المحتوى الرئيسى

عمال التراحيل: "السيسى واحد مننا.. وحاسس بينا"

02/10 22:00

تحقيق ـ على عبد العزيز ومحمود إسماعيل / تصوير: عبد الكريم إبراهيم / إشراف :نادية صبحي

استجاب الرئيس عبد الفتاح السيسى لاحتياجات مئات الآلاف من العمال الموسميين فى مصر، بمطالبته الحكومة بالحفاظ على تلك العمالة والبحث عن بدائل تضمن لهم تأمينًا صحيًا ووجه الرئيس بإنشاء نظام تأمين على الحياة للعمالة الحرة "الموسمية" بالقطاع الخاص بالدولة للفئة العمرية من 18 إلى 59 سنة وبدون كشف طبى، على أن يتم إطلاق التأمين الجديد فى أقرب وقت.

وفي الوقت ذاته انتهى النائب إسماعيل نصر الدين، من إعداد مشروع قانون بشأن «أوضاع وحقوق العمالة الموسمية العاملة فى مشروعات الدولة»، وذلك تلبية لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى وجه للاهتمام بهذه الشريحة من العمال من خلال قرار أو قانون يهدف للوصول لهم. فى حال إصابتهم، أو الوفاة.

وترصد «الوفد» في هذا التحقيق ردود أفعال بعض أفراد العمالة الموسمية في المجتمع المصري على صدور قانون خاص يحفظ حقوقهم، وهو حق طالبوا كثييرًا طوال العقود الماضية حتي استجابت القيادة السياسية لمطالبهم البسيطة والمتمثلة في التأمين الاجتماعي والصحي وصرف مبلغ مالي لهم بعد بلوغهم 60 عامًا

وقال مصطفي ناصر أحد عمال التراحيل الموسميين  37 عامًا، بأن القانون الجديد للعمالة الموسمية كان بمثابة حلم لأنهم عانوا كثيرًا  وكان ابرز ما يخشونه من تلك المهنة انها  على كف عفريت لأنه يوم يعمل ويوم لا لكونه إذا مرض أو تعرض لحادث ليس له راتب فهو فقط يتقاضى المال نظير عمله في بناء العقارات وأن عمله يعتمد بشكل رئيسي على صحته الجسدية وقوة بنيته، مؤكدا أنهم دون الصحة والعافية يموتون من الجوع وتشرد أسرهم من الفقر والحرمان فإنهم يعيشون رحالة بحثًا عن لقمة العيش.

وعن سير حياته اليومية أضاف ناصر أنه يسكن مع 5من رفقائه من نفس المهنة فى شقة سكنية  بمنطقة بولاق ويدفع 90 جنيهًا، قائلًا «جيت من المنيا عشان اشتغل في التراحيل ومعرفش اشتغل غيرها  وبنيجي كل يوم للميدان في أرض اللواء وعلى حسب ما ربنا بيكرمنا وبنقعد من 8 صباحًا حتي 6 مساء من اجل زبون او مقاول نطلع معاه .

«وعيت على الدنيا مالناش شغلانة غير الشيل والحط» هكذا بدأ «يوسف» 32 عامًا، حديثه قائلاً: «جئت من الفيوم محملاً بالأعباء وحينما وصلت القاهرة تقابلت مع سمسار أنفار طلبت منه العمل قال له إننى سوف أعمل اليوم فى منطقة فيصل وكل يوم فى منطقة مختلفة حسب المقاول الذى يتفق معه على جلب الأنفار، وذلك مقابل يومية 80 جنيهًا؛ فوافقت على الفور، وأصبحت حياتى عبارة عن الخروج منذ الفجر والعودة إلى السكن وهو حجرة كبيرة مثل العنبر يتكدس فيها العمال وينامون على ورق الجرائد على الأرض عندما تغرب الشمس».

وأضاف «يوسف » أتوجه بالشكر على استجابة الحكومة والرئيس السيسي لمطالبنا كعمال  وأطالب بسرعة تنفيذ إجراءات حماية حقوقنا وتوفير تأمين اجتماعي وصحي خاصة ان نسبة الاصابة في عمال التراحيل مرتفعة بشكل كبير لأنهم يعملون في الاعمال الشاقة.

ومن ناحية اخري هناك فئة في العمالة الموسمية تعاني بشكل كبير وجاء القانون الخاص بالتأمين والحفاظ على حقوقهم بمثابة طوق النجاة لهم، وهم فئة «الشيالين»  لا يمتهنون مهنة بعينها، ولا يحترفون صناعة أو حرفة يكتسبون من خلالها الأموال، هم فقط يعتمدون بشكل أساسي على أيديهم وسواعدهم، وتعتبر بالنسبة لهم كل رأس مالهم وأمانهم في هذه الحياة، يرزقون من خلالها ويقدرون على مواصلة يومهم وتغطية نفقات أسرهم، الأمر الذي يجعل الحياة تقف بدونها إذا حدثت لهم حادثة أو ماشبه، وتنتهي الحياة على ذلك.

صحيح أنهم يكتسبون من عملهم أموالًا لا تعتبر قليلة  بالنسبة للوضع الحالي، ولكنهم عندما يمرضون أو يجلسون في البيت يومًا، لا يدخل لهم قرش واحد، دون

في الصباح الباكر من كل يوم، ينتشر المئات من العمال في شوارع وسط البلد والعتبة والمناصرة والحسين وشارع محمد علي، ينتظرون نقل البضائع على سواعدهم من المحال للسيارات، أو من منفذ بيع لمنفذ آخر، أو من شارع لشارع آخر،  منهم من يستخدم عجلة حديدية بسيطة يضع عليها البضائع ويدفعها للأمام لتسير، ومنهم من لا يمتلك هذه الرفاهية ويرفعها على كتفيه ويسير بها لمسافات طويلة حتى تنتهي المهمة ويصل إلى المكان الآخر، تجدهم منتشرين في هذه الشوارع يعملون لصالح محال بعينها، وآخرون ينتظرون في الشوارع حتى يأتي لهم الزبون ويعرض عليهم ليقلوا بضاعته.

«أرزقي على الله» بهذه الكلمات وصف علاء حسن حاله، «بقالي 20 سنة وأنا شغال كده في الحسين، عندي أربعة أولاد ووالدي كان شغالا فيها وأنا اخدتها منه وراثة، ببدأ من الساعة 9 حتى ينتهي الشغل وربنا يسهل لنا، في ناس بتشتغل مع محل واحد بس، وفي ناس بتشتغل مع الشارع كله، بتشيل لأي زبون»

وعن قانون التأمين للعمالة الموسمية الذي أقرته الحكومة والبرلمان مؤخرًا يقول السيد «اتمني والله والخطوة دي اتاخرت احنا بنشتغل وبنتعب ومن حقنا يتأمن علينا طبياً واجتماعيًا زي باقي الموظفين، ففي حالة مرضي لا أحصل على إعانة او مصاريف علاج للأدوية وبنشكر الحكومة والرئيس ونمتني سرعة التطبيق» 

« القانون دة مستنينه من سنين عشان نتعامل كعمال مثل القطاع الحكومي والخاص لأنه لوتعبت دلوقتي وجرالي حاجة  مش هلاقي آكل انا وعيالي»  بهذه الكلمات بدأ محمد عثمان حديثه، وهو في العقد الرابع من عمره، أكد أنه يقابل مشاكل كثيرة في هذه المهنة، بداية من الأشخاص الذين يضجرون منهم بسبب ضيق الطريق والحمولة، والشوارع الضيقة، والسيارات، وحتى المرافق، قائلًا: «بنزل الصبح مش عارف أنا هعمل ايه كل يوم، لحد ما ربنا يبعت لوحده، لو يوم تعبت وقعدت مش هلاقي أأكل لعيالي، الدنيا غالية علينا زي ماغالية على المجتمع كله، بطلت أشحن رصيد خلاص، ولادي أولى بالفلوس دي». 

«أنا ورزقي على الله» قالها سيد حسن، و يعمل في أحد معارض الأثاث، في العقد الثالث من عمره، مبتسمًا وكأنه لم يمر يومًا بأزمة، ولايضجر من حاله أبدًا، قائلًا: «يوم زبائن كتير تيجي، ويوم مفيش خالص، الدنيا ماشية والحمدلله، بس بكرة هعمل ايه، بعد ما أكبر وأعجز»

 وبعدما أخبرناه بنص القانون وإقرار البرلمان والبدء في تنفيذه من اجل حقوق العمالة الموسمية اعرب عن سعادته بالقانون «القانون ده كان المفروض يتم إقراره من زمان عشان حقوقنا كعمال موسمية ومن اجل مستقبلي ومستقبل أولادي في المعاش والتأمين الاجتماعي والصحي».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل