المحتوى الرئيسى

شعب تحت الطلب | المصري اليوم

01/10 23:28

مشهد الإرهابى وهو يتجول فى الشوارع شاهرا سلاحه، وباحثا عن ضحايا جدد بعد هجومه على مدخل كنيسة «مارمينا» بحلوان أواخر ديسمبر الماضى، مشهد يحمل من الدلالة بقدر ما يمثل من خطورة، فهو يقول أنا فى مواجهة الدولة، فإن هى غابت أو تأخرت أجهزتها عن الحضور أصبح الأمر له وحده.

فهو والدولة لا ثالث لهما على الأرض، لا شعب ولا مواطنين، لا فعل أو فاعلين، حتى أتت محاولة البعض إيقافه ثم السيطرة، فكانت صرخة بأن الناس لاتزال حية، وأنها لاتزال تحتفظ ببعض من روح مبادرة غابت، وتم تأكيد غيابها بعد ما شهدته من توهج فى 25 يناير 2011 وما تلاه من أحداث.

حيث كان الوجود القوى والفعل المؤثر رسالة لكل صانع قرار ولكل راغب فى الحكم، رسالة بأن الشعب قادر، وأنه إذا تحرك تغيرت المعادلات وخرجت عناصرها عن التحكم والسيطرة، رسالة أدركتها «الدولة العميقة» وتعاملت معها، فتسيدت، واستهان بها وتجاهلها نظام الإخوان، فسقط.

فتحت الدولة الرسالة فى وجه التنظيم المغتر بقوته فى 30 يونيو، واستدعت الحضور الشعبى لمنح وزير الدفاع تفويضا لمواجهة الإرهاب، ثم دعمه لرئاسة البلاد، وبعدها كان «التفويض» كـ«صك» تقرير وإدارة، ليعود الناس إلى حيث كانوا بحثا عن الأمن ولقمة العيش.

وجاء الغياب الشعبى، غياب عن صناعة القرار وعن المشاركة، غياب عن ترتيب الأولويات وعن تحديد الثابت والمتغير، غياب يسلب من إنجازات النظام ويضعه فى حرج سياسى، ومع دعوة الهيئة الوطنية للانتخابات المواطنين للإدلاء بأصواتهم، طبقا للقرار رقم 1 لسنة 2018، فإن كلفة الغياب فى تصاعد.

لكن الدوائر القريبة من السلطة انقسمت لوجهتى نظر، إحداهما ترى ضرورة استحضار الشعب لعمل ديكور وإخراج جيد أمام العالم، وللرد على القول بتراجع شعبية الرئيس وتراجع أعداد المؤيدين له، هذا الحال عكسته دعوة «المجلس الأعلى للإعلام» لجموع المواطنين للمشاركة.

فجاء البيان الصادر عنه يوم الثلاثاء على طريقة إعلانات الدواء الشافى من كل داء: «فإذا أردت عزيزى المواطن هزيمة الإرهاب واجتثاث جذوره فعليك بالمشاركة بالتصويت، وإذا كنت مع استقلال القرار الوطنى وعودة مصر دولة قوية فأمامك الصندوق، وإذا أردتها منيعة حصينة مهابة لا يتجرأ أحد على حقوقها فعليك بالذهاب للانتخابات، فالحضور الهادر يخيف الإرهاب والفساد، ويعادى الغلاء وبطء البيروقراطية، ويصد تآمر جماعات الإخوان الإرهابية».

وهذه الدائرة تتحسب لانسحاب المنافسين واحدا تلو الآخر، وتخشى نزول السيسى مرشحا وحيدا، فى حين لا يمثل ذلك أى هاجس لدى القطاع الآخر، فما يعنيه هو التجديد للرئيس بغض النظر عن الشكل أو الإخراج الجميل للاستحقاق الرئاسى.

فهؤلاء على قناعة تامة بأن ثمن الغياب الشعبى أفضل من حضوره، فالوجود الحر ليس مرحبا به ولا بما يحمله من تبعات، فالمطلوب هو شعب ساكن لا يكلفهم عناء إرضائه، وغاية المراد هى التواجد الانتقائى والفعل المحدد بمساحة بعينها ووقت بذاته، ثم العودة ليخلد فى سباته لا يسأل ولا يطلب، لا يقرر ولا يفعل لحين استدعائه عندما تدق ساعة النفير العام.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل