المحتوى الرئيسى

مصر: إقالة رئيس المخابرات العامة يثير عاصفة من التكهنات

01/19 18:25

إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء خالد فوزي من قبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أوجد حالة من الجدل في المجتمع المصري خاصة أنه يأتي بعد زهاء ثلاثة أشهر من إقالة مماثلة لرئيس جهاز أمني سيادي  وهو الفريق محمود حجازي الذي شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المُسلَّحة المصرية. وأعلن التلفزيون المصري أمس الخميس (18 كانون الثاني/يناير) أن الرئيس السيسي كلف مدير مكتبه عباس كامل بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة لحين تعيين رئيس جديد للجهاز.

وشغل كامل منصب مدير مكتب السيسي عندما كان وزيراً للدفاع في حكومة الرئيس السابق محمد مرسي الذي أعلن الجيش عزله في 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر عاماً، ثم شغل بعدها منصب مدير مكتب السيسي وذلك منذ انتخابه رئيسا في 2014.

ووسط غياب أية معلومات رسمية عن سبب إقالة فوزي، وعدم ذكر أية تفاصيل من قبل وسائل الإعلام المحلية، فقد أثارت هذه  الخطوة موجة من التكهنات على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً وأنها تأتي مع اقتراب الانتخابات المصرية والتي ستجري في آذار/ مارس المقبل، والتي يتوقع أن يعلن السيسي ترشحه لها في الأيام القادمة.

الكاتب السعودي جمال خاشقجي اعتبر في تغريدة على تويتر أن إقالة مدير المخابرات العامة في مصر تعبر عن أزمة في الثقة داخل مؤسسة السلطة في مصر، وكتب: "عندما لا يجد السيسي غير مدير مكتبه يسلمه المخابرات، فثمة أزمة ثقة داخل مؤسسة الحكم، ستبقى مصر تبحث عن باب الخروج الى حين". 

أما الكاتب والمحلل السياسي محمد رشيد فيرى أن إقالة فوزي وتكليف كامل هو خطوة إيجابية، حيث كتب مغرداً على تويتر: "عكس ما يروجه كارهو مصر، فتكليف اللواء عباس كامل بإدارة المخابرات العامة لحين اختيار رئيس للجهاز قرار يتصف بالحكمة و الثقة و العقلانية، فهذا الجهاز المقاتل من قاعدته لقمته يستحق التفكير و التريث و حسن الاختيار، و رئاسة هذا الجهاز الوطني ليس تشريفا بل هو تكليف وطني ثقيل".

ويرى آخرون أن إقالة مدير المخابرات العامة خالد فوزي هي نتيجة لصراع يظهر بين الأجهزة الأمنية في مصر، خاصة أنه يأتي بعد ثلاثة أشهر من إقالة رئيس أركان حرب القوات المُسلَّحة المصرية، الفريق محمود حجازي. وكتب الإعلامي المصري هيثم أبو خليل على تويتر: "ماذا تعني إقالة مدير المخابرات العامة في مصر بعد فضيحة التسريبات وتعيين عباس كامل ؟ الإجابة تتلخص في : ١- صراع أجهزة بدأ يطفوا بعد إقالة الفريق محمود حجازي وتحييد أحمد شفيق وظهور سامي عنان ٢- السيسي يعلن بصورة مباشرة إلغاء استقلال جهاز المخابرات العامة وضمه للجيش!"

ويعتقد الدكتور ممدوح حمزة، الذي كان رئيس الوفد الحكومى الذي كان يتفاوض مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أن إقالة اللواء خالد فوزي، ترتبط بموقفه الرافض تماماً "للوطن البديل"، مشيراً إلى "المشروع الأمريكي" لإنشاء "وطن بديل" للفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء مقابل بعض الأراضي الفلسطينية، وكتب: "خالد فوري رافض تماماً لمشروع الوطن البديل بناء علي مقابلة مباشرة معه وبوجود شاهد، وقال لي إن سبب تخلي أمريكا عن مبارك هو رفضه للوطن البديل علي أي جزء من سيناء".

وتأتي هذه الإقالة في وقت يتم فيه التحقيق الجنائي حول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن قبول "ضمني" مصري بقرار ترامب بشأن القدس، حيث يتحدث التقرير عن "توجيهات" لضابط مخابرات مزعوم يدعى أشرف الخولي لإعلاميين بالسعي للترويج للقبول برام الله بدل القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية. وقد بثت قناة الجزيرة القطرية و"قناة مكملين الفضائية"، المحسوبة على الإخوان المسلمين والتي تبث من تركيا، التسجيلات الصوتية للمكالمات الهاتفية.

وللمخابرات العامة في مصر باع طويل مع القضية الفلسطينية، حيث أدارت لسنوات طويلة علاقات القاهرة مع الفلسطينيين وساعدت قبل عدة أشهر في حل خلافات بين السلطة الوطنية الفلسطينية التي تتخذ من رام الله بالضفة الغربية مقرا لها وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.

وذكّر البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بتسريب صوتي للمكلف بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة عباس كامل، حيث كان قد قال فيه متحدثاً عن جهاز المخابرات العامة: "العامة إيدك منها والأرض"، ما يعني في اللهجة المصرية أنه لا فائدة منها، حيث كتب علي العش على تويتر: ""العامة ايدك منها والأرض" اللواء عباس كامل متحدثا عن المخابرات العامة في تسريب أذيع في فبراير/شباط عام 2015".

إلا أن تامر الشهاوي عضو لجنة الدفاع و الأمن القومي في البرلمان المصري، وبالرغم من عدم إعلان رسمي عن سبب إقالة خالد فوزي، قال في تغريدة على تويتر إن سبب الإقالة هو المرض، وكتب: "كل الدعوات بالشفاء العاجل للسيد اللواء خالد فوزي. لقد أديتَ مهمّتك في وقت شديد الصعوبة.  السيد اللواء عباس كامل: تكليف صعب في توقيت أصعب. موفق بإذن الله".

وأيده في ذلك الإعلامي وعضو البرلمان المصري مصطفى بكري الذي قال إن خالد فوزي هو من طلب إقالته بسبب "تدهور كبير في صحته"، وكتب سلسلة من التغريدات على تويتر يشرح فيها سبب إقالة خالد فوزي وتكليف عباس كامل بتسيير أعمال جهاز المخابرات، معتبراً أن السيسي "اضطر" لقبول استقالة فوزي، وكتب: " إن حقيقة ما حدث هو أنه منذ فترة من الوقت يعاني اللواء خالد فوزي من مرض صعب وهو ما أدى إلى فقدان وزنه كثيراً، وقد سافر إلى الخارج عدة مرات للعلاج، وكان السيد الرئيس يتابع حالته الصحية أولا بأول" وتابع "ولوحظ في الفترة الأخيرة حدوث تدهور كبير في صحته منعه حتى من حضور قداس الكاتدرائية الجديدة أو حضور بعض الاجتماعات الهامة ، مما دفعه التقدم بطلب الي الرئيس يطلب فيه اعفاءه من منصبه ، فاضطر الرئيس إلى قبول الطلب".

أما المحامي جمال عيد فقد تساءل على تويتر عن سبب تأخر وسائل الإعلام المصرية في إعلان الخبر بالرغم من نشره من قبل وسائل الإعلام العربية الأخرى، وغرد: "أولاً قرأت خبر إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية (ضع خط تحت المصرية)، ثانياً بحثت عن الخبر على جوجل باسم خالد فوزي، ثالثاً: النتيجة أخبار بصحف كويتية ولبنانية وتونسية، ولا خبر بالصحف المصرية، رابعاً لا يوجد تعليق مناسب".

والبعض الآخر اعتبر أن خطوة السيسي هذه جاءت من أجل ترقيع أخطائه وإلقاء العبء على عباس كامل، حيث غرد وليد رجب: "وهذا يعني أن السيسي يقول لعباس كامل ابقى ماسكاً بالسطل، وإن تسربت منه ولو نقطة واحدة وسقطت على الأرض ستلحق بالبقية وأنت تعرفهم جيداً".

التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمرة الأولى علنا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين (19 سبتمبر/ أيلول 2017) في نيويورك، في خطوة تعكس رغبة مصر في العودة إلى مقدمة الساحة الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وبحث السيسي ونتانياهو على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية المعطلة منذ عام 2014.

وشهدت زيارة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى مصر في سبتمبر/ أيلول 2017 لبحث المصالحة الفلسطينية من جانب آخر تطورا ملحوظا في موقف القاهرة حيال حركة حماس بعد فترة طويلة من الفتور. وكانت القاهرة اتهمت حماس بدعم جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفت "منظمة إرهابية" في مصر منذ الإطاحة في صيف 2013 بالرئيس الإسلامي محمد مرسي.

رغم الحضور القوي للقضية الفلسطينية في برامج الأحزاب المصرية، وبالأخص "حزب «العدالة والحرية"، الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين بعد الثورة، وحضورها لدى الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، وبالرغم من تحسن العلاقات بين مرسي وحركة حماس في غزة كان بقاء معبر رفح مغلقًا -خاصة بعد مقتل 16 جنديًا مصريًا على الحدود في 6 أغسطس 2012- دليلًا على موقف مصر تجاه ملف حصار غزة وفتح معبر رفح.

دعمت مصر بقيادة مرسي حركة حماس في الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، فقامت بسحب السفير المصري في نوفمبر 2012 ردًا على الحرب. وصاحب الدعم الحكومي ردود فعل شعبية ورسمية وإرسال وفود للقطاع وحث دول الجوار على اتخاذ إجراءات قوية ضد "العدوان"، كما عملت مصر على رعاية تهدئة الأوضاع وإقرار هدنة بين الطرفين. وتُوِّج الدعم المصري بزيارة رئيس وزراء مصر حينها هشام قنديل إلى غزة.

بوصول أوباما إلى سدة الحكم، عاد الحديث مجددا إلى الدور المصري في عملية السلام، وكانت العلاقات الأمريكية المصرية شهدت تدهورا في عهد جورج بوش الابن والرئيس المصري محمد حسني مبارك، وذلك بعد انتقادات أمريكية لملف حقوق الإنسان. وزار مبارك واشنطن في آب / أغسطس 2009، وأكد هناك على أهمية الوصول إلى اتفاق سلام شامل بين الفلسطينيين والإسرائليين، وصرح أنه بوسع دول عربية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

دعمت مصر وحضرت توقيع اتفاق أوسلو، الذي شهد اعترافا متبادلا بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل وإعلان المبادئ، الموقّع في البيت الأبيض بتاريخ 13 سبتمبر/ أيلول 1993، بعد مفاوضات سرية فلسطينية إسرائيلية في النرويج. وكان للرئيس الأسبق حسني مبارك دور كبير في دعم هذا الاتفاق.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل