المحتوى الرئيسى

عبد الناصر «في سبيل الحرية».. التظاهر وإلقاء الحجارة دون معرفة السبب

02/07 22:21

إذا ما أصر قارئ العدد (653)- يناير 2018- من السلسلة الشهرية "كتاب اليوم"، الصادرة عن "دار أخبار اليوم" الذى يحمل عنوان: "فى سبيل الحرية.. رواية بقلم جمال عبدالناصر"، على مواصة البحث عن إجابات على الأسئلة المحيرة، المتجددة، التى أثارها نشر الكتاب على هذه الصورة، وبلغ مرحلة التدقيق فى "اتهام" عبد الرحمن فهمى، للطالب جمال عبد الناصر حسين بأنه "نقل الصفحات العشر من رواية للبارونة أوركيزى"، فسيكون عليه الحذر منذ الآن ذلك لأنه سيكون أمام احتمالات كثيرة عند كل مسألة وفى كل مرحلة من "التحقيق" الأدبى والثقافى الذى سيمتزج؛ دون إرادته، بالتاريخى والسياسى.

عبد الرحمن فهمى لم يسند "الاتهام" إلى وقائع ودلائل، على الأقل لم يخبرنا من عرف ذلك، ذكر فقط أنه "اكتشف بعد وفاة عبد الناصر.."؛ أى أنه ظل لعقد كامل على الأقل تطبع فيه "روايته" "فى سبيل الحرية" وعلى الغلاف ذلك العنوان الفرعى "قصة بدأها الرئيس جمال عبد الناصر..." ثم اكتشف عقب الوفاة بأمر "النقل عن البارونة".

جهد القارئ الباحث أثبت أن هناك ما يدعو لمواصلة التحقيق فى الاتهام: هناك مشابهة بين شخصية "الرجل المقنع" فى ورقات "جمال"، وبين شخصية السير "برسى بلاكني"؛ الشخصية الرئيسية فى سلسلة روايات البارونة، وجه الشبه هو فى "التخفى" وراء "قناع"، قناع يضلل الأعداء فى حين لا يعرف أحد من المحيط الذى تعيش فيه الشخصيتان حقيقة ما يقوم به، وربما هناك تشابه ما فى الأصل الاجتماعى للشخصيتين.

السير بلاكنى بأصله الاجتماعى الارستقراطى، وصورته وسط محيطه الاجتماعى، وحرصه على التخفى عن الجميع؛ إلا من مجموعة محدودة للغاية، ونبل مقاصده -وفقا لتصورات محددة ومنحازة طبقيا- يبدو كأصل روائى لشخصيات "السوبر هيرو" التى تواصل السينما الأمريكية، طبعا من قبلها الكتب المصورة التى قدمتها لأول مرة- تقديمها من نحو قرن كامل، شخصيات من نوعية: زورو، باتمان، وإلى حد ما سوبرمان، وغيرهم من الشخصيات ذات "الأصل النبيل" التى تحارب الأشرار، وتخفى شخصيتها؛ الحقيقية، وراء قناع، وهى فى حياتها اليومية تظهر فى صورة مغايرة؛ وربما معاكسة، لما تفعله من وراء القناع.

الملمح؛ أو الملمحان المشتركان بين شخصية "الرجل المقنع"؛ كما تظهر فى ورقات "جمال"، وبين شخصية السير "برسى بلاكني"؛ كما تظهر فى روايات البارونة أوركيزى، هما فقط المشترك بين عالم "جمال" القصصى وعالم البارونة الأدبى الزاخر بالطبع، فهل يمكن أن تكون تلك المشابهة صدفة، توارد أفكار، تأثر غير مباشر وغير مدرك، قد يقع فيه الكثير من الكتاب والأدباء، المبتدئ منهم والراسخ، وارد طبعا أن يكون الأمر كذلك، كما وارد، أيضا، أن يكون "جمال" قد استل واعيا شخصية "برسى بلاكني" من إحدى روايات البارونة، أو من الفيلم الأول المأخوذ عن إحدى رواياتها، وأعاد صياغته على هيئة "الرجل المقنع".

لترجيح أحد الاحتمالين لا بد من البحث عن أدلة وقرائن واضحة، وبناء تصور عن العوامل التى كتب فيها "جمال" ورقاته العشر، لأن الوصول إلى ترجيح أنه "نقل" الشخصية الأهم والمحورية، والتى لا بناء قصصى هناك من دونها يدفع لأسئلة كثيرة، قد يكون بعضها هاما، فقد يفعل المراهق ذلك دون أن يكون الأمر معيبا، لكن أن يوافق "الزعيم" على أخذ هذه الورقات إلى كل تلك السلسلة الطويلة من الأفعال التى تصل إلى تدريس الطلاب فى المدارس الثانوية ذلك الناتج من عملية "نقل" متعمدة لابد أن يكون فعلا معيبا حقا.

والحاصل أن البحث عن الأدلة والقرائن لابد أن يذهب إلى تفاصيل حياة "جمال" فى مرحلة الدراسة الثانوية؛ أو على الأقل إلى ما هو منشور عنها فى موقعه الرسمى على شبكة الإنترنت، وسيكون حتما التقصى فى تفاصيل المسابقة ونتائجها.

الآن الاحتمالات المتعلقة بـ"النقل" عن "البارونة" هى كالتالى: أن يكون "جمال" قد صرح بذلك لشخص ما، أو أن يكون قد قرأ؛ على الأقل، إحدى روايات "البارونة" التى يلعب فيها السير "بلاكني" دور الشخصية الرئيسية، أو شاهد الفيلم، أو قرأ عرضا أو نقدا عنهما أو أحدهما، أو حكى أحدهم له عنهما أو أحدهما، أو أن توجد قرائن فى تفاصيل حياته ترجح تأثره بمثل هذا التصور للبطولة.

قد يبدأ القارئ من "الآخر"، ويبحث فى سيرة جمال عبد الناصر الذاتية عن تفاصيل فى حياته أثناء دراسته الثانوية ليعرف أولا فى أية ظروف ومؤثرات كتب ورقاته تلك.

من موقعه الرسمى يعرف القارئ أن "جمال عبد الناصر التحق فى عام ١٩٢٩ بالقسم الداخلى فى مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاما واحدا، ثم نقل فى العام التالى -١٩٣٠- إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البوسطة هناك.

وفى تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففى عام ١٩٣٠ استصدرت وزارة إسماعيل صدقى مرسوما ملكيًا بإلغاء دستور ١٩٢٣ فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور.

ويحكى جمال عبد الناصر عن أول مظاهرة اشترك فيها: "كنت أعبر ميدان المنشية فى الإسكندرية حين وجدت اشتباكًا بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد فى تقرير موقفي؛ فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أى شيء عن السبب الذى كانوا يتظاهرون من أجله، ولقد شعرت أننى فى غير حاجة إلى سؤال؛ لقد رأيت أفرادًا من الجماهير فى صدام مع السلطة، واتخذت موقفى دون تردد فى الجانب المعادى للسلطة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل