المحتوى الرئيسى

الحريري لـ DW: نريد جيشا من معارضة لم ترتكب جرائم بحق الشعب

01/21 23:26

رفض رئيس هيئة التفاوض العليا للمعارضة السورية الدكتور نصر الحريري أي حكم على "انتهاء المعارضة السورية" من المنظور العسكري، معتبرا ان النظام السوري فقد شرعيته بين السوريين، متحدياً قدرة الاخير على توحيد الجغرافيا السورية والديمغرافية البشرية دون القوى المساندة له (في اشارة لروسيا وايران).

وأفصح رئيس هيئة التفاوض عن كون هدفهم اليوم من الحشد الدولي لـ "تفعيل مسار جنيف يهدف لقطع الطريق على أي مسار موازٍ"، في إشارة للمسار الروسي المعروف بـ "سوتشي".

وتحدث الدكتور الحريري في مقابلة حصرية مع "مسائية DW" عن عتب على المجتمع الدولي معتبراً ان السوريين عانوا من إحباطات كثيرة بسبب عدم تطبيقه لمعظم الوعود التي قطعها (أي المجتمع الدولي) ما أثّر كثيرا على ثقة المعارضة السورية به، مستدركاً ان الهيئة رغم ذلك "باسم دماء الشعب السوري تحاول إيقاظه وتذكيره بمسؤولياته".

وقال الحريري إن الهيئة العليا للمفاوضات منفتحة منذ اليوم الاول للأزمة على الحوار مع روسيا وغيرها، دون شروط مسبقة الا تنفيذ القرارات الدولية بما فيها قرار مجلس الامن 2245، غير ان موسكو كانت دوماً الطرف المتمترس خلف خيار الوقوف مع النظام، مضيفا "إذا لدى الروس نية حقيقية في الوصول للحل السياسي فيمكن لعمليات الحوار ان تنطلق لمستوى متقدم اكثر"

وأوضح رئيس الهيئة في حوار مع الزميل يوسف بوفجلين ان الهيئة تحفظت على مدّة محادثات فيينا المزمع عقدها في 25 و26 يناير الجاري، باعتبار مدة يومين لا تكفي للتفاوض، خصوصا مع وجود الكثير من التفاصيل الواجب بحثها، الا انها قد تشكل "فحصاً للنوايا" ما يقرر مصير مشاركتهم في مؤتمر "الشعوب" في سوتشي.

يبقى اندلاع الحرب بحد ذاتها مؤشراً على خسارة كبيرة لحقت بالنظام السوري. اليوم تتواجد جيوش وميليشيات تابعة لأكثر من ثمان دول على التراب السوري. بيّد أن الأسد استفاد من الدعمين الروسي والإيراني في استعادة مناطق كثيرة داخل سوريا كان قد خسرها سابقاً. مما حدا بعدة أطراف كانت تشترط رحيله قبل الشروع بأي مفاوضات إلى البدء في تغيير مواقفها.

كسب الأكراد الكثير في السنتين المنصرمتين، وبدأ صوتهم بالارتفاع ونفوذهم بالتزايد، مقارنة بحالهم في السابق. إذ أنهم سيطروا على مناطق كبيرة غنية بالنفط في شمال شرق البلاد. وتعاظمت قوتهم العسكرية؛ فهم يشكّلون العصب الرئيسي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" التي حرّرت الرقة بدعم من "التحالف الدولي". كما أقام الأكراد "إدارة ذاتية" في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

ظهرت المعارضة السورية في البداية بديلاً محتملاً لنظام الأسد، إذ سيطرت على مساحة شاسعة من سوريا. غير أنها عادت وخسرت الكثير منها. تعاني المعارضة من التشتت في الرؤى والمواقف، فضلاً عن تعدّد الداعمين وتنوّع أهدافهم. مما حدا بالبعض لإطلاق كلمة "معارضات" سورية عليها. كما تعرضت المعارضة لضربة كبيرة بعد دخول التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"النصرة" على الخط واستيلائها على الأراضي التي كانت تحت سيطرتها.

قبل أكثر من سنتين بدأ التدخل الجوي الروسي في سوريا. اليوم يتواجد آلاف الجنود الروس في أكثر من قاعدة عسكرية في سوريا، أهمها "قاعدة حميميم". يتحدث مراقبون عن أن الساحل السوري منطقة نفوذ روسية. سياسياً استطاعت موسكو فرض نفسها كلاعب سياسي أساسي في المشهد السوري؛ فهي عرابة "محادثات أستانا" و"مناطق خفض التصعيد" مع كل من تركيا وإيران. كما تدعم تيار في المعارضة يُدعى "منصة موسكو".

تعوّدت واشنطن على تحقيق سريع لرهاناتها العسكرية في الشرق الأوسط كما حدث في العراق وأفغانستان، لكن لم يتكرر الأمر في سوريا؛ فالتحالف الذي قادته ضد "داعش" تأخر كثيراً في تحقيق أهدافه. الرؤية الأمريكية لمستقبل دورها في سوريا غير واضحة وتتجاذبها أطراف عدة داخل المؤسسات الأميركية. بيّد أن واشنطن ربحت على الأقل قواعد عسكرية لها في البلاد.

لم تتخل إيران عن حليفها الأسد في سوريا طوال سنوات الحرب، وأبدت تصميماً كبيراً على بقاء النظام، موفرة دعماً عسكرياً ومالياً وغيرها من أشكال الدعم، الذي أثر بشكل كبير في تطورات الحرب. ويبدو أن طهران حصدت مؤخراً ثمار جهودها، فنفوذها تعاظم داخل سوريا بشكل أثار حفيظة خصومها في المنطقة، خاصة تل أبيب والسعودية، وفق ما نشرته تقارير إعلامية.

قدم الرئيس التركي للمعارضة كل أشكال الدعم من سياسي وعسكري ولوجستي وغيرها. لكن تداعيات هذه الحرب أرهقت النظام التركي كثيراً، إذ لم تتحقق رهاناته في سقوط بشار الأسد، ولم يستطع الحد من تعاظم دور الأكراد في سوريا. كما اتخذ "داعش" تدخل أنقرة في سوريا ذريعة لتنفيذ هجمات إرهابية بالأراضي التركية.

بين من يراه تخبطاً وبين من يراه تغيراً تكتيكاً، لم تستقر الرياض على رؤية واضحة المعالم في سوريا، خاصة مع اتجاهها نحو ما تعتبره رؤية جديدة للأزمة في سوريا لا تتوقف كثيرا عند استمرار الأسد من عدمه. الرياض التي دعمت واحتضنت أطرافاً عديدة في المعارضة السورية، لم تكسب الكثير من الحرب السورية، بل انضافت هذه الحرب إلى ملفات خارجية أنهكت الرياض كما عليه الحال بالحرب في اليمن والأزمة مع قطر.

قدم حزب الله دعماً غير محدود للنظام السوري وشارك مبكراً في الحرب الدائرة منذ سنوات. أثر تدخله لصالح الأسد سلباً على صورته. في المقابل، ساهم في الحفاظ على "حليف استراتيجي" له. كما كسب حزب الله نفوذاً جغرافياً في سوريا، خاصة مع سيطرته على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان.

دخلت فرنسا في الأزمة السورية بقوة عبر تحرك ديبلوماسي ضد النظام السوري وعسكري ضد "داعش"، لكنها لم تحصد ثماراً كثيرة، فمواقفها ضد الأسد تبدو جد متذبذة، كما أن ضرباتها العسكرية لم تنجح، ليس فقط في إنهاء "داعش"، بل حتى في تجنب هجماته الإرهابية التي تعدّ فرنسا أكثر المتضررين منها خارج الشرق الأوسط، فضلا عن أنها لم تؤثر كثيرا في إنقاذ الوضع الإنساني داخل سوريا رغم ما تعلنه من جهود في ذلك.

وأبدى الحريري تحفّظه على المبادرة الامريكية لتشكيل قوة حدودية قوامها 30 الف مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مضيفا "لدينا هاجس عميق من ان تكون هذه القوات المرتبطة بميليشيات ارهابية تهدد مستقبل سوريا"، موضحاً انها قد تخالف المنطلق الاساسي للمعارضة المتعلق بوحدة الشعب السوري ووحدة ترابه وتمس بهذا المبدأ.

واعاد الحريري الحديث عن "جيش وطني سوري" يتشكل من السوريين، مبينا ان الرؤية التي قدمتها المعارضة للامم المتحدة تتضمن تشكيل جيش وطني يضم كل الفصائل المعارضة "التي لم ترتكب جرائم بحق الشعب السوري"، موضحاً ان هذه العملية صعبة جدا ومعقّدة وبحاجة الانتظار للمرحلة الانتقالية.

أوضح رئيس الهيئة الدكتور الحريري في لقائه مع DW أن قيام وفد من الهيئة (يترأسه هو) بزيارة عدد من العواصم منها واشنطن وبروكسل وباريس وروما إلى جانب مقر الامم المتحدة تهدف إلى ثلاثة أمور رئيسية أولها وضع المجتمع الدولي بصورة ان "تعنت النظام السوري ورفضه الجلوس على طاولة المفاوضات" وفشل الدول الداعمة له في تحقيق الضغط المطلوب عليه هو ما سبب فشل الجولة الثامنة لمحادثات جنيف.

حث كبير مفاوضي المعارضة السورية نصر الحريري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعماء الاتحاد الأوروبي لزيادة الضغط على الرئيس بشار الأسد وعلى روسيا وإيران للعودة إلى مسار محادثات جنيف لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ سنوات. (16.01.2018)

والهدف الثاني- حسب تعبيره- كان "ضرورة الحشد الدولي لتفعيل مسار جنيف من اجل قطع اي طريق على مبادرة ثانوية قد تشكل مساراً موازياً أو تؤثر سلباً على المسار التفاوضي"، في اشارة لمسار سوتشي، مضيفاً كما ان الأمر الثالث هو توضيح الوضع الانساني "الكارثي" لمناطق مثل الغوطة الشرقية وريف إدلب للمجتمع الدولي "إذ تم تهجير أكثر 200 ألف مدني من مدنهم وقراهم، كما هناك 200 شهيد اغلبهم من الاطفال والنساء".

واضاف الحريري "تباحثنا مع شركائنا الاوروبيين في الالتزام بالحل السياسي الذي تقوده الامم المتحدة، لشعورنا ان بعض الدول الداعمة للنظام (في اشارة لروسيا وايران) تمعن في الرغبة في اسقاط (قضية) الانتقال السياسي في تنفيذ قرارات مجلس الامن".

ورغم ما أشيع عن تبدل مواقف المجتمع الدولي والدول المختلفة تجاه شكل الحل السياسي في سوريا، إلا أن الحريري أكد انه لم يلمس تبدّلاً في مواقف "الشركاء" حول جوهر عملية الانتقال السياسي، مفصّلا ان ذلك يشمل هيئة الحكم الانتقالي والعملية الدستورية والانتخابية وغيرها، وليس فقط مصير الرئيس بشار الاسد.

وأكد الحريري ان المجتمع الدولي (خصوصا الاوروبيين والولايات المتحدة) لديه العديد من اوراق الضغط لو أراد ان يستخدمها، مشيرا الى شواهد لتحقق الارادة الدولية في سوريا، مثل تخلي النظام عن منظومة الاسلحة الكيماوية، وقصف مطار الشعيرات دون اي ردود فعل من الدول الداعمة للنظام.

وأضاف الحريري ان الهيئة تحاول حشد الإرادة الدولية للدفع بالعملية السياسية والعودة لطاولة المفاوضات، رغم تعرض السوريين للكثير من "الاحباطات" من قبل المجتمع الدولي ومعاينتهم خلال سبع سنوات من "الثورة" لوعود ذهبت أدراج الرياح.

ورفض رئيس الهيئة العليا للمعارضة السورية الحديث عن موازين القوى باعتبارها تميل لصالح النظام السوري كون الاخير يسيطر على اراضٍ اكثر من المعارضة، مستدركاً بأن النظام "فقد السيطرة على أكثر من نصف الاراضي السورية ولا يحلم بالسيطرة عليها من جديد، كما فقد السيطرة على أكثر من نصف الشعب السوري"، معتبراً ان ذلك افقده الشرعية في سوريا.

وبدا الحريري متحديا وهو يتساءل "هل يستطيع النظام اعادة السيطرة على الجغرافيا والديمغرافيا البشرية واعادة اقلاع مؤسساته (إذا ما تم) وقف ادمانه على القوى الاجنبية؟"، مشدداً على ان "الثورة" لا تقاس عسكريا وانه يعتبر ان الثورة السورية كانت في افضل احوالها حين لم تكن تسيطر على اي سنتيمتر من الاراضي السورية وحين كانت سلمية.

هيئة التفاوض العليا للمعارضة السورية

وشكك الحريري في حدوث مفاوضات حقيقية في فيينا، بقوله "نحن الان نشارك مع الامم المتحدة في وضع ملامح العملية الدستورية التي يمكن ان تتم خلال العملية الانتقالية، ونتأمل ان تكون هناك جلسة مفاوضات حقيقية ولو اني اشك في ذلك".

وزاد، خلال حديثه مع البرنامج المسائي المباشر لـ DW، بالقول ان نجاح اي مفاوضات محكوم (بقرب مخرجاته ونقاشاته من) القرارات الدولية، معتبرا ان هذه الجولة من المفاوضات التي ستتم في فيينا ستشكل تحديا حقيقيا واختبارا لمدى مصداقية الروس وقدرتهم على التأثير على النظام وجلبه لطاولة المفاوضات في جنيف.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل