المحتوى الرئيسى

المرضى النفسيون.. بشر يواجهون ثقافة مجتمع

02/06 00:34

"الصحة تاج فوق رءوس الأصحاء" مثل شعبي يشعر به كل مريض، وبعيدًا عن المرض الجسدى يكون الأمر أكثر حساسية مع أصحاب المرض النفسي الذين وضعهم المجتمع في مساحة بين تنصل الأسر منهم ورفض المجتمعات لهم فتظهر معاناتهم الحقيقية التي تجعلهم يختبئون وراء جدران أحزانهم في انتظار من يذهب بهم لمشعوذ أو ساحر للهروب من لقب مريض نفسي، ومن يبتسم له الحظ منهم وتقتنع أسرته بالذهاب إلى المستشفى حتى يتلقى العلاج يجد البعض من معدومي الضمير والإنسانية في الانتظار ليمارسون معه اعتداءات جسدية وبدنية ونفسية تؤكد أن هؤلاء في أمس الحاجة إلي زيارة الطبيب النفسي للتأكد من سلامتهم العقلية والنفسية وليس المرضي النفسيين.

وأثار طلب الإحاطة، الذي تقدم به النائب الوفدي الدكتور محمد فؤاد عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، لرئيس مجلس الوزراء والدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة والسكان، بشأن الممارسات الخاطئة وغير الآدمية التي تتم داخل أقسام مستشفى العباسية للصحة النفسية والعصبية، جدلًا واسعًا، ليفتح المجال لسؤال مهم، هو لماذا ترفض بعض الأسر الاعتراف بفكرة وجود بالمرض النفسي؟

وفي هذا التقرير ترصد "بوابة الوفد" أسباب المرض النفسي وسبب رفض الأسر بالاعتراف بالمرض النفسي وكيفية مواجهة هذا الأمر. 

بعض الأمراض الجسدية سببها نفسي

في هذا الصدد قال الدكتور سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسي، بجامعة القاهرة، إن الأسر التي يوجد لديها مريض نفسي تودعه أحد المستشفيات و المصحات النفسية ثم تقوم بقطع علاقتها به بشكل تام، مشيرًا إلي أن هذه ظاهرة عالمية تحدث في جميع الدول وترجع إلى رغبت الأسرة في التخلص من المريض بشكل نهائية.

وأضاف عبدالعظيم، في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد"، أن هروب الأسر والتنصل من المريض النفسي  ظاهرة عالمية وذلك للتخلص من نظرة المجتمع لهم، مشيرا ألي أن 9% من المرضي النفسيين مرضهم عقلي ويحتجون إلي الرعاية الطبية داخل المستشفي والاهتمام الدائم من الأهل و91% من باقي المرضي يستطيعون الذهاب إلي الطبيب النفسي بأنفسهم ولكن نظرة المجتمع للمريض النفسي تجعل هؤلاء يمتنعون عن الذهاب للطبيب النفسي وبالتالي تتأخر الحالة وتزيد المضاعفات ويتحول إلي حالة مرضية عقلية لذلك الذهاب إلي الطبيب النفسي في البداية الأمر مهم جدا.

وأكد أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ، أن المرض النفسي مثل جميع الأمراض العضوية يحتاج إلي الاكتشاف المبكر من أجل التشخيص الصحيح و أعطائه العلاج المناسب، لافتًا إلي أن هناك دور كبير علي المجتمع في نشر ثقافة علاج المرض النفسي خاصة وتقبلهم بالمجتمع، مضيفًا:"أن الإعلام خلال الفترة الماضية ساهم بشكل كبير في تصدير صور سلبية كثيرة عن المريض النفسي وظهر في الأعمال السينمائية علي انه "مجنون" وليس مريض بحاجة للعلاج ومن ثم يشفى ويعود من جديد للاندماج بالمجتمع".

وتابع قائلًا "لذلك يجب تصحيح هذه الصورة من خلال نشر الوعي من خلال وسائل الإعلام بأن المرض النفسي مرض مثل أي مرض يحتاج إلي العلاج ويتم الشفاء منه، بالإضافة إلي أهمية تعاون الأطباء بتحويل المريض إلي الطبيب النفسي لو لزم الأمر خاصة أن بعض الأمراض العضوية والآلام الجسدية سببها نفسي".

 وأِشار إلي  أن بعض الدول تقوم الآن بعمل دار إيواء وتسكين للمرضى النفسيين الذين تم شفائهم وترفض أسرهم استلامهم للعيش فيها وتوفير المناخ النفسي لهم حتى لا يحدث لهم انتكاسه، لافتًا إلي أهمية أن التواصل الدائم من أهل المريض مع إدارة المستشفي للمتابعة حالته، خاصة وأن العلاج الحديث ساهم بشكل كبير في رفع نسبة الشفاء بين المرض النفسيين في وقت قصير ومن ثم يتمكن المريض إلي ممارسة حياة الطبيعية والعيش داخل المجتمع بشكل طبيعي.

ومن جانبه قالت الدكتورة زينب مهدي معالج نفسي واستشاري أسرى، أن هناك خط في مجتمعنا الشرقي وهو ربط المرض النفسي بالمرض العقلي، مضيفة:" هذا خطأ فادح هناك فرق شاسع بين المريض نفسيًا والمريض عقليًا وفي كلا الحالتين فهو مرض مثل أي مرض آخر يحتاج المصاب به إلي الاهتمام والرعاية والمتابعة حتى يتخلص من ذلك المرض الذي سبب له خلل في حياته بشكل عام".

وأضافت المعالجة النفسية هناك يوجد أسر تتعامل مع المريض النفسي علي أنه عار في الأسرة حتى أنه عندما يوجد مريض وله أخوة من الفتايات يتم إنكار أن لهن أخ مريض حتى تكتمل زيجاتهن بشكل كامل وبأشكال أخري كثيرة تمثل عار علي مجتمعنا ونادر ما نجد أسرة تهتم اهتمام كبير واهتمام مستمر دون ملل.

وأشارت إلي أهمية بعض الخطوات التي يجب علي الأسرة إتباعها حول كيفية الاهتمام بذلك المريض حتى يشفي من المرض ولايتعرض إلي انتكاسة أو أمراض أخري علي مرضه، وهي تقبل المرض بعد إخبار الطبيب أو المعالج بأنه ابنهم أو ابنتهم لديها بعض المشكلات أو الاضطرابات التي تحتاج إلي خطة علاجية تستمر فترة معينة من الزمن، ومن الآن وحتى انتهاء هذه الفترة لابد من تقبل الوضع والسعي وراء تحقيق الهدف وهو رجوع المريض إلي حالته الطبيعية، عدم لجوء أفراد الأسرة الي الهروب والنفور من المريض وكأنه وباء أو لديه مرض معدي لان هذا يهدم ما يفعله المعالج من استراتيجيات علاجية ترهق المعالج والمريض.

وتابعت التعامل مع المريض يجب أن يكون بشكل طبيعي، مع تشديد المراقبة له دون أن يشعر أنه تحت الملاحظة مثال مريض الاكتئاب ينصح بمراقبته بشكل جيد داخل الأسرة، وفي حالات ينصح بنقلها للمستشفي فورًا لأنها تشكل خطر علي نفسها، المساندة الاجتماعية والأسرية في مشاركة المريض اهتماماته وكل الأمور التي يحبها واجتماع أفراد الأسرة حوله يرفع من روحه المعنوية ويجعل طريقه للشفاء سهل وميسور وخاصة لو كان المرض قلق نفسي أو توتر واكتئاب بسيط، التجديد وخروج المريض من المنزل حتى يجدد طاقته بصحبة أفراد أسرته.

وأكدت أن هناك دور كبير علي المجتمع يتلخص في عدم التعامل مع المريض النفسي علي أنه "مجنون" لذلك يجب نشر ثقافة قبول ذلك المريض لأنه بحاجه للشعور بأنه مقبول اجتماعيا أكثر من أي مريض أخر وبحاجة إلي الشعور بالاحتضان من الآخرين والحب والمساندة.

وفي رد سريع بشأن الممارسات الخاطئة وغير الآدمية التي تتم داخل أقسام مستشفى العباسية، أعلنت وزارة الصحة والسكان، إيقاف مدير مستشفى الصحة النفسية بالعباسية، و11 من التمريض عن العمل، وإحالتهم للتحقيق فى واقعة تصوير المرضى بشكل غير لائق داخل مستشفى الصحة النفسية بالعباسية.

وأوضحت الدكتورة منن عبدالمقصود، الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية، في تصريحات صحفية لها، أنه فور علمها بالواقعة أصدرت قرارًا بإيقاف مدير المستشفى، و11 من طاقم التمريض المسئولين عن الواقعة وإحالتهم للتحقيق الفورى والعاجل، والتى تعد انتهاكًا لقانون رقم 71 لسنة 2009، والذي بمقتضاه يحظر نشر صور المرضى في الإعلام، ويعد أيضًا انتهاكًا لخصوصية المريض النفسي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل