المحتوى الرئيسى

تهدئة أمريكية تركية.. هل يكون الأكراد في سوريا الطرف الخاسر؟

02/16 19:24

تشهد العلاقات الامريكية التركية توتراً ياتي في سياق خلافات متعددة في المواقف، كان أبرزها الرفض التركي لتسليح الولايات المتحدة لقوات كردية في سوريا. وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون أجرى محادثات مطولة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انقرة، في محاولة لتهدئة الأمور على خلفية العملية العسكرية "غصن الزيتون" التي تشنها تركيا في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية إحدى أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة، وتقول أنقرة إن عمليتها تهدف إلى إقامة منطقة آمنة بعمق ثلاثين كيلومتراً شمالي سوريا.

في مؤتمرصحفي مشترك لوزيري الخارجية التركي والأمريكي الجمعة في العاصمة أنقرة، أقرّ تيلرسون بحق تركيا "المشروع" في تأمين حدودها، فيما أشار تشاووش أوغلو إلى اتفاق البلدين على "تطبيع" العلاقات بينهما. (16.02.2018)

وتعد قضية التواجد الكردي المسلح على الحدود التركية مسألة لا تتسامح معها أنقرة بشكل مطلق. وزير الخارجية الأمريكية أكد أن بلاده لم تمنح وحدات حماية الشعب الكردية سلاحاً ثقيلاً حتى تسترده منها كما تتهمها انقرة لكنه أشار إلى تفهم بلاده للمخاوف التركية.

وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو قال إن بلاده ستشكل مع الولايات المتحدة مجموعات عمل لحل الخلافات بينهما، فيما شدد تيلرسون على أن "أهدافنا بالنسبة لسورية لم تتغير"، مؤكداً على أن الأهداف هي هزيمة داعش وإرساء الاستقرار في البلاد - ما يسمح بعودة اللاجئين - وإقامة أمة سورية موحدة وديمقراطية.

وتصنف أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية منظمة إرهابية حيث تتبع حزب العمال الكردستاني المحظور والذي تدرجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في اللائحة السوداء باعتباره جماعة إرهابية، لكنّ الولايات المتحدة تعتبر وحدات حماية الشعب حليفاً ضد المتشددين الإسلاميين وترى أن العملية العسكرية التركية تشتت جهودها التي تهدف لإنهاء وجود المتطرفين الإسلاميين.

اتفاق أمريكي - تركي ..هل يفقد الأكراد أقوى حلفائهم؟

الميجور جنرال جايمي جاراد يصافح محمد أبو عديل قائد مجلس منبج العسكري

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية حذرت من أن الولايات المتحدة وتركيا ربما تتجهان لمواجهة مسلحة عند الحدود السورية الشمالية في ظل إصرار القوات الأمريكية على البقاء في منبج، في الوقت الذي صعد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من لهجة خطابه حين حذر الولايات المتحدة من التعرض لــ "صفعة عثمانية" في سوريا إذا ما دخلت القوات التركية منبج فيما لاتزال القوات الأمريكية متواجدة هناك، مشدداً على ضرورة مغادرتها المدينة.

لكن التهدئة بين الولايات المتحدة وتركيا قد تأتي على حساب وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، وهذا ما توقعه فادي حاكورة خبير الشئون التركية في معهد شاثام هاوس البريطاني للعلاقات الدولية في حديثه مع DW عربية، مضيفاً أن "اتفاقاً أمريكياً - تركياً سيحدث قريبا لتهدئة الأمور لأن تركيا أبقى للولايات المتحدة وأكثر أهمية بكثير من القوميين الأكراد في سوريا، فتركيا عضو في الناتو وعدد سكانها يقارب 80 مليون وهي قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية ليست أبداً بالهينة في محيطها الاقليمي والولايات المتحدة في حاجة إليها".

واستبعد حكورة فكرة حدوث مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وتركيا قائلاً "إن كلا الطرفين لا يريد ذلك من الأصل بدليل زيارة تيليرسون لأنقرة ومحاولته تهدئة المخاوف التركية وتفادي هذا النوع من المواجهة، وتابع : "ما علينا من كلام أردوغان وخطبه الحماسية فهي موجهة في الأساس للداخل التركي للاستهلاك الإعلامي وطلباً لاستمرار الدعم الشعبي"، لكنه توقع أن تطول العملية العسكرية التركية في سوريا أكثر مما خطط له الأتراك، مضيفاً أن "هذا ما تشير إليه المؤشرات الأولية من المواجهات الحادثة بين الطرفين على الأرض وبالتالي فتركيا نفسها ليست أبداً في وارد تعقيد الأمور على نفسها بمواجهة القوات الأمريكية في منبج".

التراجع الأمريكي عن دعم الأكراد.. من يملأ الفراغ؟

هل تملأ روسيا فراغاً أمريكياً "محتملاً"؟

تبدو الولايات المتحدة مهتمة بشكل كبير بتهدئة غضب حليف قديم في موقع استراتيجي بلغ ذروته مع قضية تسليح وحدات حماية الشعب الكردية. وزير الخارجية الأمريكية في هذا السياق أكد أن الجانبين "لن يتحركا بعد الآن كل بمفرده" في سوريا، فيما اقترحت تركيا على الولايات المتحدة انسحاب الوحدات الكردية إلى شرق الفرات وأن تتمركز قوات تركية وأمريكية في منطقة منبج.

لكن تخلي الولايات المتحدة عن دعم الأكراد أو تقليل صور هذا الدعم قد يُضعف كثيراً من قوة الميليشيات الكردية خصوصاً في حربها ضد ما تبقى من قوات تنظيم الدولة في سوريا، وفق ما يرى خبير الشؤون التركية فادي حاكورة، الذي أضاف لــ DW عربية أن " هذا الأمر سيخلق فراغاً لابد وأن تملأه جهة ما ولا اعتقد أن روسيا ستترك هذه الفرصة السانحة، بخلاف أن الاكراد أنفسهم قد يسعون نحو روسيا لتقوية علاقاتهم معها ومع النظام السوري، ما سيؤثر على التواجد الأمريكي في المنطقة" وتوقع حاكورة أن تستغل إيران الفرصة أيضاً لإضعاف الدور الأمريكي في سوريا.

روسيا وتركيا.. هل يتضرر التحالف؟

شابت العلاقات الروسية التركية قبل فترة توترات كبيرة على خلفية إسقاط تركيا لمقاتلة روسية ومصرع قائدها لكن بعد الاعتذار التركي عن الواقعة عادت ماكينة العلاقات بين الجانبين تهدر بقوة، وتصاعد التعاون التركي الروسي خصوصاً في المجال العسكري والأمني بشكل غير مسبوق. لكن ما الذي قد يحدث إذا ما قررت روسيا دعم الأكراد اذا ما تخلت الولايات المتحدة عن دعمهم؟

يعتقد فادي حاكورة الخبير في معهد شاثام هاوس أن "الروس لديهم خطة سياسية أذكى من الأمريكيين وأن أي تحالف روسي مع الأكراد - إن حدث - فلن يكون مباشراً وإنما سيكون عبر الرئيس السوري بشار الأسد أو عبر إيران، بما لا يسمح بتأزيم الأمور مع الحليف التركي".

ويؤكد الخبير في الشأن التركي أن روسيا هي من أعطى الضوء الأخضر لتركيا لشن عملية عسكرية في عفرين ضد الأكراد إما لتهدئة المخاوف التركية من وجود عسكري كردي أو لضرب الحليفين الأمريكي والتركي ببعضهما، وهو أمرٌ سيخدم مصالح روسيا ومصالح إيران ومصالح النظام السوري لكن يصعب جداً أن تسمح روسيا لتركيا بتوسيع نطاق عملياتها في العمق السوري بما يخل بأحجام القوى هناك أو بحضور روسيا القوي في المشهد.

يدور حاليا خلاف بين تركيا وروسيا بعد أن أسقطت أنقرة مقاتلة روسية على الحدود السورية في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015. ويدور اختبار قوة عنيف بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان رغم روابط الصداقة التي كانت تجمع بينهما، وهو ما يهدد العلاقات بين البلدين التي باتت توصَف كمواجهة بين "السلطان" و"القيصر". تاريخ الصورة: 15/ 11/ 2015 في قمة مجموعة العشرين بأنطاليا التركية.

أنقرة تقول إن المقاتلة الروسية انتهكت المجال الجوي التركي وتم تحذيرها مرارا. وتقول موسكو إن الطائرة كانت فوق سوريا حيث تقوم روسيا بحملة جوية لدعم الرئيس الأسد في الحرب المستمرة منذ نحو خمس سنوات. وتقول روسيا إنها تستهدف تنظيم "داعش"، في حين يقول مسؤولون غربيون إن عددا قليلا جدا من الغارات الجوية الروسية تستهدف التنظيم وإن معظمها تضرب جماعات المعارضة السورية التي يدعمها الغرب.

وشن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجوما شديدا على تركيا محذرا إياها من أنها "ستندم على ما فعلته" ومؤكدا أن قيامها بإسقاط المقاتلة الروسية على الحدود السورية عملية غدر لن تنساها روسيا أبدا. واتهم الجيشُ الروسي الرئيسَ التركي رجب طيب أردوغان وعائلته بـ"الضلوع" في شراء النفط من تنظيم "داعش".

ولم يتأخر الرئيس التركي بالرد على ما وصفه بأنها اتهامات "غير أخلاقية" من جانب روسيا إليه والى أفراد عائلته بأنهم يستفيدون من المتاجرة بالنفط مع تنظيم "داعش"، متهما بدوره موسكو بالضلوع في هذه التجارة. وقال أردوغان: "لدينا إثباتات بأن روسيا متورطة في تجارة النفط مع داعش".

استدعت تركيا السفير الروسي لدى أنقرة بعد نشر صور لعسكري روسي يحمل قاذفة إطلاق صواريخ على سفينة عسكرية روسية أثناء مرورها في مضيق البوسفور. ووصفت أنقرة صور العسكري الروسي بـ "الاستفزاز" في أوج الأزمة الدبلوماسية بين موسكو وأنقرة منذ إسقاط سلاح الجو التركي الطائرة الروسية. ونشرت عدة وسائل إعلام تركية صورة الجندي الروسي وهو يحمل قاذفة إطلاق صواريخ على كتفه على بارجة روسية.

فرضت روسيا الغاضبة عقوبات على تركيا ومنها إعادة العمل بنظام التأشيرة للمواطنين الأتراك ابتداءً من أول عام 2016، وحظر استيراد الخضر والفواكه التركية. وقالت أنقرة إنها ستفرض عقوبات على روسيا إذا اقتضت الضرورة لكنها لا تزال مستعدة لإجراء محادثات مع موسكو.

يتوقع البنك الأوروبي للإعمار والتنمية أن أثر العقوبات على تركيا سيكون "ملحوظاً لكن ليس بشكل كبير على إجمالي الناتج المحلي التركي"، أما بالنسبة لروسيا فسيبقى التأثير "محدودا" إلا إذا تأثرت صادرات الطاقة فعندها سيكون سلبيا، لأن تركيا ثاني سوق لصادرات الغاز الروسية. إردوغان قال إن بلاده يمكنها إيجاد مزودي طاقة آخرين غير روسيا. ويرتبط اقتصادا البلدين بشدة خصوصا في مجالات الطاقة والسياحة والبناء.

البنوك التركية ستُستثنى من العقوبات الروسية لتتفادى بذلك حملة تشنها موسكو قد تسبب خسائر لتركيا تصل إلى تسعة مليارات دولار انتقاما من إسقاط الطائرة الروسية.

وأعلنت روسيا أنها انتهت من برنامج لإعادة نحو 9 آلاف مواطن كانوا في رحلات سياحية في تركيا، وذلك في أعقاب التوترات التي أثارها إسقاط تركيا للطائرة العسكرية روسية. وبحلول يوم الإثنين 07 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لم يبقَ سوى نحو 10 سائحين في تركيا من إجمالي 9 آلاف روسي.

من ناحية أخرى اتهم العراق تركيا بانتهاك سيادته بنشر قوات مدججة بالسلاح في معسكر قرب خط الجبهة في شمال العراق. لكن أنقرة قالت إن وجود تركيا في الموصل يهدف إلى المساهمة في قتال العراق ضد تنظيم "داعش" وإنه سيستمر بالتنسيق مع العراق. ومن غير الواضح ما إذا كانت روسيا تنوي إثارة الشكاوى العراقية في مجلس الأمن أو ما إذا كان الوفد الروسي يريد من المجلس أن يتخذ إجراءات.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل