المحتوى الرئيسى

«المبتسرون».. من «رحم» الأم إلى «حضّانات» الصحة

02/16 19:47

أطفال مبتسرون يولدون قبل أوانهم، غير مكتملى النمو؛ لذلك يحتاجون إلى دخول الحضّانات، يستطيع البعض تحمل تكاليفها العالية والبعض الآخر لا يستطيع، ولكن ليست تلك المشكلة الأساسية للطفل المبتسر، إنما فيما يواجهه بداية من دخوله الحضانة وحتى بعد خروجه منها.

الدكتور محمد رضا بسيونى، رئيس مجلس أمناء شبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية، وأستاذ طب الأطفال وحديثى الولادة بجامعة المنصورة، أجاب عن كل أسئلة «اليوم الجديد» عن الأطفال المبتسرين، وتفاصيل الرعاية الطبية المقدمة لهم، وقدم نصائح مهمة لأسرهم، وكذلك قيم المنظومة الصحية عموما فى هذا الملف.

الأطفال المبتسرون هم من يولدون قبل 37 أسبوعًا من الحمل وهى المدة الطبيعية لاكتمال الجنين، كما يلاحظ أن وزنه أقل من 1700 جرام، ويطلق عليهم أيضا اسم «الأطفال الخُدّج»، ونسبتهم فى مصر -طبقًا لأى تعداد سكانى- تكون 10% من عدد المواليد.

هؤلاء يحتاجون إلى حضانات بمجرد ولادتهم، رغم ذلك يجب التوضيح أن حاجة الطفل إلى الحضّانات لا تشمل الطفل المبتسر فقط؛ إذ إن هناك أطفالا يولدون بمشكلات أخرى أثناء الولادة -قد يكونون مكتملين فى العمر الرحمى لهم، أى ليسوا خُدّجا أو مُبتسرين- لكن لديهم عيبا تكوينيا قد يكون فى القلب أو عضو آخر أو يعانون من الاختناق الوريدى «إسفكسيا» أو قد يكون لديهم مشكلة تحتاج إلى تدخل جراحى عاجل مثل الانسداد المعوى.

وبناء على ذلك، تزيد نسبة الأطفال التى تحتاج إلى الحضانات، بحيث نضيف على الـ10% السابقة من 7 إلى 8%؛ لتصل إلى حوالى 18% من الأطفال حديثى الولادة التى تحتاج إلى الحضّانات.

هناك 3 مستويات للحضّانات، ويتم تصنيفها طبقًا لمستوى العناية الذى يرتبط بالمستوى المرضى للطفل وشدته وبالتالى المستوى العلاجى الذى يحتاجه.

أولا هناك المستوى الأول «البسيط»، ثم المستوى الثانى «المتوسط»، ثم المستوى الثالث الذى يتميز بوجود العناية المركزة والتخصصات الأخرى مثل التخصصات الجراحية وقسطرة القلب.

أما عن تحديد المستوى فيكون حسب نوعية مرض الطفل؛ حيث يتم دخوله المستوى المناسب، ثم نقله إلى المستوى الأدنى أو الأعلى حسب تطور الحالة.

لأن الطفل يتعرض إلى مشكلات تكوينية أو عدم اكتمال فى بعض الوظائف الموجودة فى الجسم؛ نتيجة ولادته «ناقص العمر الرحمى»، فقد لا تكتمل شبكية العين مما يؤدى إلى حدوث نوع من التحور أو انفصال فى الشبكية، لذلك يجب فحص هؤلاء الأطفال حتى نكتشف وجود مثل هذه المشكلات، وهذا أمر سهل بشرط سرعة اكتشاف المرض.

بخلاف ذلك، تشير الإحصاءات إلى أنه هناك 3% من الأطفال المبتسرين التى تولد ولديها قصور فى السمع؛ الأمر الذى يتطلب عمل «فحص قياس سمع» للطفل عند الولادة؛ لتدارك تلك المشكلة، وإذا لم يتم تداركها قبل 3 أشهر ولم يتم التدخل فيها قبل 6 أشهر؛ من الممكن أن يعانى الطفل من مشكلة فى الكلام والتواصل مع المجتمع المحيط.

كما أن الأطفال المبتسرين معرضون لحدوث نزيف فى المخ «بسهولة جدا»؛ وذلك كلما قصر العمر الرحمى، لذا وجب فحصهم بالموجات فوق الصوتية للمخ؛ لاكتشاف النزيف مبكرا، وبالتالى التعامل معه وعدم تركه ليتفاقم.

وهناك ما يسمى بـ«برنامج متابعة الأطفال حديثى الولادة»، والذى يجب أن يتم بعد خروج الأطفال من الحضّانة. لمتابعة التطورات الحركية والعصبية والنمو للأطفال المبتسرة، بالتالى لا بد أن يتم فحصهم على الأقل 4 مرات فى العام الأول للطفل، ومرتين فى العام الثانى له؛ ليتم التدخل المبكر فى حالة للتأكد من عدم وجود مشكلات تؤثر على الطفل فيما بعد، ولو كانت موجودة؛ يمكن التدخل فيها مبكرًا عن طريق التأهيل.

لأن تطور الطفل المبتسر نفسه أو نموه لا يكون مثل باقى أقرانه؛ فبالتالى لا بد من المتابعة الدقيقة للنمو؛ حتى لا يصاب هؤلاء الأطفال بسوء تغذية، لأنه قد يحدث للطفل نقص حديد أو فى بعض المعادن التى قد تؤثر على نموه.

ومن المعروف مثلا أن المخ سهل جدا أن يتأثر بنقص البروتينات، وإذا لم يحصل الطفل على كمية بروتينات كافية فمن الممكن أن يتأثر، مع الوضع فى الاعتبار الاهتمام بغذاء الطفل حتى داخل الحضانة.

ترخيص الحضّانات يتم وفقا لقواعد صارمة جدا ومنظمة من قبل وزارة الصحة، لكن المشكل أنه بعد الترخيص لا توجد متابعة كافية لهذه الحضانات، وهل ما زالت تحتفظ بنفس المستوى الذى تم ترخيصها على أساسه أم لا؟ لذلك يجب إعادة ترخيص للحضّانة على الأقل كل سنة أو سنتين؛ حتى يتم إعادة التقييم.

فعلى سبيل المثال، الحضّانة قد تكون مرخصة على أساس أنها «مستوى تانى»، وممكن العام اللاحق تتقدم ويصبح لديها أطباء ذو خبرة وتمريض أكفأ وأجهزة أعلى وتنتقل من المستوى الثانى إلى المستوى الثالث والعكس.

ومن المتوقع الالتفات لهذا الأمر عند تطبيق قانون التأمين الصحى الجديد، والذى سيحتاج لتحديد ماهية مستوى الحضانة التى سيتم التعامل معها، كما أن القانون سيخدم الأطفال المبتسرين؛ لأنه سيهتم بالمكان مقدم الخدمة، كما أن الطفل نفسه سيكون مغطى بالتأمين الصحى؛ وبالتالى عدم تحميل غير القادرين على هذه التكلفة والتى سيقوم بدفعها التأمين الصحى لأنها مكلفة جدا.

هل الحضانات فى مصر كافية؟

كما ذكرنا فإن نسبة 18% من الأطفال فى مصر تحتاج لحضانات، التى تحتاج لها، وبشكل مبدئى يمكن القول إن الحضانات عددًا ربما تغطى عدد الأطفال المحتاجين، لكن القضية الأساسية فى الأمر هى عملية إعادة الهيكلة الداخلية وتقييم الأداء الداخلى للحضانة.

فالحضّانات عبارة عن أجهزة، لكنها تحتاج إلى صيانة، وهى غير كافية بدليل أن بعضها معطل، وبعضها الآخر يحتاج إلى أجزاء بسيطة ممكن أن تنهى العطل وتجعلها تعمل مرة أخرى.

أطباء وممرضات فى حاجة للتدريب

النقطة الثانية فى هذا الأمر هى القوى البشرية التى تعمل على هذه الحضانات، والتى تعتمد على أطباء يحتاجون إلى تدريب مستمر، لكن المشكلة الأكثر وضوحا هى نقص عدد التمريض المدرب، فالممرضة التى تقوم بتمريض طفل فى حضانة، تكون مستيقظة طوال فترة النوبتجية.

وحتى نحافظ على النسبة المقررة دوليا وهى ممرضة لكل طفل أو طفلين فى العناية المركزة، وممرضة لكل 3 أطفال فى العناية المتوسطة، وممرضة لكل 4 أو 5 أطفال فى العناية العادية، يجب تدريب طاقم التدريب جيدا، ولا يمكن أيضا أن تتساوى مع غيرها من العاملين فى العيادات الخارجية أو غيره؛ لأنها إذا لم تجد الأجر الكافى، فإن نسبة كبيرة منها تلجأ إلى ترك مجال العمل أو السفر إلى الخارج.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل