المحتوى الرئيسى

شوارعنا: كيف كانت؟ | المصري اليوم

02/16 00:07

تحت عنوان «إنكار التاريخ» كتبتَ مقالًا فى عمودكم يوم 2/13. مقالٌ جميل أثار شجونى وأحزانى وتذكرتُ أجمل سنوات عمرى، وهى قليلة.

كنتُ أسيرًا محبوسًا وراء كوبرى شبرا الذى يفصل حى شبرا عن العالم الخارجى، ثم قفزتُ متحررًا مرة واحدة عام 1951 إلى وسط البلد، وكنتُ صغيرًا جدًا. ومشيتُ فى الشوارع مشدوهًا مبهورًا أكاد أُجن!. رأيتُ الأناقة والنظافة والجمال. وكأن السماء غير السماء والأرض غير الأرض. وكان أول ما قابلنى محطة مصر بجمالها وأناقتها ثم شارع الملكة نازلى (رمسيس حاليًا)، وكان بالفعل شارعًا لا يليق إلا بملكة. ويتفرع منه شارع إبراهيم باشا الذى تحول إلى شارع الجمهورية ويمتد حتى قصر عابدين.

العزيز نيوتن.. هل تصدق أن رصيف هذا الشارع كان يوجد على جانبيه أُصص من الزهر والورد؟.

وكان فندق شبرد القديم والكونتيننتال علامات بارزة تؤكد عظمة الشارع وعظمة القائد إبراهيم باشا الذى يحمل الشارع اسمه!. ثم نأتى إلى شارع فؤاد: قمة الرقى والنظافة، وكانت محال شملا وشيكوريل وعكاوى وجاتينيه وعدس وغيرها تُزين جوانبه ويتم تغيير الفتارين أسبوعيًا!. ثم جاء «الأمريكين» وقد اكتشفته مثلما اكتشف كريستوفر كولومبوس أمريكا!. كان فتحًا حقيقيًا حيث أكلتُ أصنافًا جديدة لم أكن أعرفها. فلم أكن أعرف سوى الكنافة والقطائف والبسبوسة والمهلبية وحلوى أخرى لذيذة جدًا اسمها الباستة (زوجة الجاتوه)!.

أما شارع سليمان باشا فقد كان دُرة الشوارع، حيث تجد سينما مترو وبجانبها محل أنيق فخم اسمه الإكسليسيور، حيث كنتُ آكل طبق مكرونة بالبشميل كبيرا جدًا ثمنه خمسة قروش ونصف، بينما أشاهد الجمال والشياكة خلف فتارين من الزجاج وأنا جالس بالداخل. وفى هذه المنطقة سوف تمشى مسحورًا فى شوارع عماد الدين وعدلى وعبدالخالق ثروت ودار الأوبرا المليئة بدور السينما الفاخرة مثل استوديو مصر والكورسال ومسرح الريحانى وكوزمو ولوكس: منطقة زاخرة ساحرة وكأنك انتقلت إلى باريس أو روما!. كنتُ أقتحم كل هذه الأماكن وأنا لا أملك سوى نصف الجنيه. ومن الغريب أن الناس مازالوا يقولون «أمريكين سليمان». وشارع عبدالخالق ثروت كان شارع الملكة فريدة. وحتى شارع الملكة نازلى تحوّل اسمه عدة مرات إلى أن أصبح شارع رمسيس، وأنا مازلت أقول الملكة نازلى (راجل عجوز). ولن أنسى أبدًا أن جامعى أعقاب السجائر من الصبيان والبنات كان عددهم يصل إلى المئات ينتشرون فى تلك المناطق، وكان البوليس يجمعهم يوميًا فى الثانية عشرة ليلًا وتُفرج عنهم النيابة فى الثانية عشرة ظهرًا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل