المحتوى الرئيسى

الفضل | المصري اليوم

01/23 01:02

أعرف أنك على تواصل مع زميلك «جورج كلونى»، برجاء أن تبلغه تحياتى، عرفت مؤخرا أنه وجه دعوة العشاء لمجموعة من أصدقائه يؤمن بأنهم أصحاب فضل فى نجاحه، وعلى العشاء قدم لكل واحد منهم حقيبة سوداء بها مليون دولار مدفوعة الضرائب، وعندما اعترض واحد منهم رافضا الهدية قال كلونى للباقين إنهم لن يحصلوا على الهدية إذا فشلوا فى إقناع هذا الصديق بتسلم هديته، ونجحوا بالفعل فى مهتهم.

لكننى أعتقد أن نظرة كلونى لأصحاب الفضل كانت محدودة، بدليل أنه استطاع بعد أكثر من خمسين عاما فى الحياة أن يجمعهم على مائدة واحدة، لو دقق الواحد فى أصحاب الفضل عليه على طول الطريق لأقام لهم عشاء من النوع الذى تكلم عنه الرئيس الذى يتكلف 50 مليون دولار.

أصحاب الفضل هم معجزات تدل على وجود الله.

هناك من يظهر فى الحياة محملا بالوحى فى جملة قصيرة تغير طريقة تفكير الواحد ونظرته للأمور بعد سنوات ظل فيها حبيس فكرة مصمتة، يقترح عليك أن تسلك هذا الطريق وترحل عن آخر، ويلعب بضمير صاف لعبة «أنا لو كنت مكانك»، وتراه وهو يحطم علامات الاستفهام التى تحبسك وبأقل مجهود «يحلهالك».

عندما أفكر فى أصحاب الفضل لا أفكر فيمن قدم لى وساطة لمقابلة مسؤول أو الحصول على وظيفة أو سداد دين، فهؤلاء ناس أفاضل قدموا يد العون والمساعدة، قدموا للواحد ثمارا ناضجة، لكن صاحب الفضل هو الذى ألقى «بذرة» أصبحت بعد وقت شجرة معجزاتك.

صاحب الفضل لا يشترط أن يكون شخصا عفيفا دمث الخلق، قد يكون شخصا مؤذيا تعمد أن يزج بك فى تجربة سيئة، لكن ما خرجت به من هذه التجربة فخورا بنفسك الجديدة يجعله من أصحاب الفضل، لو دققت ستجد فى المنفلتة ألسنتهم قارصى اللباليب معتلى النفسيات أشخاصا لولاهم ما كان الواحد قد وصل إلى ما وصل إليه.

صاحب الفضل لا يشترط أن يكون شخصا أصلا، سطر فى مقال أو جملة فى فيلم أو أغنية، أو حيوان، عندما سمّى أحد المتصوفة الكبار مشايخه الذين تعلم على يديهم وضع بينهم «القط» الذى كان يعيش معه فى منزل واحد وكانت مراقبته أحد أسباب «الفتح»، المحنة صاحبة فضل، وقطع العيش يعلمك بعد فترة أنه لا يوجد شىء اسمه قطع العيش ولكن مجرد تغيير فى مسارات الرزق، وفكرة «كاد المعلم أن يكون رسولا» ليست قاصرة على وزارة التربية والتعليم، هى بعرض حياة الواحد، كاد من علمنى أن يكون رسولا لأننى فى نقطة ما من حياتى كان هو صاحب فضل فى أن ينقلنى من ظلام ما لنور لم أكن لأعرف طريقه بمفردى، ومن علمنى حرفا صرت له عبدا، العبودية فيها لا تعود على الشخص، ولكنها عائدة على تجلى الله فى النعمة التى مرت إلى عبر هذا الشخص.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل