المحتوى الرئيسى

حب حتى الموت.. طلقة في رأس المأذون حزنًا علي زوجتة

02/08 19:33

عشق اسمها وصورتها وقلبها النابض حباً، فهى «منى» ومنية القلب وسعادة الدنيا، طارا سوياً فى أحلام اليقظة، وتعاهدا على الحب والوفاء والإخلاص حتى الممات، بعد أن جمعتهما صلة القرابة قبل الحرم الجامعى، حسين يحلم باليوم الذى تكون فيه «منى» زوجته على شرع الله، رأى فيها الإنسانة التى ستسعده، وتصون شرفه وكرامته، تبادلا سوياً عبارات الحب والغرام، نطقها حسين وهو لا يدرى أنها الصائبة «لا حياة لى دونك يا منى».

تلك هى أحداث قصتنا، رمز الحب والوفاء والإخلاص ما بين «حسين»، مأذون قرية الروضة، و«منى» ابنة قرية الشيخ عبادة، والمعلمة بإحدى المدارس بمركز ملوى جنوب المنيا، قصة حب شهد لها القاصى والدانى، حتى كللت بالزواج وفرحة الأهل والأقارب، عاشا من أول لحظة، نعيم الحب الصادق والوفاء، زوجته منى يحكى الناس ويتحاكون بجمالها الخلاب، وحسين يشهد الجميع بأنه على خلق حميد وسمعة حسنة وطيبة بين أهالى القرية.

فهو مأذون القرية، هو من يجمع الأحبة على شرع الله، ويصلح بين الأزواج الذين حاولت مشاكل الحياة أن تفرقهم وعزموا على الطلاق، فكان بمثابة حمامة سلام بين أهل القرية، وزوجته منى تستيقظ فى الصباح مبتسمة ومشرقة، تضفى البهجة على أروقة المنزل، تحضر وجبة الإفطار لها ولزوجها، وتذهب لعملها بالمدرسة، وتعود من عملها لتحضير الغداء وقضاء احتياجات المنزل، رفرفت السعادة بجناحيها، عاشوا كل لحظة عمر بحالة.

وكانت منى «قدم السعد» على المأذون، فمن لحظة عقد قرانهما وخيرات الله تتدفق كالطوفان على زوجها، حتى تمكن من شراء 5 أفدنة وإقامة مصنع لتصنيع «الكرتون»، ليجىء أول ثمرة للحب الصادق «محمد»، ومن بعده «محمود»، أسرة يتحاكى الجميع بتماسكها، والسعادة التى تجمعهم وخيرات الله التى رزقهم بها، زوجة مبتسمة تعرف كيف تجعل السعادة تتطاير كالفراشات الحالمة فى أركان المنزل، وزوج صادق ووفى، يشرك زوجته فى كل شىء، يحكى لها وتحكى له، لا حاجب بينهم ولا ساتر، فهى سره وحبيبة قلبه، وهو زوجها وتاج الراس.

أنفقا تأمين مستقبل الأولاد بعد أن وصل محمد الابن الأول وثمرة الحب الصادق إلى السنة الأولى بكلية الطب، ومحمود أصبح فى المرحلة الإعدادية، هو لا يستطيع أن يستغنى عنها لحظة، وهى تعشق زوجها حتى النخاع، وما أغرب الحب إذا تملك جوارح القلب.

كانت «منى» تصاب بالدهشة حينما تترامى إلى أذنيها، بعض حكاوى الغرفة الخاصة لزوجها، وهى تسمع مشاكل بعض السيدات مع أزواجهن، سمعت من كانت تجىء باكية طالبة الطلاق من زوجها لبخله، أو لأنه لا يجبها ويحب بنت الجيران، أو لأن زوجها تزوج عليها بأخرى، وأخرى تريد الانفصال بسبب تأخر الحمل، ورابعة تريد من زوجها أن يكتب لها جزءاً من ممتلكاته وإما الطلاق، سمعت قصصاً وحكايات وراء كل باب، وكانت تستعجب وتدعو لهم بالهداية وأن يجمعهم الحب، مثلما جمع بينها وبين زوجها «مأذون القرية».

ولكن تلك هى الدنيا، لا أمان لها، فهى التى تسيّر أقدارها، وتتراقص بنا مثل العرائس، فلا أمان لضحكاتها، ومخطئ من يتعشم بها لأقصى درجة، أقدارها محتومة، والويل كل الويل إن غضبت الدنيا وكشرت عن أنيابها، تقلب الأمور رأساً على عقب، ليس هناك مخلوق يستطيع أن يأمن مكرها، أو يعتقد أنه امتلك له الدنيا وما عليها، فلو كانت دامت لغيرنا ما وصلت إلينا.

«منى» تستيقظ كعادتها مبتسمة، لتجهيز الإفطار لزوجها وأولادها، تشعر بألم رهيب، تصرخ والكل يهرع، الزوج كاد أن يشت عقله حينما صرخت فهى قلبه النابض بالحياة وتتعلق أنفاسه بنبضات قلبها، وفى سرعة البرق، توجهوا للطبيب، أوصى ببعض الأشعات والتحاليل، لتجىء الصدمة والطامة الكبرى، «منى» أصبحت مريضة بالسرطان وأيامها فى الدنيا باتت معدودة، فى لحظة تبدل إشراق الشمس إلى

الزوج انهار من شدة البكاء اعتصره الألم والحسرة على مرض زوجته الخطير، الكل يعرف أن شمس الأسرة قد تفارقهم، فى لحظة تبدلت الدنيا الضاحكة وعروس النيل، إلى عجوز شمطاء، اسودت الدنيا فى عينى زوجها، فهى زوجته وأمه وشقيقته وابنته، هى من بنت معه الأسرة، جعلته شهريار زمانه، روته من حبها الصافى الشهد، وكانت له السند والعون فى تربية أولادهم، حسين أدرك أن غدر الدنيا قد حان موعده، وأنه لا حياة له بعدها، لا يتحمل أن يضعها فى نعش ويدفنها، لا يستطيع أن يستيقظ من النوم ولا يرى ابتسامتها، فهى الحياة ولا حياة دونها، قالها قبل الزواج لحبيبته ولم يدرك أنها الصائبة.

انطفأ وجه الزوج وأصبح شارداً عابساً، لا يطيق العيش ليدخل فى أزمة نفسية واكتئاب، أهل القرية يتابعون عن كثب ما يحدث، ويعتصرون ألماً على أسرة تتهاوى، المأذون لم يتحمل نظرات الشفقة والعطف فى عيون أهل القرية، يدخل على زوجته ويمسك بيدها، لو أملك آخد من عمرى وأديلك ما تأخرت، لا تموتى «منى» فأنتى الشجرة التى نستظل تحتها جميعاً، الزوجة تحاول أن تشد من أزر زوجها، الأعمار بيد الله «حسين» خلى بالك من الأولاد.

كلماتها كانت كالطلقات التى تخترق فؤاد زوجها، لم يتحمل أن يرى دموع الألم والفراق فى عينى زوجته، التى أصبحت أنفاسها معدودة فى الدنيا، الموت يخيم بأجنحته السوداء على باب الدار، وكأن عزرائيل ينتظر أن تسقط ورقة التوت من الشجرة، حتى يقتطفها، وتنطفئ وتغيب شمس الأسرة، المأذون يهرول دون وعى يمسك بمسدسه المرخص، نسى كل شىء، ولم يدرك وقتها سوى شىء واحد هو أنه لا حياة له بعد وفاة زوجته، أمسك بمسدسه ووضع طلقاته، والشيطان يوسوس له فى أذنيه، اخلص واضغط على الزناد، ريح نفسك من العذاب، خلاص هتعيش لمين، زوجتك وأم أولادك سوف ترحل بعد لحظات أو أيام.

شريط الحياة يمر أمام عينيه وهو مصوب فوهة المسدس نحو رأسه، الذكريات الجميلة مرت أمام عينيه من لحظة عرفها وحتى الآن.. بسمتها ضحكتها صفاؤها ونقاؤها وحبها الجميل، وبعدها يضغط «المأذون» على الزناد لتنطلق الرصاصة القاتلة وكأنها رصاصة الرحمة رأس الزوج، يسقط صريعاً، ودموعه فى عينيه، زوجته تقوم من فراشها تجده وسط بركة من الدماء، ترتمى عليه، تمسك يديه تقبلها وتصرخ، حرام عليك ليه عملت كده، لينطق بأنفاسه الأخيرة لأنى «أحبك» ولا أستطيع العيش من بعدك، الزوجة تلطم الخدود، تتركنى لمين، وأنا أصلاً مش هعيش بعدك، هذا هو قدرنا المحتوم.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل