المحتوى الرئيسى

لماذا اكتسحت كتب الأدب والروايات معرض الكتاب؟

02/09 22:59

من يتجول بتأن وعلى مهل في أرض معرض القاهرة الدولي للكتاب2018، ويحاول الدخول إلى الأجنحة وصالات العرض وكذلك سور الأزبكية حيث النفائس والكنوز المخفية والأمل في رحمة الأسعار.. في الغالب سيخرج بكثير من الملاحظات والانطباعات حول جمهور الزائرين واختياراتهم وميولهم وإلى نوعية الكتب التي تخطف عيونهم ويمدون إليها أيديهم وأموالهم.

الملاحظة الأولى رغم إقبال كثير من زوار المعرض على شراء الكتب ،إلا أنه لا يمكن تجاهل أن الظروف والأوضاع الاقتصادية والأحوال المادية لغالبية المصريين وغلاء المعيشة ، كلها معا تجعل من هذا المعرض معرضا ( للفرجة) بامتياز، حيث يكتفي كثير من محبي الكتب وعشاق القراءة بالفرجة فقط على الكتب وقراءة العناوين، والتطلع بشغف إلى الأغلفة ولقاء لمؤلفين وحضور الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية ، أما عن شراء الكتب فإن الظروف لا تسمح والوضع هكذا إذ أن (العين بصيرة واليد قصيرة)، وقد يكون الشراء بشكل رمزي حيث يغادر أشخاص كثيرون المعرض وفي أيدي كل منهم كتاب واحد فقط لا غير .

 ولا شك أن الأمر هكذا مؤلم وخطير ، مؤلم للقارئ شبه المحترف الذي لا يرى في الكتاب أنه من الكماليات أو الرفاهيات ، بل هو من أساسيات حياته بما يمثله من غذاء للعقل ودواء للروح والوجدان .. وهو خطير لأن الحيلولة بين الناس وبين الكتب لها مردودها السلبي على الحالة الثقافية، ونحن لا نحتمل مزيدا من الضعف الثقافي في حياتنا ووضعنا الراهن، فيكفينا ما عندنا من ضعف وتردٍ في التعليم بنظامه ومناهجه التقليدية والشكلية، ولا يخفى أيضا ما في البيت المصري - والعربي بشكل عام - وما ينتجه جو هذا البيت من ضعف الثقافة فهو في مجمله بيت أمي لا يقرأ حتى ولو كان أهله متعلمين وحاصلين على أعلى الشهادات.

الملاحظة الأهم والأجدر بالتوقف و التي لا تحتاج إلى كثير من الدقة والتركيز لكي يتوصل إليها أي متابع ، وهي أن كتب الأدب عموما هي الأكثر مبيعًا ، حيث تكاد الروايات المصرية والمترجمة ومنها مثلا كتاب "شآبيب" للكاتب أحمد خالد توفيق، "موسم صيد الغزلان" للكاتب أحمد مراد، "نسيت كلمة السر" لحسن كمال و(حتة مني) لشيماء الجمال و ( أنا مريضة نفسيا) لوفاء شلبي، وكذلك دواوين الشعر وبخاصة للكتاب الشباب مثل هشام الجخ ومحمد إبراهيم، وكذلك كتب نادر فودة، وما يمكن تسميته (كتب الرعب) مثل كتاب( ليلة فى جهنم) لحسن الجندى وكتب الروائي عمرو المنوفي، هذه النوعية من الكتب أصبحت هي هي القبلة التي يتجه إليها أغلب رواد المعرض من كافة المستويات الاجتماعية والمراحل العمرية وإن كانت الظاهرة ملموسة بشكل أكبر عند الشباب فوق الثامنة عشر وحتى منتصف الأربعينات.. الشطر الأخر من تلك الملاحظة هو التراجع النسبي الملحوظ في الإقبال على شراء الكتب الدينية ، والتي شهدت معدلات شرائها هبوطا ملحوظا بعد سنة 2012.

قد يكون السبب الأول والمباشر في ذلك هو فقدان الشباب ومعهم قطاع كبير من الناس للثقة في جماعات الإسلام السياسي ، بعد اعتلاء الإخوان لكرسي السلطة والحكم في مصر وبروز الجماعات السلفية على الساحة ، وكانوا -الإخوان والسلفيين معا-  من قبل يلقون تعاطفا باعتبارهم أهل الدين والشرع وأصحاب الطهر والصدق والنقاء المضطهدون.

لكن مع الصعود رفع الستار فانكشف المستور وانطفأت الفكرة وسقطت القيمة وظهرت التناقضات والأكاذيب ، ففقد الناس الثقة في أمثال هؤلاء ورأوا أن ما يقومون به ما هو إلا مجرد توظيف لفكرة تبدو نبيلة وتجارة بالدين لا تخفي وراءها نفس المستوى من النبل.. ومن هنا كان لجوء الشباب القاريء والمثقفون عموما وبالأخص الجدد منهم إلى الأدب حيث الإبداع وعالم الخيال والبحث عن القيم والمثل العليا والجمال الفني والثورة على النمطية والخلاف مع السابق وخلق أشكال جديدة للتعبير فى جميع أنواعه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل