المحتوى الرئيسى

الأسرار الكاملة لصفقة القطاع الخاص مع إسرائيل لاستيراد الغاز

02/20 21:54

سيد إبراهيم- طارق عتمان- دعاء أبوالعزم- علا العلاف - هويدا سعيد- سعيدة عامر- محمد أبوعاصى

أثار الإعلان عن توقيع اتفاقية بين إسرائيل وإحدى الشركات الخاصة المصرية لتوريد الغاز، أمس الأول، ردود فعل محلية وعالمية، فيما أكد خبراء أن الحكومة المصرية ليست لها علاقة بهذه الاتفاقية، مشيرين إلى أن إسرائيل ستضخ الغاز عبر أنابيب النفط الممتد لتسييله فى محطتى إدكو ودمياط، ومن ثم تصديره إلى أوروبا، بعد حصول مصر على مستحقاتها المالية من إسالة واستخدام الشبكة القومية، ورسوم التجارة.

وذكر الخبراء، أنه بموجب مثل هذه الاتفاقية ستتحول مصر إلى مركز إقليمى لتداول الغاز، وتفويت الفرصة على تركيا فى السيطرة على السوق بالمنطقة وقيادتها، لافتين إلى أنه بموجب هذا الاتفاق فإنه سيتم تحقيق عوائد اقتصادية لمصر تصل إلى ١٠٠ مليار دولار خلال ١٠ سنوات، ومن ناحية أخرى سترضخ إسرائيل للتسوية فى قضايا التحكيم الدولى التى رفعتها ضد مصر.

مفاوضات ما قبل توقيع الاتفاق انطلقت فى أكتوبر 2014.. وقادتها «عائلة عرفة»

بدأت المرحلة الأولى للاتفاق فى عام ٢٠١٤، عندما أعلنت شركة دولفينوس المصرية، المملوكة لرجال الأعمال علاء عرفة، وشقيقيه أشرف عرفة، وأحمد عرفة، وشريكهم رجل الأعمال أحمد هيكل، توقيع خطاب نوايا غير مُلزم لتصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، لحساب تحالف غير حكومى، يقوده رجل الأعمال علاء عرفة، معتمدة فى ذلك على وجود أكبر محطتى إسالة فى الشرق الأوسط بمصر تم إنشاؤهما عام ٢٠٠٥، بمنطقتى إدكو ودمياط، بأحدث تكنولوجية موجودة بمنطقة الشرق الأوسط.

وذكر موقع «ذا ماركر»، الاقتصادى الإسرائيلى، وقتها، أن تحالف الشركات المسئول عن حقل تمار الإسرائيلى وقع خطاب نوايا مع شركة دولفينوس القابضة المحدودة، فى ١٧ أكتوبر ٢٠١٤، لبدء التفاوض على اتفاق لتوريد الغاز الطبيعى من مشروع تمار للمشترى عن طريق أنبوب الغاز الموجود، فيما تتولى تشغيله شركة غاز شرق المتوسط من أجل تسويقه فى مصر، بعد موافقة الحكومة المصرية.

وفى ١٨ فبراير ٢٠١٨، أعلنت شركتا نوبل إينرجى الأمريكية، وديلـيك الإسرائيلية توقيع اتفاقيتين مع شركة دولفينوس بقيمة ١٥ مليار دولار، ستمد ديليـِك نوبل مصر بـ٧ ملايين متر مكعب من الغاز سنويًا، فيما يأتى نصف الغاز من حقل تمار الذى بدأ تشغيله بالفعل، ونصفه الآخر من حقل لڤياثان، قيد التطوير حاليًا، مع خطط ببدء تشغيله فى العام التالى ٢٠١٩.

تأتى هذه الاتفاقية، بالإضافة للاتفاقيات التى تم توقيعها فى ٢٠١٦ مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية لمد الأردن بالغاز من حقل لڤياثان.

والاتفاق الذى وقعته شركات مصرية وأخرى إسرائيلية، جاء بناءً على أن مصر هى الدولة الوحيدة فى شرق المتوسط التى تملك بنية تحتية لتسييل الغاز، فمصر تمتلك بشراكة مع شركات إسبانية وإيطالية وإنجليزية منذ أكثر من ١٠ سنوات محطتين من أكبر محطات إسالة الغاز فى العالم، وهاتان المحطتان تكلفة إنشائهما منذ ١٥ سنة، كانت ٣.٢ مليار دولار، وقيمتهما الحالية نحو ١٥ مليار دولار.

وتمتلك مصر، أيضًا، خطوط أنابيب كبيرة، مع العلم بأن هذه المحطات، وخطوط الأنابيب متوقفة، فى التوقيت الذى تضمن فيه الاتفاق مع الشركات المصرية لتصدير الغاز عبر مصر، بعد إسالته عبر المحطات المصرية بما يمثل أكبر صفقة لصالح مصر اقتصاديًا تقوم بها شركات خاصة لأول مرة.

تحديد مصير الصفقة الأحد.. الملا: تسوية قضايا التحكيم ضد مصر أولًا.. ولا أبعاد سياسية

علمت «الدستور» أنه سيتم عقد أول اجتماع لمجلس إدارة جهاز تنظيم سوق الغاز برئاسة المهندس طارق الملا، وزير البترول، الأحد المقبل، حيث سيتم تحديد مصير الاتفاقية الموقع بين شركة دولفينوس المصرية وإسرائيل.

وكشف المهندس طارق الملا، فى تصريحات صحفية له، أمس، عن أن اتفاقية إسرائيل مع إحدى الشركات الخاصة لتوريد الغاز إلى مصر، لم تصل رسميًا إلى الوزارة، ولم يتم حتى الآن الكشف عن تفاصيل الصفقة، مشيرًا إلى أنه لا بد من موافقة الوزارة، وجهاز تنظيم سوق الغاز على هذه الصفقة أولًا فنيًا، وقبلها التعرف على العائد الاقتصادى لمصر من هذه الصفقة، وتسوية قضايا التحكيم الدولى المرفوعة من قبل إسرائيل ضد مصر، ثم يتم عرض كل ذلك على مجلس إدارة جهاز تنظيم الغاز، ليبت فى الموافقة من عدمها.

وقال الملا، إن جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز يحق له تنظيم ومتابعة ومراقبة كل ما يتعلق بأنشطة سوق الغاز وحظر مزاولة أى من الأنشطة دون الحصول على الترخيص، طبقًا للائحة التنفيذية لقانون سوق الغاز الجديدة، الذى أقرّه مجلس الوزراء الأسبوع الماضى، كما يحق للشركات الخاصة المرخصة الدخول فى صفقات تداول الغاز وشحن ونقل وتخزين وتوزيع وتوريد وتسويق.

وأضاف أن وزارة البترول لا تعترض على عمل الشركات والتعاون مع أى دولة أو شركات أجنبية، طالما سيحقق ذلك قيمة مضافة لمصر، بالإضافة إلى أن مصر تعمل حاليًا على أن تصبح مركزًا إقليميًا لتداول الطاقة كسوق حرة لجميع الشركات والدول وفقًا لقانون الغاز الجديد.

وأشار إلى أن مصر ستنفتح على السوق الأوروبية للغاز، كما أن دخول وخروج الغاز من وإلى مصر سيحقق العديد من النجاحات الاقتصادية للبلاد من خلال إقامة المصانع، والعمل على تصنيع المواد الخام بدلًا من تصديرها وإعادتها لمصر منتجات مرة أخرى، والعمل على التنمية الصناعية، ما يوفر على مصر مئات الملايين من الدولارات شهريًا.

وشدد على أن اتفاقية الغاز الموقعة بين الشركة الخاصة وإسرائيل ليس لها أى أبعاد سياسية، مؤكدًا أنها اتفاقية تجارية بحتة، سيكون لها مردود اقتصادى كبير على مصر، بعد الموافقة عليها طبقًا لقانون سوق الغاز.

وقال حمدى عبدالعزيز، المتحدث الرسمى باسم وزارة البترول، إن تقنين الاتجار فى الغاز للقطاع الخاص، يحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصرى، من خلال السماح للشركات بشراء الغاز من الأسواق العالمية، وإعادة تصديره بسعر أعلى بعد معالجته فى المصانع المصرية.

وأوضح عبدالعزيز، فى بيان أمس، أن «قانون تنظيم سوق الغاز الجديدة يسمح للشركات بشراء الغاز واستيراده وإعادة بيعه سواء فى السوق المحلية أو إعادة تصديره من خلال محطات الإسالة، وفقًا لما حدده القانون ولائحته التنفيذية، وأن هذا التوجه سيحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصرى بالاستفادة من الغاز المورد بإعادة استخدامه فى العديد من الصناعات أو من خلال إعادة تصديره».

وأشار المتحدث إلى أن «الاتفاق الذى تم بين شركات قطاع خاص لاستيراد الغاز من إسرائيل واستقباله، يخضع للقوانين المنظمة، حيث تتقدم الشركات بطلباتها رسميًا للنظر فيها وفقًا للضوابط الموضوعة فى هذا الشأن».

وأكد أن «مصر ماضية فى طريقها لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى بنهاية العام الحالى وتحقيق فائض من الغاز خلال عام ٢٠١٩، وتنفيذ استراتيجيتها لتحويل مصر كمركز إقليمى للطاقة»، مشيرًا إلى أن ذلك يشمل استقبال الغاز من عدة دول فى شرق البحر المتوسط ومنها إسرائيل وقبرص.

وأشار إلى أن «مصر لديها البنية الأساسية من خطوط أنابيب ومحطات إسالة، لتكون ممرًا للطاقة والغاز الطبيعى، وهذه البنية قابلة للتوسع بإضافة محطات إسالة جديدة سواء فى إدكو أو دمياط».

ولفت إلى أن هناك عدة دول فى المنطقة تسعى للقيام بهذا الدور المحورى كمركز إقليمى للطاقة، وأن مصر لديها كل المقومات للقيام بهذا الدور الاستراتيجى، مشيرًا إلى أن استقبال الغاز الإسرائيلى جزء من الحلول المطروحة للتوصل لاتفاق بشأن قضايا التحكيم المثارة بين الشركات.

رئيس جمعية مستثمرى الغاز: رجال الأعمال يستوردونه من تل أبيب وأثينا ونيقوسيا من أجل إعادة تصنيعه وتصديره مرة أخرى

قال المهندس مدحت يوسف، رئيس عمليات هيئة البترول الأسبق، إن هذا الاتفاق بين الشركة المستوردة وإسرائيل سيعجّل بتحويل مصر إلى مركز إقليمى لتداول الغاز، الأمر الذى يؤدى بعد ذلك إلى قيادة مصر سوق الغاز فى شرق المتوسط بما يفوّت الفرصة على تركيا فى السيطرة على سوق الغاز بالمنطقة، مشيرًا إلى أن ترسيم الحدود مع قبرص أعطى لمصر الحق فى السيطرة على الاكتشافات الجديدة بحدودها البحرية، ومهد لها الطريق لتحويلها إلى مركز إقليمى للطاقة.

وأضاف أن الغاز الإسرائيلى ستتم إسالته بمحطات الإسالة فى مصر، ثم يعود مرة أخرى أو يتم تصديره إلى أسواق أخرى، بعد حصول مصر على مستحقاتها المالية من إسالة واستخدام الشبكة القومية، ورسوم التجارة، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك أقوى بنية أساسية تؤهلها لقيادة المنطقة فى سوق الغاز، بالإضافة إلى الاكتشافات البترولية الجديدة فى البحر المتوسط، وما سيتم الإعلان عنه بالبحر الأحمر.

وقال المهندس طارق الحديدى، رئيس هيئة البترول السابق، إن هذه الاتفاقية تمثل القطاع الخاص ولا تمثل الحكومة المصرية، لكنها تدر عائدًا اقتصاديًا كبيرًا على مصر بصورة غير مباشرة.

وأضاف أن الاتفافية لن تدخل حيز التنفيذ قبل مراجعتها من قبل جهاز تنظيم الغاز الجديد، وفقًا للضوابط والشروط المنظمة لذلك، مشيرًا إلى أن شركة «دولفينوس» المصرية صاحبة اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلى هى فى المقام الأول تعمل على زيادة أرباحها وتجارتها، ومن حق أى شركة قطاع خاص أن تقوم بالاستيراد وتجارة الغاز، خاصة بعد صدور قانون الغاز الجديد، وذلك من أهم محاور تحويل مصر إلى مركز إقليمى لتداول الغاز.

وقال محمد سعد، رئيس جمعية مستثمرى الغاز، إن الاتفاق الذى وقعته مجموعة ديليِك شريكها الأمريكى «نوبل إنيرجى» لتزويد شركة «دولفينوس» المصرية بنحو ٦٤ مليار متر مكعب من الغاز من حقلى تمار ولڤياثان البحريين فى البحر المتوسط سيسمح للقطاع الخاص المصرى فى مجال الغاز بريادة منطقة الشرق الأوسط والسيطرة على قطاع الغاز العالمى.

وأضاف، لـ«الدستور»، أن مصر تمتلك بنية تحتية كبيرة فى قطاع الغاز تشمل المصانع ومحطات عالمية للتسييل، وخطوط الأنابيب ستستفيد مصر منها لتحقيق نمو اقتصادى فى مجال الغاز.

وأشار إلى أن القطاع الخاص المصرى سيتولى استيراد الغاز من دول متعددة، منها قبرص واليونان وإسرائيل وإعادة تصنيعه، وبيعه بالسعر العالمى مرة أخرى، بالإضافة إلى تلبية احتياجات منطقة الشرق الأوسط، وإفريقيا وأوروبا، لتصبح منافسًا قويًا للدول الكبرى فى هذا المجال.

من جهتهم، أكد أعضاء فى لجنة الطاقة بمجلس النواب، أن الاتفاقية لم توقع بشكل نهائى، مشيرين إلى أن الاتفاق سيحول مصر إلى سوق لنقل وإسالة وتخزين الغاز.

وقال حمادة غلاب، وكيل لجنة الطاقة بمجلس النواب، إن اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل لم توقع بشكل نهائى حتى الآن، وكل ما جرى هو اتفاق بين شركتين مصرية وإسرائيلية، فيما لم يؤخذ بعد رأى وزارة البترول، حيث يشترط قانون سوق الغاز موافقتها على أى اتفاقية استيراد أو تصدير قبل إقرارها، كما منح القانون الحق للمستثمرين فى الاستيراد والتصدير.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل