المحتوى الرئيسى

«شخلل عشان تتعالج».. «التحرير» تروي رحلة العذاب داخل مستشفى المطرية

02/15 16:46

على الرغم من تأكيد الدكتور على حجازى، رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى، أنه لن تتم خصخصة المستشفيات الحكومية بعد تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل الجديد، إلا أن هناك بعض المرضى يواجهون الموت المحقق على أرصفة مستشفيات وزارة الصحة، بسبب عدم إسعافهم على الوجه اللازم، وتلقيهم العلاج المناسب بسبب عدم دفع رسوم تفرضها المستشفيات عليهم دون وجه حق، ونتيجة لحالة الفقر التى يعاني منها المرضى الذين يلجأون للمستشفيات الحكومية، وعدم قيامهم بدفع أموال يفرضها عليهم المستشفى، فإن ذلك كفيل بإنهاء حياة كثيرين منهم.

«التحرير» قضت نحو 18 ساعة كاملة داخل قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفى المطرية التعليمي، التابع لوزارة الصحة، رصدت خلالها عددًا من الانتهاكات، التي ترتكب بحق المريض الذي لا حول له ولا قوة، ولسان حال المريض يقول: «موت وخراب ديار»، فلا وجود لأطباء كافيين بقسم الاستقبال والطوارئ للتعامل مع الحالات الحرجة، التي يستقبلها المستشفى الذي يخدم كثافة سكانية عالية كحي المطرية، فضلاً عن تحصيل مبالغ من المرضى نظير إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة بالمخالفة للتعليمات، ناهيك بالفوضى وحالة الهرج والمرج داخل المستشفى. 

دخلت المريضة "نوال. خ"، قسم الاستقبال بالمستشفي، تعانى من هبوط حاد بالدورة الدموية، ووجهها منتفخ، تحتاج إلى من يسعفها، وكانت المفاجأة عدم وجود سوى طبيب واحد بقسم الاستقبال، الذي يستقبل الحالات الحرجة. اضطرت المريضة لانتظار الطبيب داخل القسم نحو ربع ساعة كاملة، تتألم خلالها وتعاني، قبل أن يأتى إليها الطبيب، ويقوم بقياس الضغط، ثم يطمئنها، ويتركها مقررا الذهاب إلى رجل عجوز آخر ينازع هو الآخر.

تنتظر الحاجة نوال، وتنادي على الطبيب، الذى يخبرها بأن حالتها مطمئنة، ولا داعي للقلق، وطلب منها عقب ذلك عمل رسم للقلب، توجهت المريضة إلى غرفة مجاورة لغرفة استقبال الطوارئ، وتفاجأ هناك بممرضة تخبرها بصوت أجهش بضرورة دفع 15 جنيهًا فى شباك التذاكر لعمل رسم القلب، تصطدم المرأة العجوز بكلام الممرضة، التى لم تتحرك من مكانها، انتظارا لحصولها على إيصال تحصيل قيمة رسم القلب، وهو 15 جنيها.

توضح المريضة، أن حالتها المالية لا تسمح، فترفض الممرضة، وتخبرها «مليش دعوة يا ستى، هى دى التعليمات.. روحى قولي لهم كده في وزارة الصحة»، في النهاية يذهب ابن المريضة مضطرا لدفع 15 جنيها رسوم تحصيل نظير عمل رسم القلب، رغم أن حالة الجهاز سيئة للغاية، لكنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على ذلك.

تنتظر «نوال» طيلة نصف اسعة كاملة لحين مجىء دورها لعمل رسم القلب، ليفاجأ ابنها بأن الجهاز متعطل، وغير صالح للاستخدام حاليا، يأتى الطبيب، ثم يطلب من المريضة عمل بعض التحاليل منها صورة دم كاملة، وداخل معمل الطوارئ، المفترض أن يتلقى ويتعامل مع الحالات الحرجة، التي ترد لقسم الاستقبال، ويُطلب من المريض إيصال بقيمة 100 جنيه، نظير إجراء تحليلين طبيين، طلبهما طبيب الاستقبال، تواصل المرأة العجوز إيضاح أن حالتها لا تسمح بتحمل كل هذه المبالغ، لأنها لا تتقاضى سوى معاش اجتماعي ضئيل بالكاد يكفى لتدبير قوت يومها، ثم تتمتم بكلمات «يعني اللى مش معاه فلوس ودخل يتعالج هنا هيموت أكيد».

لم تنته المأساة داخل قسم الاستقبال بمستشفى المطرية، إذ إنه ومع حلول الليل يستقبل القسم حالات لشباب تعرضوا لإغماءات نتيجة تناول جرعات زائدة من مخدر الإستروكس، حيث كانت تشير عقارب الساعة إلى التاسعة مساءً، جاء "محمد. ك. ع"، مصابا بغيبوبة شديدة فاقدا الوعي. يأتى طبيب الاستقبال إليه، ويقيس النبض، ويطمئن أمه التى تصرخ حزنا عليه، ثم يتركها ويذهب إلى التعامل مع حالة جديدة من المرضى.

«طبيب واحد يكفي يا عالم للناس دى كلها»، تصرخ أم الشاب المصاب بالغيبوبة، معبرة عن ألمها لأوجاع ابنها الوحيد، الذى تقول عنه «ابنى دخل عليا واقع من طوله وأصحابه هما اللى ساندينه جيت بيه على المستشفى هنا عشان أسعفه ملقتش غير دكتور واحد، هيعمل إيه ولا إيه الله يكون في عونه نفسى أعرف فين إدارة المستشفى؟».

تضيف الأم الحزينة لـ«التحرير»: «ابنى يواجه الموت ومفيش حد بيسأل فيه يا عالم.. أروح فين نفسى حد يغتنى».

أين تذهب مبالغ قرارات العلاج على نفقة الدولة؟

يأخذ محمود الخضرى، قريب مريض آخر، تم دخوله قسم الاستقبال بمستشفى المطرية، أطراف الحديث، موضحا أنه تعرض لواقعة غريبة من نوعها، حيث قرر الأطباء أن المريض التابع له يعانى من جلطة في القلب، ويحتاج إلى عمل قسطرة قلب، وأخبروه بضرورة الحصول على قرار علاج على نفقة الدولة، لعمل تلك القسطرة.

يضيف «الخضري» لـ«التحرير»، أنه بالفعل توجه إلى المجالس الطبية المتخصصة لاستخراج قرار للعلاج على نفقة الدولة، وبالفعل نجح بعد عناء فى الحصول على القرار الوزاري، رغم أن المستشفى هو المكلف بمخاطبة المجالس الطبيبة لعمل قرار العلاج، إلا أنه فوجئ وبعد ذهاب المريض لعمل القسطرة، أن الأطباء يخبرونه بأنه ليس بحاجة لعملها من الأساس.

ولفت متسائلا: «إحنا طلعنا قرار علاج بـ1600 جنيه، والمريض بتاعنا مش محتاج لعمل القسطرة.. طب الفلوس دى المفروض وزارة الصحة هتدفعها للمستشفى نظير إجرائها، إلا أن الأطباء قالوا لنا إنه مش محتاج قسطرة.. طب هتروح فين الفلوس دى؟»، وأشار إلى أن المريض خضع للجنة طبية ثلاثية قررت ضرورة عمل قسطرة قلب.

واختتم موضحا أنه حين توجه للسؤال عن المصاريف، التي يتكفلها المريض داخل قسم الاستقبال وجميع أقسام المستشفى، لم يجد إجابة واضحة من القائمين على إدارة المستشفى، معقبًا "كل حاجة فى المستشفى بفلوس ما عدا قياس الضغط بس هو اللى مجانا.. المفروض إحنا في مستشفى تابع لوزارة الصحة يعنى تخضع للعلاج المجاني، إما بنظام العلاج على نفقة الدولة أو العلاج الاستثمارى أو التأمين الصحي»، وطالب بضرورة اتخاذ اللازم قانونا تجاه من تثبت مخالفته التعليمات واللوائح المنظمة في هذا الصدد، لأنه وحسب حديثه «اللى مش معاه فلوس هيموت مش هيلاقى حد يعالجه».

الدكتور علي حجازى، رئيس هيئة التأمين الصحي، قال خلال جلسة الاستماع التى عقدتها لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، في وقت سابق، حول مشروع قانون التأمين الصحى الشامل، إن من يستفيدون من نظام التأمين الصحى القديم 58٪‏ من المصريين، والنظام الحالى قائم بذاته ولا يأخذ أى أموال من الدولة، مستطردا: "مزايا الفريق الطبى تعبر عن الحد الأدنى للمزايا".

وتابع حجازى: "التمويل والاستدامة ضرورة ومحدش هيرحمنا لو وقفنا نظام التأمين الصحى الجديد بعد تطبيقه، وسيكون هناك كارت الأمان الصحى لكل مواطن، بحيث يدخل فى الخدمة دون أن يتسولها، وبالتالى لن يعلم أحد أنك فقير لأن الدولة هى التى تدفع غير الموظف الذى يجلس على السيستم".

وقال رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى: "جميعا نهدف إلى مصلحة واحدة والتطبيق سيوضح كل حاجة، وخصوصا أنه يشمل كل الأمراض، وكان نفسى يطبق على كل الجمهورية مرة واحدة، لكن لا توجد إمكانيات، والقطاع الخاص شريك ولا خصخصة للمستشفيات الحكومية".

واستطرد: "نحن متعاقدون مع 600 صيدلية على مستوى الجمهورية، ومع دكاترة علاج طبيعى ومراكز أشعة وفق إمكانيات محددة وشروط"، وردًا على من انتقدوا عدم وجود ما يشير إلى مرتبات الأطباء فى القانون، ولفت إلى أن أجور الأطباء تتزايد بعد سنة أخرى.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل