المحتوى الرئيسى

«الوفد» تنشر بحث المستشار محمد خفاجى عن المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية

02/11 20:26

الدراسة عرض وتلخيص: سامية فاروق

تمثل المشاركة الشعبية حجر الزاوية فى البناء الديمقراطى الذى يأمله شعب مصر بحضارته وموروث ثقافته الاجتماعية والسياسيَّة، وتعبير شعبها فى الانتخابات الرئاسية الوسيلة الأهم الكاشفة عن إرادة الشعب فى اختيار من يمثله، وهو ما يقتضى منا بيان مفاهيم تنويرية عن المشاركة الشعبية، وهذه ليست وصايا للناخب، لكنها فكر وبحث عن أسباب امتناع الناخبين عن استخدام حقهم أمام صناديق الاقتراع.

والوفد تعرض الجزء الأول من أحدث بحث علمى للفقيه المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة عن «المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية المدخل لتحقيق التنمية والاستقرار الاَمن للوطن.. دراسة تحليلية فى الفكر الدستورى والسياسى فى ظل الأنظمة الديمقراطية والمتولدة عقب الثورات الحاضنة لتحديث الدولة». والذى نشره ووثقه موقع نادى قضاة مجلس الدولة على صفحته الرئيسية من هذا البحث المتفرد على النحو التالى:

أولًا: الإقدام يحقق الاستقرار، والإحجام يجلب الفوضى، ومصر قادرة بأبنائها على عبور الطريق الصعب واجتياز المنحنى الخطر:

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى، فى بحثه، يطلق على الأشخاص الذين لهم حق الانتخاب فى الدولة اسم هيئة الناخبين Le Corps électoraf وهى الأساس الشرعى الذى تتفرع منه العناصر والسلطات الدستورية وهى كذلك الدعامة التى يقوم عليها النظام الدستورى فى البلاد التى يسودها النظام الانتخابى، وتقوم هيئة الناخبين على أساس مبدأ فردية الانتخاب، وهو من المبادئ التى تمخضت عنها الثورة الفرنسية فأعلى المواطنين مقاماً له صوت واحد يعادل فى القوة صوت أقل الناخبين مركزاً، وحق الانتخاب أو بعبارة أدق حق التصويت الانتخابى droit de suffrage politique ليس حقاً ذاتياً droit individuel ليس مجرد صفة ضرورية للشخصية الاَدمية، بل يعتبر وظيفة أنشأها الدستور ورتبها القانون يستعملها الشخص للدفاع عن حقوقه فى حدود صالح الشعب، وهى محاطة بسياج من الضمانات لتحقيق المصالح المشتركة.

ويضيف الفقيه الدكتور محمد خفاجى، أن حق الانتخاب حق دستورى لضمان أن تكون الإرادة الشعبية معبرة تعبيراً صادقاً عن إسهامها فى الحياة العامة، ولم يقف الدستور عند مجرد النص على حق كل مواطن فى مباشرته تلك الحقوق السياسية، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر المجالات أهميةً لاتصالها بالسيادة الشعبية التى تعتبر قواماً لكل تنظيم يرتكز على إرادة المواطنين.

ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أن مشاركة المواطنين فى الانتخابات واجب، فالالتفاف الوطنى والإرادة الشعبية السبيل الوحيد لمواجهة الإرهاب وقوى الشر التى تريد الخراب لمصر الكنانة، ويتمثل جوهر حق المواطنين فى المفاضلة بين بدائل متعددة بين الإقدام على المشاركة، وتحقيق الاستقرار الاَمن أو الإحجام عن المشاركة وإعطاء فرصة لإحلال الفوضى محل القانون، وهذه البدائل تتزاحم فيما بينها وفق تقديره لدفعه فى أداء هذا الواجب وممارسة هذا الحق، فلا يختار الشعب من بينها إلا ما يكون منها عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التى يتوخاها، أو ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة لوطنه وأمن بلاده، وذلك من منطلق أن الحيدة والنزاهة وفقاً للأصل العام صفة يتمتع بها كل مواطن ما لم يثبت العكس, فنحن أمام واجبين دستوريين، أولهما مشاركة المواطن فى الحياة العامة، وثانيهما الحفاظ على الأمن القومى. ومصر قادرة بأبنائها على عبور الطريق الصعب واجتياز المنحنى الخطر.

ثانياً: ضمير الناخب المصرى الحامى للوطن أقوى من عقاب المشرع على عدم الإدلاء بالصوت الانتخابى:

يقول الفقيه الدكتور محمد خفاجى، فى بحثه، إن حق الإدلاء بالصوت الانتخابى مر تاريخياً بين مرحلتى الانتخاب الاختيارى والانتخاب الإجبارى، حتى فى أعتى الأنظمة الديمقراطية الغربية، ففى بداية تلك الأنظمة كان التصويت اختيارياً للمواطنين، ونجم عن ذلك أن المشاركة الشعبية كانت ضئيلة للغاية للدرجة التى خيف معها أن المجالس النيابية المنتخبة غير ممثلة للبلاد تمثيلاً صحيحاً، ففى فرنسا يقول الفقيه بارتلمى، بلغت نسبة المتخلفين عام 1919 حوالى 25% وفى إنجلترا بلغت نسبة 50.8% عام 1918، وفى مصر عام 1926 بلغت نسبة المتخلفين 36%، بينما ارتفعت النسبة بعد عشر سنوات فى عام 1936، وبلغت 41%, وهذه الحقيقة المؤلمة دفعت كثيراً من المشرعين فى العالم إلى تقرير مبدأ التصويت الإجبارى، ومنها التشريع المصرى وبموجب المادة 57 من القانون رقم 45 لسنة 2014 بإصدار قانون بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته فى الانتخاب أو الاستفتاء.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى، أن الأساس الفلسفى للتصويت الإجبارى يكمن فى أن النفع الذى يعود على المواطن ليس مجرد نفع شخصى فحسب، وإنما تحقيقاً لصالح اجتماعى عام أيضاً هو المساهمة فى الشأن العام ببلاده، وهذان الوجهان متلازمان يقترن كلاهما بالآخر، إن لجوء معظم مشرعى دول العالم، ومنها مصر إلى فرض غرامة على المواطن المتخلف عن أداء صوته الانتخابى يعتبر طريقة صالحة للتربية الوطنية، ومع ذلك نرى أن صحوة الإنسان المصرى فى المساهمة فى الشأن العام بعد ثورتين متتاليتين فى زمن وجيز أبهرت بها العالم أمام صناديق الانتخاب لهو الاَن أكثر وعياً بالمخاطر التى تحاك للوطن، فسلطة ضمير الناخب المصرى أقوى من عقاب المشرع على عدم الإدلاء بالصوت، أى أن الصوت الانتخابى ينبع من ضمير الناخب حتى ولو فرض عليه القانون عقوبة. بمعنى أنه إذا كان الأصل فى حق المواطن فى المشاركة الشعبية للتصويت حقاً تقديرياً مطلقاً، لا يقيده إلا ضميره اليقظ الحامى للوطن حتى ولو فرض القانون عقوبة مالية لمن يتخلف عن أدائه.

ثالثاً: المشاركة الشعبية فى التصويت الرئاسى ضرورة لحماية كبرياء الوطن:

يقول الفقيه الدكتور محمد خفاجى، إن خلق ثقافة التنمية السياسية كثقافة مجتمعية مؤثرة ومهمة فى تحريك اهتمامات ودوافع مختلف قوى المجتمع لمشاركة فاعلة وواسعة فى الانتخابات الرئاسية هو واجب الجميع، فالشراكة بين الدولة والمواطنين هى شراكة تبادلية فى تعزيز النهج الديمقراطى، وهو ما يرتبط بشكل وثيق بالمسار التنموى المستديم. ولا ريب فى أن المشاركة الشعبية فى الانتخابات ووفق منظور تلك الشراكة هى الطريق الأمثل والاَمن لرؤية تدرج عناصر التنمية الشاملة وحماية الإنجازات المتحققة، والسعى لتحقيق الطموحات التى يصبو إليها كل مواطن على الرغم اختلاف الرؤى السياسية والبرامج، وتباين طريقة منهج التفكير بين كل قوى المجتمع.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى، فى بحثه، أن المشاركة الشعبية من خلال إبداء الصوت الانتخابى هى فى جوهرها وفحواها من أصول

رابعاً: أيهما أفضل للصوت الانتخابى الانتماء لفانلة الأندية أم الانتماء لتراب الوطن؟ والشحن الجماهيرى للنشاط الكروى على حساب الانتماء العام خطأ استراتيجى للأنظمة السابقة:

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى، فى بحثه القيم، إنه من الملاحظ أن إقبال المواطنين على انتخابات الأندية الرياضية والنقابات المختلفة يفوق أضعاف إقبال المواطنين على الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية، ويثور التساؤل عن أسباب الهوة العميقة بصدد السلوك الانتخابى بين الانتخابات الفئوية المقصورة على المنتمين للأندية والنقابات والتى تصل فيها نسبة المشاركة إلى أعلى درجاتها وانتخابات الشأن العام التى تقل فيها المشاركة إلى أدنى الدرجات؟

ويضيف الفقيه الدكتور محمد خفاجى، أن الواقع كشف عن أن الانتماء لروح الفانلة بألوانها المتعددة أصبح مقدماً على الانتماء لتراب الوطن، والسبب فى ذلك أن أجهزة الدولة المختصة على مدار عدة عقود حصرت الاهتمام الجماهيرى للشباب فى الألعاب الرياضية بما يتضمنه من الشحن الجماهيرى لمعنى الانتماء لفانلة النادى دون أن يواكبه أو يوازيه اهتمام مثيل أو حتى قريباً بروح الأوطان، وهذا خطأ استراتيجى قديم بأن جعلت الكرة وحدها موضع الاهتمام الأوحد الشباب دون الشأن العام شارك فيه الرؤساء السابقون، فضلاً عن إنشاء ما يسمى «أندية شبابية قومية» ذات التوجه الواحد، منها تجربة حورس التى فشلت وغيرها من التجارب الهزيلة التى خسرت من رصيد الشباب وأفقدته الصلة بالولاء العام، فالشحن الجماهيرى للنشاط الكروى على حساب الانتماء العام خطأ استراتيجى للأنظمة السابقة.

ويوضح الدكتور محمد خفاجى، أنه كان من اهتمام الدولة بالرياضة والرياضيين على حساب الشأن العام ودون أن يوازيه أو يتقارب منه، فضل كبير على الرياضيين أنفسهم وعليهم أن يسددوا الدين للدولة التى أولت الرياضة فى عنقها، بعد أن حشدت كل إمكانياتها لصالح الرياضة التى شقت طريقها فى الازدهار بديلاً لسنوات الانحسار والانكسار.

خامساً: حزب الكنبة تعبير سيئ السمعة:

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى، فى بحثه، إنه من المعلوم أن حق الانتخاب من أهم صور المشاركة السياسية، وقد كفله الدستور للمواطنين كحق من الحقوق العامة اقترن فى اليقين القانونى بالواجب العام، وهو ما يتوجب علينا لإعلاء مستوى الخطاب العام ليرتقى لمستوى الرأى العام ليكون وقوداً له ويحركه لتيسير سبل القيام به، وتمكين المواطنين مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية على القيام به، انطلاقاً من فكرة المواطنة والانتماء إلى الوطن وترابه المقدس عبر التاريخ المصرى.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى، أنه يجب أن نصحح المصطلحات غير المسئولة على جماهيرنا العريضة بمفردات أطلقها البعض فى الاَونة الأخيرة، وهى سيئة السمعة، مثل تعبير حزب الكنبة فهو تعبير سيئ السمعة؛ لأنه يحمل معنى السخرية والازدراء لقطاع عريض من جمهور الناخبين لا يعمل فى السياسة، وهم فى الأصل الأساس الذى ينبنى عليه الممارسة الحقيقية لحق الانتخاب، فهذا الاصطلاح من شأنه أن يفرق بين أبناء الأمة الواحدة، وفيه شبه قيد على حرية الرأى والتعبير، وهو غير جائز فى نطاق علم القانون الدستورى.

سادساً: صندوق الاقتراع هو الحارس الواقى للوطن من أى صراع:

يذكر الدكتور محمد خفاجى، أنه نظراً إلى ما تتعرض له البلاد من مخاطر الإرهاب، وما تشهده من أطماع بعض القوى الراغبة فى السيطرة على منطقة الشرق الأوسط من خلال السيطرة على الدولة الأم، فضلاً عن استخدام المارقين عن صفوف الوطنية أبواقاً للتلاعب بمشاعر بعض المواطنين لتعبئتهم ضد كيان الدولة، ما يقتضى من الجميع بذل غاية الجهد بغية دمج العناصر البشرية المكونة للشعب المصرى وانصهارهم فى بوتقة واحدة للمساهمة فى الحفاظ الأمن القومى الذى أضحى بموجب المادة 86 من الدستور السارى واجب دستورى.

ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أن التزام الكافة بمراعاة الأمن القومى مسئولية وطنية، ويتعاظم هذا الدور حينما يتعرض الوطن لمحن وشدائد لردع الطامعين فى ثرواتها أو الساعين إلى إذلالها أو الراغبين فى زعزعة الاستقرار فيها لأهداف لا تمت بصالح البلاد بصلة وانتزاعها من دورها القيادى الذى تميزت به، وهو فرض عين علينا جميعاً أن نتجه صوب إيجاد السبيل الواقى لحماية هذه الأمة ومكانتها بالفكر والحوار والبحث والجهد والعرق؛ لأن صندوق الاقتراع هو الحارس الواقى للوطن من أى صراع.

سابعاً: المشاركة الانتخابية توحد الفكر الجماعى لأبناء الأمة نحو وحدة الهدف والمصير المشترك:

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى، إن كل مواطن له نصيب فى الشأن السياسى، وأن يشارك المواطن سياسياً بمعنى أن يلعب دوراً فى الحياة السياسية؛ لأن المشاركة السياسية عمل إيجابى، وهى الأساس الذى تقوم عليه الديمقراطية، بل إن نمو وتطور الديمقراطية يتوقف على إتاحة فرص المشاركة السياسية وجعلها حقوقاً يتمتع بها كل إنسان فى المجتمع، وهذه المشاركة تنمى فى الأفراد الشعور بالمسئولية وروح المبادرة والاعتماد على الذات والولاء للمجتمع والرغبة فى تحويل الأهداف التى يريدون بلوغها إلى واقع ملموس.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل