المحتوى الرئيسى

الأمريكى الأقبح ترامب وسفيرته المغرورة نيكى هيلى | المصري اليوم

01/06 05:01

على مدى الخمسين عاماً التى كتبت ونشرت كُتباً ومقالات باللغتين العربية والإنجليزية لم أستخدم لُغة نابية، أو ألفاظاً جارحة لوصف آخرين، مهما كان اختلافى معهم فى المواقف أو السياسات. فإننى أعتبر مثل تِلك المُمارسة لا تليق بالحوار المُتمدن، أو الاحترام المُتبادل بين بنى البشر الذين رزقهم الخالق عقولاً وألسنة. ويستوى فى ذلك بنو وطنى، مصريين وعربا، أو آخرون من أوطان وأديان أخرى.

ولكن حماقة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وغرور سفيرته فى الأمم المتحدة، نيكى هيلى، تجاوزا كل الحدود والأعراف السياسية والقانونية، فيما يتعلق بمدينة القُدس، التى احتلتها إسرائيل فى حرب يونيه 1947. وصدر بشأن القُدس وبقية الأراضى المُحتلة أكثر من عشرين قراراً دولياً، تؤكد جميعها عدم جواز ضمّها أو تغيير معالمها الجغرافية أو تكوينها العمرانى والسُكانى إلا بالتفاوض بين الأطراف المُتنازعة، أى بين العرب والإسرائيليين. وهى القرارات التى احترمها سبعة رؤساء أمريكيين سابقين، منذ 1967.

وحتى عندما أصدر الكونجرس الأمريكى، تحت ضغظ اللوبى الصهيونى قراراً بنقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إلى القُدس، تحايلت الإدارات الأمريكية المُتعاقبة على عدم تنفيذه. وكان ذلك مُراعاة لأصول القانون الدولى من ناحية، وتحاشياً لمزيد من غضب الرأى العام العربى من ناحية أخرى.

كما أن كل الدول التى اعترفت بإسرائيل منذ عام 1949 إلى تاريخه، احترمت الشرعية الدولية ولم تعترف بالقُدس عاصمة للدولة العبرية. وبالتالى لم تنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القُدس، رغم المحاولات المُستميتة التى بذلتها إسرائيل لتكريس وضع القُدس كعاصمة لإسرائيل.

لقد أفاض المُحللون ووسائل الإعلام العربية والأجنبية فى تفسير قرار الرئيس الأمريكى، من حيث الأسباب والتوقيت.

فمن حيث الأسباب، كان دونالد ترامب رجل الأعمال شريكاً لعدد كبير من كبار رجال الأعمال الأمريكيين اليهود المُتعاطفين بالطبع مع إسرائيل.

ومن ناحية أخرى كان دونالد ترامب، وهو مُرشح من الحزب الجمهورى للرئاسة الأمريكية قد وعد الناخبين الأمريكيين اليهود أو المُتعاطفين مع إسرائيل، بأنه فى حالة إعطائهم أصواتهم، فإنه سيرد الجميل، فى حالة انتخابه، بمزيد من الدعم لإسرائيل، وبتنفيذ قرار الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقُدس، والاعتراف بالقُدس عاصمة لإسرائيل.

ولأن الرئيس دونالد ترامب قد تعثّر فى الوفاء بمعظم ما كان قد وعد به فى حملته الانتخابية، فإن بعض مُستشاريه، وخاصة صِهره اليهودى كوشنر، قد أشاروا عليه بأن تنفيذ القرار الخاص بالقُدس، عاصمة لإسرائيل، قبل نهاية عامه الأول فى البيت الأبيض، سيكون له الأثر الإيجابى المطلوب حزبياً، للتعويض عن فشله فى تحقيق وعود أخرى فى السياسة الخارجية.

ففى تِلك الأخيرة، كان ترامب قد وعد أولاً، بأن تكون أمريكا أولاً America First. وكان قد وعد ثانياً، بأن يمنع كوريا الشمالية من امتلاك السلاح النووى، أو الصواريخ البالستية عابرة القارات، وثالثاً، أن يُعيد النظر فى الاتفاق النووى الذى شاركت أمريكا فى التوقيع عليه مع إيران، لمنع هذه الأخيرة من امتلاك سلاح نووى. وكان قد وعد، رابعاً، بتخفيض المُساهمة المالية والعسكرية فى الأحلاف التى تُشارك فيها دولاً أوروبية مثل حِلف الأطلنطى، أو دولاً أسيوية أخرى.

ورغم استمرار تهديداته لكوريا الشمالية ولإيران، إلا أنه وجد أن هناك بلطجياً آخر فى كوريا الشمالية لا يقل عنه جموحاً أو استعداداً للمُغامرة، وهو الرئيس كيم إيل سونج، الذى أمعن فى اختيار صواريخه البالستية، والتى يمكن أن يصل مداها إلى ولايات الغرب الأمريكى- مثل كاليفورنيا وأوريجون وهاوائى. فاكتفى ترامب بتشديد الحِصار الاقتصادى على كوريا الشمالية، وبدأ يُطالب حليفتها الصين بأن تُمارس ضغوطها على كوريا نيابة عن الولايات المتحدة، وهو ما لا تنوى الصين القيام به إلا لفظياً، وكما لو كانت مستمتعة بورطة الرئيس الأمريكى، أو تُريد ثمناً مقابل القيام بأى خدمات له.

أما وعوده بالتنصُل من الاتفاق النووى مع إيران، فإنه لم يجد مَنْ يؤيده فيه من الآخرين الذين وقّعوا الاتفاق، وهم روسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وفى النهاية لم يجد ترامب إلا العرب ليُمارس عليهم بلطجته لصالح إسرائيل، واستجابة لجماعات الضغوط الصهيونية. وضمن العرب اختار أضعف الحلقات، وهم الفلسطينيون ليفرد عليهم عضلاته الدبلوماسية، باعترافه بالقُدس عاصمة لإسرائيل. وهو فى ذلك ينطبق عليه قول الشاعر: أسد على الفلسطينيين.. وعلى الكوريين نعامة!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل