المحتوى الرئيسى

"المناكحة الفردوسية" آداة استقطاب للجماعات المتطرفة.. وعلماء الأزهر: الجنس في الجنة وهم - صوت الأمة

02/15 15:27

يتلاعب أصحاب الفكر المتطرف بعقول الشباب المسلم، دافعين بهم إلى العمليات الانتحارية، برسم صورة عقلية تخيلية، عن الجنة ونعيمها، وعن أجر عملياتهم الانتحارية، التي تنتظرهم بعد موتهم، فنراهم يوحون لهم بأنهم إذا قاموا بعملية انتحارية وقتلوا ودمروا فإنهم يصبحون شهداء، وبعد موتهم تستقبلهم الحور العين في الجنة، فيعيشون معهم، ويمارسون معا مايسمى بـ"المناكحة الفردوسية".

و"المناكحة الفردوسية" هو وصف للعلاقة الزوجية بين الرجل وزوجته، لكن في الجنة، وبدلا عن الزوجة تكون مع الحور العين، فنراهم يبالغون في وصف الحور العين بأنهن عربا أترابا وثيبات وأبكارا، وأن المجاهدون هم المنعمون، ويستندون في ذلك على تفسيرات عديدة وآراء فقهية مختلفة.

ولم يقتصر الأمر على أصحاب الفكر المتطرف فقط، فجمهور المسلمين يرون في وقتنا الحالي أن هذا الأمر حقيقي، وبأن هناك حور عين ينتظرون المسلمين في الجنة، وسيكون هنك علاقات كالتي بين الأزواج مع الحور العين، فنجد كتبا مؤلفة في هذا الموضوع، ويبالغون في الوصف ويطرحون مخيلات عن الجنة والحور العين، والسؤال الآن ما حقيقة المناكحة الفردوسية، وهل في الجنة مناكحة فردوسية؟

يكاد يجزم علماء وشيوخ التيار السلفي الجهادي بأن مسألة "إفتضاض الأبكار" في الجنة أمر واقعي، ويفسرون قوله تعالى "إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ" على أن أهل الجنة سيشتغلون بـ"المناكحة الفردوسية"، وتصوروا أن المسلمين والحور العين سيكون بينهن علاقات زوجية كالتي في الدنيا، ولهذا كان الوهم الذي أوهموا به الشباب المسلم للإيقاع في شباكهم.

ويستدلون في آرائهم تلك، ماورد بتفسير ابن كثير والماوردي والوجيز، وغيرها من كتب التفاسير التي تفسر العملية على هذه الشاكلة، فنجد ابن كثير يسوق في تفسير قوله تعالى "إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ" أن عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والأعمش، والأوزاعي يقولون بأن معنى الأية الكريمة: شغل المؤمنين بافتضاض الأبكار، وفسره الماوردي بأن فيه أربعة أقاويل :أحدها في افتضاض الأبكار، مستدلا برواية ابن مسعود، وقتادة.

وساقوا حديث النبي الذي جاء في البخاري عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما قيل "يا رسول الله أَنُفْضِي إلى نسائنا في الجنة، كما نُفضي إليهن في الدنيا؟، قال: نعم، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليُفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء"، وكذلك حديث أبي أمامة عندما سئل رسول الله، هل يتناكح أهل الجنة؟ فقال: " نعم، بِذَكَرٍ لا يمَلُّ، وشهوة لا تنقطع، دحْماً دحْماً".

وفي المقابل، يرى علماء الأزهر الشريف أن تلك القضية مفهومة بشكل خاطيء فيردون الحجج والتأويلات التي يرويها البعض عن قصة الحور العين، ووجود "المناكحة الفردوسية" كواقعية موجودة في الجنة، إلى أنها روايات غير صحيحة، معتبرين أنه أمر في غاية الخطورة، ويجر وبالًا على الدين وعلى الإسلام.

فيقول الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية الأسبق، في تلك المسألة، أن هذه المسألة فهمت خطأ لدى جمهور المسلمين، وكذلك التيارات المتطرفة، مبينًا أن قوانين الآخرة لا توافق دائمًا قوانين الدنيا، فالأكل والشرب في الدنيا تتبعه عملية حيوية للإنسان تستوجب الإخراج، والتنزه عن الفضلات، والتطهر في الموضع، وهذا الأمر ليس له وجود فى الجنة، فلن يكون هناك مايستتبع الأكل والشرب بمعناه الدنيوي، وكذلك الزواج ففي الدنيا يكون الزواج بغرض تكوين عائلة والإنجاب، أما الزواج في الآخرة فهي مسألة تقتضي الكيفية التي يشائها الله تعالى، وليست تلك التي تخطر ببالنا.

وأوضح مفتي لجمهورية الأسبق، بأن مايأتي في القرآن الكريم والسنة النبوية، متصلا بالملذات الدنيوية في الآخرة، فلا يمكن القول بحملها على أنها ذاتها التي سوف تتم في الآخرة، فالنصوص المتصلة بالأكل والشرب والمتع فى الجنة هو أسلوب يقرب المعنى إلى الأذهان، لأن الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

وأشار عضو هيئة كبار العلماء، إلى أن الحور العين ذكرهن الله تعالى ووصفهن بأوصاف عديدة وهو مذكرو في القرآن الكريم، ووارد بشكل مفصل ومطول، وهو صحيح وستكون في الجنة وهو مااتفق عليه جمهور الفقهاء والمفسري، لكنها ستكون بخلاف افي الأذهان، وبطرق لايدركها عقل ولا قلب.

وأهاب مفتي الجمهورية الأسبق، بضرورة عدم الإنشغال بتلك الآراء، ولكن النظر إلى رضوان الله تعالى للفوز برضوان الله وبالجنة، بدون النظر إلى مايخطر ببال وعقول الناس في كيفيتها وماهيتها، وعدم الاستماع والتصديق لكل مايقال، خاصة في الأمور التي تتصل بالدين والعقيدة.

فيما يوضح الدكتور أحمد سعد الخطيب، استاذ علوم التفسير بجامعة الأزهر، بأن الحقيقة التي لاتقبل الشك أن في الآخرة جنة ونعيم ورضوان من الله تعالى، لكن تختلف كيفية هذا النعيم عن النعيم الدنيوي، مبينا أن المناكحة الفردوسية هو وهم يقومون من خلاله أصحاب الفكر المتطرف بإيقاع الشباب فيه بهدف تجنيدهم في عملياتهم الإرهابية.

وقال استاذ التفسير، إن الإيمان بأن هناك جنة ونار وبعث وحساب هي من اكتمال الإيمان، وكذلك الإيمان بأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، هو من الإيمان، مبينا أن الله سبحانه يعلم أن عقول البشر لا تدرك ما في الجنة من متع ونعم، فقربها بالوصف إلى عقولهم وقلوبهم، ووصف بأن فيها حور عين، ووصف الحور العين بأنهن ثيبات وأبكارا، وعربا واترابا، لكن تختلف تلك الصفات عن مفهومنا الدنيوي.

وعلل استاذ التفسر ذلك بان في الجنة خمر، وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال تعالى " مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ"، فالخمر ليست كخمر الدنيا، وطعام أهل الجنة ليس كطعام الدنيا، بل متع معنوية تتصاغر أمامها المتع الحسية.

وحول التفاسير التي وردت في تفسير أن في الجنة "مناكحة" مع الحور العين، أوضح بأن التفسير الصحيح الذي اتفق عليه جمهور المفسرين في تفسير الآية الكريمة "إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ" هنا بمعنى النعيم، وكل ماورد فيها من تفسير تقول بافتضاض الأبكار هي تفاسير ضعيفة ومروية من باب أن هناك آراء أخرى تقول بهذا، وهي آراء ضعيفة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل