المحتوى الرئيسى

حرب طائرات "القرن" فى السماء السورية - صوت الأمة

02/18 05:43

رسائل السماء السورية تقول لروسيا ابتعدي عن الشرق.. ولإسرائيل ابتعدى عن الجنوب.. ولأنقرة ابتعدى عن الشمال.. ولإيران ابتعدى عن الغرب

​سو 25 طائرة سقطت بسلاح أمريكى.. وإف 16 سقطت بسلاح روسى.. والمروحية كوبرا تى 129 «إيطالية - إنجليزية بتعديل تركى» سقطت بسلاح أمريكى

 قواعد الاشتباك فى سوريا بدأت تتغير ما رفع من سقف توقعات المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية والتورط التركى فى عفرين

مع إسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية فى العاشر من فبراير الجارى، بصواريخ الجيش السورى، وإسقاط مروحية تركية بأسلحة «قوات سوريا الديمقراطية»، يرتفع عدد الطائرات الحربية التى أسقطت خلال أسبوع إلى خمس، من ضمنها إسقاط طائرة روسية فوق إدلب، وطائرتان دون طيار إيرانيتان فوق فلسطين المحتلة.

خريطة العمليات العسكرية فى سوريا باتت شديدة التعقيد؛ رغم التنسيق الروسى الإسرائيلى لطلعات الطيران، وتنسيق الأتراك مع كل من الولايات المتحدة وروسيا لتجنب أى حوادث جوية، ومع ذلك بدأت الطائرات تتساقط من السماء السورية.

يقول عبد الرحمن الراشد، الكاتب السعودى: على التراب السورى الآن ثلاث درجات من القوة، الروسية مقابل الأمريكية، والإيرانية مقابل الإسرائيلية، والجيش السورى وحلفاؤه مقابل جبهة النصرة والدواعش وما تبقى من المعارضة المسلحة.

الخارجية الروسية دعت كل الأطراف لضبط النفس واحترام سيادة ووحدة الأراضى السورية، فى حين أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنها تؤيد حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، على النقيض قال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إن قواته لن تتوقف عند عفرين، بل ستوسع عملياتها فى سوريا.

قواعد الاشتباك فى سوريا بدأت تتغير، ما رفع من سقف توقعات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية والتورط التركى فى عفرين، ما سيعجل بجر أقدام الأمريكيين أكثر فى المستنقع الذى شاركت فى صناعته، بعد أن قتلت مائة من القوات الموالية للنظام، بحجة مهاجمة حلفائها الأكراد.

المحلل السياسى والدبلوماسى الروسى السابق فايتسشلاف ماتزوف، قال نقلا عن «مصادر روسية غير رسمية» إن جنودا روسيين كانوا من بين القتلى، بحسب تصريحات صحفية، وهو الهجوم الذى أعلنت عنه الولايات المتحدة أنها أحبطت هجوما لما يوصف بـ«الحشد الشعبى السورى» الذى هاجم مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية الحليفة لواشنطن شرق نهر الفرات.

أمريكا وروسيا وإسرائيل وإيران، تحاول رسم حدود جديدة لقواعد الاشتباك، فى محاولة لطمأنة العالم بأن رقعة المواجهة العسكرية لن تتسع، لكن من يضمن الاتفاق بين أطراف صراع مصالحهم متعارضة.

الراشد استخدم فى مقاله مصطلحا جديدا، وهو «نهاية سياسة البلكونة» التى كانت تنتهجها إسرائيل وتركيا، وحسب اعتقاده فإن التدخل المتأخر لإسرائيل وتركيا، قلب قواعد اللعبة، بعد أن سمحا لأعدائهما بالتمدد على حدودهما، ما هدد أمنهما القومى، وأوصل النيران للحدود.

الدولتان اعتقدتا أن «الفرجة» ستقلل من خسائرهما، لكن مكاسب المتدخلين تراكمت، وباتت تطمح فى المزيد، فحدث الخلل، وسقط المسكوت عنه، فقويت شوكة أكراد سوريا، وأصبح حزب العمال الكردستانى أقوى بكثير عن ذى قبل، وتوحش النظام السورى، ولم يعد يكتفى بالإعلان عن حق الرد الذى لم يحصل منذ أربعين سنة، بل رد وأسقط هيبة فخر جيش الاحتلال الإسرائيلي.

الطائرات المتساقطة تعكس «التهاب تحت الجلد»، فلكل طائرة مشتعلة على الأرض، عدا الأمريكى الذى يبدو أن يوم طائرته اقترب جدا، لتتجلى عملية «تبادل إسقاط الطائرات» التى ينفيها الجميع، على عكس الظاهر والواضح فى الأجواء السورية الملبدة.

سقطت الطائرة الروسية من نوع «سو - 25» قرب بلدة معصران فى ريف إدلب الجنوبى، فغضبت موسكو واتهمت الولايات المتحدة بتزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات، فنفت واشنطن علاقتها بالواقعة.

وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد أقرتا تفاهمات قبل عامين عندما بدأت موسكو حملة جوية ضد المعارضة السورية المسلحة لدعم الجيش السورى، لتجنب احتكاكات جوية مع التحالف الدولى، الذى تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش، وعقد الجانبان اجتماعات عديدة منذ ذلك الوقت لتفادى الحوادث الجوية.

ولما اشتعلت الطائرة الإسرائيلية من طراز «إف 16» بعد أن قصفت ثلاث بطاريات دفاع جوى سورية من نوع «sa - 5» و«sa - 17»، بالإضافة إلى أربعة أهداف إيرانية فى منطقة الفرقة الرابعة قربة دمشق، فغضبت تل أبيب وخرجت أصوات تتهم روسيا وإيران بتسليح الجيش السورى بصواريخ حديثة، فأنكرت موسكو وطهران علاقتهما بالواقعة.

الخبير العسكرى الروسى، يورى ليامين قال: إن الطائرات الاعتراضية «ميج - 25 بى دى» كانت فى القاعدة الجوية «تى 4» التى استهدفتها الطائرات الإسرائيلية، ولا يستبعد قيام بعضها باعتراض الطائرات الإسرائيلية، ومشاركتها فى إسقاط الـ إف 16، ويضيف: رغم العمر الكبير لطائرات «ميج - 25 بى دى» التى يسميها الناتو (الثعلب الطائر) فإنها قادرة على جلب الكثير من المتاعب حتى للقوات الجوية الإسرائيلية ذات التكنولوجيا العالية.

فى الوقت الذى قالت فيه وكالة سبوتنيك الروسية إن ممثل قوات الدفاع الإسرائيلى جوناثان كونريكوس، أعلن أن منظومات الدفاع الجوى «إس - 200» و«بوك» هاجمت الطائرات الإسرائيلية.

كانت إسرائيل وروسيا قد عقدتا تفاهمات وقواعد اشتباك فوق سوريا، وأبرزها تفاهمات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، اللذين التقيا تسع مرات منذ دخول روسيا إلى سوريا عام 2015 ومنحت روسيا بموجبها إسرائيل حرية حركة فى سماء سوريا.

وفقا لشبكة «سكاى نيوز» فإن الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا هى الأوسع، وأن رد المضادات الجوية السورية هو الأعنف منذ حرب لبنان الأولى عام 1972، كما أن المقاتلة الإسرائيلية هى القطعة الجوية الأولى التى تسقط فى معركة بالمنطقة منذ إسقاط مروحية عسكرية على يد حزب الله فى لبنان عام 2006.

ولما هوت المروحية التركية وهى من نوع «كوبرا» على محور راجو غربى عفرين، وسقطت فى ولاية هاتاى، توعدت أنقرة مسقطى الطائرة بدفع الثمن «أضعافا مضاعفة»، فخرج مسئول فى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، إريك باهون، يشدد على أن الولايات المتحدة لم تزود القوات الشريكة فى سوريا بصواريخ، وأن بلاده لا نية لها للقيام بذلك فى المستقبل، وأقسمت واشنطن أن لا علاقة لها بالواقعة.

وهى المرة الأولى التى تنجح فيها وحدات حماية الشعب الكردية فى إسقاط مروحية حربية فى سوريا.

فى نوفمبر عام 2015، أسقطت الدفاعات التركية مقاتلة روسية فوق سوريا، بزعم اختراقها للأجواء التركية، ما أدى إلى تدهور كبير فى العلاقات بين البلدين، قبل أن تعتذر أنقرة ويصل الطرفان إلى تفاهمات أعطت الأتراك فيما بعد ضوءا أخضر للقيام بعمليات فى الأجواء والأراضى السورية.

ملحوظة هامة على الهامش: الطائرة سوخوى 25 سقطت بسلاح أمريكى، وسقطت إف 16 بسلاح روسى، وسقطت المروحية كوبرا تى 129 «إيطالية - إنجليزية بتعديل تركى» بسلاح أمريكى.

هذا التساقط كان نتيجة طبيعية لازدحام السماء السورية باللاعبين الإقليميين والدوليين، الذين تتقاطع وتتناقض مصالحهم من حين لآخر، فمحللون وخبراء ربطوا بين الأحداث الساخنة فى السماء السورية، واعتبروه رسائل قاسية متبادلة بين قوة إقليمية ودولية لحجز مساحات ومناطق نفوذ على الخارطة الجديدة للمنطقة.

الرسائل تقول لروسيا ابتعدى عن الشرق السورى، ولإسرائيل ابتعدى عن الجنوب السورى، ولأنقرة ابتعدى عن الشمال السورى، ولإيران ابتعدى عن الغرب السورى.

أمريكا تخشى أن يتخلص الجيش العربى السورى وحلفاؤه من بقايا المعارضة المسلحة ومقاتلى جبهة النصرة فى إدلب، ثم يلتف نحو الغرب، حيث مناطق النفوذ الأمريكى الغنية بأوراق لعب قوية، مسلحون أكراد على درجة كبيرة من الجاهزية والتدريب، وحقول نفط وغاز إنتاجها يقدر بـ 40 % من الإنتاج السورى من الطاقة، وقت إعادة تشغيلها ستكون قادرة على دفع تكاليف الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل