في ذكرى مولده .. كيف وصلت رأس الإمام الحسين من كربلاء إلى مصر؟
بقلم – هاني ضوه :
يعيش المصريون هذه الأيام ذكرى عطرة وحلول بركة، حيث يحتفل آلاف المصريين المحبين بمولد سيد الشهداء، وسيد شباب أهل الجنة .. الإمام أبي عبدالله الحسين رضي الله عنه وأرضاه، سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وابن السيدة فاطمة الزهراء البتول ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وابن باب مدينة العلم الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، الذي قال فيه جده صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: "حسين مني وأنا من حسين .. أحب الله من أحب حسينا .. حسين سبط من الأسباط"، وقال عنه وعن أخيه الإمام الحسن رضي الله عنه: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".
مولده في مصر ليس ذكرى ميلاده:
ولد الإمام الحسين رضي الله عنه في الثالث من شعبان بالمدينة المنورة سنة أربع من الهجرة، بعد نحو عام من ولادة أخيه الحسن رضي الله عنه، فعاش مع جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ما يزيد عن الست سنوات، وقد استشهد الإمام الحسين وله من العمر سبعة وخمسون عامًا، في يوم الجمعة أو السبت الموافق العاشر من المحرَّم في موقعة كربَلاء بالعراق، عام واحد وستين من الهجرة.
والمصريون يحتفلون بمولد الإمام الحسين، وهي ليست ذكرى مولده، بل هي ذكرى وصول الرأس الشريفة للإمام الحسين إلى القاهرة في عام 549 هجريًا، بعد أن نقلت من عسقلان حيث كانت مدفونة هناك، إلى القاهرة التي تشرفت بها.
تذكر كتب التاريخ الإسلامي السنية وعلماء أهل السنة ممن تحدثوا عن تلك الفترة أنه بعد موقعة كربلاء عام 61 هـ حيث استشهد مولانا الإمام الحسين سيد الشهداء وأهل بيته، اجتز شمر بن ذي الجوشن- عليه لعائن الله – رأس الإمام الحسين وذهب بها إلي يزيد بن معاوية- عليه من الله ما يستحق- في الشام لينال مكافأته بولاية إحدى المدن الإسلامية، فأمعن يزيد في فحشه وعلق الرأس الشريفة للإمام الحسين- بأبي هو وأمي- على أبواب دمشق ليزيد الناس إرهابا، وبعدها تظل الرأس بخزائن السلام بدمشق بعد وفاته لتنقل وتستقر كما ذكر المؤرخون بعسقلان لمدة خمسة قرون.
كيف وصلت الرأس الشريف إلى مصر؟
وتعود رحلة نقل رأس "الحسين" بمصر إلى قصة طويلة ذكرها المؤرخون من أهل السنة خاصة من عاصروا هذه الواقعة من مؤرخي مصر وغيرها، عندما تزينت مصر وتجملت وأضيئت المصابيح شوقًا لحضور رأس "الحسين" حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعندما جائت الحملات الصليبية إلى بلاد العرب وكانوا ينبشون القبور المعظمة عند المسلمين خشي الوزير الفاطمي ذو الكلمة النافذة حينها الصالح طلائع بن زريك على الرأس الشريفة للإمام الحسين أن يمسها الصليبيين بسوء، فأوعز النصح للخليفة الفائز وأجزل في نصحه له بالتفاوض مع بلدوين الثالث قائد الحملة الصليبية على عسقلان بدفع مبلغ مالى كبير مقابل الحصول على الرأس الشريفة وإعادة دفنها بمصر.
وبالفعل تم الأمر وذهب الأمير الأفضل ابن قائد الجيوش بدر الدين الجمالي إلى عسقلان ووقف على قبر الإمام الحسين حتى استقر عند الرأس الشريفة فحملها على صدره من عسقلان في يوم الأحد الثامن من جمادى الأخر لتصل يوم الثلاثاء العاشر من نفس الشهر الموافق العام 548 هجريا الموافق 31 أغسطس عام1153 ميلاديا، وقد سار بها في موكب مهيب تقشعر له الأبدان وتخلج له جنبات الصدور وتنتشي بعزته كل فخور فرحا بنقل الرأس الشريفة إلى مصر المحروسة التي كانت وستظل إلى أبد الآبدين كنانة آل بيت رسول الله في الأرض.
وتقديرًا وحبًا من المصريين لأهل البيت وللإمام الحسين رضي الله عنه استقبل المصريون الرأس الشريفة للإمام الحسين عند وصولها لمصر بخلع نعالهم حتى لم يكن بينهم مرتديًا لنعله.
وما مرت الرأس الشريفة بقرية أو بلده إلا واستقبلها المصريون بالورود والعطور والفرح والبشر والسرور، ومن كرامات وصول الرأس الشريفة انتشار رائحة المسك منها في كافة الأرجاء التي مرت بها حتى أن الحارة المجاورة لمسجد الصالح طلائع والتي مرت بها الرأس الشريفة لتدخل ساحة المسجد التي دفنت بها الآن فإذا بأهالى الحارة يستنشقون عبير المسك فى بيوتهم وأمتعتهم، ومنذ هذه اللحظة وحتى يومنا هذا يطلق عليه الجميع حارة المسك- كما ذكر المؤرخون من أهل السنة-.
والمشهد الحسيني الموجود الآن كان قصرًا لأحد الأمراء يدعى الأمير حفيظ الدين أو ربيع الدين وكان يطلق على القصر اسم "قصر الزمرد"، وتنازل عنه الأمير وبني المسجد.
وقد أجمع المؤرخون وكتُّاب السيرة من أهل السنة على أن جسد سيدنا الإمام الحسين رضوان الله عليه دفن في مكان مقتله في كربلاء، وأما الرأس الشريفة فقد طافوا به حتى استقرت بعسقلان الميناء الفلسطيني حتى نقلت إلى مصر.
لجنة الأزهر التي رأت رأس الحسين
Comments