المحتوى الرئيسى

«الشهداء لم يلحقوا بقطار العمال».. قصص بناة السد العالي (صور)

01/10 22:16

لا تقف أهميته في جدواه الاقتصادية فقط، فمثَّل، بارتفاعه المهيب، رمزًا لإرادة هذا الشعب و"عناده" في وجه من الوصاية الأمريكية.. السد العالي الذي وضع حجر أساسه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في التاسع من يناير 1960، ونحتفي اليوم بمن حملوا المعاول والمطارق لبنائه. 

لم يكن أحمد النوبي قد تجاوز الـ15 عامًا، حين بدأ العمل في السد، في إحدى ورش التركيبات الميكانيكية، التي كانت تعد عصب العمل اليدوي والميكانيكي بالسد، والتي اختصت بنقل معدات التركيبات لمحطات التوليد والتشغيل بجسم السد.

النوبي، الذي تجاوز الستين عامًا، كان يتقاضى 10 قروش في اليوم، موضحًا أنه بعد انتهاء المشروع، تم إلحاق العاملين في الجهات الحكومية، التي كانوا يرغبون فيها تكريمًا لهم، وفضل هو أن يعمل في إدارة مناسيب السد.

وعن ذكرياته، التي لا ينساها داخل المشروع، قال إنها لحظة تحويل مجرى النهر في 15 مايو عام 1964، حيث شاهد عبد الناصر، ورئيس وزراء الاتحاد السوفيتى نيكيتا خروتشوف.

ويقول جابر عبد الحفيظ، 73 سنة، إن العمل في المشروع كان حلم الآلاف من أبناء الوطن، حيث واصلوا الليل بالنهار لإنجازه.

ومثل الحج النوبي، التحق عبد الحفيظ بقسم التركيبات الميكانيكية، حيث كان يشارك في تجهيز "الفرم" الخاصة بالأنفاق والمحطات الكهربائية، وبناء الأنفاق الخاصة بالسد.

عبد الحفيظ يتذكر طابور العمال، الذي كان ينتظر قطار السد العالي، الذي كان ينطلق من محطة أسوان، مرورًا بمناطق السيل وكيما، وصولا بمنطقة المشروع، حيث كان يحمل في كل وردية نحو ألف عامل، وكانت له مواعيد ثابتة للتحرك يوميًا فى الخامسة والسادسة صباحًا ثم العودة مساءً.

ويحكي محمد نوبي علي، 62 سنة، عن اللحظات السعيدة التي واكبت وصول أول توربينة خاصة بمحطة كهرباء السد العالي، قادمة من الاتحاد السوفيتى عبر نهر النيل، قائلًا إن أهالي أسوان خرجوا بالكامل لاستقبال "التوربينة"، وكأنها حلم ينتظره الجميع بشغف، فكانوا يوزعون الفاكهة والبلح والحلوى على العمال والناس في الشوارع ابتهاجًا بها.

"نوبي" التحق بالعمل في السد، حينما كان في الـ16 من العمر، وشهد جميع مراحل اكتمال إنشاء هذا الصرح، حيث عمل فى مختلف مراحله الإنشائية.

وبعد مضي أكثر من نصف قرن على هذا العمل، تم تأسيس فرع لجمعية بناة السد العالى بأسوان، التى تتلخص مهمتها، حسب "نوبي"، فى تقديم بعض الخدمات لبناة السد العالى وأسرهم، إلى جانب القيام بالتوثيق بالصوت والصورة للبناة الفعليين الذين ما زالوا على قيد الحياة، معتبرًا أن هذا التوثيق هو رد للجميل، والعرفان بما قدموه، وحتى تعرف الأجيال القادمة إنجازات هؤلاء الأبطال.

"كنت أريد أن أرى المشروع الذي تحدت به مصر العالم وهو يخرج من النور".. يقول كبير الفنيين بالسد، محمد عبد الله، 70 سنة عاما، الذي يتذكر إلى الآن فرحة شعب أسوان بالزيارات المتكررة لـ"عبد الناصر" لمتابعة أعمال بناء السد، والذي كان يعيش بيهم وكأنه أحد العمال، حسب تعبيره.

"عبد الله" أثنى كثيرًا على الخبراء الروس الذين عملوا داخل المشروع، مؤكدًا أنهم كانوا مخلصين وجادين منذ الوهلة الأولى، وعملوا على مدار الساعة، ما خلق أجواءً من التنافس مع نظرائهم المصريين، وهو ما جاء في صالح المشروع، معقبًا: "أتذكر أن عاملا روسيا كان يعمل على ماكينة تقطيع الصاج بقسم الخراطة، بتر أحد أصابعه أثناء العمل، وبمجرد تفكيرى فى مساعدته وعلاجه رفض، وطلب منى تجاهل الأمر، وتجنب إخطار أحد بما حدث، بل أنه لف منديلاً على أصبعه، وأخذ الجزء المقطوع من الأصبع، وقبل ذهابه طلب منى ألا أخبر أحداً بما حدث حتى لا يقال عنه إنه مهمل، وبالتالى يتم ترحيله".

الشيخ أحمد النخيلي، الذي بلغ 80 عامًا، فضل لسنوات البعد عن الحديث للإعلام، إلا أنه اختار أخيرًا أن يتحدث، راويًا حجم  الصعاب والتحديات التي واجهها الشعب من أجل إنجاز الحلم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل