المحتوى الرئيسى

محنة الأمهات المهاجرات - قصص من مخيمات الجحيم في الناظور

02/15 11:01

ترتجف من شدة البرد، تحتضن طفلها الذي يبكي من الجوع، تشعر بالحزن لأنها لم تعد قادرة على التسول لإطعامه، بعد تدهور وضعها الصحي، حيث أضحت عاجزة عن الخروج من خيمتها البلاستيكية، ولم يعد لديها خيار أخر سوى الانتظار. وبمجرد أن تُسأل عن حياتها في غابة تنهمر الدموع من عينيها وتصرخ بنبرة حزينة : "أنا متعبة...الحياة صعبة هنا ".

"عائشة"، وهي مهاجرة من ساحل العاج، تبلغ 31 عاما من العمر، أمضت سبعة أشهر في خيمة بلاستيكية رفقة طفلها بمخيم للمهاجرين من جنوب الصحراء في غابات بولينغو بضواحي مدينة الناظور. وأنجبت طفلها في مدينة وجدة التي تقع شرق المغرب على الحدود المغربية الجزائرية، بحزن تتذكر المعاملة التي تلقتها في المستشفى وهي تروي ما جرى ل  DW عربية: "عاملوني كأني لست انسانة لم أحصل على دواء بالرغم من أني كنت مريضة بشدة بعد الولادة ".

وخرجت من المستشفى مباشرة بعد ولادتها، لتنام في شارع وتتسول لتطعم طفلها الرضيع، فتواصل رحلتها الى مدينة الناظور .

جولي ولدت طفلها بمشفى وجدة وعانت الأمرين حتى وصلت الناظور

وليس بعيداً عن خيمة عائشة تقع خيمة "ماري" هي أيضا مهاجرة من ساحل العاج تبلغ من العمر 29 عاما تعيش رفقة طفليها ووالدتها، جمال ماري جعلها تتعرض لاعتداءات جنسية خلال رحلة العبور، عن ذلك تقول بنبرة حزينة  " لم تكن رحلة العبور الى هنا سهلة لقد كنت في كل محطة اتعرض للاعتداءات الجنسية من طرف المهربين، لقد تعبت نفسيا وجسديا جراء ذلك ".

استغرقت رحلة ماري من ساحل العاجل الى المغرب 3 سنوات، تعرضت خلالها للعنف والاغتصاب، "وبرغم من ذلك فهي تعتبر محظوظة لأنها تمكنت من الوصول الى المغرب في حين لقي عدد كبير من المهاجرات حتفهن  خلال الرحلة أو سقطن في أيدي مافيات الاتجار بالبشر "تقول ماري .

تتوقف عن الحديث بعد دخول طفليها الى الخيمة تمسح دموعها من عينيها، وتكتفي بالقول إنها "تجربة صعبة "، وبعد فترة وجيزة يخرج الأطفال من الخيمة لتنتقل للحديث عن معاناتها في المغرب، وشعورها بالإقصاء بسبب رفض المستشفيات تقديم العلاج لهم وتقول في هذا الصدد  بنبرة مستاءة "نذهب الى المستشفى ويقول لنا إنكم سود لن تأخذوا الدواء او تستفيدوا من العلاج أطفالنا هنا في الغابة جوعى يعانون لا يوجد أكل نضطر الى تسول لنطعم أطفالنا ".

تضيف ماري :"نحاول كل يوم  أن نعبر الحدود  الى أوروبا رفقة أطفالنا  لكننا نفشل ونتعرض لضرب من طرف السلطات المغربية ".

جولي مهاجرة من الكاميرون أنجبت طفلها في مدينة وجدة بالمغرب، تدفقت الدموع من عينيها لدى سؤالها عن كيف تعيش وطفلها في الغابة، واكتفت بالقول : " لا أستطيع الحديث إنها تجربة مريرة جدا ".

تتسول ماري كي تطعم طفلها

وفي ذات السياق يقول حسن العماري ناشط حقوقي ومختص في الهجرة  في حواره مع DW  عربية :"تعيش المهاجرة في الغابة وضعية صعبة وتضطر لتأمين الحماية لنفسها وطفلها  أن تلبي الرغبات الجنسية لأحد الرجال أو اثنين أوربما أكثر ".

ودعا العماري الى ضرورة تشكيل لجنة لمتابعة هذه الحالات،  وتأسيس جمعيات تختص بهذه الفئة وتساعدها للحصول على وثائق اثبات الهوية وتوفر لها الحماية وشدد على أهمية توعية المهاجرات بحقهن في المطالبة بوثائق هوية لأطفالهن . وأعرب العماري عن تخوفه من تزايد عدد اطفال المهاجرات بدون هوية معتبرا أن للقانون الدولي يضمن لهؤلاء الأطفال حقهم في  الحصول على وثائق تثبت هويتهم .

من جهته أشار الكاتب العام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الناظور عزيز كطوف في حواره مع DW عربية الى أن أطفال المهاجرات من جنوب الصحراء وأمهاتهم معرضون للمخاطر في الغابات، مثل الحرائق وارتفاع درجة الحرارة والإصابة بأمراض متعددة، مضيفا أنهم لا يتلقون سوى علاجات بسيطة أحيانا وسط مركز المدينة .

مخيمات الغابة - خيم بلاستيكية للنساء وأطفالهن، وأخرى معزولة للرجال

واعتبر كطوف أن هؤلاء الأطفال يحتاجون الدعم النفسي بسبب احساسهم بالهلع جراء اقتحام السلطات للغابات مشيرا الى أنهم لا يستفيدون من حقهم في الصحة والتعليم ووثائق اثبات الهوية .

وكشف كطوف عن عدم وجود جمعيات في جهة الشرق تهتم بهذه الفئة، وواقتصارها على جمعيتين مهتمتين بالمهاجرين بصفة عامة. وعبرت الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع الناظور عن فرحها بحكم صدر عن أحد القضاة بتسجيل أحد أطفال المهاجرين واصفة إياه ب"سابقة" ومطالبة بفتح باب التسجيل لهؤلاء الاطفال في السجلات المدنية .

الهام الطالبي - الناظور(شمال المغرب)

في جنوب إيطاليا تُبنى أكواخ في الأحياء الفقيرة للمهاجرين الأفارقة، ففي فصل الصيف يأتي مئات الأشخاص من إفريقيا لكسب عيشهم، إذ يبحثون عن العمل في مزارع الخضار والفواكه. ومؤخراً أصبح الأمر غير مجدي بسبب ارتفاع عدد المهاجرين وانخفاض أسعار المحاصيل.

يعيش حوالي ألف إفريقي في هذه الأحياء الفقيرة بمنطقة بوليا الواقعة جنوب شرق ايطاليا، ويتزايد عددهم في الصيف، فرياح البحر المتوسط تدفع المزيد من الناس للمغامرة بحياتهم والقيام بهذه الرحلة الخطيرة. ويطلق اسم "غيتو" على هذه الأحياء التي تنتشر فيها الأكواخ غير القانونية والقمامة، وهي غير مزودة بالماء والكهرباء ودورات المياه.

يتوجب على سكان الغيتو التعاون من أجل البقاء على قيد الحياة، فبواسطة مولدات كهربائية يتم توليد الكهرباء. ومن يحترف الصناعة اليدوية يسعى للقيام بأعمال صيانة، كتصليح الدراجات مثلا. فهي وسيلة النقل الوحيدة لكثير من سكان الغيتو، إذ يستعير البعض الدراجة للذهاب إلى العمل في المزارع.

في المناطق المحيطة بمقاطعة فوجيا تنتشر المزارع التي يبحث فيها المهاجرين الأفارقة عن عمل. ويبعد الغيتو عن هذه المناطق حوالي 15 كلم. ومن الصعب إيجاد عمل في منطقة بوليا، فالصناعة قليلة في هذه المنطقة ويعتمد سكانها على الزراعة. وبسبب الأزمة الاقتصادية في أوروبا وصلت نسبة البطالة في هذه المنطقة إلى حوالي 15 بالمائة.

كسب المال هنا ليس سهلاً، لكن الشاب السنغالي ناغو حصل مؤخراً على عمل لمدة محددة. وبالرغم من أنها فرصة نادرة إلا أن صديقه إيبرا يرى أن عقود العمل المحددة أجورها منخفضة. إذ يبلغ أجر جني ثمار البندورة في الساعة الواحدة حوالي 3 يورهات ونصف، ويتوجب على ناغو دفع ما يعرف بـ"كابورالي" وهي مجموعة من المافيا الإفريقية الإيطالية.

لا تؤخذ المضايقات التي يتعرض لها سكان الأحياء الفقيرة من قبل مافيات "كابورالي" بعين الاعتبار، إذ تتحكم هذه المجموعات في سكان الأحياء الفقيرة بنظام خاص، فالدعارة وتجارة المخدرات منتشرة يوميا. والحكومة لديها مشاكل أخرى، ولا وقت لديها للسماع إلى السلطات الايطالية في الجنوب.

كثير من الايطاليين يعيشون بالقرب من هذه الأحياء الفقيرة، وتعرفوا عليها عبر التلفاز، إذ لا يكاد أن يجرؤ شخص على الذهاب طوعا إلى هذه الأحياء الفقيرة حسبما يؤكد المبشر الكاثولكي أرشانجيلو ماريا، الذي يسعى لتحسين الظروف المعيشية في الغيتو. بمساعدة بعض المتطوعين يقوم بتنظيم دورات لغوية لأولئك المهاجرين، ومعظمهم لا يملك أوراق تثبت شخصيتهم ويعيشون حياة صعبة.

في "قرية الفن" التي تقع على بعد ساعة واحدة من الأحياء الفقيرة يتعلم المهاجرون الأفارقة فن بناء المنازل، التي سينتقلون للعيش فيها خارج الأحياء الفقيرة مستقبلا. وتشارك السلطات المحلية في تمويل هذا المشروع.

مابي ندياي مهاجر غير شرعي وتعرض للضرب أثناء عمله كبائع متجول، ليحصل بعد ذلك على مساعدة من القائمين على "قرية الفن"، إذ مُنح تصريح الإقامة. وهو يشغل منصب رئيس منظمة اللاجئين السنغاليين. ويطالب بحصول جميع المهاجرين الأفارقة على وثائق تساعدهم على العيش في إيطاليا بشكل مستقل.

العيش بكرامة هو ما يأمله مامادو لامين غاي من خلال عمله هنا، إذ لم يعد مجبرا على العيش في الغيتو وهو سعيد بذلك. يتذكر مامادو لحظات وصوله إلى هناك والأكواخ المصنوعة من الورق المقوى والبلاستيك. ويصف خيبة الأمل التي أصيب بها بقوله "هذه ليست أوروبا التي طالما حلمت بالوصول إليها".

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل