المحتوى الرئيسى

مطران الأرمن الكاثوليك في حواره لـ " الوفد" نرفض استغلال مصطلح «الأقليات المسيحية» لبث التفرقة بين الشعوب

01/09 22:09

 
حوار: عبدالوهاب شعبان
تصوير: محمد طلعت

لا يغلق باب مطرانية الأرمن الكاثوليك بوسط القاهرة، حين يكون أسقف الإسكندرية بداخلها، ولا بوابات إلكترونية فى مدخلها تعطل مرور الزائرين إلى مكتب المطران، ممرها المؤدى إلى مكتبه خالٍ تماماً باستثناء موظف استقبال يظهر خلف بوابة زجاجية لمن يقترب.

بلهجته الشامية التى لم تتأثر بفعل الإقامة فى مصر، يرحب المطران كريكور أغسطينوس كوسا بضيوفه، ويجرى لقاءاته المحددة فى قاعة استقبال يتصدرها عَلَمُ دولة «أرمينيا» مجاوراً العلم المصرى، هدوء الرجل ينبثق من كنيسة هادئة وأحاديثه مطبوعة بطابع الدقة البادية على ملامحه كشبيهين متلازمين.

«كوسا»، هو اسم العائلة الذى بتر الأتراك منه حرف «النون» و«كوسان» لقبها الأصلى يعنى «الكاتب الشاعر»، حسب توصيفه. بنبرة الحنين للجذور قال: الأتراك حذفوا «النون والياء» من ألقاب العائلات لاقتلاعها من جذورها، لكن ذلك لم يؤثر على هوية الأرمن فيما بعد.

للطائفة الأرمينية فى مصر 5 كنائس «اثنتان بالإسكندرية» وثلاث موزعة على مناطق وسط القاهرة ومصر القديمة ومصر الجديدة، وجميعها حسب تصريحات المطران مرخصة منذ فترة الملك فاروق، والطائفة تعدادها فى مصر 12 ألفاً منصهرون تماماً فى وطنهم وتربطهم علاقة طيبة بأجهزة الدولة تحت مظلة «التعايش المشترك».

مطران الأرمن الكاثوليك الذى تربطه علاقة وثيقة ببابا الفاتيكان أشاد بمباركته الأخيرة لـ«أيقونة العائلة المقدسة» دعماً للسياحة الدينية بالقاهرة، لافتاً إلى أنه لا يزال يتذكر الحفاوة التى استقبل بها فى مصر خلال زيارة الـ26 ساعة فى أبريل الماضى.

حول أزمة توحيد المعمودية بين «الكاثوليكية والأرثوذكسية» ومستقبل مبادرة إحياء مسار العائلة المقدسة، ومطالب الأرمن الكاثوليك عقب قانون بناء الكنائس وخطاب الكنيسة الأرمنية فى سوريا، والتحديات التى تواجه مسيحيى الشرق كان لـ«الوفد» هذا الحوار:

● عقب مباركة بابا الفاتيكان لأيقونة مسار العائلة المقدسة، كيف ترى مستقبل السياحة الدينية بالقاهرة ومواسمها فى ضوء مساعى وزارة السياحة لجذب أكبر عدد من السائحين الكاثوليك والطوائف الأخرى؟

- لدى المسيحيين بصفة عامة والكاثوليك بصفة خاصة رغبة فى زيارة مصر، واقتفاء أثر العائلة المقدسة التى حملت المحبة والسلام للعالم، ولن تكون هناك مواسم معينة للزيارة نظير اختلاف مواعيد احتفالات الكنيسة الكاثوليكية مع نظيرتها الأرثوذكسية لكن العنصر الأكثر تأثيراً فى جذب السائحين هو الطقس المصرى الجميل، ومعالمها البديعة، وهما عاملان مشجعان لمجىء «الحجاج» للقاهرة.

● اعترض البعض على مصطلح «الحج» إلى مصر، نظير كون الرحلة سياحية لا يمكن توصيفها بأكثر من «زيارة» وفقط.. هل تتفق مع ذلك؟

- وصف «الحج» يليق بتتبع مسار رحلة العائلة المقدسة؛ لأنها ستكون زيارة ممهورة بالتأمل، والصلوات حيث ستكون رحلة السائح إلى أماكن مقدسة، يتخللها صلوات وهدوء وتأمل وليس مروراً عابراً على محطات الرحلة، ووقفة الصلاة ستكون أكثر أثراً فى تشجيع السائحين لغيرهم من الراغبين فى زيارة الشرق المسيحى حيث محل ميلاد السيد المسيح وموطن رحلته.

● محطات رحلة العائلة المقدسة تتبع الكنيسة الأرثوذكسية، فإلى أى مدى ستسهم الكنيسة الأرمينية الكاثوليكية فى دعم المبادرة، وتشجيع السائحين الكاثوليك عطفاً على دعوة البابا فرنسيس الأول بابا الفاتيكان؟

- الكنيسة الكاثوليكية بشكل عام ستسهم فى الدعاية والترويج لمسار العائلة المقدسة، حيث لكل مكان فى رحلة العائلة رمزيته الدينية، ونعقد لقاءات حالياً للاتفاق على برنامج ترويجى واضح لتوزيعه على جميع الكنائس، ولابد أن يكون البرنامج واضحاً؛ لأن السائح يحتاج إلى برنامج تفصيلى للرحلة، حيث سيبدأ اليوم الأول بقداس تعقبه صلوات، وبينهما لابد من وجود جدول واضح للزيارة.

● خارج سياق مبادرة إحياء مسار

- الكنيسة الكاثوليكية منفتحة، وتقبل جميع الأسرار التى أقرها السيد المسيح، وإذا كان هناك خلاف هذه الأيام، فلابد من العمل على تجاوزه، والذين اعترضوا على اتفاق «توحيد المعمودية» جهلاء ولا يعرفون عن المعمودية شيئاً، لكن البابا تواضروس الثانى ونظيره باب الفاتيكان يعملان معاً على تحقيق الوحدة.

● بعض منظمات الغرب تعزف على وتر الأقليات خاصة «مسيحيى الشرق» فى سوريا والعراق ومصر، كذريعة لتدخلات فى شئونها.. إلى أى مدى تقبلكم لهذا الأمر؟

- هذه أوضاع مرفوضة بالطبع، وندرك تماماً أن هناك من يسعى للتفرقة، دعنى أقل إن الشرق الأوسط منبته الشعب المسيحى، وأصله مسيحيون، ويحضرنى قول الشاعر «تعيرنى بأن القليل عديدنا.. فقلت لها إن الكرام قليل»، مدارسنا، والجمعيات الخيرية تخدم المسلمين والمسيحيين معاً، ونزرع فى أبنائنا محبة، وقبول الآخر، ومحاولات التفرقة هذه لم تظهر إلا فى عام 2011 وما بعده.

● كيف تُقيِّم خطاب الكنيسة الأرمنية فى سوريا وموقفها من المهجرين؟

- خطابنا الكنسى فى العالم يتحدث عن السلام، وكنائسنا تلخص خطابها الدينى فى شرح الإنجيل، ومحتواه «السلام والمحبة» ونهتم بالمهجرين عبر توفير ما يحتاجونه للعيش بكرامة؛ لأننا لا نقبل تجريد الإنسان من كرامته.

● وماذا عن ملف عودة الأرمن الكاثوليك لمصر، بعد هجرتهم فيما بعد 1952؟

- بعض العائلات الأرمنية تأتى لزيارة مصر، ويعتزون بمصريتهم، ونتواصل مع الأجيال الجديدة بالمهجر، لزرع حب الوطن فى قلوبهم، ونقدر انشغال العائلات بأعمالهم فى الدول التى هاجروا إليها.

● بعد صدور قانون بناء الكنائس مؤخراً، هل طالبت طائفة الأرمن الكاثوليك ببناء كنائس جديدة، على خطى الطوائف الأخرى؟

- لا، كنائسنا تكفينا، ولم نتقدم بطلبات لبناء كنائس جديدة، ولم نتقدم بملفات للجنة الكنائس غير المرخصة، حيث إن كنائسنا مرخصة منذ فترة الملك فاروق ولدينا 5 كنائس فى مصر موزعة على النحو الآتى كنيستان بالإسكندرية وثلاث موزعة على مناطق وسط القاهرة ومصر القديمة ومصر الجديدة.

● إذن ماذا عن مطالب الأرمن كطائفة مسيحية مصرية؟

- نحن موجودون فى مصر منذ القرن الثامن، وبعد عام 1915 تزايد العدد لنزوح عدد كبير من الأسر للقاهرة، وكان فى استقبالهم سعد زغلول وشيخ الأزهر آنذاك، وطالبا المصريين بفتح بيوتهم للأرمن المهجرين، ونحن نعيش فى أمان وسلام وعلاقتنا طيبة بأجهزة الدولة.

● كيف تقيم تجربة مجلس كنائس مصر كبوابة لوحدة الطوائف المسيحية؟

- نشارك فى مجلس كنائس مصر كأسقف للإسكندرية عن طائفة الأرمن الكاثوليك ونعتبره خطوة موفقة تجاه الوحدة المنشودة بين الطوائف المسيحية.

● هل تشاركون فى صياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد ضمن لجنة الكنائس المنعقدة حاليا؟

- لا نشارك فى لجنة الصياغة، لكنى قدمت مقترحات تلخصت فى احتفاظ الكنيسة الكاثوليكية بخصوصيتها فى منع طلاق، ومنع تدخل المحاكم المدنية فى هذا الشأن، ولدينا لائحة أحوال شخصية موحدة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل