المحتوى الرئيسى

الكومبارس | المصري اليوم

01/13 09:02

رغم أن عدداً كبيراً من الفنانين أمضوا تاريخهم الفنى فى أداء الدور الثانى، سواء فى الأفلام أو المسلسلات أو المسرحيات، إلا أن التاريخ يذكرهم بكل فخر على أنهم من رواد السينما والمسرح، فى مقدمة هؤلاء، حسبما تسعفنا الذاكرة، كان الفنان عبدالمنعم إبراهيم، والفنان عبدالسلام النابلسى، والفنان ستيفان روستى، والفنانة زينات صدقى، والفنان رياض القصبجى، وغيرهم كثير، ممن لم يكن المشاهد ينظر إليهم أبداً على أنهم أقل من نجوم الصف الأول أو أصحاب البطولات المطلقة، أمثال عمر الشريف، أو عبدالحليم حافظ، أو فريد الأطرش، أو فاتن حمامة، أو نور الشريف، أو أحمد زكى.

الدور الثانى فى بعض المواقع بصفة عامة، أياً كانت هويتها، ربما لا يقل أهمية أبداً عن الموقع القيادى أو الموقع الأول فيها، بحكم ما يتم أداؤه من عمل، وبحكم ما يبذلون من جهد، كالمساعدين والنواب والوكلاء، وغير ذلك من كثير، ممن يتم إطلاق يدهم فى اتخاذ وصنع القرار، بالتالى يضعون بصماتهم على نجاح هذا المشروع أو هذه المؤسسة، حتى وإن كان حجر أساس المشروعات سوف يحمل أسماء أخرى بحكم المسمى الوظيفى.

حتى فى الشأن السياسى، قد يكون هناك الفاعل فى رسم سياسة الدولة على المستوى الخارجى، أى ليس بالضرورة أن يكون رئيس المنظومة، وقد يكون هناك الفاعل فى تسيير الشأن الداخلى، وليس بالضرورة أيضاً أن يكون رئيس الحكومة، وقد يعمل الأول فى العلن بحكم طبيعة التعامل مع الخارج والاستقبالات والسفريات والاجتماعات وما شابه ذلك، وقد يعمل الثانى فى الكتمان أو فى السر، بحكم طبيعة الشأن الداخلى، وعدم تجاوزه الصلاحيات الوزارية أمام الرأى العام على الأقل.

كل ذلك سوف يكون مقبولاً، وقد عشناه واقعاً على امتداد تاريخ الدولة المصرية وغيرها من البلدان قديماً وحديثاً، إلا أن ما ليس مقبولاً هو دور الكومبارس بلا معنى، أو دور الكومبارس بلا هدف نبيل، اللهم إلا الارتزاق والاستفادة الشخصية أحياناً، أو التدليس على أوضاع غير منطقية فى معظم الأحيان، ليتحول الدور هنا تلقائياً من الكومبارس إلى شىء آخر، بهدف واضح وصريح وهو إلهاء الناس وإضحاكهم، ليس على الواقع الذى يعيشونه فقط وإنما عليه هو شخصياً، رغم ذلك هو لن يبالى، فبمرور الوقت يعتاد ضحك الناس عليه وسخريتهم منه، وربما بمرور الوقت أيضاً يمكن أن يُصدق أنه أصبح مهماً أو حتى منافساً للفاعلين الحقيقيين.

الغريب فى الأمر أن ذلك الآخر يجب حرقه بالاستغناء عنه فى الوقت المناسب، أو فى المسرحية الجديدة لحساب آخر بالطبع، بعد أن يكون الجمهور قد ملَّ الحركات نفسها دون تجديد، والكلمات نفسها دون جديد، بما جعلهم لا يطيقون رؤيته، وسوف يتطلب ذلك إخراجاً آخر فى شكل جديد وملابسات جديدة، حتى يشعر الجمهور أن هناك جديداً قد حصل، فإذا كان الأول من ذوى الشعر الكثيف مثلاً، فليكن الآخر من فئة الصلع، وإذا كان الأول قد اعتاد التعطل والتشرد، فليكن الآخر من ذوى المهن، وإذا كان الأول ينتمى إلى فئة بعينها، فليكن الآخر منتمياً إلى أخرى لا تبعد عنها كثيراً، جغرافياً على الأقل، إلا أن الشرط الأول والأخير أن يكون المنطلق الحنجورى واحداً، لأن هؤلاء هم من اعتادوا مثل هذه الأدوار.

لستُ أبداً مع الذين يطلقون على مثل هذا النوع من الممثلين كومبارسات، ذلك أنها أدوار أقل من ذلك بكثير، بما يجعلنا لا نستمتع بمسرحية من أى نوع بقدر ما نجد أنفسنا أمام سيرك واضح المعالم متكامل الأركان، والجمهور دائماً وأبداً هو الضحية، يخرج ساخطاً بعد كل عرض، بعد أن يكون قد سدد ثمن التذاكر مقدماً، لم يعد يستطيع استرداده بحكم الدستور والقانون فى آن واحد، وربما كان ذلك هو سر انهيار العروض المسرحية لدينا فى السنوات الأخيرة تحديداً، سواء كانت هذه المسرحيات سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، ذلك أنه لم يعد هناك جديد ولا تجديد، الروايات نفسها، الوجوه نفسها، الأداء نفسه، فى ظل الإصرار على وجود أمثال هؤلاء، على الرغم من أن العرض بدونهم سوف يكون أكثر كوميديا ودراما فى الوقت نفسه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل