في التعليم بعد تعرض الأب لأزمة قلبية مفاجئة، وخريج جامعة يفقد سيف طموحاته وتنتزع منه حبيبته؛ ويسقط في جُب الشعبيات الرخيص.

أكثر من حبكة سينمائية تليق بهذا الشاب المتأفف من حاضره وهرول إلى ماضيه؛ كأنها حبة النور الأخيرة بعد انفراط مسبحة أحلامه، من أجله سوف ترقد سماعات أذني في حقيبتي، ربما أجده سائقًا لـ«لميكروباص» في رحلة عودتي لمحطة الإسعاف، لن أتردد في دفع الأجرة مضاعفة للمقعد الأمامي؛ لأن الحكاية تستحق أن يرويها صاحبها «عمرو الدجوي».

المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

بروفايل | صلاح السعدني.. مشوار لحد "الكنبة"

جنجل أبو شفطورة.. محمد رضا معلم السينما الظريف: خلص (الكلا...).. الكلام يعني

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل