المحتوى الرئيسى

حكاية مسعف ينقذ المدنيين من الغارات بدمشق.. ويعجز عن حماية عائلته

02/14 13:11

لم يتخيل سمير سليم المتطوع مع ثلاثة من أشقائه في صفوف "الخوذ البيضاء" أنه قد يجد نفسه يومًا عاجزًا عن سحب والدته من تحت الركام، بعدما أمضى السنوات الأخيرة يطارد الغارات لإنقاذ مدنيي الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق.

وقال سليم، 45 عامًا، لوكالة فرانس برس بينما تغرورق عيناه بالدموع: "كان الموقف صعبًا جدًا بالنسبة لي، ومن المؤلم أن يكون لأم أربعة أبناء متطوعين في الدفاع المدني ولا يتمكنون من إنقاذها".

ويضيف الشاب "كانت أمي فخورة جدًا بنا وبعملنا".

منذ عام 2013، تشابهت يوميات سليم على غرار كافة المتطوعين في "الخوذ البيضاء"، الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، يلاحقون الغارات التي لا ترحم سكان الغوطة الشرقية، ويبذلون قصارى جهدهم لإنقاذ الجرحى وسحب الجثث من تحت الركام.

لكن الخميس الماضي تغير كل شئ، حين وجد نفسه عاجزًا عن إنقاذ والدته إثر غارة لقوات النظام استهدفت منزل العائلة في مدينة مديرا.

وفي مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر الإنترنت، تظهر والدة سليم مرتدية حجابًا أسود اللون ومعطفًا رماديًا وهي تحني جسدها كما لو أنها تغفو متكئة على كنبة، فيما سقط الجدار بأكمله على ظهرها ورأسها، وتغطي الدماء إحدى يديها.

ويسمع في الخلفية بكاء سليم وهو يناشد أحد زملائه إحضار معدات لسحب والدته قبل أن يقول: "أنقذ الناس يا أمي ولا أتمكن من انقاذك، ماذا أفعل يا أمي؟ حسبي الله ونعم الوكيل".

وشهدت الغوطة الشرقية منذ مطلع الأسبوع خمسة أيام من القصف الجوي الكثيف من قوات النظام، تسبب بمقتل 250 مدنيًا وإصابة أكثر من 775 آخرين بجروح، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل أن تتراجع وتيرة القصف في الأيام اللاحقة.

يتذكر سليم بحزن شديد ما حدث أثناء تجوله فوق ركام المنزل المدمر "توجهنا يومها إلى بلدة مسرابا بعدما استهدفتها غارة، وعند دوي غارة ثانية شعرت بأمر غير طبيعي في جسمي وكأن قلبي يقول لي حدث مكروه في منزلك".

وتابع: "انقسمنا فريقين ولحقت الضربة الثانية، وصلت أمام منزلي، كان الغبار يملأ المكان، وقفت دقيقة في مكاني لأفهم ما الذي حصل وأدرك بعدها أن الضربة على منزلي، لم أتوقع أن أجد أحدًا على قيد الحياة".

بعد مباشرته العمل، تمكن سليم من انقاذ ابن شقيقه سامر، 23 يومًا، ثم والده وزوجة أخيه حتى وصل إلى والدته التي كانت عالقة تحت الأنقاض.

ويروي بحزن شديد "طلبت مؤازرة رفاقي لكنهم تأخروا قليلاً، وأعذرهم جراء حملة القصف الهستيرية حينها على المنطقة".

ورغم أنه خاض تجربة مشابهة حين أنقذ والده قبل عامين من قصف مماثل، لكنه قال "لم أرتبك كما في هذه المرة، ربما السبب حنان الأم".

وإذا كان سليم عجز عن انقاذ والدته، إلا أن الحظ كان حليف المتطوع في الدفاع المدني سعيد المصري الذي تمكن من انقاذ طفله الرضيع يحيى بعدما دمر القصف منزله في مدينة سقبا.

ويروي لفرانس برس بينما يلاعب صغيره الذي رُزق به بعد أربع سنوات من الزواج تفاصيل ذلك اليوم "كما جرت العادة توجهنا إلى مكان الضربة.. رأيت البيوت وقد سويت بالأرض، ابن عمي استشهد وبيتي مضروب، انتابني شعور بأن ابني قد مات أو زوجتي".

لكن سماع صوت زوجته وهي تصرخ أفاقه من صدمته، ويتابع "كانت تصرخ بأن يحيى قد أصيب، عندما وجدته حملته وركضت به إلى المشفى، كان مصابًا في رأسه ووجهه".

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء، صورة تظهر المصري بزيه الكحلي والأصفر يركض وسط مكان يحجب الغبار الرؤية فيه، ويضم رضيعه الذي تسيل الدماء من رأسه إلى صدره وهو يبكي.

وكررت الأمم المتحدة في الأسبوع الأخير دعوتها إلى هدنة إنسانية تشمل الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013، تمهيدًا لادخال المساعدات وإخلاء الجرحى والحالات الطبية الحرجة.

داخل مشفى في بلدة جسرين، يتمدد الممرض مالك أبو جابر، 20 عامًا، على أحد الأسرة بينما يعمل زميله على تغيير ضماد موضوع على بطنه، وقربه عدد من الأطفال المصابين.

ويتذكر أبو جابر لحظة إصابته بعد دقائق من مغادرته المستشفى قبل أكثر من أسبوع "كنت بصدد التوجه إلى منزلي لأخذ قسط من الراحة وكان القصف قائمًا".

ويضيف "وجدت نفسي فجأة تعرضت لشئ ساخن رماني إلى الخلف، لم أعرف ماذا أصابني قبل أن أجد الدماء تسيل من بطني وتملأ الأرض".

بعد نقله إلى المستشفى، وجد أبو جابر نفسه مكان من اعتاد على علاجهم، هو الذي كان يخبر أحد زملائه قبل ساعات أن عمليات البطن هي أكثر ما يخشاه لصعوبتها وتداعياتها.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل