المحتوى الرئيسى

مراكز معلومات المحافظات.. «جراجات» للموظفين والمحافظون يواجهون «التعتيم» بـ«الرصد الميدانى»

01/19 00:29

توافر المعلومات هو أحد المحاور الرئيسية فى عملية اتخاذ القرارات، وعادةً ما يؤدى غياب المعلومة الحقيقية والمجردة إلى انحراف القرار عن هدفه المنشود، ومن هذا المنطلق بدأت الحكومة إنشاء مراكز للمعلومات بمختلف الأجهزة التنفيذية، سواء التابعة للوزارات أو المحافظات المختلفة، وساعدت تلك المراكز متخذى القرار، من خلال توفير المعلومات والبيانات والإحصائيات اللازمة، فى إصدار كثير من القرارات، إلا أن دور هذه المراكز بدأ يتراجع بشكل كبير قبل 5 سنوات، خاصةً فى المحافظات، حتى أصبح الحصول على المعلومة، فى حد ذاته، مهمة تبدو شبه مستحيلة.

أحد قيادات مركز معلومات التنمية المحلية بمحافظة الدقهلية تحدث لـ«الوطن» عن الحالة المتردية التى وصل إليها المركز قائلاً: «عندما بدأنا العمل فى مراكز المعلومات كنا عمود التنمية فى مصر، ولكن يبدو أن المسئولين خافوا منا، فوزعونا وشتتوا قوتنا»، مشيراً إلى أن «المشكلة حالياً تكمن فى قيمة المعلومة، ولجوء البعض إلى استغلالها بشكل خاطئ، وبغرض تحقيق أهداف غير التى تم جمعها من أجلها»، وأضاف: «أصبحنا نعانى حالياً من الحصول على المعلومات، الكثير من الجهات الحكومية ترفض التعامل معنا، وبالتالى لا يمكننا الحصول على أى إحصائيات أو معلومات مهمة منهم، ويزودوننا فقط بقشور المعلومات». وتابع المسئول، الذى طلب عدم ذكر اسمه، قائلاً: «كنا إدارات قوية عندما كانت مراكز المعلومات تتبع وزارة التنمية المحلية، حتى 2013، وبعدها تم توزيعنا على المراكز والمدن»، مؤكداً أنه تم تصفية عدد من مراكز المعلومات فى بعض المدن تماماً، كما هو الحال فى مدينة السنبلاوين، كما تم دمج بعض المراكز الأخرى ضمن مركز دعم اتخاذ القرار، التابع لرئاسة مجلس الوزراء، كما هو الحال بمدينتى المطرية وأجا.

تعطل أجهزة الكمبيوتر ونقص العمالة المدربة فى مراكز الدقهلية.. ومواطنون يطلبون تعميم «الشباك الواحد»

«خالد عبدالرحيم»، موظف من أبناء محافظة الدقهلية، قال: «عندما ظهرت مراكز المعلومات كانت معلوماتها دقيقة وقوية وتساعد فى اتخاذ القرار، أما الآن فلا توجد لديهم معلومة غير التى ترد إليهم»، وأضاف أن «مركز المعلومات بالنسبة لنا ليس مكاناً للحصول منه على معلومات، وإنما لكتابة مراسلات ومكاتبات الإدارة والمركز والمدينة، نظراً لعدم وجود أجهزة كمبيوتر وطابعات إلا فى باقى الإدارات»، مشيراً إلى أن الموظفين والعاملين بالمركز تحولوا إلى مجرد «كَتبة»، بحسب وصفه.

موظف آخر، رفض ذكر اسمه، قال: «كانت لدينا شبكة رصد ميدانى، ونتابع أسعار السلع الاستراتيجية يومياً، والآن أصبحت تابعة لمكتب المحافظ»، وأضاف أن بعض المراكز تعانى من عجز شديد فى عدد الموظفين، ولا يعمل بها سوى موظف واحد، بعد أن تم توزيع باقى الموظفين على إدارات أخرى، وعدم وجود أى تعيينات جديدة.

وفى القليوبية، تحولت مراكز المعلومات فى مدن وقرى المحافظة إلى ما يشبه «جراجات» للموظفين، يتجمعون فيها يومياً لتناول الأطعمة والمشروبات، خاصةً أن معظمهم لا يعرف طبيعة ومهام دورهم الوظيفى، وتمكنت «الوطن» من رصد هذا المشهد فى كثير من الوحدات المحلية بمختلف مراكز القليوبية، حيث لا وجود لأى أعمال أو إنتاج ولا حتى توقيع فى دفاتر الحضور والانصراف، وعبر بعضهم عن الشعار الذى يرفعه البعض، بقولهم: «الكلمة الحلوة لموظف الدفتر، والضحكة فى وجهه كل يوم، أفضل من 100 توقيع». وتُعد الوحدة المحلية بقرية «ترسا»، التابعة لمركز طوخ، مثالاً على تراجع دور مراكز المعلومات، حيث يعمل فى مركز المعلومات بالقرية نحو 7 موظفات، يتجمعن صباح كل يوم لتناول الإفطار، ثم يتوجه بعضهن إلى سوق القرية، لشراء احتياجات منازلهن من خضار وفاكهة، وبعد العودة إلى المركز، يبدأن فى تنظيف وتجهيز الطعام، قبل العودة إلى منازلهن فى نحو الواحدة ظهراً، ويتكرر ذلك المشهد يومياً على مدار الأسبوع.

وأمام هذا الوضع المتدهور، والذى اصطدم به محافظ القليوبية، اللواء محمود عشماوى، بعد خروج مراكز المعلومات عن الدور المنوط بها فى تقديم الخدمات الإلكترونية للمواطنين، وبعد أن تحولت إلى «جراج» لما يقرب من 600 موظف، موزعين على 11 مركزاً رئيسياً بالمدن و50 بالوحدات المحلية، قرر المحافظ تفعيل دور هذه المراكز فى أعمال «الرصد الميدانى»، لمتابعة ورصد المشكلات والمخالفات على أرض الواقع، وتسجيلها وتوثيقها بالصوت والصورة، ومواجهة مسئولى الأجهزة المعنية بها، لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.

الدكتورة أمانى إبراهيم، مدير مراكز معلومات التنمية المحلية بالقليوبية، أكدت لـ«الوطن» أنه يتم عرض الجهود التى يقوم بها موظفو المراكز من خلال مهام الرصد الميدانى على المجلس التنفيذى للمحافظة، الذى يجتمع كل أسبوعين، وقالت إنه «أسلوب جديد تتبعه المحافظة لتفعيل دور مراكز المعلومات، بمبادرة من المحافظ»، ونفت فى الوقت نفسه، اتهام البعض لمراكز المعلومات بأنها أصبحت عديمة الجدوى، وأن موظفيها غير مؤهلين، وشددت على أن تلك الاتهامات لا تمت للواقع بأى صلة.

وأضافت أن مراكز المعلومات بالقليوبية تقوم حالياً بأكبر مشروع لإنشاء قاعدة بيانات تكنولوجية للمحافظة، يرجع إليها متخذو القرار عند حاجتهم إلى معلومة معينة، بالإضافة إلى تدريب العاملين على الطرق الحديثة فى تسجيل الشكاوى، وسرعة الرد عليها، والتفاعل مع المواطنين لحل مشاكلهم.

وقال المحافظ، اللواء محمود عشماوى، إن المحافظة تهدف إلى تنمية وتطوير المدن والمديريات من خلال تطوير مراكز المعلومات، بهدف تسهيل الخدمات وتيسيرها على المواطنين، والمساهمة فى اتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة وشاملة.

وفى الغربية، تشهد مراكز المعلومات فى عدد من المدن والقرى، ومن بينها مركز المعلومات بديوان عام المحافظة، حالة من الزحام الشديد، حيث يتكدس المواطنون أمام شبابيك الموظفين، فى طوابير طويلة تبدو بلا نهاية لها، من أجل إنهاء الإجراءات القانونية اللازمة لتراخيصهم، وهو ما أثار حفيظة كثير من المواطنين، بسبب تعطل مصالحهم لساعات طويلة. وبينما أكد «علاء محمود»، موظف بالتربية والتعليم بالمعاش، أنه استغرق ما يزيد على ساعتين فى استكمال واستيفاء الأوراق الرسمية لاستصدار ترخيص بناء عقار سكنى، فقد أشارت «أسماء الأشقر»، فنية تمريض، إلى مشكلة تعطل الكثير من أجهزة الحاسب الآلى بمركز المعلومات، وسقوط «السيستم» أكثر من مرة، بالإضافة إلى ضياع بعض الأوراق الرسمية، مما يؤدى إلى تأخير مصالح المواطنين.

وداخل مركز المعلومات بديوان عام محافظة الغربية، أكدت مصادر لـ«الوطن» أن المشكلة الحقيقية التى يعانى منها المركز تتمثل فى نقص العمالة المؤهلة، وعدم توافر عدد كافٍ من أجهزة الكمبيوتر، بالإضافة إلى تكرار انقطاع شبكة الإنترنت، وأشارت المصادر إلى أن سوء الخدمات المقدمة للمواطنين يهدد المتقدمين للمشروعات بخسائر وغرامات مالية كبيرة، جراء عدم الوفاء بسداد رسوم الإجراءات المالية والإدارية فى مواعيدها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل