المحتوى الرئيسى

معركة إدلب الكبرى

02/08 13:16

هل نَشرَ الجيش السوري مَنظومات صواريخ “جديدة” في شمال غرب سورية وبِطَريقةٍ غَير مَسبوقة جاء بِضَوءٍ أخضرَ روسيّ استعدادًا لمَعركة إدلب الكُبرى؟ وهل هذهِ رِسالةُ تَحذيرٍ لتُركيا؟ وما عَلاقة هذهِ الخُطوة بمَعركة عِفرين التي تُراوِح مَكانها وإسقاط طائِرة “سو 25” وقَتْل طيّارِها؟

استعادت القِيادة الروسيّة جُثمان طيّارِها الذي أسقط طائرته صاروخ مَحمول على الكَتِف أطْلقته قُوّات تابِعة لـ”هيئة تحرير الشام” (النُّصرة سابِقًا) في مِنطقة سراقب في ريف إدلب، ولَعِبت تركيا دَورًا رئيسيًّا في هذا المِضمار، أي استعادة الجُثمان، ومِن غير المُستبعَد أن تُعيد حُطام طائِرته أيضًا استجابةً لطَلبٍ روسيّ.

الرئيس فلاديمير بوتين الذي وَصَفَ الطيّار البالِغ من العُمر 33 عامًا بأنّه بَطَل لرَفْضِه الاستسلام وتَفجير نَفسِه بقُنبلةٍ يدويّةٍ كانت في حَوزَتِه، بعد تَقدُّم مُقاتِلي جبهة “النُّصرة” نَحوه، ما زال يَلتزم الصَّمت، ويُريد حُطام الطَّائِرة كامِلاً لفَحصه، والتأكّد من نوعيّة الصَّاروخ الذي أسقَطها، فهَل هو أمريكيّ من نَوع “ستينغر”، أم “سام” الرُّوسي القَديم.

هُناك نَظريّتان قَيدْ البَحث الآن، الأُولى تَرجيح أن يكون الصَّاروخ أمريكي الصُّنع حَصلتْ عليه “جَبهة النُّصرة” من طَرفٍ ثالِث لمَنع تَقدّم القوّات السوريّة المَدعومة بغِطاءٍ جويٍّ روسيٍّ نحو قَلب مدينة إدلب، آخر المعاقِل الرئيسيّة للمُعارضة السوريّة في شَمال غرب سورية، بينما لا تَستبعد الثانية أن يكون هذا الصَّاروخ مِن نَوع روسي قَديم مَصدره إمّا مخازِن الجيش السوري التي وَقعت في أيدي المُعارضة، أو مِن أوكرانيا.

الأنباء التي نَشرتها وكالة “رويترز” مساء أمس الإثنين نَقلاً عن قائِد في التَّحالف العَسكري الدَّاعِم للرئيس بشار الأسد، وتُفيد بنَشر الجيش العربي السوري دِفاعات جويّة جديدة وصواريخ مُضادّة للطائرات على الجَبهات في مِنطقتيّ حلب وإدلب تُغطّي الشمال السوري كله، تشي بأنّ الانتقام الروسي لإسقاط الطَّائِرة وقَتل طيّارها سيكون حتمًا في إدلب، والقَضاء على تَجمّعات جبهة “النُّصرة” تمامًا على غِرار ما حَدثْ في شَرق مَدينة حلب قبل عامٍ تَقريبًا.

السُّؤال الذي يَطرحْ نَفسه بقُوّة هو عن تَكثيف انتشار الدِّفاعات الجويّة السوريّة في المِنطقة، بمَنظومات صاروخيّة جديدة، خاصَّةً أن “جبهة النُّصرة” لا تَمْلُك طائِرات تستخدم هذهِ الصَّواريخ لإسقاطِها؟

الإجابة يُمكن استخلاصها من تصريح للسيد فيصل مقداد، نائب وزير الخارجيّة السوري، هَدّد فيه قبيل الهُجوم التركي على مِنطقة عفرين، بإسقاط أي طائرة تركيّة تَخترق المجال الجويّ السوريّ، وتزامنت هذهِ التّصريحات مع تهديدات تركيّة في هذا الخُصوص.

الطائرات الوحيدة التي تَخترِق المجال الجوي السوري في مِنطقة عِفرين في الوقت الراهن، هي الطائرات التركيّة المُقاتِلة التي تَقصف مواقِع تابِعة لقوّات حِماية الشعب الكُرديّة التي تُسيطِر عليها، وقَد طالبت قِيادة الإقليم القوّات السوريّة بالتدخّل للدِّفاع عن هذهِ المدينة السوريّة في مُواجهة العُدوان التركي الذي يَستهدف السوريين، ولكن يبدو أن روسيا طالبت سورية عدم تلبية هذه النِّداءات وسط أنباء عن التوصّل إلى صَفقةٍ روسيّةٍ تركيّة من ضِمنها سَحبْ القوّات الروسيّة من المَدينة.

لا نعتقد أن القِيادة السوريّة يُمكِن أن تَحشِد مِثل هذه المَنظومات الصاروخيّة بدون التَّنسيق مع الحَليف الروسي، الذي حَسَمَ خِياراتِه فيما يبدو، أي تصفية “جبهة النُّصرة” التي تُسيطِر على إدلب وتَحتلْ مكانةً بارِزة على قائِمة الإرهاب الروسيّة.

إنّها رسالة روسيّة سوريّة مُشتركة إلى تركيا، تُحذّرها من التصدّي لأي هُجوم للجيش العربي السوري، تقول مُفرداتها، بأنّها ستُواجِه، أي الطائرات التركيّة، خطر الإسقاط بالصواريخ السوريّة “الجديدة” في إشارةٍ واضِحةٍ إلى احتمال أن تكون من نَوع “إس 300” أو حتى “إس 400″، الروسيّة الحَديثة، وإلا ما هو الجديد غَيرها.

كل ما ذَكرناه آنفًا مُجرّد تحليل وتَكهّنات، لكن الأمر المُؤكّد أن الانتقام الروسي قادِم لا مَحالة، اللهم إلا إذا حَصَلَ الرئيس الروسي على تَعويضٍ كبير وهو رأس “جبهة النُّصرة” وحُلفائِها في إدلب، تُقدّمه تركيا على صينيّةٍ من ذَهب، وهذا غَير مُستَبعد لثلاثةِ أسباب، الأول أن عمليّتها العَسكريّة في عِفرين ما زالت تُراوِح مَكانها، ولم تُحقّق التقدّم المُتوقّع بسبب المُقاومة الشَّرِسة التي كبّدت تركيا خسائِر كبيرة في أرواح جُنودها، والثاني أن واشنطن رَفضت كُل تَهديدات تركيا، وسَحبْ قوّاتِها بالتَّالي من مِنطقة منبج التي يُسيطر عليها الأكراد، والثالث أن تركيا قدّمت تنازلات للروس في حلب الشرقيّة سابِقًا، ولم تتدخّل لحِماية حُلفائِها من مُقاتِلي النُّصرة والجيش السوري الحُر تجنّبًا لإغضاب الحليف الروسي، وأيّدت مُغادرة هؤلاء المُقاتِلين في الحافِلات الخَضراء إلى إدلب بأسْلِحَتِهم الشخصيّة الخَفيفة فقط، ممّا يَعني أن “البراغماتيّة” التركيّة التي تَضعْ مصالح تركيا فَوق أي مصالِح أُخرى، تَسودْ في النِّهاية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل