المحتوى الرئيسى

روسيا تنشر «صواريخ إسكندر» في قلب أوروبا

02/06 18:48

أكد الكرملين أن نشر منظومات "إسكندر" الصاروخية في إقليم كالينينجراد غرب البلاد، يعتبر حقا سياديا، ويجب ألا يثير مخاوف أحد، لأن روسيا لا تهدد أحدا.

وقال المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "أود التذكير بأن نشر أي نوع من الأسلحة أو أية وحدات عسكرية داخل الأراضي الروسية، يعتبر حقا سياديا لروسيا... روسيا لم تهدد ولا تهدد أحدا، لكن لديها حق سيادي في ذلك، ولا أظن أن ذلك يجب أن يكون من بواعث القلق لدى أي جهة".

من جانبه، أكد رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي فلاديمير شامانوف أن روسيا نشرت منصات صواريخ من طراز" إسكندر" في إقليم كالينيجراد الذي يمثل جيبا روسيا في العمق الأوروبي.

وقال شامانوف إن "جميع البنى التحتية العسكرية الأجنبية الواقعة في نطاق مدى صواريخنا هناك ستكون على قائمة المواقع المستهدفة"، وشدد على أن ذلك جاء ردا على نشر منشآت عسكرية في دول مجاورة. غير أن قيادة أركان الأسطول البحري الروسي في بحر البلطيق رفضت التعليق على هذه المعلومات.

وكان وزير الدفاع الليتواني رايمونداس كاروبليس قد صرح في يناير الماضي لوسائل إعلام محلية بأن روسيا نشرت منصات صواريخ "إسكندر" في منطقة كالينينجراد على الحدود مع بلاده، وتعتزم إبقاءها هناك على أساس دائم.

جاء هذا التصريح عقب إعلان وزارة الدفاع الروسية في أواخر يناير الماضي بأنها انتهت من إنشاء البنية التحتية اللازمة لنشر منصات صواريخ لنشر منظومات "إسكندر- إم"  وتسليمها خلال 2018 إلى لواء الدفاع الجوي رقم 152، المتوضع بمنطقة تشيرنياخوفسك في إقليم كالينينجراد.

وكانت الأنباء حول نشر هذه المنظومات في كاليننجراد قد ظهرت قبل سنوات، وأعربت ألمانيا آنذاك عن قلقها الشديد بشأن نشر صواريخ "إسكندر" الروسية القادرة على حمل رؤوس نووية في مقاطعة كالينينجراد في أقصى غرب روسيا على الحدود المتاخمة لأراضي ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

وبدأت فصول هذا السيناريو عندما أعلن مصدر دبلوماسي عسكري روسي، في 23 سبتمبر 2015، أن موسكو قد تنشر في مقاطعة كالينينجراد غرب روسيا منظومات صواريخ تكتيكية - عملياتية "إسكندر - إم" ردا على نشر أسلحة ذرية أمريكية في ألمانيا.

وقال المصدر "تجري حاليا دراسة هذه المسألة، وسيتخذ القرار النهائي بعد تحليل دقيق للأخطار المحتملة التي تظهر في ضوء خطط تزويد  قاذفات مقاتلة "تورنادو" الألمانية في قاعدة "بوخل" الجوية التابعة لوزارة الدفاع الألمانية بقنابل ذرية جديدة "B-61-12" الأمريكية.

وقبل ذلك بيوم واحد فقط، في 22 سبتمبر، اعتبر الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن قرار ألمانيا نشر أسلحة ذرية أمريكية على أراضيها يؤجج التوتر في أوروبا وسيحتم على روسيا اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أمنها القومي.

وقال بيسكوف "بالطبع فإن هذا يمثل خطوة إضافية، هي جدية للغاية مع الأسف في اتجاه تأجيج التوتر في القارة الأوروبية، وفي حال تم تطبيق هذه الخطوة والتي يمكن القول إنهم ماضون قدما في تنفيذها، أخذا بالاعتبار قرار البوندستاج (البرلمان الألماني)، فإنها قد تفضي إلى إحداث خلل في التوازنات الاستراتيجية الأوروبية، الأمر الذي سيتطلب من روسيا، وبلا أدنى شك اتخاذ الإجراءات الجوابية الملائمة لاستعادة التوازن، إن هذه الخطوة لا تسير في اتجاه تعزيز الاستقرار والارتقاء بمستوى الثقة والأمن في أوروبا".

وفي معرض التعليق لم يدل بيسكوف بأي تفاصيل حول الخطوات الجوابية التي قد تضطر موسكو لاتخاذها مكتفيا بالإشارة إلى أن الإجراءات التي ستلجأ اليها موسكو "ستتمثل في الخطوات التي يتطلبها ضمان الأمن القومي الروسي واستعادة التكافؤ الاستراتيجي".

وعلى الجانب الألماني، ظهرت آنذاك وثائق للحكومة الأمريكية تتحدث عن الموازنة العامة لهذه السنة، وعن أنه سيتم اعتبارا من بداية الربع الثالث من عام 2015 تمويل القوات الجوية الأمريكية للإنفاق على تحديث قاذفات مقاتلة "تورنادو" الألمانية وتزويدها بمنظومات أسلحة نووية جديدة.

وكان البرلمان الألماني كان قد خول وبالأغلبية الحكومة الألمانية في مارس 2010 بالتفاوض مع واشنطن على سحب الأسلحة النووية الأمريكية من ألمانيا، وأنه جرى تدوين خطط نزع الأسلحة النووية وسحبها لدى التوقيع على اتفاق التحالف الذي أبرم سنة 2009. وبدلا من سحب الأسلحة النووية تَعَيَّن نشر 20 قنبلة ذرية بشدة تدميرية إجمالية تعادل 80 قنبلة على غرار تلك التي ألقيت على هيروشيما.

وأشار خبراء إلى أن القاعدة الجوية الألمانية المذكورة لا تزال تحتوي على ما بين 10 و20 رأسا ذريا أمريكيا منذ حقبة الحرب الباردة، وجرت العادة على أن ينظم مناهضو العسكرة والتسلح سنويا في ألمانيا ما يسمى بمسيرات أيام الفصح في محيط القاعدة مطالبين بسحب القنابل الذرية الأمريكية من أراضي ألمانيا.

أما وزارة الدفاع الألمانية فقد التزمت الصمت إزاء هذه التقارير، حول القنابل الذرية الأمريكية الجديدة، حيث اكتفى جيرو فون فريتشين الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الألمانية بالقول: "ليس بوسعنا تأكيد صحة أنباء من هذا القبيل، ولا يمكننا نفيها أو الإدلاء بتوضيحات بشأنها، ونحن لا نعلق أبدا على هكذا أنباء".

وفي3 مارس 2017، قالت بتريسيا فلور مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون نزع الأسلحة والرقابة على التسلح "نحن في الوقت الراهن نعايش مرحلة من القلق والريبة حيال الأمن الأوروبي، ونشر صواريخ إسكندر الروسية في كالينينجراد، لن يسهم في تعزيز الثقة، نظرا لقدرة هذه الصواريخ ذات الرؤوس النووية على الوصول إلى برلين.

وبصدد رد بلادها المحتمل على الخطوة الروسية هذه، وما إذا كانت برلين سوف تتخذ الإجراءات اللازمة دون انتظار قرار الناتو، قالت فلور إن "بلادنا عضو في حلف شمال الأطلسي، ولن نتخذ أي خطوات أحادية وسوف ننسق مع الناتو على هذا الصعيد، من الأهمية بمكان بالنسبة إلينا تنفيذ جميع القرارات الصادرة عن الناتو، دون التقليل من أهمية الحوار مع روسيا رغم ذلك".

المعروف أن صواريخ "إسكندر" الروسية، هي صواريخ مسيّرة يصل مداها إلى 500 كيلومتر، ويستحيل على العدو المفترض اعتراضها، فيما يمكن تزويد منصات إطلاقها بأنواع مختلفة من الصواريخ بما فيها المجنحة فائقة الدقة.

وتخصص هذه الصواريخ لضرب الأهداف المعادية على اختلافها بما فيها المنظومات الصاروخية على غرار "باتريوت" الأمريكية، ومرابض الراجمات والمدفعية بعيدة المدى، والطائرات والمروحيات المكشوفة ونقاط القيادة المحصنة، وعقد الاتصال.

كما يمكن تزويد "إسكندر" كذلك برؤوس انشطارية يتم التحكم بالأجزاء المنفصلة عنها كلا على حدة، بعد أن تتناثر من صاروخ واحد تطلقه المنظومة، فيما  يدأب المصممون الروس على تزويد المنظومات من هذا النوع بأجهزة نوعية للتحكم بها وتشغيلها والرقابة على حالتها الفنية.

وقد بدأ تسليح القوات الروسية بمنظومات "إسكندر" في عام 2006، وهي تطلق صواريخ يتم التحكم بها طوال مسارها، ويمكن استخدام هذه المنظومات لإطلاق صواريخ "إر-500" عالية الدقة، ومن الممكن أيضا تزويد هذه المنظومات برؤوس نووية.

وتعليقا على الضجة التي أثارها في وسائل الإعلام الغربية بهذا الصدد أعلنت موسكو أنها ستواصل تنفيذ مثل هذه العمليات.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف، في 8 أكتوبر 2017، إن "منظومة إسكندر الصاروخية العملية التكتيكية متنقلة، وتقوم وحدات قوات الصواريخ بشكل دوري، كل سنة، بتحسين قدراتها الحركية من خلال قطع مسافات كبيرة في جميع أنحاء أراضي روسيا وبطرق مختلفة، جوية أو بحرية أو برية".

وأشار كوناشينكوف إلى أن "محافظة كالينينجراد لا تشكل استثناء" في هذا السياق، مشددا على أن "هذه الوحدات من قوات الصواريخ الروسية نقلت مرارا إلى هناك، وستستمر عمليات نقلها (إلى كالينينغراد والمحافظات الروسية الأخرى) في إطار التدريب القتالي للقوات الروسية المسلحة".

ولفت إلى أن موسكو لم تسع إلى إخفاء عملية نقل منظومات "إسكندر- إم" إلى محافظة كالينينجراد، الواقعة في أقصى غرب روسيا وسط أوروبا والمنفصلة جغرافيا عن باقي أراضي البلاد.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل