المحتوى الرئيسى

الجامعات الخاصة.. دراسة وعلم أم تجارة واستثمار؟

02/10 19:40

دعوات لدفع رسومها عن طريق «حساب حكومى» تابع لـ«التعليم العالى»

تمثل الجامعات الخاصة ٧٪ من حجم المنظومة الجامعية فى مصر، ويبلغ عددها ٢٤ جامعة، يدرس فيها ١٧٠ ألف طالب، وبرغم ذلك لا تزال تحت مقصلة الاتهام، ودائمًا ما توجه سهام النقد والنظر إليها باعتبارها «بيزنس وتجارة»، وليست كيانات تعليمية جيدة تؤهل الطلاب لمواكبة التطور التعليمى واقتحام سوق العمل.

وسنويًا، تتكرر أزمة خريجى الجامعات الخاصة مع النقابات، خاصة المهندسين والأطباء، بسبب رفض قيدهم، بدعوى ضعف مستواهم وعدم الالتزام بقواعد القبول والأعداد المطلوبة.

وبعيدًا عن تلك الأزمات، فإن مستوى خريج الجامعات الخاصة، يطرح العديد من الأسئلة، لعل أبرزها: ما هدف تلك الجامعات، ربحًا أم تعليمًا؟ وهل يتحكم رجال الأعمال فى المنظومة الجامعية الخاصة؟ وما المطلوب تنفيذه للارتقاء بها؟

خبيرة تربوية: مشروعات استثمارية يبحث أصحابها عن الربح قبل التعليم

الدكتورة بثينة عبدالرءوف، الخبيرة التربوية، ترى أن فكرة التعليم الجامعى الخاص، كانت فى بدايتها مرفوضة من قبل مجلس الشعب منذ أكثر من ٢٠ عامًا، تخوفًا من التحول بالتعليم لتجارة وبيزنس، وتخريج طلاب ليست لديهم مهارات، والحصول على شهادة أكاديمية فقط، ومع أخذ العديد من التعهدات، بأنها ستكون جامعات لا تهدف للربح وتلتزم بالتنوع فى المقررات الدراسية ووجود كليات بأحدث التخصصات، ظهرت فكرة الجامعات الخاصة.

وحسب الخبيرة التربوية، فإن تخوفات مجلس الشعب حول التعليم الجامعى الخاص، كانت فى محلها، إذ لم تعد الكليات داخل تلك الجامعات تدرس شيئًا يفيد المنظومة، وتحولت فقط للربح والسعى وراء جنى الأموال، وأصبح كل تركيز أعضاء هـيئة التدريس على تأدية واجبهم مقابل مبلغ كبير من وراء التواجـد فى هـذه الجامعات. وأشارت إلى أن فكرة تنوع الكليات، لم يعد لها وجود، متسائلة: «كليات الهندسة والطب والفنون الجميلة موجودة بالجامعات الحكومية، فما الفائدة إذن من وجودها كخاصة؟»، معتبرة أن حجة تخفيف الضغط على التعليم الحكومى ليست سببًا كافيًا لوجودها، وإنما المسألة تتلخص فى البحث عن التجارة وليس التعليم. وأضافت: «كليات الطب والصيدلة بالجامعات الخاصة لا تقدم الخدمة التعليمية كما تقدم فى جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية»، لافتة إلى المشاكل السنوية للنقابات مع المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، بشأن قبول الخريجين وقبول الأعداد بالكليات، مع وضوح التوجه الأساسى للجامعات الخاصة، وهو الربح والتجارة. وأيدت الخبيرة التربوية، فكرة التوسع فى الجامعات الخاصة خلال الفترة المقبلة، على أن تكون الأولوية لـ«قبول الطلاب الوافدين، لتوفير العملة الصعبة وجنى الأموال، دون أن يكون لها علاقة بشأن تعليم الدولة». ورأت أن الجامعات الخاصة لم تضف أى جديد للمعرفة الجامعية، وأن الفائدة تتلخص فى تحقيق الربح من الوافدين، مشيرة إلى أن الجامعات الخاصة لا بد أن تكمل مسيرة التعليم الحكومى، وعدم السير فى طرق منفردة، لافتة إلى أن من أبرز أزماتها زيادة عدد الخريجين، دون أى نتائج إيجابية، وظهورها دائمًا فى موضع الاتهام بالبحث عن المال وليس تقديم خدمة تعليمية تنهض بالدولة. وتساءلت الخبيرة التربوية: «لماذا لا يدور الحديث عن فكرة التوسع فى إنشاء الجامعات الخاصة فى المناطق المحرومة من التعليم؟ ولماذا لا يكون تعليمًا حكوميًا وتقديم الخدمة للطلاب البعيدين عن النظر مثل الواحات ومطروح؟، وعدم الضغط على المواطن بتعليم ابنه تعليمًا خاصًا فى هذه المناطق، فلا بد من الاستفادة من مجانية التعليم التى يكفلها الدستور». واعتبرت أن الجامعات الخاصة من المشروعات الاستثمارية التى يبحث صاحبها عن المال، لذا من الطبيعى زيادة أسعارها ومصروفاتها، وهو ما يطبق بجميع دول العالم وليس مصر فقط، فالهدف الأول هو الربح قبل التعليم.

مطالب بـ«مجلس إدارة مشترك» بين المالك و«التعليم العالى»

رأى الدكتور رضا مسعد، أستاذ التربية، مساعد وزير التربية والتعليم الأسبق، أنه لا بد من وجود إدارة مشتركة للجامعات الخاصة، بين ملاكها ووزارة التعليم العالى، لإحداث عملية التوازن والحفاظ على العملية التعليمية، حتى لا يسمح بعد حصول صاحب الجامعة على ترخيص الجامعة والإنشاء، بأن يترك إدارتها لنجله، مثلًا، يفعل بها ما يريد بعيدًا عن التعليم.

وقال «مسعد» إن وجود مجلس إدارة مشترك مـن الوزارة وأعضاء من الجامعة، يستهدف منع المخالفات وحل المشكلات، والعمل على تقديم خدمة قوية خاصة بالنواحى التعليمية، وليس البحث عن الربح والاستثمار والتجارة، مضيفًا: «المشكلة الآن أن وزارة التعليم العالى بعيدة تمامًا عن الجامعات الخاصة وتركت لها الحرية فى تحديد جميع الأمور دون النظر تعليميًا وما تقدمه لسوق العمل».

وأشار إلى أنه مع الزيادة السكانية، وزيادة أعداد الطلاب، بدأت الدولة تستشعر أنها لن تستطيع توفير خدمة مجانية لكل طلابها، فبدأت فى إدخال فكرة التعليم الخاص، وذلك للأفراد الذين لديهم القدرة على ذلك، ومن أجل تخفيف العبء عن الجامعات الحكومية.

وأضاف: «التعليم دائمًا ما يكون معرضًا للنقد فى جميع الدول، سواء تعليمًا جامعيًا أو ما قبل الجامعى، والنقد الموجه للتعليم الخاص يكون لأسباب خاصة بطريقة إدارته، والتى تتم من خلال أشخاص غير تربويين ولا دراية لهم بالتعليم، فهم رجال أعمال ومستثمرون يبحثون عن الربح والتجارة وليس تقديم خدمة تعليمية تفيد الدولة، وتصبح بذلك العملية (تجارة)».

ورأى مساعد وزير التعليم الأسبق، ضرورة التشديد على أن يكون صاحب الجامعة له علاقة بالشأن التعليمى، وليس تاجرًا، والتنسيق بين الوزارة والجامعات لعدم وقوع الطلاب فريسة للجامعات فى المصروفات وزيادتها سنويًا، وإلزامها بتقديم مناهج ومقررات مثل التربية الدينية والتاريخ والوطنية، بجانب المواد الأساسية للكلية، وليس الاهتمام بشكل كلى بالثقافات الأجنبية. وأشاد «مسعد» بسيطرة وتحكم المجلس الأعلى للجامعات الخاصة فى عمليات القبول والتنسيق، بعد أن كان ذلك يتم بطريقة عشوائية، دون أى رقابة، وطالب بزيادة أعداد الوافدين للجامعات الخاصة والحكومية أيضًا، ما يساعد فى اعتمادها على مواردها الذاتية، دون تحميل الدولة أى أعباء، مع العمل على زيادة مشروعاتها البحثية.

آباء وطلاب: إمكانياتها أفضل وأعدادها أقل من الحكومية.. ولكن المصروفات مبالغ فيها

اختلفت وجهات النظر بين أولياء الأمـور والطلاب حـول التعليم فى الجامعات الخاصة ونظيره فى الجامعات الحكومية، فالبعض يرى أنه لا يوجد اختلاف، وآخرون ينظرون للجامعات بوصفها الأفضل.

وقال سيد عبدالحميد، والد أحد الطلاب فى الجامعات الخاصة، إن منظومة التعليم فيها تختلف اختلافًا كبيرًا عن نظيرتها فى الجامعات الحكومية، موضحًا أن الأولى تمتلك أدوات وأجهزة جيدة لتدريب الطلاب وإجراء المشروعات العملية الخاصة بهم لتقديمها للأساتذة بشكل مبدع ومبتكر حتى يكون الطالب قادرًا على دخول سوق العمل فور تخرجه.

لكن أيمن سعد، الذى لديه ولدان فى جامعات خاصة، قال إنه يعانى معاناة شديدة من زيادة المصروفات فى كل عام على الطلاب، لافتًا إلى أن المصاريف تم رفعها بنسبة ٤٪ عن العام الماضى، غير الزيادة فى مصاريف الأتوبيسات الخاصة بالجامعة لنقل الطلاب، خاصة أن معظم الجامعات الخاصة المشهورة فى مناطق بعيدة عن وسط المدينة.

ورأى محمود عاطف، ولى أمر أحد الطلاب، أن الجامعات الخاصة عدد الطلاب بها محدود، وهناك أماكن كبيرة لاستيعاب الطلاب فى المدرجات للحصول على المعلومات بكل سهولة ويسر، على عكس الجامعات الحكومية التى يوجد بها أعداد ضخمة من الطلاب، كما توجد هناك صعوبة فى استيعاب المعلومات، مستدركًا: «طلاب الجامعات الحكومية عددهم بالآلاف فى المدرج لدرجة أن مفيش أماكن». أحمد عبدالباسط، طالب فى كلية طب «جامعة خاصة»، اعتبر أن أسعار المصروفات مناسبة جدًا، وقال: «٦٠ ألف جنيه مناسب جدًا لكلية طب نظرًا للخدمات التى تقدم لهم مثل الجثث والمشارح والمعامل»، مشيرًا إلى أن كل هذه الأشياء تحتاج لمال ومصروفات إضافية.

وأشار أحمد حسين، طالب بكلية التجارة فى إحدى الجامعات الخاصة، إلى أن إقرار زيادة فى المصروفات يقابله تحسين وتطوير فى الخدمات التى تقدم للطلاب، مثل تجديد المرافق وشراء أجهزة جديدة لتنفيذ مشروعات التخرج، لافتًا إلى أن حصول الجامعة على الجودة يقابله ارتفاع فى المصاريف.

وأبدى زميله أحمد أشرف استياءه الشديد من الجامعات الحكومية، منتقدًا ما اعتبره غياب الخدمات بها، قائلًا إن أى شخص يفكر فى الدخول فى الجامعات الحكومية هو مضطر وليس أمامه حل آخر فى التعليم، لأنها أقل تكلفة.

وقال شريف محمود، طالب فى كلية هندسة بجامعة خاصة، إنه توجد فى كل عام دراسى جديد زيادة فى المصروفات، بدعوى التطوير وتجديد المعامل والورش، مضيفًا: «هذه حجة تستخدمها الجامعات الخاصة لرفع المصروفات، ولا يوجد أى تجديد». وأضاف أنه يدفع مصاريف أخرى فى الكورسات لتنمية المهارات لديه للحصول على شهادة لكى تساعده فى إيجاد عمل براتب جيد بعد التخرج فى الجامعة، قائلًا «الطلاب مش بتعتمد على كورسات الجامعات بس وكده كتير عليهم».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل