سلامة موسى.. رائد الاشتراكية المصرية

أعتادت مصر أن تنجب العظماء، الذين يستطيعوا أن يسطروا التاريخ، بأيديهم في مختلف المجالات، ليثبتوا للعالم أنها منبع الحضارات ومرآة العالم للتقدم، فما إن جاءت مصر في الأدب والشعر إلا وأنجبت أحمد شوقي أمير الشعراء، وما أن نظرت إلى الفن إلا وجاءت كوكب الشرق أو كلثوم والعندليب الأسمر، فما لها إلا عندما تنظر إلى الفكر والفلسفة، إلا أن تأتي بأحد أكبر المفكرين، سلامة موسى، الذي تحل، اليوم، ذكرى ميلاده.

يعد سلامة موسى، من أولائل الداعين للفكر الإشتراكي، خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث كان يؤمن بأن تحقيق النهضة في المجتمع المصري يستوجب المحاكاة الكاملة للغرب، وذلك يمكن تطبيقه من خلال العمل على النظام الإشتراكي.

ولد سلامة موسى عام 1887، لأبوين قبطيين، فى قرية بنهباي، بالقرب من الزقازيق، التحق بالمدرسة الابتدائية في الزقازيق، ثم انتقل إلى القاهرة ليلحق بالمدرسة التوفيقية، ثم المدرسة الخديوية، وحصل على شهادة البكالوريا عام 1903.

تأتي فرنسا لتكون أول وجهة سفر ينطلق إليها سلامة موسى، عام 1906، ومكث ثلاث سنوات قضاها في التعرف على الفلاسفة والمفكرين هناك، ثم انتقل إلى إنجلترا ومكث مدة 4 سنوات أيضا، بهدف إستكمال دراسته في القانون، إلا أنه أهمل الدراسة وانصرف عنها إلى القراءة، التي كانت هوايته وعشقه، فأخذ يقرأ للكثيرين من مفكري وأدباء الغرب، مثل فولتير، وداروين، وماركس، إلا أنه تأثر كثير بـ داروين، حيث كان سلامة موسى يهتم بنظرية التطور والنشوء، إلا أنه كان يضطلع أيضًا إلى على أخر المستجدات في علوم المصريات.

أصدار «موسى» أول كتاب له، بعد عودته إلى مصر، بعنوان «مقدمة السبرمان»، عام 1910، الذي دعا فيه إلى ضرورة الانتماء الكامل للغرب، والبعد عن الفكر الشرقي، ثم أصدر كتابًا آخرا في الفلسفة، تحت عنوان «نشوء فكرة الله»، لخص فيه أفكار الكاتب الإنجليزي جرانت ألين، الذي كان قائم على نقد الفكر الديني والإيمان الغيبي، الذي كان يرى من فيه أنه يسبب تخديرًا للشعوب وتقيدًا لهم.

لعب «موسى» دورًا في الحديث عن قضايا العنصرية، التي سادت المجتمع الغربي في تلك الأونة، حيث دعا إلى أن يتزوج المصريون من الغربيات، لتحسين نسلهم، وبالرغم من قراءاته الكثيرة في الفكر الفلسفي،الذي كان يطالب عادة بالمساواة، إلا أنه تأثرًا أيضًا ببعض الأفكار الغربية المتطرفة، حيث ردد بعض المقولات العنصرية ضد الزنوج، الذين شبههم المجتمع الغربي بأكلة لحوم البشر في ذلك الوقت.