المحتوى الرئيسى

4 قضايا «شائكة» تكشف فشل السياسة الخارجية فى عهد «السيسى»

01/06 17:09

أجرى المركز المصرى لبحوث الرأى العام «بصيرة»، استطلاعًا للرأي خلال الفترة الأخيرة، حول مدى رضا المصريين عن الأداء العام للدولة وأجهزتها، وبحسب نتائج المركز، بلغت نسبة الرضا عن السياسة الخارجية لمصر على مدار الثلاث أعوام ونصف العام الماضية 79%.

وتطرح هذه النسبة الكبيرة، العديد من علامات الاستفهام، خاصة أنها تتعارض مع الواقع الذي يشير إلى فشل الدبلوماسية المصرية في تحقيق نتائج ملموسة في بعض القضايا الهامة، مثل ملف مقتل «ريجيني»، وحقوق الإنسان، ووقف النفوذ الإيراني بالمنطقة، وتحديدًا في سوريا واليمن ولبنان، والعراق.

كما لم يكن هناك دور للسياسة الخارجية المصرية، في قضية المصالحة بين الأطراف الليبية.

وتستعرض «النبأ»، في الملف التالي دور الدبلوماسية المصرية في تلك القضايا.

تعرّضت السلطة الحاكمة في مصر خلال السنوات الماضية، لسلسلة من المواقف الدولية التي مثلت إحراجًا لها، وخاصة في ما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان، ونجح الإخوان وأنصارهم في الترويج لهذا الملف بالخارج، ما تسبب في وضع الرئيس السيسي في مأزق شديد، وكان دائمًا محل رد فعل ودفاع عن نفسه في جميع الزيارات الخارجية للرئيس.

على مدار تلك السنوات فشل النظام بمصر في تحقيق أى إنجاز خارجي في هذا الملف، رغم الحديث عن قوة السياسة الخارجية للبلاد عقب ثورة 30 يونيو، ومؤخرا نشرت المنظمة الحقوقية "هيومن ريتس ووتش" تقريرًا في 44 صفحة اتهمت فيه ضباط الشرطة وعناصرها وقطاع الأمن الوطني في مصر بتعذيب المعتقلين السياسيين بشكل روتيني، باستخدام أساليب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء وأحيانًا الاغتصاب، وبالتزامن مع ذلك، قرر الكونجرس الأميركي خفض المساعدات العسكرية لمصر بمقدار 300 مليون دولار، والاقتصادية بمقدار 37 مليون دولار، وجاء ذلك القرار– بحسب ما ذكره الكونجرس - بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من جانب النظام، وعدم احترامه له.

كما قام الكونجرس الأمريكي بعقد جلسة استماع بلجنة "توم لانتوس لحقوق الإنسان" حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، والغريب كان رد فعل وزارة الداخلية في كل مرة الاكتفاء بإصدار البيانات التي تنفي تلك المزاعم، ما كان سببا في طلب الإخوان بإشراف الأمم المتحدة على محاكمات الإخوان، وإخضاع السجون التي يوجد فيها قياداتهم تحت الإشراف الأممى لحمايتهم من الأمراض.

وشهد حكم السيسي، تراجعًا كبيرًا في ملف حقوق الإنسان، وكانت البداية في سبتمبر 2014، وانتقدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" حالة حقوق الإنسان في مصر تحت حكم السيسي (في مستهل زيارته الولايات المتحدة من الشهر نفسه)، ووجود الحملات القمعية المستمرة على الحريات الأساسية بما فيها الحريات الضرورية للديمقراطية، ومنها سجن المعارضين السياسيين على نطاق واسع، وأحكام الإعدام الجماعية، وغياب المحاسبة على مقتل أكثر من ألف متظاهر بأيدي قوات الأمن في يوليو وأغسطس عام 2013.

وفي نوفمبر من العام نفسه قالت المنظمة، إن حقوق الإنسان تراجعت تحت حكم السيسي، واستشهدت باستمرار قانون التظاهر وحملات الاعتقال الواسعة للناشطين السياسيين، ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وطالبته بتحسين هذه الأوضاع، كما شهد عهد السيسي ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المحكوم عليهم بالإعدام، حيث ارتفع عددهم من 109 إلى 509.

كما كشفت تقارير حقوقية أخرى أن عدد الصحفيين المحبوسين 19 صحافيًا، وهو يعد الأكبر منذ اعتقالات سبتمبر عام 1981 خلال الأيام الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق أنور السادات.

وأكد الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن ملف الحرية والديمقراطية في عهد الرئيس السيسي شهد تدهورا كبيرا، وخاصة في الشهور القليلة الماضية، مشيرا إلى أن هناك قرارات من جانب الحكومة المصرية غير مبررة كانت سببًا مباشرًا في تراجع ملف الحريات والديمقراطية مثل حبس الشباب من دون محاكمة.

ويرى مدير مركز ابن خلدون أن هذا التراجع الكبير في ملف الحريات يسيء إلى نظام السيسي، ومصر أصبحت ضمن أسوأ الدول في ملف الجمعيات الحقوقية، واستمرار الوضع هكذا بلا شك سوف يضع الرئيس في مأزق شديد قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقرر إجراؤها في منتصف 2018.

تمدد النفوذ الإيراني في اليمن ولبنان

فشلت الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية في وقف النفوذ الإيراني بالمنطقة، رغم الحرص دائما على عودة الدور الإقليمي للقاهرة في منطقة الشرق الأوسط، فأصبحت دولة إيران المتحكم الأساسي في قضايا المنطقة وعلى رأسها الصراع في لبنان واليمن والعراق وسوريا، ولم يظهر أى دور حقيقي لمصر في وقف هذا النفوذ، لدرجة أن إيران انتقدت الدور السلبي الذي تلعبه القاهرة في المنطقة، حيث خرج المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قائلا، إن مصر "بلد مهم ويتمتع بتاريخ وقديم في العالم العربي، ويجب أن تقترب من مكانتها هذه" مضيفا: "يمكن لمصر أن يكون لها مزيد من الدور في استقرار وأمن المنطقة،" موصيًا المسئولين المصريين بـ"الابتعاد عن الرؤى التقليدية لعدة قرون مضت وإدراك حقائق الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

جاء ذلك ردًا على حديث الرئيس السيسي لفضائية "فرانس 24"، الفرنسية، التي أكد خلالها وقوف القاهرة إلى جانب دول الخليج، وإشارته إلى أن العلاقات مع طهران مقطوعة منذ أربعة عقود، مؤكدًا بأن المواقف الإيرانية تثير علامات استفهام.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، تعليقا على موقف نظيره الإيراني، بهرام قاسمي، بشأن موقف مصر تجاه إيران ودور مصر الإقليمي، إن تلك التصريحات "تثير علامات استفهام، خاصة ما يتعلق منها بمواقف مصر التاريخية تجاه منطقة الشرق الأوسط وعوامل الاستقرار فيها.

وأكد أن بلاده "دائما وأبدا ما كانت تعتبر استقرار الشرق الأوسط أحد أهم أهداف سياستها الخارجية، وأن الحفاظ على الأمن القومي العربي واستقرار وسلامة الدول العربية، لاسيما دول الخليج، هو ركيزة أساسية من ركائز استقرار المنطقة."

من جانبه، قال الدكتور سعيد شاهين، الباحث في الشأن الإيراني، إن النفوذ الإيراني بات واضحًا في جميع قضائيا المنطقة، وأصبحت إيران معادلة هامة في حل وتسوية النزاعات السياسية في اليمن ولبنان وسوريا، وبالتالي فإن إيران تلعب دورا قويا في شئون الداخلية لعدد من الدول، في حين نجد غيابًا تامًا لهذا الدور من جانب مصر.

وأشار إلى أن الحديث عن عودة مصر لدورها في المنطقة على أرض الواقع غير محسوس وفعال بدليل أن الأزمة اللبنانية واليمنية تحكمت فيهما، السعودية وإيران من خلال أدواتها المتمثلة في حزب الله والحوثيين، وتراجع الدور المصري كشف عنه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية.

وأضاف الخبير في الشان الإيراني أن تطوير العلاقات بين البلدين غير مطروح على أجندة السياسة المصرية في الوقت الراهن، خصوصًا في ظل استمرار تدخل إيران في الشأن الخليجي، الذي يعد أحد ثوابت الأمن القومي المصري، فضلًا عن تورط طهران في عرقلة التسوية السياسية في سوريا، ودعم قطر.

من الملفات التي فشلت فيها الدبلوماسية المصرية كانت قضية مقتل الباحث الإيطالي ريجيني، فعلى الرغم من الحديث عن وجود تفاهم كبير وعلاقات طيبة بين روما والقاهرة منذ وصول الرئيس السيسي للحكم، إلا أن القضية أظهرت غير ذلك تماما، بعد وصول جثمان ريجيني إلى إيطاليا وتوقيع الكشف الطبي عليه وما بدا عليه من آثار تعذيب، شنت وسائل الإعلام الإيطالية الرسمية والخاصة حملة كبيرة ضد نظام السيسي واتهام الاجهزة الأمنية المصرية بقتل ريجيني، واتهام أشخاص بأسمائهم وتورطهم في هذه القضية، مشيرة إلى أن هذه المعلومات جاءتها عبر بريدها الالكتروني من شخص ادعى أنه من الشرطة السرية المصرية، كل هذا يأتي في إطار إحراج نظام السيسي وكشفه أمام الرأي العام العالمي بأنه متورط في العملية.

وجاءت خطوة سحب السفير الإيطالي من القاهرة بعدما فشل المحققون الايطاليون في كشف الحقيقة بسبب ضعف الأدلة التي قدمها الجانب المصري حول مقتل ريجيني، بعيدًا عن الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني الأوروبية التي صبت جام غضبها على نظام السيسي واتهمته بالقمع والقتل، إلا أن الجانب الرسمي الإيطالي أيضًا عبر عن غضبه الشديد من النظام المصري وطريقة التعامل بشكل واضح وشفاف في قضية ريجيني، كذلك شعور المسئولين الإيطاليين باللامبالاة حول الضغوط التي تمارس ضد الحكومة الايطالية ووضع رئيس الوزراء الايطالي موضع الشك والتواطؤ مع مصر من أجل المصالح الاقتصادية فقد دفع إيطاليا إلى الإقدام على فكرة التصعيد حيال مصر ردًا على طريقة تعاملها معها.

وأوقفت التعامل الاقتصادي والسياحي مع القاهرة، وفي ظل كل هذا لم تتعامل القاهرة جيدا مع القضية وتحولت إلى المدافع دائما، بل إنها لم تتعامل بالمثل مع روما في حوادث مقتل مصريين في روما ولم تطلب من روما الإطلاع على التحقيقات كما تعاملت روما مع مقتل ريجيني.

من جانبه أوضح الدكتور عبد السلام النوبي أستاذ العلوم السياسية، أن قضية «ريجيني» مثلت تطورًا مهمًا في علاقة نظام السيسي بدول أوروبا وخاصة إيطاليا التي كانت تعد من أهم الداعمين للسيسي في أوروبا وبوابته إليها، أيضا فإن هذه الأزمة كشفت حدة حالة الصراعات الداخلية التي يعاني منها نظام السيسي، وخاصة بعد التسريبات التي حصلت عليها وسائل الإعلام الإيطالية حول القضية وتفاصيلها.

ولفت «النوبي» إلى أن هذه القضية سلطت الضوء على عمليات القمع التي تقع بحق معارضي النظام وكذلك الاختفاء القسري والقتل خارج إطار القانون ومن ثم أصبح الطريق الآن أمام المنظمات الحقوقية سهلًا في أوروبا من أجل عرض انتهاكات نظام السيسي وقتله للمدنيين الأبرياء ومحاولة توصيل أصوات المعارضين للسيسي إلى المؤسسات والمنظمات الدولية.

منذ نهاية 2015، عادت الأطراف الليبية مؤخرًا - بمساعٍ مصرية من جهة وجزائرية من جهة أخرى - لمحاولات المصالحة وإعادة المناقشة حول الاتفاق السياسي، الذي ظل تنفيذه رهن خلافات لم تُحَلّ منذ توقيعه بالصخيرات المغربية في ديسمبر 2015، بغرض إنهاء الانقسام.

وعلى مدى العامين اللذين تليا توقيع الاتفاقية؛ تمسكت القاهرة بالرهان على بعض الأطراف الليبية، ليس من بينها حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، والتي تحظى باعتراف دولي، دون ثقة البرلمان الليبي.

لكن السلطات المصرية تبنت سياسة جديدة، تضمنت فتح الباب أمام الحكومتين الليبيتين المتنازعتين.

وفي 17 ديسمبر 2015، وقّع ممثلون عن مجلس النواب الليبي، المجتمع في طبرق شرقي البلاد باعتراف دولي، اتفاقًا في منتجع الصخيرات بالمغرب، برعاية بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أطلق عليه اسم «الاتفاق السياسي»، وذلك بحضور ممثلين عن المؤتمر الوطني العام في طرابلس غربي البلاد، وهو البرلمان الناتج عن انتخابات عام 2012 (يغلب عليه الإخوان المسلمون)، والذي تمسك بالسلطة التشريعية بعد انتهاء ولايته.

نتيجة الاتفاق، تَشَكَّل المجلس الرئاسي الليبي ذو التسعة أعضاء، برئاسة فائز السراج، وانبثقت عنه «حكومة الوفاق الوطني».

ورغم وصول حكومة الوفاق إلى العاصمة طرابلس في مارس 2016، وهي خطوة لم تستطعها حكومة برلمان طبرق منذ 2014، فإن الحكومة فشلت في الحصول على ثقة البرلمان، ما يعني عدم تمكنها من إدارة شئون البلاد بالكامل.

ومع ذلك فقد باشرت الحكومة عددًا من المهام، منها إطلاق عملية عسكرية، منفصلة عمّا يُسمى «الجيش الوطني الليبي»، التابع لحكومة طبرق، والذي يقوده خليفة حفتر.

حفتر هو حليف مصر الأساسي في المعادلة الليبية، منذ أعلن رفضه لتمديد عمل المؤتمر الوطني العام (إخوان مسلمون) في يناير 2014، ثم إعلانه إطلاق عملية «الكرامة» في مايو من نفس العام، لمواجهة الجماعات المسلحة المتشددة، وأبرزها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وكذلك جماعة فجر ليبيا وميليشيات مصراتة وغيرها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل