المحتوى الرئيسى

المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية «1-6»

02/11 11:16

الإقدام يحقق الاستقرار والإحجام يجلب الفوضى ومصر قادرة بأبنائها بعبور الطريق الصعب واجتياز المنحنى الخطر

ضمير الناخب المصرى الحامى للوطن أقوى من عقوبة المشرع على عدم الإدلاء بالصوت الانتخابى

المشاركة الشعبية في التصويت الرئاسى ضرورة لحماية كبرياء الوطن

أيهما أفضل للصوت الانتخابى الانتماء لفانلة الأندية أم لتراب الوطن ؟

الشحن الجماهيرى للنشاط الكروى على حساب الانتماء العام خطأ استراتيجى للأنظمة السابقة

حزب الكنبة تعبير سئ السمعة

صندوق الاقتراع هو الحارس الواقى للوطن من أى صراع

إن المشاركة الشعبية تمثل حجر الزاوية في البناء الديمقراطى الذى يأمله شعب مصر بحضارته وموروث ثقافته الاجتماعية والسياسية وتعبير شعبها في الانتخابات الرئاسية الوسيلة الأهم الكاشفة عن إرادة الشعب في اختيار من يمثله، وهو ما يقتضى منا بيان مفاهيم تنويرية عن المشاركة الشعبية وهذه ليست وصايا للناخب لكنها فكر وبحث عن أسباب امتناع الناخبين في استخدام حقهم أمام صناديق الاقتراع.

وفى أحدث بحث علمى للمستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة عن" المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية المدخل لتحقيق التنمية والاستقرار الاَمن للوطن.دراسة تحليلية في الفكر الدستورى والسياسى في ظل الأنظمة الديمقراطية والمتولدة عقب الثورات الحاضنة لتحديث الدولة.

فإننا نعرض في الجزء الأول من هذا البحث على النحو التالى:

أولًا: الإقدام يحقق الاستقرار والإحجام يجلب الفوضى ومصر قادرة بأبنائها بعبور الطريق الصعب واجتياز المنحنى الخطر:

يقول المستشار الدكتور محمد خفاجى في بحثه يطلق على الأشخاص الذين لهم حق الانتخاب في الدولة اسم هيئة الناخبين Le Corps électoraf وهى الأساس الشرعى الذى تتفرع منه العناصر والسلطات الدستورية وهى كذلك الدعامة التى يقوم عليها النظام الدستورى فى البلاد التى يسودها النظام الانتخابى، وتقوم هيئة الناخبين على أساس مبدأ فردية الانتخاب وهو من المبادئ التى تمخضت عنها الثورة الفرنسية فأعلى المواطنين مقامًا له صوت واحد يعادل فى القوة صوت أقل الناخبين مركزًا، وحق الانتخاب أو بعبارة أدق حق التصويت الانتخابى droit de suffrage politique ليس حقًا ذاتيًا droit individuel ليس مجرد صفة ضرورية للشخصية الاَدمية بل يعتبر وظيفة أنشأها الدستور ورتبها القانون يستعملها الشخص للدفاع عن حقوقه في حدود صالح الشعب وهى محاطة بسياج من الضمانات لتحقيق المصالح المشتركة.

ويضيف الفقيه الدكتور محمد خفاجى أن حق الانتخاب حق دستورى لضمان أن تكون الإرادة الشعبية معبرة تعبيرًا صادقًا عن إسهامها في الحياة العامة ولم يقف الدستور عند مجرد النص على حق كل مواطن في مباشرته تلك الحقوق السياسية، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته في الحياة العامة واجبًا وطنيًا يتعين القيام به في أكثر المجالات أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية التي تعتبر قوامًا لكل تنظيم يرتكز على إرادة المواطنين.

ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أن مشاركة المواطنين في الانتخابات واجب فالالتفاف الوطنى والإرادة الشعبية السبيل الوحيد لمواجهة الإرهاب وقوى الشر التى تريد الخراب لمصر الكنانة، ويتمثل جوهر حق المواطنين في المفاضلة بين بدائل متعددة بين الإقدام على المشاركة وتحقيق الاستقرار الاَمن أو الإحجام عن المشاركة واعطاء فرصة لإحلال الفوضى محل القانون ،وهذه البدائل تتزاحم فيما بينها وفق تقديره لدفعه في أداء هذا الواجب وممارسة هذا الحق، فلا يختار الشعب من بينها إلا ما يكون منها عنده مناسبًا أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها، أو ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة لوطنه وأمن بلاده، وذلك من منطلق أن الحيدة والنزاهة وفقًا للأصل العام صفة يتمتع بها كل مواطن ما لم يثبت العكس، فنحن أمام واجبين دستوريين أولهما مشاركة المواطن في الحياة العامة وثانيهما الحفاظ على الأمن القومى. ومصر قادرة بأبنائها بعبور الطريق الصعب واجتياز المنحنى الخطر.

ثانيًا: ضمير الناخب المصرى الحامى للوطن أقوى من عقاب المشرع على عدم الإدلاء بالصوت الانتخابى:

يقول "خفاجى" في بحثه أن حق الإدلاء بالصوت الانتخابى مر تاريخيًا بين مرحلتى الانتخاب الإختيارى والانتخاب الإجبارى، حتى في أعتى الأنظمة الديمقراطية الغربية ففى بداية تلك الأنظمة كان التصويت اختياريًا للمواطنين ونجم عن ذلك أن المشاركة الشعبية كانت ضئيلة للغاية للدرجة التى خيف معها أن المجالس النيابية المنتخبة غير ممثلة للبلاد تمثيلًا صحيحًا، ففى فرنسا يقول الفقيه بارتلمى بلغت نسبة المتخلفين عام 1919 حوالى 25% وفى انجلترا بلغت نسبة 50.8% عام 1918 وفى مصر عام 1926بلغت نسبة المتخلفين 36%، بينما ارتفعت النسبة بعد عشر سنوات في عام 1936وبلغت 41%، وهذه الحقيقة المؤلمة دفعت كثير من المشرعين في العالم إلى تقرير مبدأ التصويت الإجبارى ومنها التشريع المصرى وبموجب المادة 57 من القانون رقم 45 لسنة 2014 بإصدار قانون بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدًا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء.

ويضيف نائب رئيس مجلس الدولة، أن الأساس الفلسفى للتصويت الإجبارى يكمن في أن النفع الذى يعود على المواطن ليس مجرد نفع شخصى فحسب وإنما تحقيقًا لصالح اجتماعى عام أيضًا هو المساهمة في الشأن العام ببلاده ،وهذان الوجهان متلازمان يقترن كلاهما بالأخر، إن لجوء معظم مشرعى دول العالم ومنها مصر إلى فرض غرامة على المواطن المتخلف عن أداء صوته الانتخابى يعتبر طريقة صالحة للتربية الوطنية، ومع ذلك نرى أن صحوة الإنسان المصرى في المساهمة في الشأن العام بعد ثورتين متتاليتين في زمن وجيز أبهر بها العالم أمام صناديق الانتخاب لهو الاَن أكثر وعيًا بالمخاطر التى تحاك للوطن، فسلطة ضمير الناخب المصرى أقوى من عقاب المشرع على عدم الإدلاء بالصوت، أى أن الصوت الانتخابى ينبع من ضمير الناخب حتى ولو فرض عليه القانون عقوبة. بمعنى أنه إذا كان الأصل في حق المواطن في المشاركة الشعبية للتصويت أنه حق تقديرى مطلق، لا يقيده إلا ضميره اليقظ الحامى للوطن حتى ولو فرض القانون عقوبة مالية لمن يتخلف عن أدائه.

ثالثًا: المشاركة الشعبية في التصويت الرئاسى ضرورة لحماية كبرياء الوطن:

يقول الفقيه الدكتور محمد خفاجى إن خلق ثقافة التنمية السياسية كثقافة مجتمعية مؤثرة ومهمة في تحريك اهتمامات ودوافع مختلف قوى المجتمع لمشاركة فاعلة وواسعة في الانتخابات الرئاسية هو واجب الجميع، فالشراكة بين الدولة والمواطنين هي شراكة تبادلية في تعزيز النهج الديمقراطي وهو ما يرتبط بشكل وثيق بالمسار التنموي المستديم.ولا ريب فى أن المشاركة الشعبية فى الانتخابات ووفق منظور تلك الشراكة هي الطريق الأمثل والاَمن لرؤية تدرج عناصر التنمية الشاملة وحماية الانجازات المتحققة والسعي لتحقيق الطموحات التي يصبو إليها كل مواطن على الرغم اختلاف الرؤى السياسية والبرامج وتباين طريقة منهج التفكير بين كل قوى المجتمع.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى في بحثه أن المشاركة الشعبية من خلال ابداء الصوت الانتخابى هي في جوهرها وفحواها من أصول النظام الديمقراطى، فمن ناحية أولى فالمشاركة الشعبية حق دستوري وواجب وطني، ومن ناحية ثانية ضرورة لحماية الوطن فأمنه واستقراره ضرورة وطنية وقومية أيضًا، فإنه يجب توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وتحفيز المجتمع بقطاعاته كافة على المشاركة في الانتخابات، لما لذلك من أثر طيب على حياة المواطن بالمجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية كافة، والتأكيد على أن المشاركة الفاعلة في الانتخابات هي مسئولية وطنية يجب احترامها، وأن المشاركة الشعبية في التصويت الرئاسى ضرورة لحماية كبرياء الوطن، خاصة عندما نشاهد ما يحدث في بعض البلاد العربية وما يعصف بها وأهلها من أهوال فنتذكر نعمة الله علينا في الاستقرار والطمأنينة، إن مصر مهما مرت بها عواصف سياسية خاوية أو طافت بها رياح اقتصادية عاتية تراها تنهض بكل عافية بسواعد أبنائها الراعية، الحافظة لتراب صار حقلًا مزروعًا بأطياف البشر لمن يعرفون لغة التواصل بلا فواصل معنى وقيمة كبرياء الوطن.

رابعًا: أيهما أفضل للصوت الانتخابى الانتماء لفانلة الأندية أم الانتماء لتراب الوطن ؟ والشحن الجماهيرى للنشاط الكروى على حساب الانتماء العام خطأ استراتيجى للأنظمة السابقة:

يقول خفاجى في بحثه أنه من الملاحظ أن اقبال المواطنين على انتخابات الأندية الرياضية والنقابات المختلفة يفوق أضعاف اقبال المواطنين على الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية، ويثور التساؤل عن أسباب الهوة العميقة بصدد السلوك الانتخابى بين الانتخابات الفئوية القاصرة على المنتمين للأندية والنقابات والتى تصل فيها نسبة المشاركة إلى أعلى درجاتها وانتخابات الشأن العام التى تقل فيها المشاركة إلى أدنى الدرجات ؟

ويضيف أن الواقع كشف عن أن الانتماء لروح الفانلة بألوانها المتعددة أصبح مقدمًا على الانتماء لتراب الوطن، والسبب في ذلك أن أجهزة الدولة المختصة على مدار عدة عقود حصرت الاهتمام الجماهيرى للشباب في الألعاب الرياضية بما يتضمنه من الشحن الجماهيرى لمعنى الانتماء لفانلة النادى دون أن يواكبه أو يوازيه اهتمامًا مثيلًا أو حتى قريبًا بروح الأوطان، وهذا خطأ استراتيجى قديم بأن جعلت الكرة وحدها موضع الاهتمام الأوحد الشباب دون الشأن العام شارك فيه الرؤساء السابقين، فضلًا عن إنشاء ما يسمى أندية شبابية قومية ذات التوجه الواحد منها تجربة حورس التى فشلت وغيرها من التجارب الهزيلة التى خسرت من رصيد الشباب وافقدته الصلة بالولاء العام فالشحن الجماهيرى للنشاط الكروى على حساب الانتماء العام خطأ استراتيجى للأنظمة السابقة.

ويوضح أنه كان من اهتمام الدولة بالرياضة والرياضيين على حساب الشأن العام ودون أن يوازيه أو يتقارب منه، فضلًا كبيرًا على الرياضيين أنفسهم وعليهم أن يسددوا الدين للدولة التى أولت الرياضة في عنقها بعد أن حشدت كل امكانياتها لصالح الرياضة التى شقت طريقها في الازدهار بديلًا لسنوات الانحسار والانكسار.

خامسًا: حزب الكنبة تعبير سئ السمعة:

يقول "خفاجي" أنه من المعلوم أن حق الانتخاب من أهم صور المشاركة السياسية، وقد كفله الدستور للمواطنين كحق من الحقوق العامة اقترن في اليقين القانونى بالواجب العام، وهو ما يتوجب علينا لاعلاء مستوى الخطاب العام ليرتقى لمستوى الرأى العام ليكون وقودًا له ويحركه لتيسير سبل القيام به وتمكين المواطنين مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية على القيام به انطلاقًا من فكرة المواطنة والانتماء إلى الوطن وترابه المقدس عبر التاريخ المصرى.

ويضيف أنه يجب أن نصحح المصطلحات غير المسئولة على جماهيرنا العريضة بمفردات أطلقها البعض في الاَونة الأخيرة وهى سيئة السمعة مثل تعبير حزب الكنبة فهو تعبير سئ السمعة لأنه يحمل معنى السخرية والازدراء لقطاع عريض من جمهور الناخبين لا يعمل في السياسة وهم في الأصل الأساس الذى ينبنى عليه الممارسة الحقيقية لحق الانتخاب، فهذا الاصطلاح من شأنه أن يفرق بين أبناء الأمة الواحدة، وفيه شبة قيد على حرية الرأى والتعبير، وهو غير جائز في نطاق علم القانون الدستورى.

سادسًا: صندوق الاقتراع هو الحارس الواقى للوطن من أى صراع:

يذكر "خفاجى" أنه نظرًا لما تتعرض له البلاد من مخاطر الارهاب، وما تشهده من أطماع بعض القوى الراغبة في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط من خلال السيطرة على الدولة الأم، فضلًا عن استخدام المارقين عن صفوف الوطنية أبواقًا للتلاعب بمشاعر بعض المواطنين لتعبئتهم ضد كيان الدولة، مما يقتضى من الجميع بذل غاية الجهد بغية دمج العناصر البشرية المكونة للشعب المصرى وانصهارهم في بوتقة واحدة للمساهمة في الحفاظ الأمن القومى الذى أضحى بموجب المادة 86 من الدستور السارى واجب دستورى.

ويشير "خفاجى" أن التزام الكافة بمراعاة الأمن القومى مسئولية وطنية، ويتعاظم هذا الدور حينما يتعرض الوطن لمحن وشدائد لردع الطامعين في ثرواتها أو الساعين إلى إذلالها أو الراغبين في زعزعة الاستقرار فيها لأهداف لا تمت بصالح البلاد بصلة وانتزاعها من دورها القيادى الذى تميزت به، وهو فرض عين علينا جميعًا أن نتجه صوب ايجاد السبيل الواقى لحماية هذه الأمة ومكانتها بالفكر والحوار والبحث والجهد والعرق، لأن صندوق الاقتراع هو الحارس الواقى للوطن من أى صراع.

سابعًا: المشاركة الانتخابية توحد الفكر الجماعي لأبناء الأمة نحو وحدة الهدف والمصير المشترك:

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل