المحتوى الرئيسى

«صدى البلد» يكشف.. 710 آلاف مطلقة و9 ملايين طفل مهددون بالطرد من السكن.. البرلمان يعكف على النظر لمقترحات تعديل قانون الأحوال الشخصية.. الاعتراضات نسائية وذكورية أحيانا بسبب «تحقق مصلحة الطرف الآخر»

02/14 10:44

200 ألف حالة طلاق و900 لـ1500 دعوى قضائية يوميا ً

سيدات طردهن من منازلهن بعد انتهاء مدة الحضانة.. وأخريات حرمن من النفقة

مطالب بتقسيم الثروة بعد الزواج، بنسب حسب عدد السنوات

أضرار نفسية واجتماعية للأبناء.. والشرع يبيح تقسيم الميراث بعد الطلاق

القومي للمرأة يطالب بتعديل القانون.. والبرلمان يواجه اعتراضات نسائية وذكورية

تعيش "م.ك" في حالة خوف دائم من طردها من مسكنها، فرغم كونها أم حاضنة لثلاث أطفال، بعد طلاقها منذ 10 أعوام، إلا أنها وبعد إتمام أصغر أبنائها لسن الخامسة عشر، أصبحت مهددة بالعيش بلا سكن.

تحكي، ربة المنزل، أنها عانت من زواج سئ على مدار 9 أعوام، أضطرت عقبها لإتخاذ قرار الطلاق، ونُقلت لها حضانة الأطفال، وحكم لها بالنفقة الشهرية والولاية التعليمية وصدر قرار تمكين لمسكن الزوجية لها لكونها أم حاضنة، ورغم رفض الأبناء العيش مع والدهم بعد إنتهاء مدة حضانة الأم، وكونه متزوج من أخرى ولديه طفلان، إلا أنه طبقا لقانون الأحوال الشخصية، يحق له استرداد مسكن الزوجية بعد انتهاء حضانة الأم.

طبقا لما ورد بقانون محاكم الأسرة رقم 10 لسنة 2004، والمعنى بإلزام الزوج بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنته، ولو كان لهم مال حاضر يكفي سكناهم، أو كانت حاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرا كان أم غير مؤجر، وتقييد حق المطلق إذا كان مسكن الزوجية مؤجرا بأن يكون إعداده مسكنا مناسبا لصغاره من مطلقته وحاضنته، خلال فترة زمنية لا يتعداها، وتنص المادة 18 مكرر: "على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره ومطلقته ولحضانتهم المسكن المستقل المناسب فإذا لم يفعل خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة، وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة".

وتنص أيضا المادة على: "ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشرة، ويخير القاضى الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذه السن فى البقاء فى يد الحاضنة دون أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة".

وهو ما يعني طرد الحاضنات من مسكن الزوجية، بعد بلوغ ذويهم سن 15، حتى لو اختاروا البقاء مع والدتهم، فأنهم بلا مسكن أو أجر حضانة.

وطبقا للقانون يحق للزوج إستيراد مسكن الزوجية، أو الامتناع عن نفقة السكن إيجار مسكن للأبناء، في الحالات التالية؛ بلوغ الصغير أقصى سن الحضانة ١٥ سنة للولد، أو سقوط حق الحاضنة في الحضانة لأي من أسباب إسقاط الحضانة شرعًا أو قانونًا دون وجود حاضنة أخرى، وأيضا اختيار الحاضنة للبدل النقدي (أجر المسكن) بديلا عن استمرار الإقامة بمسكن الزوجية سواء قبل الطلاق أو بعده، أو قيام المطلق بتهيئة مسكن بديل مناسب للحاضنة، وكذلك ثبوت وجود أموال خاصة مملوكة للمحضون تمكنه من استئجار أو تملك مسكن مستقل، أو ثبوت وجود مسكن للحاضنة تقيم فيه مؤجرًا أو غير مؤجر ويمكنها حضانة أولادها فيه.

"م. ك" ليست وحدها من يعاني من مشاكل السكن للحاضنة، وفقًا لتعداد وبيانات 2017 للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد المطلقين فى مصر بلغ 710 آلاف و850 نسمة، وتزيد الإناث المطلقات بنسبة 64.9% عن الذكور بنسبة 35.1%، وبلغت حالات الطلاق فى الحضر 60.7%، وفى الريف 39.3%، ويوجد 200 ألف حالة طلاق تقع سنويًا وتكثر فى الفئة العمرية بين 25 و 30 عامًا، وعدد الدعاوى المنظورة أمام محاكم الأسرة من 900 إلى 1500 دعوى قضائية يوميًا، ومن ضمنها دعاوي تمكين الحاضنة من السكن.

وتسرد" و. م" معاناتها بعد إنتهاء مدة الحضانة أبنائها الأربعة قائلة "على مدار 15 عاما، توليت تربية أبنائي بمفردي ومنهم من أصبح طبيبا، وآخر ضابطا، ومهندسة وأخرى طبية، وجميعهم تزوجوا الآن، وكان أكثر المراحل الصعبة التي مررت بها، عندما انتهت حضانة أصغر طفلة لدي، فقام طليقي برفع دعوى قضائية لإستيراد السكن، رغم علمه أنه ليس لدي مكان آخر للعيش فيه أنا وابنائي، بعدما رفضوا الانتقال لحضانته، وما كان من المحكمة إلا أن حكمت له بالتمكين وخيرت الأبناء للانتقال له والعيش معه، خصوصا بعدما أصبحت بلا سكن، ورفض أبنائي وقام والدهم ببيع الشقة وطردنا من المسكن".

وتتابع "قمت باستئجار سكن آخر وقامي أبنائي، بعدما التحقوا بوظائفهم، بتسديد قيمتها الايجارية شهريًا، ولكن عانوا من ترك مسكنهم، الذي عاشوا فيه طيلة عمرهم، ولهم صداقات وجيرات، ولي أيضا ً، وكان علي مقربة من أعمالهم، وزاد من المعاناة انتقالنا السكن بمكان أقل إجتماعيا من سكنهم".

"الآن قام أبنائي بشراء سكن لي، وأصبح قبلتهم لزيارتي كل أسبوع، ولكن كيف يمكن للقانون أن يهين الزوجة ويهدد مصلحة الأبناء، لمجرد إنتهاء سن الحضانة، ألا يحق لها المسكن طيلة العمر، فيكفي أنها تحملت مسؤولية تربية الأطفال بمفردها، وعانت من تعنت ويطش الزوج، فهل يكون جرائها الطرد بلا سكن، وهي في نهاية عمرها، وما هو حال من لا تملك مال لشراء مسكن جديد ولا يوجد لديها عائل، وتركها زوجها في نهاية العمر وتزوج بأخري"..تتسائل "و.م"، منتقدا ً قانون الاحوال الشخصية وإتاحته للزوج إستيراد المسكن بعد إنتهاء حضانة الاطفال.

بعد 35 سنة "بلا سكن"

حالة الحاجة "ر.م" تختلف عن الحالات السابقة، فقد عاشت مع زوجها علي مدار 35 عامًا، وبعد إتمام زيجات ثلاثة من الأبناء، منهم من يعمل بالخارج، ومنهم من يعيش بمحافظات أخرى، قام زوجها بتطليقها، وتركها بالشارع " فجأة لقيت نفسي في العمر دا وأنا عديت الـ 60 سنة، في الشارع، بلا مال او سكن، لأن جوزي أتجوز أرملة شابة كانت جارة لنا، وبعد عشرة العمر رماني، ولم يلتفت لمرضى وسني، واضطريت أعيش مع أختي وولادها، وطبعا الوضع كان صعب لأن ظروفهم علي قدهم، ولكن فوجئت أن لا يحق لي طلب سكن لأني غير حاضنة، والنفقة أتحكم لي 500 جنيه، متكفيش حتى أجرة شقة، ولولا قيام ابني بمساعدتي علي شراء شقة بجواره، كنت فضلت من بيت لبيت".

ما رصده "صدي البلد" عبر الحالات السابقة ومعاناتها، يؤكد المحامي بالأحوال الشخصية محمد حسن، قائلا: "ما يحدث تجاه الزوجة بعد تطليقها يعد جريمة، بداية من تأخر نفقة السكن، أو إستمرارها الحياة مع الزوج داخل مسكن الزوجية، رغم رفع دعوى طلاق، ولا يتم الحكم لها إلا بعد إصدار قرار الطلاق، وهو ما يضطرها للاقامة ربما سنوات بنفس السكن مع الزوج، وصولا تمكين الزوج من السكن بعد انتهاء مدة حضانة الزوجة، وأنه لا سكن المطلقة غير حاضنة لطفل، حتى لو كانت بنهاية العمر ولا تملك عائل مادي".

"بالإضافة لحيل المطلق ومحاولة إثبات عدم أحقية المطلقة، كأن يقوم بالتنازل عن عقد الإيجار أو يؤجر المسكن للغير، وربما يتم تنفيذ قرار التمكين بالقوة الجبرية، وقد تواجه اعتداءات بعد تنفيذ التمكين بالإساءة بالقول أو الفعل أو بعض الممارسات".. يقول المحامي.

ولهذا لابد من تعديل القانون ووضع بنود جديدة خاصة بسكن المطلقة، وأهمية إثبات مسكن الزوجية في وثيقة الزواج لضمان حق المرأة في وجود مسكن لها، وللأسف زيجات كثيرة تتم اليوم بدون شقة على أساس الإقامة مع أسرة الزوج أو الزوجة أو لظروف سفر الزوج للعمل بالخارج ووجود مسكن مؤقت بالغربة، وتجد الزوجة نفسها هي وأطفالها بدون سكن، وتضطر للانتظار سنوات لحين الحكم بنفقة سكن أو بالطلاق.. حسب قول محامي الأحوال الشخصية.

"لدي مئات الدعاوى القضائية لسيدات لا يستطيعن الحصول علي سكن إما لعدم حصولهن على حكم الطلاق، أو لتلاعب الزوج ببيع مسكن الزوجية، أو لكون المطلقة غير حاضنة، أو لإنتهاء مدة حضانة الأطفال، وكل تلك الأسر تتعرض لمشاكل إجتماعية ونفسية خطيرة، بعد سعي الأب لإخراجهم من مسكنهم المرتبطين به، دون مراعاة لمصلحة الأبناء، والضرر لانتقالهم لسكن آخر، وكثير من السيدات لا يملكن ثمن استئجار سكن آخر لاستكمال مهمتهم في تربية الأبناء، وتجد الأم تضطر للعمل والاستدانه، في مقابل تعنت الأب في الخصومة"، ينتقد القانون الحالي، وتهديده لمصلحة الأسرة المصرية.

معاناة آخري تسردها الحاجة "ر. م"، وهي أنه عقب قيام زوجها بتطليقها، بعد 35 عاما من الزواج، وجدت نفسها بلا سكن، وأيضا بلا عائل مادي، لأن القانون نص أن المرأة المطلقة طالما كونها غير حاضنة فحقها فقط "مؤخر الصداق المثبت فى عقد الزواج أو بشهادة الشهود، ولم يكن يتعدى مائة جنيه، ونفقة المتعة تقدر بنفقة 24 شهرًا من النفقة الشهرية، نفقة العدة تقدر بنفقة 3 شهور من النفقة الشهرية"، رغم أنني قمت بالعمل معه سنوات، وكل كل ممتلكات كانت بأسمه، ولم أكن أحمل أي قلق أو شك بأنه سوف يغدر بي بعد كل تلك السنوات.

"إزاي القانون حرمني حتى من نفقة لمجرد أن أبنائي كبروا، وأين هو مقابل كل تلك الأعوام، وأين أموالي التي ضمن ذمته المالية، خسرت بيتي ومالي وأصبحت بلا عائل مادي، وأعيش علي ما يقدمه أبنائي لي".. تحكي عن معاناة عدم وجود نفقة الأم غير الحاضنة.

ماعانته الحاجة "ر.م"، تعرضت له آلاف السيدات، ومنهم من وجدن السند في الأبناء، ومنهم من اضطر لطلب معاش من وزارة التضامن، وأخريات اضطررن الإقامة بدار مسنين، ولهذا طرحت العديد من القيادات النسائية مطلب تقسيم الثروة بين الزوجين في حالة الطلاق، كتعويض عن سنوات العمل غير المدفوع بالمنزل، ومساعدة الزوج في تكوين الثروة.

وهو ما أكدته نهاد أبو القمصان، مدير المركز المصري لحقوق المرأة، أن "قانون الأحوال الشخصية في حاجة إلى إعادة نظر سواء فيما يتعلق بطلاق الزوجة بعد انتهاء سن حضانة الأبناء أو عدم وجود أبناء، وفي حالة عدم امكانية إقامة المطلقة مع أسرتها وعدم وجود مصدر دخل لها، أو استرداد الزوج للسكن بعد إنتهاء مدة حضانة الأبناء، لتجد المطلقات اللواتي قضين سنوات في خدمة الأبناء والزوج، يصبحن بلا سكن، وتزيد المعاناة إذا كانت المطلقة بلا عمل".

وبالمثل أشارت انتصار السعيد، مدير مؤسسة القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، أنه لابد من تشريع يضمن حق الزوجة في ثروة زوجها عند الانفصال أو وفاة الزوج باعتبارها شريكة في الثروة التي كونها خلال فترة زواجهما، لأنها تساهم بدور كبير، وغالبا ًمع تضع أموالها تحت تصرف زوجها سواء مدخرات أو أرث عائلي لديها، وبالتالي لابد من تشريع يتيح لها تقاسم الزوج في الثروة لأنها صنعتها معه، بالإضافة لتعديل تشريعي السكن، وعدم استحقاق الزوج في استرداده بعد انتهاء مدة الحضانة للمطلقة"

أقر القانون الصادر عام 1998، بتونس، نظاما للاشتراك في الملكية، ويحمي حقوق الزوجة التي التحقت بسوق العمل، وشاركت الزوج في تحمل الأعباء المالية للأسرة، وأصبحت تساهم من مالها الخاص في شراء المسكن العائلي، وهو نظاما ماليا اختياريا يتفق عليه الزوجان عند إبرام عقد الزواج أو حتى بعده بمقتضى كتاب لاحق مستقل عنه.

وبالمغرب، شرح المشرع بالمادة 49 من مدونة الأسرة على أن "لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها".

"تقسيم الثروة التي تكونت خلال فترة الزواج، يعتبر تمكين المرأة ، وحماية لغير الحاضنة، والمطلقات في مصر يعانون في قضايا النفقة والسكن والولاية وغيرها، وأصبح تعديل القانون مطلب أسري، لحماية الأسرة المصرية والأبناء بشكل خاص"، وفق قول أنتصار السعيد، الناشطة الحقوقية.

وتطالب دكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة الإسلامية، بتعديل قانون حماية الاسرة والأبناء، موضحة أن "تقسيم الثروة، بشرط وضع ضوابط قانونية، جائز شرعًا، خصوصا أذا مر سنوات من الزواج، ومن الممكن أن يتم وضع شرائح بنسب التقسيم حسب عدد سنوات الزواج، بأن تحصل المرأة على 10% إذا قضت 10 سنين، لأن المرأة تؤجر علي عملها بالمنزل، حتى لو لم تشارك ماليا بمدخرات أو املاك في تلك الثروة، وذلك حفاظا علي حق المرأة والابناء".

وطالب مكتب الشكاوى التابع للمجلس القومي للمرأة، بتأمين المطلقات اللواتي يجدن أنفسهن فجأة بلا مأوى، بعد تزايد شكاوى طرد غير الحاضنات من مسكن الزوجية لدى المكتب، مشددا على ضرورة أعادة النظر في نصوص قانون الأحوال الشخصية المنظمة لتمكين المطلقة من المسكن.

واقترح القائمين علي المكتب، أن يكون حق المرأة المطلقة غير الحاضنة في مسكن مشروطًا بأن يقع طلاقها رغما عنها، بالإضافة إلى ثبوت عدم قدرتها المالية على شراء أو تأجير مسكن أو عدم وجود مكان بديل كشقة أسرتها، مع ضرورة تعويض المطلقة غير الحاضنة بما يكفل لها إيجاد مأوى مستقل مناسب، يشارك الرجل في تدبيره بشكل مباشر أو بإنشاء صندوق تأميني لهذا الهدف.

وطالب أيضا "اتحاد نساء مصر" أن تكون الشقة من حق الزوجة، حتى بعد انتهاء فترة الحضانة وذلك لتحقيق مزيد من العدالة بين أفراد الأسرة، وهو ما أكدته الدكتورة هدى بدران، أمين عام اتحاد نساء مصر، بإنه لا بد من اتخاذ مجموعة من الخطوات الفعلية، منها عقد لقاءات دورية من أجل مناقشة قوانين الأحوال الشخصية، تناولت اقتراح الشقة من حق الزوجة.

وتلقي الاتحاد، العديد من الشكاوي من السيدات تعرضن للطرد من شقة الزوجية بعد انتهاء فترة الحضانة وفي سن يتراوح ما بين 50 إلي 60 سنة، وإقتراحات بتقسيم الثروة بين الزوجين لتحقيق العدالة، مع ضرورة عرض ذلك علي مجلس النواب القادم، وإقراره لأنه سيوفر للأم الحاضنة الحماية الكاملة، وخلق حوارًا مجتمعيا

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل