المحتوى الرئيسى

«محمد رجب».. صعيدى جدع وأخ لأربعة أطفال يعولهم ويعمل بالفلاحة «وجندى مقاتل»

02/15 10:38

الإعدادية العامة.. تجنيد 19 أبريل 1973

لا يكاد «سيد» يفرغ من سرد قصة أحد زملائه المقاتلين على الجبهة، حتى يشرع فى تسجيل قصة غيره، وفى الثالث عشر من سبتمبر عام 1973، بدأ فى سرد قصة «محمد رجب».. مقاتل صعيدى يعمل بالفلاحة، يصفه «سيد» بأنه «جندى مقاتل». يقول «سيد»: «شمس نصف النهار فى يوليو ملهبة، وتعمى عينىّ، وكنت أحاول تضييق عينى لأتمكن من الرؤية دون النظارة الطبية، حينما خرجت أنا وصلاح وعلى لاستقبال الجنديين الجديدين للساحة، ولمحت على الطريق مقبلاً فى اتجاه الموقع كتلتين ملتحمتين معاً، يلقى أحدهما بثقله على الآخر، وتسير الكتلتان على ساقين واهنتين منهكتين، ثم سرعان ما وضحت لى الرؤية، بالاقتراب، أن أحدهما وهو الأصغر والأقل حجماً، محمد رجب، وأن الساقين الضعيفتين له، وأن الكتلة الأخرى الأضخم منه وملتحمة على ظهره هى مخلته».

ويضيف: «الفتى بنى البشرة، قصير القامة ضئيل الحجم، عيناه سوداوان، مسحة من الطفولة على وجهه رغم الشعيرات الخضراء التى نمت على استحياء فوق شفتيه، رغم العشرين عاماً، فإن الإنسان لا يمكن أن يعطيه عمراً أكثر من خمسة عشر عاماً.. سرعان ما تضحك عيناه، وتهتز عضلات وجهه فى ضحكة طفل كاملة، لسماع أى نكتة أو قفشة. ولكنه من ذلك النوع الذكى الذى يعانى من الشعور الحاد بالانسحاق التام والتفاهة».

ويقول «سيد»: «قال لى مرة، وهو يفرك يديه فى قلق، ووجهه فى الأرض، بينما قصر قامته الشديد، قدماه ترتفعان على الأرض وهو جالس على السرير وتهتزان فى حركة بندولية «أنا خايب.. لى عقل مش بأميز بيه.. اعتراف رهيب لفتى فى مقتبل عمره.. وإحساسه أن كل الناس أحسن منه وأفضل.. فالفتى المقبل من إحدى قرى الصعيد هو الأخ الأكبر لأربعة أطفال كان عليه مسئولية إعالتهم مع والده الفلاح فى الحقول، لذلك ذاق مرارة الأيام وشقاءها، ومارس جميع الحرف البدوية فى قراهم من أجل لقمة العيش، ولنفس السبب أيضاً خرج من المدرسة».

حاصل على الإعدادية العامة وخطب ابنة عمه البالغة 4 سنوات: «علشان أربيها على إيدى»

كان أول ما طرحه «سيد» من أسئلة على زميله الجديد «محمد»، هو: «كنت بتشتغل فى الملكية؟ قالى أيوه اشتغلت كل حاجة، فرد محمد السيد ساخراً ودون قصد: (يعنى اشتغلت شيال)، وفاجأنا الرد: أيوه.. ونظر إلى الأرض وفرك كفيه فى عصبية، وامتلأت عيناه بالدموع: أنا عايز أموت.. أصلى خايب ومش نافع وكل الناس أحسن منى».

«أنا مزاجى فى راديو ترانزستور وساعة وجلابية، أصل أنا معنديش حاجة أخرج بها لما أروح فى إجازة.. عايز أشترى فانلة، ولباسين، وجزمة.. أحسن حاجة الواحد شافها فى الجيش، البلوبيف ده، قبل ما أدخل الجيش كنت بسمع عنه، لكن دلوقت أول مرة كلته هنا، لما يبقى معايا فلوس أول حاجة أشترى علبة بلوبيف، وآكلها حاف، وكمان علبة مربى».. هكذا يقول «محمد رجب»، بحسب ما سجلت كلمات «سيد».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل