المحتوى الرئيسى

«مواهب تبحث عن النور»..«الدستور» تحاور أبناء الجنوب

01/21 11:44

تباينت مواهبهم، لكنهم اجتمعوا في ذات الطريق، اجتهدوا وثابروا لتحقيق أحلامهم رغم انعدام الامكانيات، كان هدفهم الأول إخبار العالم إنهم مواهب فريدة تبحث عن النور، لم يجد أبناء الصعيد من يمد لهم يد العون، لكنهم استطاعوا أن ينجحوا بمفردهم، منهم من حصد مراكز أولى في الشعر، ومنهم مازال يعافر ليصبح لاعب كرة قدم شهير، ومنهم من حقق حلمه وحطم رقما قياسيا في موسوعة جينيس.

«الدستور» التقت بمجموعة من شباب الصعيد الموهوبين، في مختلف المجالات، تحدثت معهم عن الظروف التي نشأوا فيها، كيف بدأوا مشوارهم؟، وما هي المشاكل التي تواجههم؟.

«محمد» شاعر جامعة «جنوب الوادي»

قصائد «عبد الرحمن الأبنودي» كانت النافذة التي أطل من خلالها على عالم الشعر، تعلق بشخصيته في الكتابة، لكن سرعان ما اكتسب خبرة واسعة جعلت له شخصية شعرية منفردة، كان مطلعًا على تاريخ الشعراء الكبار الذين تربوا وعاشوا في الصعيد، منهم «أمل دنقل» و«هشام الجخ»، فقرر السير على دربهم، وعزم على تحقيق حلمه ليكون شاعر صعيدي مشهور.

اتجه «محمد رفعت» إلى الشعر في المرحلة الإعدادية، كان شديد القراءة والاطلاع إلى أن كتب أول قصيدة في الصف الثالث الثانوي بعنوان «مش مهاجر»، يقول: «بكتب شعر عامي، كنت بروح لمدرس العربي في الثانوي وكان بيفيدني»، التحق الشاب العشريني بكلية التجارة، جامعة جنوب الوادي، شارك في مسابقة أمير شعراء الكلية وحصل على المركز الثاني، من بين 18 شاعر: «القصيدة اللي شاركت بيها كان اسمها باسبور سفر، كانت بتتكلم عن الشاب المصري اللي سافر الكويت وقتلوه، عرفت أنه من سوهاج وكتبت قصته».

يقطن «محمد» في محافظة قنا، مركز «أبو تشت»، التحق بنادي الأدب والفكر بالجامعة، وشارك في امسيات شعرية وندوات: «اتعلمت أصول الكتابة، اقرأ لمين وأهتم بمين، أول درس خدته من شاعر اسمه أحمد دياب، قالي (إقرأ حتى تتعلم أن تكتب)، من كتر القراءة تعمقت فكريًا، بقيت ملم بكل فنون الأدب، القصة والرواية، اكتب كل أنواع الشعر، بكتب شعر عامي وشعر حر ومربعات»، حصل «محمد» على المركز الأول في جامعة «جنوب الوادي» وكُرم من قبل رئيس الجامعة عن قصيدة «يا مؤمنة»: «خدت شهادة تقدير ومبلغ مادي، شاركت في الملتقي الإبداعي لشباب الجامعات، في معرض الكتاب اللي نظمته وزارة الثقافة، اختاروا من كل جامعة 4 شعراء وانا كنت من ضمنهم»، مؤكدًا أنه شارك بقصيدتي «أنا حنين» و«أنا المنسي».

حقق «محمد» انجازات عديدة مقارنة بعمره الذي لم يتخط الـ 20 عامًا، لكنه لم يجد أهتمامًا بمواهب الصعيد يساعده على تحقيق المزيد: «عندنا مواهب في كل المجالات أقوى من ناس موجودة على الساحة، نفسي أوصل لحلمي من الصعيد أوصل صوتها وصوتى مش عاوز اخرج براها واتشهر».

«عبد الرازق» انشأ جروب لـ «مواهب الصعيد المدفونة»

لم يقل حب «عبدالرازق شريف» للشعر عن «محمد»، بدأ الكتابة في الصف الأول الإعدادي، كان شغوفًا بشعر العامية والفصحى، ولديه الشغف ليتعلم المزيد، لكنه لم يجد من يمد له يد العون، فكان يكتب تارة وينقطع تارة أخرى، إلى أن راودته فكرة إنشاء جروب باسم «مواهب الصعيد المدفونة» منذ 5 أشهر، لدى «عبد الرازق» 18 عامًا، طالب بالصف الثالث الأزهري شعبة علمي، يقول: «عندنا مواهب كتيرة، مفيش حد بيقف جنبنا، واحد يقرأ قصيدة ويقولي كويس وحرام موهبتك تفضل كده وحد يقولي أنت سارقها، الناس بتخلينا منحلمش ولا نفكر».

يهتم «عبد الرازق» بالكتابة عن تجاربه الذاتية، مؤكدًا أنه ألف أكثر من 20 قصيدة: «كتبت قصيدة لمصر اسمها فكراني ناسي، وقصيدة تحديد المصير للمعهد بتاعي»، يتذكر الشاعر الصغير الفارق الذي شعر به، حين ذهب إلى القاهرة برفقة عمه: «شوفت رعاية واهتمام مش في الصعيد، إحنا لو شوفناها هنبقى حاجة كبيرة، الأهالى مهتمة والمواهب بتروح نوادي، في مسابقات فيه امكانيات لكن إحنا مفيش خالص».

«مصطفى» أحيا 50 حفلة في الـ «ستاند آب كوميدي»

محب للضحك والفكاهة، اشتهر بين أقرانه بخفة ظله، بدأ مشواره في فن الـ «ستاند آب كوميدي» صدفة منذ 3 أعوام، كان حينها طالبًا بالفرقة الأولى بكلية الآداب قسم اللغة الفرنسية، كانوا في حاجة إلى طالب يقدم فقرة كوميدية في إحدى الحفلات، فوقع عليه الاختيار من قبل أقرانه، انتهت الحفلة وبدأ «مصطفى النجار» رحلة البحث على الإنترنت التي اتاحت له التعرف على هذا الفن، شاهد العديد من الفيديوهات واكتسب خبرات واسعة.

يقول «مصطفى» 23 عامًا، ويعيش بمركز «نقاده» قرية «الحرزات» محافظة قنا،: «اكتشفت موهبة التقليد لما بدأت اتعلم ستاند آب كوميدي، اقلد ممثلين ومعلقين وفنانين»، مؤكدًا أن هناك فرق بين فن «التقليد» و«ستاند آب كوميدي»: «التقليد بجيب فيه طبقة صوت الشخص وأحطها في اطار كوميدي، لكن الاستاند آب كوميدي بتكلم في موضوع معين بشخصيتي واسلوب كوميدي ساخر وبقول رأيي، وفيه أفيهات».

نجح الشاب العشريني في دمج فن «التقليد» و«الاستاند آب كوميدي» وأجاد كتابة الأسكربت، كما تحدث في موضوعات عديدة منها ملابس الشباب والفتيات، والفارق بين الأفراح في الصعيد والقاهرة: «بقلد أيمن الكاشف، توفيق عكاشة، عمرو خالد»، كما أحيا أكثر من 50 حفلة في محافظات قنا وأسواد وكفر الشيخ، فضلًا عن حفلات الجامعة: « في 2016 خدت مركز أول في استاند آب كوميدي على مستوى الصعيد ورئيس الجامعة كرمني».

يتمنى «مصطفى» أحياء حفلات في القاهرة والإسكندرية، وكافة جامعات مصر، كي ينشر موهبته في كل مكان: «بتوع بحري واخدين حقهم أكتر مننا لإن كل حاجة جنبهم، عندهم ثقافة عن الاستاند آب كوميدي، بيعملوا ورش، وكل حاجة عندنا في الصعيد واخدة أهتمام أكتر في القاهرة، نفسي أدخل مجال التمثيل وأبسط الناس بدون مقابل».

«محمد» دخل موسوعة جينيس بـ «نطة سبايدر مان»

«موسوعة جينيس» هي حلمه، أحبها حين وجد بها أعظم أشياء العالم، فقرر أن يفسح له مكانًا بها، راودته الفكرة يوم 7 يونيو 2016، رغم أنه لم يحدد الشيء الذي سيحطم فيه الرقم القياسي، تعرف على الكابتن «جابر» الذي حطم رقم قياسي في «الجمباز»، مد له يد العون ووقف إلى جواره حتى حقق حلمه.

«محمد مجاهد» ابن محافظة قنا، مركز «أبو تشت» لديه 18 عامًا، لاعب «كونغ فو» منذ عام 2013، يقول: «أعلى حاجة في العالم كنت بشوفها في الموسوعة زي اسرع واحد في العالم مثلًا، كابتن جابر بعتلي رابط الموسوعة عشان اختار الحاجة اللي هحطم فيها رقم قياسي»، وقع اختيار «محمد» على «نطة سبايدر مان» التي لم يحطم فيها أحد رقم قياسي منذ 2009: «بمشي فيها على إيدي، لقيت آخر اتنين عملوها من اسبانيا وإيطاليا».

قضى « محمد» عامًا كاملًا في التدريب معتمدًا على ذاته، ثم بدأ التسجيل في الموسوعة: «كان قدامي 3 اختيارات، منهم 2 هدفع فيهم مبالغ ضخمة، وأنا ظروفي المادية متسمحش، الاختيار التالت كان مجاني، بس أجيب حكام في القاهرة على حسابي وأصور بكاميرات حديثة»، انتظر «محمد» 6 أشهر حتى تواصلت معه الموسوعة: «اتدربت فيهم، نطيت 10 كيلو في 5 ثواني 65، يوم 13 مارس 2017، كابتن جابر جابلي الكاميرات وصورنا في نادي ورا جامعة القاهرة»، مؤكدًا أنه لم يفقد الأمل إلى أن جاء اليوم الموعود الذي دخل فيه الموسوعة بعد أن حطم الرقم القياسي: «يوم 1 اغسطس 2017، اتسجلت في الموسوعة، وخدت الشهادة من لندن».

لم تتوقف أحلام «محمد» فقرر خوض سباق جديد ليحطم رقم قياسي في الملاكمة، لجأ إلى وزارة الشباب والرياضة لتساعده لكنه عاد بخفي حنين: «الملاكمة محتاجة امكانيات عالية أنا مش هقدر عليها، بمرن نفسي لإن مفيش مدربين ملاكمة في الصعيد، وروحت الوزارة قالولي مش هنقدر نساعدك لإن الموسوعة ملهاش اتحاد في مصر»، تتلخص امنياته في دخول الاولمبياد في الملاكمة والحصول على عضوية نادي بالقاهرة، بسبب انعدام الامكانيات في الصعيد.

فرسان كرة القدم في سوهاج وقنا

كرة القدم كانت الطريق الأصعب في محافظات الصعيد، لكن حبهم الشديد لها، جعلهم يخوضوا المغامرة بشغف وحماس، بعضهم التحق بأندية الصعيد واستمر بها، والبعض الآخر تركها متجهًا إلى القاهرة لعله يجد فرصة أفضل تؤهله للوصول إلى حلمه، «حسام يسري» طالب بالصف الثاني الثانوى الأزهري، 16 عامًا، من ابناء محافظة سوهاج، مركز «البنينة»، أجرى اختبارات بنادي «المقاولون العرب» وعمره 15 عام، ثم نادي «الزمالك».

لم يكن لديه واسطة تؤهله للعب بنادي الزمالك، لذلك خرج بعد الاختبار الخامس، يقول: «شوفت ناس حرام إنها تعلب كورة وعدت بالواسطة»، ثم اتجه «حسام» إلى نادي «الاتحاد السكندري» وبالفعل التحق به منذ شهرين: «قعدت في حدائق المعادي عشان النادي والتمارين، قررت أشوف مستقبلي في القاهرة لإن مفيش فرص في الصعيد، محدش مهتم بالكورة».

يتمنى «حسام» أن يكون فى مستوى «حسام غالي» لاعب النادي الأهلي: «بلعب في نص الملعب، نفسي ابقى مشهور زيه»، أما «محمود عبد الحامد» لازال متمسكًا بحلمه في الصعيد، يلعب في نادي «تليفونات بني سويف» لكن تدريباته في القاهرة، 17 عاما، يقطن في مركز «البلينا»، بدأ مشواره في كرة القدم وعمره 8 سنوات، التحق بنادي «الألومنيوم»، ثم نادي «سوهاج» لكنه لم يوفق في الاختبارات: «بتمرن في القاهرة والماتشات في الصعيد، في مواهب كتيرة في الصعيد بس مدفونة، حلمي أروح المنتخب وأبقى لاعب كبير».

«عمرو صلاح» أحب كرة القدم لأجل أبيه اللاعب بنادي «قوص» سابقًا، كثيرًا ما اصطحبه إلى النادي، ليشجعه إلى أن قرر السير على دربه ليكون لاعب كرة قدم، يدرس بالصف الثاني الثانوي العام، يقطن بمحافظة قنا، لكنه التحق بنادي «النصر للتعدين» في أسوان، يقول: «قعدت 3 سنين في نادي الألومنيوم، وقعدت في البيت سنتين، روحت نادي النصر، بلعب في وسط الملعب»، مؤكدًا أنهم يعانون من قلة الأهتمام في الصعيد: «بنتمرن عشان نلاعب مرسى مطروح، ببات في سكن النادي، سيبت نادي الألومنيوم لأنه مكنش هيوديني لمكان تاني، كنت هفني حياتي فيه، عاوز أتشهر وأبقى نجم، معندناش اهتمام بالموهوبين، عندنا مركز شباب واحد والناس جهزته على حسابها عشان تلعب فيه كورة».

«محمد حامد» يسيرعلى درب «النقشبندي»

عاشق للشيخ «سيد النقشبندي» ومستمع جيد لـ «نصر الدين طوبار»، نشأ في بيئة دينية اتاحت له الاختلاط بمشايخ الطرق الصوفية، كان بينهم شيوخ ومنشدين، علموه أصول الإنشاد كان يُردد معهم إلى أن اكتشف موهبته، أحب أبويه صوته وكانا مصدر الدعم والثقة الدائمين له.

«محمد حامد» طالب بكلية التجارة جامعة جنوب الوادي، يقطن بمحافظة قنا مركز «بشنا»، بدأ الإنشاد منذ 9 سنوات، يستيقظ فجرًا ليستمع للابتهالات ثم يصلى الفجر ويكرر سماعها مرة أخرى في المذياع أو الجامع، يقول: «عندي 20 سنة، بنشد في الليالي الدينية اللي بتتعمل عندنا، سمعت ابتهالات كتيرة في شرايط، واتعلمت انشد بطريقتي، بسمع للشيخ ياسين التهامي، كنت بنشد في الإذاعة المدرسية، سجلت في قصر الثقافة وشاركت في حفلات مولد النبي».

التحق الشاب العشريني بمركز الفنون بالجامعة، وشارك في العديد من الحفلات والمسابقات: «خدت المركز الأول في الإنشاد على مستوى الجامعة، كنت ضمن الـ 12 اللي اختاروهم يكونوا اوركسترا الإنشاد الديني في وزارة الشباب والرياضة، بيكون ليها بروفات وفرص سفر بس اعتزلت عشان دراستي»، كما أنشأ فريق باسم «تجلي» من 5 أفراد يقدم حفلات في الأقصر وسوهاج وأسوان، ولم يتبقى سواه: «عملت 52 حفلة، حقنا ضايع في الصعيد مش واخدين فرصتنا، مش باصين لمجال الإنشاد الديني، مع أن أغلب المنشدين طلعوا من الصعيد، مش واخدين حقنا زي اللي موجودين في القاهرة، نقابة الإنشاد الدينى جنبهم، اللي بيغنى بيروح الأوبرا لكن في الصعيد لا عندنا معهد ولا اوركسترا ولا أي حاجة».

«شيماء» بنت الأقصر غنت أمام «حلمي بكر»

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل