المحتوى الرئيسى

«خزعل».. شاب فلسطينى عاش طفولته بمخيم اللاجئين فى بيروت وممنوع من العودة إلى بلاده.. ويؤكد: «القدس عنوان هويتى»

01/21 11:14

وُلد بعيداً عن أرضه، عاش طفولته خلال التسعينات فى مخيم البراجنة للاجئين الفلسطينيين فى بيروت، بعد أن أجبرت عائلته على مغادرة فلسطين عام 1948، وبعد سنوات قليلة مع غليان الأوضاع فى المنطقة العربية انتقل الصبى إلى بلد جديد، فسافر إلى كندا ليبدأ دراساته الجامعية فى جامعة يورك، وهناك أصبح الصبى شاباً وبدأ رحلة تحدٍ فى مواجهة الظروف الصعبة التى تنتظر كل لاجئ خارج دياره، يقول شاكر خزعل: «عشت طفولة صعبة خلال نشأتى خارج الديار فى مخيم، فتحت عينى على الحياة فوجدت بلادى تحت الاحتلال، ووجدت نفسى بين زوج وزوجة يحاولان أن يعلما طفلهما كيف يعيش لاجئاً، كيف يواجه الظروف وكيف يقوى فى مواجهة الصعاب، لم أعش طفولة مثل باقى الأطفال فى بلدان أخرى، عشت طفولة تشبه حياة الكبار، أو بمعنى آخر ولدت كبيراً، هذا حظى وحظ غيرى من الفلسطينيين».

«خزعل» الذى عرف حياة اللاجئين منذ صغره، تعلم أشياء كثيرة ساعدته عندما أصبح شاباً يحمل جواز سفر أجنبياً: «أكثر شىء تعلمته هو ألا أترك شيئاً يهزمنى، الإنسان يستطيع أن يقاوم حتى آخر نفس، يقاوم ظروفه وتحدياته ويتعب إلى أن يحقق أحلامه، أو جزءاً من هذه الأحلام»، فى بلاده الجديدة، وراء المحيط، اختار أن يعمل صحفياً نظراً لإجادته الكتابة ومتابعته الأخبار وحرصه على تصفح الجرائد والمواقع الإلكترونية، بعد بحث دؤوب نجح فى الحصول على وظيفة بإحدى الصحف الأجنبية فى كندا، وخلال عمله التقى بفتاة صغيرة سورية الجنسية غادرت بلادها بصحبة أسرتها بعد نشوب العنف والدمار، لكنها عندما غادرت وطنها مثل آلاف المغادرين وجدت نفسها ضحية لتجارة الجسد، هذه القصة التى شاهدها على أرض الواقع، والتى مسته وأعادت له ماضياً لا ينساه أبداً، دفعته للكتابة، لكن كتابة من نوع آخر، ليست كتابة صحفية هذه المرة لكن كتابة أدبية: «كتبت رواية تحمل اسم (حكاية تلا)، هذه هى الفتاة التى قابلتها فى الحقيقة، وقررت أن أكتب قصتها فى رواية، لكنى أدخلت شخصيات من وحى خيالى، وغيرت جنسيتها من فتاة سورية إلى فتاة فلسطينية، لا أعرف لمَ أقدمت على ذلك، لكنى وجدت نفسى أفعل شيئاً ما فى داخلى، وبدأت كتابة الرواية التى ترصد أوجاع اللاجئين حتى خرجت إلى النور وحققت نجاحاً كبيراً، ليس داخل كندا فقط لكن داخل العديد من الدول»، قصة الرواية تدور حول فتاة تتجه من فلسطين إلى لبنان، ومن لبنان إلى تركيا، وفى تركيا تنتهى علاقتها بزوجها وتضطر وحدها للسفر إلى أوروبا، وهناك تصبح ضحية لتجارة النساء، وخلال عملها تلتقى بزبون أمريكى يقرر أن يساعدها فى الوصول إلى زوجها، لكن خلال مساعدته لها يقع كل منهما فى حب الآخر، وترصد الرواية كيف انتقلت الفتاة من بيئة محافظة بين فلسطين ولبنان إلى بائعة هوى فى أوروبا.

احتلال وإرهاب وظروف صعبة فى رحلة «الألم والتحدى» من فلسطين إلى لبنان وأخيراً كندا.. ورسالته للشباب العربى: «لا تفقدوا الأمل»

الأحداث التى يشهدها العالم من حرب ودمار وترويع لملايين الأبرياء، هى القضية التى يحملها الشاب الثلاثينى بين أفكاره دائماً، يتمنى لو أن يتغير العالم ليعمه السلام بدلاً من الحرب، يقول: «أنا لا أفكر بعاطفية، أنا شخص عقلانى، وهذه ليست مثالية منى، لكن من حق كل إنسان أن يعيش بأمان داخل بلده، وألا يجبر على الخروج منها، للأسف نحن نعيش فى عالم يزيد عدد اللاجئين فيه يومياً بسبب مشاكل وأزمات لم يتسبب فيها الناس الأبرياء، وكلما تزيد المشاكل والأزمات، تزيد أرقامنا. اللاجئ فى العالم يعامل على أنه رقم. الآن أصبحنا 50 مليون لاجئ»، يشيد بتعامل بعض الحكومات مع اللاجئين، فيما يتهم حكومات أخرى بالتخاذل: «هناك حكومات تتعامل بشكل كتير مليح، وأنا أريد أن يكون التعامل مع قضيتنا تعاملاً بنائياً مفيداً، وليس تعاملاً عاطفياً أو عشوائياً، توجد حكومات تعطى فرصاً للاجئين، لأن اللاجئ ليس فى حاجة إلى أكثر من فرصة فقط، وهناك بلدان أخرى لا تتعامل بالشكل الصحيح وتروج لخطاب الكراهية ضد اللاجئين وتغلق أبوابها أمامهم وهذه أمور غير إنسانية»، فى كندا يقول إنه واجه تعاملاً طيباً من المسئولين ساعده على أن يخطو قدماً نحو أحلامه، وأن يجد الفرصة التى ينتظرها، وينجح فى استغلالها، يتابع: «الحكومة الكندية تتعامل بشكل طيب مع كل لاجئ، وهنا كانت ظروفى أفضل من غيرى فى بلدان أخرى، ووجدت من يتعامل مع ظروفى بمنطق ووعى وليس عاطفة أو كراهية».

خروجه من وطنه الصغير فلسطين، ووطنه العربى الأكبر، لم يجعله ينسى للحظة واحدة ما يدور فى هذا الإقليم الذى ما زال ينتمى إليه بهويته ووجدانه، حسبما يقول: «أتابع أخبار الوطن العربى، وهى لم تعد أخبار عالم عربى فقط لكنها أخبار تهم العالم كله، الحروب والصراعات ليست جديدة علينا، عمرها مئات السنين فى بلادنا، وبرغم كل ما يحدث، وبرغم كل ما واجهته فى حياتى، فأنا لا أفقد الأمل أبداً، وأرى أن العالم العربى ما زال عنده مقومات جيدة ومؤشرات إيجابية يستطيع أن ينطلق منها نحو مستقبل أفضل، فى مصر هناك أشياء عظيمة، وفى الإمارات هناك خطوات ترفع الرأس»، يشير إلى أنه لا يحب الوقوف فقط عند الجانب السلبى، لكنه يحب أن ينظر إلى الصورة كاملة، الإيجابى والسلبى، يواصل حديثه: «أنا لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل، لكنى متأكد أن المستقبل سيكون أفضل من الوقت الحالى، أنا شخص غير عاطفى، وأعرف أن هناك أشياء كثيرة محزنة، لكن أيضاً هناك نقاط ضوء تبعث الأمل فينا».

نعيش فى عالم ملىء بالحروب والدمار وترويع الأبرياء.. وأكثر شىء تعلمته ألا أستسلم للهزيمة وبعض البلدان لا تحترم اللاجئين

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل