المحتوى الرئيسى

صفحة الملحدين | المصري اليوم

01/16 05:02

القبض على أدمن صفحة (الملحدين) على شبكة الفيسبوك كان يجب أن تنتفض معه كل الجهات المعنية: التربية والتعليم، التعليم العالى، الأزهر، الثقافة، الأمن، الأحزاب، البرلمان، الحكومة، ذلك أننا لسنا بصدد شخص هذه المرة، نحن بصدد ٣٤ ألف مشارك بالصفحة، التحقيقات أثبتت أن المتهم لم تتوقف حدوده على إنكار وجود الله، ربما هذا حقه، يؤمن أو لا يؤمن، إلا أن الأمر امتد إلى العبث بالأديان، التحقير من شأنها، تحريف آيات القرآن الكريم، دعوات واسعة للإلحاد، استخدام صور ومنشورات لتحقيق هدفه، الغريب هو دعوته إلى الشذوذ، أو المثلية الجنسية، الأغرب أنه قادم من محافظة المنيا خصيصاً للإقامة بالقاهرة بهدف مزيد من الانتشار.

نحن إذن لسنا أمام شخص معتوه أو مخبول أو حتى مضطرب عقلياً ونفسياً، نحن أمام مخطط متكامل الأركان، هناك هدف واضح، بدا أنه قد بدأ دعوته مبكراً جداً، ربما قبل سنوات طويلة، بدليل أنه استطاع جمع ٣٤ ألف شخص، بدا أنه ليس وحده، تقف وراءه مجموعات، بعضها بالجهد، وبعضها الآخر بالمال، بدليل أنه ترك مسقط رأسه وجاء إلى القاهرة بما تحتاج إليه من نفقات، رغم أنه أقام فى منطقة حدائق الزيتون بمحافظة القاهرة، إلا أنه كان يبث دعوته أو سمومه من مواقع بمنطقة الدقى فى محافظة الجيزة، التفاصيل المعلنة كثيرة، بالتأكيد ما هو غير معلن وما هو غير معروف أكثر وأكثر.

لم تحاول أى جهة متخصصة الوقوف على أسباب هذه الظاهرة أو هذه الكارثة، المجالس القومية للبحوث والمنظمات المتخصصة- وما أكثرها!- كان يجب أن تسعى إلى مقابلته لاستقصاء هذه الآفة، الجهات الأمنية رغم جهدها فى ضبطه إلا أنها يجب أن تسعى إلى ضبط من يقفون خلفه، وزارتا التعليم والثقافة كان يجب أن تسعيا هما كذلك لإعادة النظر فى المناهج، وفيما يتم تقديمه للمواطن بشكل عام من جرعات ثقافية على كل الأصعدة، وسائل الإعلام كان يجب أن تهتم بتخصيص مساحات لهذا الهدف، الأهم هو غياب الأزهر والأوقاف فى آن واحد، ربما الأوقاف مهمومة بالشأن السياسى والتوجيهات الأسبوعية فى هذا الصدد، إلا أن الأزهر لا يجوز ولا يصح أن يكون على الحياد فيما يتعلق بمثل هذه الكوارث.

فى زمن ما، كنا نستيقظ على أنباء جماعة عبدة الشيطان، أو مجموعة شواذ، أو حتى عصبة ملحدين، إلا أنها فى نهاية الأمر كانت مجموعات مكونة من أفراد تعد على أصابع اليد فى معظم الأحيان، وتزيد على ذلك نادراً، إلا أن ما نحن بصدده خطير من كل الوجوه، ليست مجموعة شباب طائش أو مراهق كما كان الحال فى السابق، ليست مجموعة مرضى نفسيين كما جرت الأوضاع فى كل دول العالم، يجب أن نعترف أننا أمام أوضاع مبرمجة، أصبح لها مقاهٍ معروفة، منتديات معلومة، مواقع إلكترونية عديدة، مخطط واضح المعالم والأركان، يبدأ من برامج تليفزيونية تشكك فى ثوابت الدين، ومقالات صحفية لا تستنكر الرذيلة، بل ربما تحض عليها باسم الحرية والديمقراطية والإبداع، إلى غير ذلك من مصطلحات حنجورية، لتعويض نقص شديد على كل الأصعدة تقريباً.

يجب أن تعترف كل جهة من الجهات المعنية بمسؤوليتها عن ذلك الذى وصل إليه حال المجتمع، يجب أن تعترف كل جهة بتقصيرها، يجب أن تلتفت كل جهة إلى القيام بدورها الأساسى بدلاً من حالة الرياء والنفاق تحت عناوين واهية، حينذاك فقط يمكن مواجهة مثل هذه المخططات، التى تسعى إلى إفراغ المجتمع من مضمونه، لجعله بلا هوية، لا دينية، ولا ثقافية، ولا وطنية، ولا عربية، بمرور الوقت سوف نجد أنفسنا أمام مجتمع البلياتشو، لا قضية وطنية ولا قضية قومية، ولا قضية أمن قومى من أى نوع.

يجب أن نعترف بأن هذه الجهود المحمومة التى يقوم بها البعض نحو إفراغ المجتمع من هويته قد أتت ثمارها إلى حد كبير، سوف نكتشف ذلك حين الدخول فى مناقشات مع الأجيال المختلفة، وليس جيل الشباب فقط، سوف نكتشفه حين الاستماع إلى حوارات الفئات المختلفة، وليس فئة الملحدين فقط، سوف نسمع كل ما يثير القلق على الحاضر والمستقبل، سوف نجد من يقول: ما شأننا وفلسطين، من يقول: ما شأننا والأقصى، من يقول: ما شأننا والعرب، بل ربما من يقول: ما شأننا والإسلام، انطلاقاً من نظرية: للبيت رب يحميه، هى الاتكالية واللامبالاة والتفسخ والتشرذم وفقدان الهوية فى أبشع صورها، هى مجرد مقدمة لما هو أسوأ.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل