المحتوى الرئيسى

«أشبال تحت خط النار».. قصة 14 طفلًا سيناويًا هزموا الإرهاب فى 13 يومًا

02/22 22:08

أبطال الكاراتيه فازوا بـ14 ميدالية ذهبية.. وأقاموا فى الإسماعيلية ١٠ أيام لعدم وجود مواصلات قبل العودة للعريش

هم براعم نادى سيناء الرياضى، وعددهم ١٤ طفلًا، انطلقوا الأربعاء ٧ فبراير الجارى، من شمال سيناء، بقيادة الكابتن عبدالمالك حشمت، إلى محافظة الإسكندرية، للمشاركة فى بطولة الأصدقاء الدولية، المقامة خلال الفترة من ٨ إلى ١٠ فبراير الجارى، بمشاركة الأندية المختلفة لجميع محافظات الجمهورية. بعدها بيومين، فى الجمعة ٩ فبراير، أعلن المتحدث العسكرى العقيد تامر الرفاعى، عن تنفيذ القوات المسلحة عملية شاملة للقضاء على العناصر الإرهابية. وعقب انتهاء البطولة، التى فازوا فيها بـ١٤ ميدالية ذهبية، واجهوا صعوبة فى العودة إلى سيناء، خوفًا على حياتهم، فتكفلت محافظة الإسماعيلية بإقامتهم، فى «بيت البلاجات» التابع للمحافظة، حتى خصص محافظ شمال سيناء أتوبيسًا مؤمنًا لإعادتهم إلى محافظتهم، الثلاثاء الماضى.

التجهيز لـ«بطولة الأصدقاء» من شهر ونصف الشهر.. والأهالى تكفلوا بالمصاريف

«بنحضر للبطولة دى من شهر ونص».. بهذه العبارة بدأ الكابتن عبدالمالك حشمت، مدرب فريق طلائع نادى سيناء الرياضى، حديثه، لسرد كواليس مشاركة الأطفال فى بطولة الأصدقاء الدولية بمحافظة الإسكندرية.

وقال «حشمت»: «رغم ما تتعرض له سيناء من عمليات إرهابية، وتصدى القوات المسلحة والشرطة لها، وفى ظل إجراءات أمنية مطلوبة، وضرب النار، إلا أننا نتمرن عشان نوصل بالأولاد لمستويات مرتفعة، وعمر الإرهاب ما هيقدر يوقفنا طول ما ورانا الجيش والشرطة بيحمونا».

شارك الـ١٤ لاعبًا سيناويًا فى البطولة، محققين مراكز أولى بميداليات ذهبية، فى لعبة كاراتيه «الكاتا» و«الكوميتيه»، ويوضح مدربهم: «إحنا لعبنا الخميس ٨ فبراير وحققنا ٩ ميداليات ذهبية فى الكاتا، والجمعة ٩ فبراير حققنا ٥ ميداليات ذهبية».

وشدد على أن مشاركتهم فى البطولة «تأكيد للجانب المشرق من سيناء»، مضيفًا: «عمومًا إحنا فى ضهر الجيش والشرطة، وبنساعدهم فى القضاء على الإرهاب».

ومن أجل المشاركة فى هذه البطولة، ودعم وتحقيق حلم هؤلاء البراعم، تكفل الأهالى بمساعدة إدارة نادى سيناء الرياضى بمصاريف السفر إلى الإسكندرية، للمشاركة فى بطولة الأصدقاء الدولية، فتكفل النادى بدفع ٣ آلاف جنيه، فى حين دفع أهالى سيناء ٨ آلاف جنيه لتكملة باقى المصاريف.

وأضاف المدرب: «البطولة انتهت يوم السبت ١٠ فبراير، وكنا فى طريقنا للعودة إلى سيناء، لكن وقفونا فى كمين البالوظة قبل القنطرة، وقالوا الطرق مقفولة مش هنعرف نعدى، وبدل ما نرجع تانى إسكندرية رجعنا على الإسماعيلية، لأننا مقدرين الظروف الأمنية، ومرضيناش نخاطر بحياة الأولاد، لحد ما سمحوا لنا بالرجوع».

وحكى الكابتن عبدالمالك حشمت، عن الـ١٣ يومًا العصيبة التى قضاها الأطفال الأبطال بعيدًا عن ذويهم، لافتًا إلى أنه كان يُشغل الأطفال عن التفكير فى ذويهم وعدم رجوعهم إلى المنزل بعد انتهاء البطولة، عن طريق دفعهم إلى التدريب فى الصباح عقب تناولهم وجبة الإفطار فى الساحة الخضراء المحيطة بالمنزل المقيمين فيه، مرتدين ملابسهم الخاصة بالكاراتيه.

وتابع: «كنت أجعلهم يمارسون التمارين المعتادين عليها، وهى ٣ تمارين يومية للكاراتيه من فئة (الكاتا)، وتدريبات الحمية المختلفة، ثم أخذهم إلى البحر للتنزه فى الإسماعيلية المختلفة عن جو محافظتهم، حيث اعتادوا ضرب النار والانفجارات».

وبعد العودة إلى بيت الاستضافة المقيمين فيه من جديد وتناولهم وجبة الغداء، ينال الأطفال قسطًا من الراحة، يتناسب مع أعمارهم البسيطة التى لا تحتمل الكثير من المجهود البدنى الكبير، خاصة بعد التمرينات الصباحية المعتادة، وجولة التنزه، لتبدأ فقرة جديدة من الألعاب الرياضية، ولكنها هذه المرة رياضة كرة القدم، التى يتسابق فيها الأولاد فقط، وهم ١٠ أفراد يشكلون أساس فريق كرة قدم البنين بالنادى السيناوى، وتكملهم بقوتها وشغفها لكرة القدم الطفلة «نور».

أما الأطفال من قلّت سنهم عن الـ٥ سنوات، فالتليفزيون هو خير جليس لهم، خاصة قنوات الأطفال بما تحتويه من رسوم كرتونية، إلى أن يغلبهم النوم وتبدأ توسلاتهم وأسئلتهم عن والديهم.

أولياء الأمور: «روحنا رجعت لينا».. ولا فرق بين الأولاد والبنات

«عايز أشوف ماما.. أصل بابا معايا هنا».. كلمات بسيطة قالها أحمد محمد عرفات، الطفل ذو الـ١٠ سنوات، الذى حقق ميدالية ذهبية فى لعبة الكاراتيه فئة «الكاتا»، خلال مشاركته فى بطولة الأصدقاء الدولية، حين كان ينتظر العودة إلى منزله من جديد، للاحتفال مع والدته بما حققه من إنجاز رياضى.

وتذوق «عرفات» طعم الفرحة مع والده، الذى لم يتركه وحيدًا خلال مشاركته فى البطولة، بل فضل أن يسافر معه، وظلت الفرحة منقوصة حتى التقى والدته.

وقال الطفل، الذى لا يزال فى الصف الرابع الابتدائى: «لما لعبت فى المباراة كنت حافظ الكاتا الأولى والثانية والثالثة والرابعة، عشان كدا كسبت وجبت مركز أول».

ويحكى والد الطفل أنه اصطحبه بنفسه للمشاركة فى البطولة، للاطمئنان عليه، قائلًا: «أحمد من زمان بيحب الرياضة، وكان بيحب الكاراتيه أكتر، فأخدناه لنادى سيناء، وبقاله سنتين بيتدرب فى النادى مع كابتن عبدالمالك.. ورغم كدا هو متفوق فى دراسته وبيطلع من الأوائل».

ورغم اضطراب الأوضاع فى سيناء، والعريش تحديدًا، ومعايشة الأطفال لهذا الاضطراب، فى ظل إطلاق النار المستمر، إلا أن الأطفال أصروا على استكمال ما يحبونه، حسب والد الطفل، مضيفًا: «أطفالنا اتعودوا على ضرب النار وعلى القلق اللى فى سيناء، ورغم كدا هما بيتدربوا وبيتمرنوا، وعندهم هدف هيكملوه وهيستمروا وراه».

أما الطفلة نور ثروت، بالصف السادس الابتدائى، التى حققت ميدالية ذهبية، فعلقت: «لعبت كاتا وجبت مركز أول الحمدلله».. بدأت الطفلة نور لعبها للكاراتيه منذ سنتين، إذ سجلتها أسرتها فى فريق نادى سيناء تحت قيادة الكابتن عبدالمالك، وتقول: «بتدرب ٣ مرات فى اليوم، و٥ أيام فى الأسبوع».

المركز الأول فى البطولة، غمر الطفلة ذات الـ١٣ سنة بفرحة عارمة: «كنت مبسوطة خالص وفرحانة إنى جبت مركز وميدالية ذهبية، بس بعد كدا زعلت لما الطريق اتقفل، بس دلوقتى بقيت مبسوطة عشان رجعت لماما».

أما أسيل ثروت، ذات الـ٤ سنوات، فقالت بلغة غير مفهومة نظرًا لصغر سنها، فسرها الكابتن عبدالمالك: «لعبت كاتا وجبت مركز أول، وفرحت بعودتى لبابا ولماما». ومن سيناء، وفى ظل العمليات الشاملة للقوات المسلحة، يحكى والد وليد كمال محمد «٨ سنوات»، لاعب الكاراتيه الحائز على المركز الأول محققًا الميدالية الذهبية، عن أوجاعه وزوجته بعد انقطاع الاتصالات مع نجله خلال تواجده بالإسكندرية، فى البطولة.

وقال: «كنا قلقانين وخايفين ومعرفناش نتواصل معاهم، بس كابتن مالك كان بينزل صورهم وبيكلمنا على الفيسبوك بالفيديو، ويطمنا على الولاد ودا اللى كان مهون علينا». وأضاف: «اتصلنا بكل الناس، مشايخ القبائل ونواب البرلمان، وحاولنا نكلم الأمن عشان يرجعلنا الأولاد، لأننا كنا خايفين عليهم، ١٥ يومًا من غيرهم كان صعب علينا، لحد ما الحمدلله رجعولنا بالسلامة، لما كابتن عبدالمالك خبط علينا ووليد فى إيده كانت الفرحة مش سيعانا». ثروت السيسى، والد البطلات الثلاث «نور» و«جنى» و«أسيل»، قال إنه لاحظ حبهن للرياضة، وخاصة الكاراتيه، منذ نعومة أظافرهن، ما دفعه لإلحاقهن بالمعسكرات الرياضية المختلفة الخاصة بالكاراتيه، أحدهم كان فى القاهرة، وآخر فى سيناء، قبل الاشتراك فى بطولة الأصدقاء الدولية، لتنطلق مسيرة الأخوات الثلاث، اللاتى حققن ٣ ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية، مؤكدًا أنه لم يتردد لحظة فى إلحاقهن بالرياضة لأنهن بنات.

كابتن عبدالمالك: طلائع الفريق مستقبل مصر.. ومحافظ شمال سيناء: خطوة لتدريب الصغار على مواجهة المتطرفين

الكاراتيه.. رياضة تستهوى قلوب وعقول العديد من البشر، خاصة الصغار، وهى قتال وحركات دفاعية وهجومية، نشاهدها فى أفلام مشاهير اللعبة بروس لى وجاكى شان وجيت لى.. تلك الرياضة شغف بها الكابتن عبدالمالك حشمت، كابتن فريق طلائع نادى سيناء، طوال أعوامه التى تخطت الثلاثين.

ومن هذا المنطلق، يعيش عبدالمالك عمره لهدف وحيد، وهو الحصول على الدورات التدريبية المختلفة فى رياضة الكاراتيه، وحصل على دورة الأكاديمية الأوليميبة ودورة نقابة المهن الرياضية، بالإضافة إلى حصوله على ١٤ دورة من اتحاد المصرى للكاراتيه، و٣ دورات دولية، و٤ دورات عربية.

ويقول مدرب الأطفال: «اشتغلت فى معظم أندية شمال سيناء، وحصلت على ميداليات ذهب لمعظم الأندية فى سيناء، وليس هذا النادى فقط».

شغفه الكبير للكاراتيه، انتقل من «عبدالمالك» إلى البراعم ممن استهوتهم رياضة الكاراتيه، لينشأ معه جيل جديد يطلق عليهم «أبطال مستقبل مصر»، ليسعى معهم، خلال سنتين تولى فيهما مسئولية تدريبهم، إلى خوض البطولات المختلفة وتحقيق الميداليات الذهبية.

وقبل هذه البطولة الدولية بالإسكندرية، شارك مع فريقه وكانوا ١٢ لاعبًا من فريق نادى سيناء، فى بطولة الجمهورية التنشيطية التى حققوا خلالها ٧ ميداليات ذهبية، و٥ ميداليات برونزية. ولم تمنع الظروف الصعبة، اللواء السيد عبدالفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، من الاستجابة لطلب الأهالى باسترجاع الأطفال بعد غيابهم عن منازلهم وأسرهم، فسارع بإرسال أتوبيس خاص من المحافظة فى شمال سيناء، لإعادتهم من الإسماعيلية إلى ذويهم فى محافظتهم.

ويقول المحافظ: «مهما كانت الظروف قاسية مع أولادى، فلدىّ الاستعداد لإشراكهم فى أى بطولة فى أى محافظة.. ننمى حب الوطن داخل الأطفال، هذا هو الأهم، لأن الأبناء يعيشون حب الوطن من خلال محافظتهم وشكلها وخدماتها، فيعرفون خيرات بلدنا».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل