في ذكرى ميلاده.. عندما أوقف بوب مارلي شارع الهرم - صوت الأمة

الساعة الحادية عشرة مساء إلا قليلا، الجو كان محيّرا؛ طوبة لم ينتهِ بعد ودرجة الحرارة قاربت على الثلاثين، كيلو متر كامل من السيارات المتراصة وراء بعضها في شارع الهرم تفصل الشاب حاتم عن الوصول إلى منزله، حركة السير توقفت تماما، البعض ترجل من سيارته، لا أحد يعرف ماذا يجري في المقدمة.

"ما داهية تكون حادثة. هو شارع الهرم ناقص. كدة كدة زحمة لوحده".. نطقت بها سيدة خمسينية أخرجت رأسها من سيارة الترامكو الشهيرة لكي تلتقط نفسا ربما تجد فيه ما يمنحها قليلا من الصبر على تحمل رائحة العرق التي تملأ سيارة الأجرة.

بعضهم ترجل من سيارته، والرقاب ارتفعت والعيون ترقبت علها تجد ما يسد شغفها لمعرفة سبب شلل الشارع، صوت إنذار سيارات المرور يدوي في كل مكان، وما زال الخبر اليقين لم يأت بعد.

راكبا دراجته البخارية التي لا تحمل لوحات معدنية عادة، بصوتها الصاخب الذي يخرج من مؤخرتها، ظهر شاب عشريني في الأفق دخان سيجارته غطى ملامحه، يشق صف السيارات من الجهة المقابلة للشارع، "وقفوا الواد الروش دا اسألوه إيه اللي بيجرا قدام" نطق بها قائد إحدى سيارات الفولفو الفارهة موديل ما قبل السبعينات، والتي تحتل تقريبا مكان 3 سيارات ماركة فيات 128.

تبرع أحدهم وجرى على "الشاب الروش"، وأشار إليه بيديه أن يقف، وفي لمح البصر أوقف الأخير دراجته في امتعاض بعدما قتلت تلك الزحمة آماله في تنفيذ "رفعة الحصان" بطول الشارع بأكمله، وبعد شد وجذب من الجميع يستجوبونه ماذا يجري، الأبصار شاخصة إليه تنتظر نطق الجملة.

"بوب مارلي خرج من الكباريه شارب وقطع الشارع".. رمى الروش الجملة واختفى بدراجته وسط صفوف السيارات، وتجمد الجميع، ماذا يقصد؟، كيف بوب مارلي؟!!، علامات الاستفهام ارتسمت على الوشوش، وصوت السيدة السبعينية في الخلفية من جديد "مين يعني مارو اللي وقف الشارع دا؟".

وقبل أن تلامس عقارب الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل، ابتسم الحظ لصفوف السيارات بالتحرك، حتى وصل الجميع إلى مكان الواقعة، سأل أحدهم عسكري المرور الذي عكف طوال الساعة على الإشارة للسيارات بالتحرك "هو مين اللي وقف الشارع يا باشا"، رد العسكري بعد أن التقط نفسا عميقا وحاول كبت نفسه من الانفجار في وجه الناس "عيل لابس تيشيرت كدة عليه واحد أجنبي خرج من الكباريه وارتمى في نص الشارع".

الأمر أشبه بالمسرحية، إنها الكوميديا السوداء، الشاب المرتدي تيشيرت بوب مارلي أوقف شارع الهرم.

أصوات ضحك خرجت من سيارة حاتم، الشاب الثلاثيني وراوي القصة، عندما أخرج هاتفه سريعا وبحث عن بوب مارلي فوجد أن ذكرى ميلاده اليوم على موقع المعلومات الشهير ويكيبيديا.

اختار حاتم إحدى أغنيات العبقري بوب مارلي من قائمة الساوند كلاود الخاصة به ليملأ بها أرجاء شارع الهرم ""No Woman, No Cry.