المحتوى الرئيسى

«الهيئة العليا للدواء».. إحياء للصناعة الوطنية أم بوابة لـ«مافيا الأدوية»

01/10 14:49

منسق تحالف ضد قانون «هيئة الدواء»:

لا يصب في مصلحة المريض ويخدم رجال الأعمال وحدهم

بعد أقل من أسبوعين على إقرار مجلس النواب لقانون التأمين الصحي الشامل يبدأ مجلس الوزراء الأسبوع المقبل مناقشة مشروع قانون جديد باسم «الهيئة العليا للدواء»، ويعد هذا القانون بمثابة حلم راود كل العاملين بقطاع الدواء والصحة الذين أكدوا أنه طوق النجاه لصناعة الدواء الوطنية لوضع مصر بقوة علي خارطة التصدير والحفاظ على أمن وسلامة وفاعلية الدواء المصري وتوفيره بسعر مناسب للمريض ومواجهة ظاهرة الأدوية المغشوشة والمهربة التي غزت السوق المصرية.

وأكد الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان أن قانون هيئة الدواء المصري سيخرج إلى النور خلال 60 يومًا على الأكثر كركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية، وتم تشكيل لجنة من المعنيين بقطاع الصيدلة ورجال صناعة الدواء والهيئات الرقابية بالتنسيق مع القانونيين من وزارتي الصحة والعدل وتم إعداد مسودة أولية ويجري مراجعتها في وزارة العدل، على أن يتم عرضها خلال أسبوع على مجلس الوزراء.

وتعد صناعة الدواء من الركائز الأساسية في بناء المنظومة الصحية ويتمحور إنشاء الهيئة العليا للدواء حول سلسلة من الأهداف التى يأتى فى مقدمتها وضع الرؤى والسياسات المستقبلية لصناعة الدواء وما يتعلق بالمستحضرات الصيدلية وغير الصيدلية بالإضافة إلى إنشاء الكود المصرى لضوابط صناعة المستحضرات الصيدلية من خلال فاعلية الدواء وبرامج التسجيل والتداول والصرف والرقابة والبحوث الدوائية.

عقب أزمة نقص الأدوية التي بدأت بعد قرار تعويم العملة المحلية وتحرير سعر الصرف قبيل نهاية عام 2016 أعلنت لجنة الشئون الصحية بجلس النواب عزمها إعداد مشروع قانون للهيئة العليا للدواء، للرقابة على الجودة وشركات توزيع الأدوية حتى وصولها إلى المستهلك، والعمل على زيادة صادرات القطاع، وأن تكون الهيئة مستقلة وتتبع مجلس الوزراء مباشرة.

وأوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة اهتمام الوزارة بتصنيع المواد الخام الدوائية محليا، ومحاولات شركة النصر لتصنيع الكيماويات، التابعة للقابضة للأدوية، لتصنيع خامات الدواء محليا، مضيفًا أن هناك اهتماما عربيا في بعض الدول منها المملكة العربية السعودية والأردن ومصر بتصنيع خامات الأدوية، متوقعًا نجاح هذا التجمع في تطوير صناعة الدواء العربية.

نقابة الصيادلة وصفت المقترح بـ«المشروع القومي» الذي يحمي المرضى من سوق الأدوية المهربة والمغشوشة عبر وضع نظام جيد للتسعير يراعي المريض والصيدلي، ويسهم في تطوير صناعة الدواء الوطنية بما يسهم في نمو الاقتصاد المصري. 

طالما طالب القائمون على سوق الدواء المصرية بضرورة إنشاء مثل هذه الهيئة، مشددين على خروج المنظومة الدوائية من عباءة وزارة الصحة والسكان لتكون تحت إشراف «مؤسسة الرئاسة» مباشرة لضمان تقديم الخدمة المتميزة والسرعة في الأداء على غرار ما هو معمول به في كثير من دول الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية، حيث تختص الهيئة بكل ما يتعلق بالدواء من تصنيع وتسويق وبيع ورقابة وتسجيل وتوزيع وتداول بالأسواق.

مشروع قانون إنشاء الهيئة لم يكن الأول في مصر، إنما كان هناك مرسوم جمهوري بقانون آخر ينظم عمل الهيئة العليا للدواء، تم إقراره في يوليو 1960 أثناء عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكان ينص على إنشاء الهيئة العليا للأدوية والتي تتولى دون غيرها استيراد الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، وأن يتم التوزيع بواسطة «المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية» ويجوز للهيئة العليا أن تعهد لأي شركة أخرى تسهم الدولة في رأس مالها بنسبة لا تقل عن 25% بتوزيع بعض هذه المواد ويسري كل ذلك على المواد المستوردة أو المنتجة محليا.

«الهيئة العليا للدواء» صدر عنها مرسوم جمهوري بقانون لإنشائها منذ الستينيات ولم تكن وليدة اليوم، حيث تم إصدار مرسوم جمهوري برقم 212 لسنة 1960 بتنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية ونشر بالجريدة الرسمية في العدد رقم 159 بتاريخ 17 يوليو 1960.

وجاء القانون في ثلاث مواد رئيسية هي.. 

إنها الفريضة الغائبة، هذا ما أكده الدكتور أحمد فاروق، أمين عام نقابة الصيادلة الذي طالب بسرعة إقرار قانون الهيئة العليا للدواء الذي انتهت النقابة من إعداده بالاتفاق مع كل الجهات المعنية، وشدد على ضرورة تحرك كل مؤسسات الدولة المعنية للبدء الفوري في تدشين الهيئة العليا للدواء لإنقاذ صناعة الدواء وحماية الأمن الدوائي القومي، مؤكدا أن الهيئة العليا للدواء أصبح إنشاؤها الآن فريضة.

«الهيئة العليا للدواء» تنقذ منظومة الأمن الدوائي القومي في مصر، يقول أمين عام نقابة الصيادلة إن الهيئة تحفظ سمعة الدواء المصري الذي وصلت مبيعاته خلال العام الماضي 42 مليار و900 مليون جنيه بزيادة 10% عن العام قبل الماضي مقابل 31 مليارا و705 ملايين جنيها عام 2015 و27 مليارا و461 مليونا خلال عام 2014.

تلك الزيادة في مبيعات الأدوية لم تكن فى صالح شركات قطاع الأعمال أو الشركات الوطنية الاستثمارية، ولكنها انحصرت لصالح الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات وكذلك تقلصت نسبة شركات قطاع الأعمال الحكومية لتبلغ 4% فقط من حجم السوق المصرية بعد أن كانت تمثل 60% بينما استقرت الشركات المحلية عند 40% فى حين استحوذت الشركات الأجنبية على 56% لأول مرة فى تاريخها​.

في الوقت الذي تصدر فيه دولة الأردن سنويا أدوية بـ1.8مليار دولار من خلال 7 مصانع مقابل 400 مليون دولار صادرات مصرية من خلال 154 مصنعا، رغم أن الأردن دخلت إلى سوق الدواء حديثًا.

وعن خطورة غياب وجود تلك الهيئة في مصر أعلن فاروق أن النتيجة الحتمية لذلك تظهر في اختفاء مئات الأصناف الدوائية الحيوية والمنقذة للحياة من الأسواق والدواء الذى كان يمكن تحريك سعره قليلًا ليتوافر للمريض الفقير اختفى تمامًا من الصيدليات والسوق المصرية خلال العامين الماضيين بعد أن تحول الدواء إلى سلعة وحل محل الدواء المصنع محليا، الدواء المستورد والمهرب وأدوية الشركات متعددة الجنسيات بعشرات أضعاف ثمنه الأصلي والخاسر الوحيد في الأزمة هو المريض المصرى يليه أمن مصر الدوائي القومى.

في هذا الإطار قال الدكتور محي عبيد، نقيب الصيادلة، إنه تم الانتهاء من إعداد مشروع هيئة الدواء المصرية وطالب بأن تكون الهيئة تابعة لرئيس الجمهورية بدلا من أن تكون تابعة لرئيس مجلس الوزراء، لافتًا إلى أن معظم دول العالم لديها هيئات مستقلة للدواء ونحن فى مصر تأخرنا كثيرا.

وشدد النقيب العام على أهمية وجود هيئة مستقلة للدواء لوضع سياسات ونظم واضحة لكل ما يتعلق بإنتاج وتداول الدواء وضمان سلامة وجودة وفاعلية الأدوية وتوفيرها بسعر مناسب للمريض.

«هذا القانون تم تزكيته من قبل نقابة الصيادلة وهو محل رضا واتفاق من الجميع».. هذا ما أكده الدكتور أحمد أبو دومة، المتحدث الإعلامي باسم نقابة الصيادلة إنه بعد مرور عام على آخر ورشة عمل عقدتها اللجنة المشكلة لإعداد مشروع القانون برئاسة الدكتور ماهر الدماطي، رئيس جامعة الزقازيق السابق ورئيس لجنة قطاع الدراسات الصيدلية بالمجلس الأعلى للجامعات ومقرر اللجنة الاستشارية العليا للصيدلة والدواء بوزارة الصحة، والدكتور طارق سالمان، مساعد وزير الصحة السابق لشئون الصيدلة وأعضاء من غرفة صناعة الدواء ونحو 65 نائبا برلمانيا.

أبو دومة أوضح لـ«التحرير» أن القانون الجديد يخص كل أطراف المنظومة الدوائية (الموزعون والصيادلة والإدارة المركزية للصيدل والشركات والمصانع)، وسيصدر القانون قبل انتهاء دورة الانعقاد البرلمانية الحالية، ولكن الخلاف المتوقع سيكون في تشكيل الهيئة الجديدة وما إذا كانت ستضم ممثلين عن المجتمع المدني أو أساتذة الجامعات وغيرهم.

تأخر إصدار هيئة مصرية للدواء أثر سلبًا على صادرات مصر من الأدوية، حسب أبو دومة نتيجة غياب استراتيجية واضحة في إدارة ملف الدواء الذي تفرق دمه بين القبائل، حيث يستغرق تسجيل الدواء نحو عامين وأثناء تسعيره يخضع لآليات عقيمة وإجراءات ضبط تصنيعه وتوزيعه وتداوله بالصيدليات بصورة جعلت أفراد المنظومة الدوائية يتيهون في دهاليز الإدارة المركزية لشئون الصيدلة.

يأتى هذا في الوقت الذي تمارس فيه تلك الهيئة عملها في غالبية دول العالم، من بينها دول عربية كالسعودية والأردن، التي أصبحت صادراتها بعد إطلاقها الهيئة الأردنية للأغذية والأدوية عام 2007 أربعة أضعاف مصر، كما يؤكد أبو دومة وأدى غيابها إلى تراجع الصناعة الوطنية وانتشار ظاهرة الأدوية المهربة والمغشوشة ومنتهية الصلاحية، ما يمثل خطرًا كبيرًا يهدد الأمن القومي الدوائي لمصر.

وقال الدكتورهيثم عبد العزيز، رئيس لجنة الصيادلة الحكوميين وعضو مجلس النقابة، إن مشروع القانون الذي أعدته لجنة التشريعات بالنقابة إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصحة، واصفًا إياه بـ«المشروع القومي» يحمي المرضى من الأدوية المهربة والمغشوشة، من خلال وضع نظام جيد للتسعير يراعي المريض، ويسهم في تطوير صناعة الدواء الوطنية بما يسهم في نمو الاقتصاد المصري. 

وأضاف أنه يهدف إلى وجود هيئة متخصصة بكل شؤون الدواء والمستلزمات الطبية ومستحضرات التجميل من حيث التسجيل والتسعير والتداول والرقابة ومطابقة الجودة.

ومن جانبه أوصى الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء بالاتحاد العام للغرف التجارية، بسرعة الانتهاء من إقامة الهيئة العليا للدواء لوضع استراتيجية موحدة يستطيع من خلالها حل كل المشكلات التى تواجه صناعة الدواء وتعمل على تطويره وزيادة صادراته.

وكانت مصر فى فترة الستينيات رائدة فى صناعة الدواء، والشركات التابعة للقابضة للأدوية كانت المصدر الأساسي للدواء لدول الخليج إلا أن تصدير الدواء المصري واجه العديد من الصعوبات والعراقيل أدت إلى تراجع نصيب مصر من صادرات الدواء، وطالب رستم بسعر اقتصادي عادل للدواء بعد توفير منظومة تأمين صحية شاملة تضمن للمواطن غير القادر الحصول على كل احتياجاته مع تقديم حوافز للمستثمرين والمصنعين العاملين فى قطاع الأدوية.

كما أن سياسة التسعير الجبرية والتى تعتمد تحديد الأسعار خلال السنين الماضية أثرت بصورة كبيرة على تنافسية المنتج المصري فى مقابل نظائره فى الأسواق الخارجية، حيث إن الغالبية تعتمد في تسجيل وتسعير الدواء المستورد على سعره من بلد المنشأ.

في المقابل أسس المركز المصري للحق فى الدواء، تحالفا ضد قانون «هيئه الدواء العليا» الذى تم إعداده من قبل غرفة صناعة الدواء التى تعبر عن مصالح شركات الأدوية والذي قدمته الغرفة في سابقة تحدث للمرة الأولى أن يتقدم القطاع الخاص بمشاريع قوانين تدير المنظومة الدوائية المصرية.

التحالف المعارض لمشروع القانون يضم ممثلين للمجتمع المدني وصيادلة وممثلين عن قطاع الأعمال العام والجامعات المصرية وهيئة الرقابة والبحوث على الدواء ورغم موافقتهم على المبدأ فإنهم يختلفون على التنفيذ ويطالبون بقانون ينظم صناعة الدواء الوطنية بما يضمن لها الاستقرار والازدهار، رافضين المقترح المقدم الذى أعده رجال الأعمال من ملاك شركات الدواء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل