المحتوى الرئيسى

تكتب: «المظاليم» | المصري اليوم

01/19 05:32

لدىّ قناعة لا تتغير من فرط ما يضاف عليها من تأكيدات متجددة تُثبت رسوخ تكرارها على مر العصور دون جهد يذكر أو عرق يقطر، هذه القناعة فحواها أننا بمنتهى سلامة النية وسذاجتها بالتساوى نتوارث القابلية لتصديق أى شىء فى أى وقت دون ترو أو مراجعة وهو ما يسجل أعلى درجات الانقياد خلف كلمة تودينا وكلمة تجيبنا، وهكذا يسيل اللعاب أمام تضاريس ومنحنيات كل خبر معدى ولا يهم إن كان «طبيعى» أو «محقون»، الأهم نظرية الهرى على مين النهارده، وهات يا تشيير أخبار وخد يا بيانات تكذيب وإديلو يا مداخلات فى كل القنوات أرضى وفضائى، وزغرتى ياللى مانتيش غرمانة، وأنا هنا لا أنكر أن بعضها حقائق لا غبار عليها، لكن بنفس ذات الأمانة علينا أن نقر أن البعض الآخر أكاذيب لا صحة لها وتجنباً للوقوع فى فخ الحيرة بين الحق والباطل يراعى تحرى الدقة، فهى الفيصل والفاصل بين طريقين أحدهما مُضل يتبع الافتراء لأن منهجه قائم على الادعاء وياما فى التاريخ مظاليم ذاقوا الاتهام من تحت راس مكائد ودسائس دُبرت لهم من قِبل أشرار يعيشون بيننا والأمثلة كثيرة، لكنى توقفت أمام ثلاثة نماذج ربما لشيوع تداول أسمائها عند الحس الشعبى فى مختلف المواقف، وسأبدأ بالأكثر تعرضاً للتجنى إلى يومنا هذا.

■ الفاشوش فى حكم قراقوش: ارتبط اسم قراقوش فى الشرق بالتحكم الأعمى لما نُسب إليه من حكايات مفبركة على يد كُتاب مغرضين فى عصره أرادوا تشويه صورته بكل السبل حتى شاعت بين البشر عبارة حكم قراقوش على كل مفترى، والحقيقة أنه أحد قادة صلاح الدين الأيوبى الأكفاء الذى بنى أعظم المنشآت الحربية، إضافة إلى سور القاهرة والقلعة، فكان أخلص أعوانه وأقربهم إليه لانضباطه وأمانته فى الحفاظ على ممتلكات المحروسة من جواهر وجوار بعد زوال حكم الفاطميين، ولم يفتن بالجمال ولا أغواه المال ولما مات العزيز الأيوبى وترك الملك لابنه المنصور وهو فى التاسعة من عمره، جعل الوصى عليه قراقوش فكان الحاكم العادل الذى أصلح البلاد وأرض العباد. ومع الأسف مات قراقوش الحقيقى المظلوم وبقى قراقوش الفاشوش الظالم.

■ هارون الذى كان رشيداً: عُرف هارون الرشيد بلياليه الماجنة وسهراته المارقة ونزواته المتعددة وهو زيف وكذب رواه شعوبيون بهدف الإساءة إلى الخليفة على أثر إبعادهم عن بلاطه، حتى نوادر أبى نواس عنه كانت محض افتراء فهو لم يقابل أبا نواس طيلة حياته وحين تولى الرشيد الخلافة كانت بغداد أعظم مدن الدنيا فى عصره وكان هو أكثر الخلفاء العباسيين اهتماماً بالعلم والعلماء والأدب والأدباء، وقد شمل الكل بعدله وكان يضرب به المثل فى التواضع والتقوى فإذا حج إلى البيت الحرام حج معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج قام بالإنفاق على ثلاثمائة رجل ليؤدوا الفريضة والكتب مليئة بمواقف رائعة له فى نصرة الحق والشجاعة والكرم إذ كان يتصدق من صلب ماله كل عام بألف درهم ومع الأسف رحل هارون ولم يجد رشيداً ينصفه.

أهم أخبار أخبار الأهلي

Comments

عاجل