المحتوى الرئيسى

مؤتمر ميونخ للأمن.. التكنولوجيا نعمة أم نقمة؟

02/17 21:01

ساعدت الإنترنت على نقل آليات عمل الديمقراطية الحديثة إلى الجمهور. قبل عقد من اليوم لم يكن بوسع المقترعين توقع أن يعلن الساسة عن سياساتهم على شبكات التواصل الاجتماعي كتوتير أو الفيسبوك ومنحهم فرصة للإطلاع على بواطن اتخاذ القرار من خلال تلك الشبكات. غير أنه وككل شيء بمقدوره تحويل المجتمع فإن الانترنت والتكنولوجيا المرتبطة به تحمل معها مخاطر.

في "مؤتمر ميونخ للأمن" هذا العام عقدت ندوة شارك فيها الأمين العام الأسبق للأم المتحدة كوفي عنان وقادة من شركات الفيسبوك وغوغل وميكروسوفت لمناقشة المخاطر الناجمة عن اختراعاتهم.

يفتتح الجمعة مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يستغرق ثلاثة أيام. وقد يفتقر المؤتمر إلى قضية مركزية للتركيز عليها هذا العام، بينما تفرض أحداث الشرق الأوسط نفسها على أشغال المؤتمر، مع مشاركة لوزيري الخارجية السعودي والإيراني. (16.02.2018)

مع تطور التكنولوجيات وخاصة في عالم الهواتف، يزداد استعمال الشباب للهاتف الذكي وتعلقهم به، إذ أصبح ذلك الجهاز جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. ما دفع الخبراء إلى التحدث عن مخاطر ذلك مثل الخوف من فقدان الهاتف. (09.03.2014)

وقد أشار عنان، الحاصل على جائزة نوبل للسلام لدوره في خلق "عالم أكثر سلاماً"، إلى "ثورة شبكات التواصل الاجتماعي" في مصر. ومن المعلوم أن شبكات التواصل لعبت دوراً حاسماً في الحشد للثورة المصرية التي أطاحت بالدكتاتور حسني مبارك. "غير أن غياب القيادة أدى لفشل الثورة. وعاد العسكر إلى الحكم. وهاهم اليوم يفعلون أشياء لم يكن مبارك يجرؤ على مجرد التفكير بها"، يقول عنان. الخطر الأعظم على الديمقراطيات الواعدة هو قدرة السلطات على التلاعب ومنع الدخول إلى شبكات التواصل للحيلولة دون نشوء نقاش سياسي أو التأثير فيه.

"اتخذت السلطات قراراً لتعقيد استعمال تلك الشبكات، ووصل الأمر ببعض الجهلات ليس إلى مجرد حظرها، بل واستخدمتها للتحكم بالناس. ومن هنا يطرح السؤال نفسه: هل تلك الشبكات أدوات اجتماعية؟ هل هي أدوات للتمكين والاستقلالية أم للتحكم؟"، يتساءل الأمين العام الأسبق عنان.

منذ ثورة يناير 2011 في مصر أضحت شبكات التواصل الاجتماعي حاضرة في كل مفاصل حياتنا. ولا تشكل تلك التكنلوجيا تهديداً للنظم القمعية فحسب، بل وحتى للديمقراطيات الغربية. وقد اتضح ذلك جلياً في مزاعم التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.

"إذا تمعنا الأنشطة التي اكتشفناها فيما يخص التأثير الروسي على الفيسبوك، يتبين أن معظمها سابق في التاريخ على الانتخابات الرئاسية"، يقول المسؤول الكبير في شؤون الأمن في الفيسبوك، ألكس ستاموس، مضيفاً أن "من يحاولون التأثير في النقاش السياسي يفعلون ذلك على مدى أبعد من مجرد دعم طرف سياسي دون غيره؛ إنهم يحاولون خلق شعور بالعدمية في الغرب فيما يتعلق بمؤسساتنا".

وبدوره نوّه مدير ميكروسوفت براد سميث إلى أن حلّ المعضلة ليس بالأمر السهل. وحسب رأيه يتعين على الشركات والحكومات الاعتراف بأن كل وسيلة تحتاج لحل خاص بها دون غيرها: "إذا طبقنا معايير إدارة الشبكات الاجتماعية على محركات البحث سينتهي المطاف بنا إلى تقييد حرية المستخدمين في العثور على المعلومة على شبكة الانترنت".

كما أشار المشاركون بالندوة إلى التحديات التي يشكلها الذكاء الصناعي على الديمقراطية والاستقرار. "أعتقد أنه من الخطأ أن نعتقد أنه بمقدورنا بناء ذكاء صناعي خال من التحيز. هذه فكرة خيالية"، حسب رأي ستاموس.، متابعاً أن الآلات ستحمل معها نفس تحيزات الأشخاص الذي ساهموا بصنعها وبرمجتها. وساق هنا مثال تقريراً لـProPublica اتهم برنامج في أحد المحاكم بالتحيز ضد ذوي البشر السوداء من الأمريكيين في الأحكام.

وفي المقابل، يرى المستشار في غوغل، إيرك شميت، أن منافع الذكاء الصناعي تفوق مضاره: "شركتنا في طور الدخول في تحولات كبيرة، والفضل يعود للذكاء الصناعي". ويعدد المنافع: تخفيض الأسعار وتحسين الخدمات الصحية ولإطالة العمر وتقصير المسافات وغيرها. وفيما يخص القلق من آثارها السلبية قال شميت إنه يتوجب علينا تقليلها. وختم قال: أرجوكم لا تنسوا هناك فائدة جمة في أن نصبح أكثر ذكاء في كل الميادين سالفة الذكر.

انعقد مؤتمر ميونيخ للأمن للمرة الأولى في عام 1963. آنذاك كان يُسمى بـ" اللقاء الدولي لعلوم الدفاع". وكان الآباء المؤسسون هما الناشر الألماني إيفالد فون كلايست، وهو أحد مؤيدي المقاومة ضد نازية أدولف هتلر في "الرايخ الثالث" - والفيزيائي إدوارد تيلر. بيّد أن المؤتمر غير اسمه لاحقاً إلى "المؤتمر الدولي لعلوم الدفاع"، ومن ثم أصبح اسمه "مؤتمر ميونيخ للأمن".

تكمن أهمية مؤتمر ميونيخ للأمن في كونه منصة فريدة من نوعها على مستوى العالم يتم من خلالها بحث القضايا الأمنية. كما أنه يمنح الفاعلين السياسيين فرصة التواصل بشكل غير رسمي على مدار ثلاثة أيام. وخلال تصنيفها الجديد وضعت جامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية مؤتمر ميونيخ للأمن للمرة الرابعة على التوالي في مرتبة أهم مؤتمر من نوعه في العالم.

يتوقع أن يشارك في مؤتمر الأمن الدولي، الذي افتتح اليوم الجمعة (16 شباط/ فبراير 2018) في مدينة ميونيخ الألمانية أكثر من 500 مشارك رفيع المستوى من جميع أنحاء العالم. ويتكون الحضور من 21 زعيم دولة وحكومة، من بينهم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ورئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتمثل الحكومة الألمانية وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لاين.

يعقد المؤتمر وسط مدينة ميونيخ، في الفندق الفاخر "بايريشر هوف" (Bayerischer Hof). وبالرغم من توفر الفندق على 340 غرفة - بما في ذلك 65 جناحاً - و 40 قاعة للمؤتمرات، إلا أن كثافة الحضور الدولي، تشكل تحدياً للفندق. ولهذا شُغل حوالي 250 موظفاً إضافياً خلال المؤتمر، إضافة إلى عدد موظفيه الاصليين البالغ حوالي 700. ويثمن المشاركون جودة الفندق وموقعه المركزي، كما يشكل المؤتمر دعاية مجانية هائلة للفندق.

يتم تأمين المنطقة حول فندق المؤتمر. ولا يسمح بالدخول لهذه المنطقة سوى للأشخاص الذين يمتلكون تصريح بالدخول. ويذكر أنه في العام الماضي تم نشر حوالى 4 آلاف شرطي حول المنطقة من أجل حماية المؤتمر. وبحسب معطيات الشرطة، يتوقع أن يتم الحفاظ على نفس العدد من أفراد الأمن هذا العام.

وكما يحدث في كل عام، أُعلن هذا العام أيضاً عن مظاهرات مناهضة مؤتمر ميونيخ للأمن. وفي العام الماضي، حشد "التحالف ضد مؤتمر أمن الناتو" معظم المشاركين، الذين بلغ عددهم نحو 4 آلاف مشارك. ويخطط التحالف هذا العام أيضاً للتظاهر والتطويق الرمزي لمؤتمر "ميونيخ للأمن" تحت شعار "السلام بدل التسليح، ولا للحرب".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل