المحتوى الرئيسى

وثائق سرية بريطانية: بي بي سي كانت «وسواسا استحوذ على عقل مبارك»

01/16 12:35

كشفت وثائق سرية بريطانية عن أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك كان منزعجا للغاية من بي بي سي لدرجة دفعته لرفض دعوة رسمية لزيارة لندن عام 1984.

وتشير الوثائق، التي حصلت عليها بي بي سي العربية حصريا، إلى أن البريطانيين حاولوا جاهدين "تخليص مبارك من وسواس بي بي سي" الذي كانوا يعتقدون بأنه سيطر عليه خلال سنوات حكمه الأولى.

وكشف سير مايكل وير، سفير بريطانيا في القاهرة آنذاك، عن مشكلة مبارك مع بي بي سي في برقية بعث بها إلى وزارته في 12 ديسمبر/كانون الأول عام 1984.

وقال سير مايكل إن سعيد حمزة، كبير الياوران في رئاسة الجمهورية المصرية في ذلك الوقت، سأل "هل لا يوجد حقا أي شيء يمكن لنا (يقصد البريطانيين) عمله بشأن بي بي سي".

ووفق البرقية، فإن حمزة أبلغ السفير بأنه كان يتحدث مع مبارك بشأن رحلة مرتقبة إلى واشنطن عام 1984، واقترح عليه أن يُدرج لندن في جدول الرحلة كما فعل في السابق، خاصة أنه ـ مبارك ـ زار باريس وبون أكثر من مرة أخيرا.

ونقل السفير عن حمزة قوله إن "مبارك رد (على الاقتراح) بأنه لن يفكر في الذهاب إلى لندن نظرا لموقف بي بي سي تجاه مصر"، حسب برقية سير مايكل.

وثائق سرية بريطانية: بريطانيا سعت لحماية مكانة مبارك كي لا يطيح به السادات

وثائق سرية بريطانية: مبارك "رفض ضغوطا قوية للمقايضة" على انسحاب إسرائيل من سيناء

وثائق سرية بريطانية تكشف "مؤامرة لاغتيال" مبارك في لندن

وكانت الحكومة البريطانية برئاسة مرغريت ثاتشر حينها قد وجهت دعوة رسمية لمبارك لزيارة لندن عام 1984، غير أنه رفضها.

وزار الرئيس المصري السابق لندن في عام 1982، بعد توليه الرئاسة بأربعة شهور، ثم زارها مرة أخرى عامي 1983 و1985.

سير مايكل: مبارك له ذاكرة كالفيل لا ينسى بسهولة.

وعندما "ألح" السفير على حمزة، الذي وصفه بأنه كان يعرف الكثير للغاية عن مبارك، كي يبلغه بالأدلة التي يستند إليها الرئيس في رأيه تجاه بي بي سي، لم يسمع منه أدلة مقنعة، حسبما تشير برقية السفير.

فتقول البرقية "غير أن ما طرحه (حمزة) هو برنامج تليفزيوني شهير بُث في بي بي سي (باللغة الإنجليزية) عن مصر خلال زيارة مبارك الأخيرة للندن (في شهر فبراير/شباط 1983) بالإضافة إلى شيء ما عن التغطية الإذاعية (لبي بي سي العربية حينذاك) بشأن (محاولة اغتيال رئيس وزراء ليبيا السابق عبد الحميد) البكوش".

وفيما يتعلق بالبرنامج التليفزيوني، فقد كان المقصود هو حلقة من برنامج "نيوزنايت" الشهير تضمنت تحقيقا عن أخطار الأصولية الإسلامية في مصر.

وحسب برقية من السفارة البريطانية في القاهرة مؤرخة في 5 فبراير/شباط 1983، فإن مبارك "وخلال تصريحاته في مطار هيثرو وأثناء حديثه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية على متن الطائرة في طريق العودة للقاهرة، أقدم على غير عادته على انتقاد البرنامج، ووصفه بأنه غير دقيق كليا، وأكد على استقرار مصر وتسامحها الديني، والفرص المبشرة التي توفرها البلاد للمستثمرين".

أما قضية البكوش، فكانت مثار نقاش بين سير مايكل والدكتور أسامة الباز، المستشار السياسي لمبارك في ذلك الوقت.

وقال السفير في برقيته إن الباز "أبدى فجأة ودون مقدمات ملاحظة قال فيها إن الرئيس استشاط غضبا من تعامل بي بي سي (الإذاعة العربية) مع القصة".

سعيد حمزة، ياور مبارك، سأل السفير البريطاني عن إمكانية أن يفعل البريطانيون شيئا بشأن مشكلة البي بي سي مع مبارك.

وأضاف الباز " لقد وصفوا (بي بي سي) الاغتيال الذي تحدثت عنه تقارير بأنه إهانة مذلة لقوات الأمن المصرية، (لكنهم) امتنعوا عن تصحيح أنفسهم أو الاعتذار عندما ظهرت الحقيقة".

وكان البكوش قد تعرض لمحاولة اغتيال في القاهرة عام 1982، وأحبطت السلطات الأمنية المصرية المحاولة، وأعلنت اعتقال الضالعين فيها ثم استعرض وزير الداخلية المصري تفاصيل المؤامرة في مؤتمر صحفي بثه التليفزيون الرسمي.

ونقل السفير عن الباز قوله إن "مبارك مقتنع بأن بي بي سي تكن مشاعر عداء حقيقي واضح تجاه مصر".

وحسب برقية سير مايكل، فإن المستشار السياسي لمبارك "قدم شواهد أو أدلة تزيد قليلا عما قدمه حمزة".

واقترح الباز، كما قال السفير "ضرورة عقد جلسة مع رئيس الهيئة العامة للاستعلامات (الدكتور ممدوح) البلتاجي لمناقشة الملف".

أسامة الباز اقترح عقد لقاء بين مسؤول كبير من بي بي سي ورئيس هيئة الاستعلامات المصرية لبحث سبل حل المشكلة.

وأضاف الباز "هذا قد يتبعه زيارة رفيعة المستوى ربما من جانب رئيس مجلس مديري بي بي سي" للقاهرة.

وبالصدفة، كما قال سير مايكل، كان إيريك باومان، رئيس الخدمة العربية في بي بي سي آنذاك في زيارة لمصر.

السادات كان "مستعدا لزيارة درامية ثانية للقدس استجابة لاقتراح لورد يهودي"

وثائق سرية بريطانية: مبارك قبل طلب أمريكا توطين فلسطينيين في مصر في إطار تسوية شاملة

ردا على تقرير لبي بي سي: مبارك ينفي "قبوله توطين فلسطينيين في مصر"

وتشير برقية السفير إلى لقاء وصفته بأنه "مفيد" ضم باومان والبلتاجي. إلا أن سير مايكل أكد أن المسؤول المصري "لم يتمكن من تقديم أدلة ملموسة أكثر مما قدمه الآخرون" بشأن بي بي سي.

وتكشف البرقية عن أن السفير وحمزة "ناقشا سبل تجاوز المأزق الواضح الناتج عن رأي مبارك تجاه بي بي سي".

وتشير إلى أن حمزة "اقترح، خطوة أولى، ضرورة أن يزور مصر ممثل رفيع المستوى من بي بي سي".

ورغم موقف الرئيس المصري السابق من المؤسسة الإعلامية الشهيرة، فإن حمزة أكد أن "مشاعر مبارك تجاه بي بي سي لا تؤثر بأي شكل على رؤيته للعلاقات الرسمية بين بلدينا".

لم يقدم المسؤولون المصريون أدلة ملموسة إلى بي بي سي تثبت ما يزعم أنه عداء منها لمصر، حسب السفير البريطاني في القاهرة.

وأضاف أن مبارك" تحدث دائما بحرارة بالغة عن هذه العلاقات وعن السيدة ثاتشر على وجه الخصوص".

ونصح سير مايكل بضرورة أن "ينتهز البريطانيون أول فرصة لمحاولة التخلص من تلك الرؤية تجاه بي بي سي" التي وصفها بأنها "شيطان غريب استحوذ على رأس مبارك".

Comments

عاجل