المحتوى الرئيسى

«الشطار».. الدستور تنشر حكايات من دفتر «ذوي الاحتياجات الخاصة»

01/04 22:27

يمتلك ذوو الاحتياجات الخاصة، رغم «الاختبار الإلهى»، الذى تعرضوا له متمثلًا فى «الإعاقة» أيًا كان نوعها، الكثير من المواهب والقدرات، الكفيلة بتحولهم إلى فئة «مُنتجة» بمشروعات خاصة، و«موهوبة» فى رياضات وفنون ومجالات يعجز عنها بعض الأصحاء. ولأن ٢٠١٨ هو العام الذى اختاره الرئيس عبدالفتاح السيسى لـ«يشرف» باسمهم، ويكون «عامًا لذوى الاحتياجات الخاصة»، تعرض «الدستور» فيما يلى من سطور مجموعة من قصص «نجاحات» أصحاب القدرات الخاصة، حتى يستطيع كل فرد التعلم من تجاربهم «المُلهمة».

ونُسلط من خلال هذه القصص الضوء على النماذج التى رفضت الاستسلام لإعاقتها، وقررت أن تخلق لنفسها مناخًا آخر، تنجح فيه وتحقق إنجازات لا تختلف عن غيرهم من أسوياء الجسد.

فرد أمن ووسيط الغلابة فى الحى

أثناء ولادته أصيب «إسلام محمد الضوى» بـ«ضمور فى عضلات المخ»، نتيجة عدم وجود الطبيبة المسئولة عن حالة الولادة، ورغم أن طبيبة أخرى حضرت وتطوعت لإجراء العملية، فإن الوقت داهم الجميع، وسقط «إسلام» على رأسه، وهو ما جعله يعانى كثيرا فى بداية حياته، فلم يستطع المشى أو الحركة مثل باقى الأطفال حتى سن ٣ سنوات.

فى البداية لم يكن عجزه عن المشى محط اهتمام العائلة، حتى عرفوا بعد ذلك بإعاقته، صعقتهم الصدمة، لكنهم تعايشوا بالتدريج مع حالته، وتعايش «إسلام» مع معاناته.

يروى «محمد الضوى»، والد «إسلام»، قصة نجله قائلًا: «رغم ذكائه الحاد وتخطيه كل اختبارات الذكاء، فإنه حين وصل إلى سن المدرسة، رفضت أى مدرسة استقباله، سوى المدرسة الفكرية فى مدينة نصر، كان حينها فى سن العاشرة».

وأضاف الوالد: «درس إسلام فى المدرسة الفكرية لمدة ٦ سنوات، ثم ٣ سنوات فى المدرسة الفنية، وخرج إلى العمل، وبدأ بـ(سوبر ماركت)، وكانت علاقته طيبة بالزبائن، ثم عمل فى محل لكماليات السيارات، وبالصدفة عندما ذهبت والدته للحصول على المعاش بجوار نادى الشمس، ذهب إلى النادى لتسأل عما إذا كانت هناك فرصة لعمل ابنها فأجابوها بالإيجاب».

وتابع «الضوى»: «استقبله مدير الأمن ووافق على تعيينه فورًا كموظف للأمن، نظرًا لما يتسم به من ذكاء وأخلاق مقابل مبلغ مادى بسيط، وبعد ذلك عندما وجد إسلام أحد النواب يقدم أعمالًا خيرية للناخبين، قرر أن يعمل معه، وبالفعل وافق النائب على الفور وأعطاه تفويضًا للحى، وأصبح كل من يريد مساعدة يذهب إلى (إسلام)، كما أنه شارك فى عدة حملات لخدمة الناس، مثل حملة مكافحة الفودو، والتوعية بفيروس سى، ورصف الشوارع فى حى عين شمس».

من جهته، قال «إسلام»: «ذات مرة أخذت البلدية ثلاجة بيبسى من بائع فقير، وجاء لى الرجل، وذهبت معه إلى رئيس الحى الذى وافق على أن يعيد الثلاجة دون أى مقابل مادى، وشكرنى الرجل وحاول أن يعطينى أموالا، لكنى رفضت، وقلت له أفعل ذلك لوجه الله».

وأضاف: «أعيش فى مستوى مادى سيئ، لذلك لا أستطيع أن أتزوج حاليًا رغم أنى أتمنى أن أستقر اجتماعيًا»، مؤكدًا أن أصعب ما يمر به هو عدم قدرته على الخروج مع أصدقائه، لخوفهم عليه.

«تطعيم فاسد أدى إلى شلل».. هكذا كان الاختبار الأول والأصعب فى حياة الصحفية والكاتبة رشا أبورجيلة، التى أصيبت بشلل حينما كان عمرها ٨ أشهر، لتستخدم فيما بعد الكرسى المتحرك، إلا أن والدها استطاع تذليل جميع العقبات أمامها، بل جعلها دافعا لنجاحها فى الحياة.

أكملت رشا كل مراحلها التعليمية دون عناء، لأن الزمن الذى كانت تعيشه كان يتسم بالإنسانية وكان يرعى المعاقين بشكل كبير، حسب قول المرأة الأربعينية التى دخلت المدرسة من سن ٦ سنوات، وأتمت مراحلها التعليمية، والتحقت بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر.

واجهت المرأة الأربعينية مشكلة كبيرة بعد التخرج، فبعد وفاة والدها، فضلت عدم العمل حتى لا ينقطع معاشه، بسبب قانون الجمع بين المعاش والراتب، لكن بعد ذلك أدركت أنه لابد من تحقيق ذاتها، فعملت بالصحافة الحرة بجريدتى «الأهرام» و«الفراعنة» كاتبة.

عندما نزلت إلى سوق العمل واجهت مشاكل فى التنقل من مكان لآخر، بالإضافة إلى عدم توافر الخدمات اللازمة للمعاقين فى المؤسسات مثل «الرامب» أى «المصاعد والمسارات المعدة للمعاقين»، وعدم تقدير بعض الناس ظروف المعاقين.

وتقول عن ذلك: «أنا اتصدمت لما نزلت الشغل لأنى واجهت صعوبة كبيرة فى الانتقال وصعود المواصلات، فبالتالى لازم آخد (أوبر) أو (كريم) عشان أروح مشاويرى، ودا مكلف جدا».

وأضافت: «المشكلة فى المجتمع، فى الناس التى لا تراعى حاجة المعاقين»، مطالبة بإدراج المعاقين ضمن مظلة التأمين الصحى لكى يلقوا الرعاية الكاملة.

واختتمت حديثها قائلة: «أتمنى أن يكون عند واضعى الاستراتيجيات فى الدولة وعى باحتياجات ذوى الإعاقة، فأنا ما زلت أتوسم بمصر خيرا، وجميع المعاقين متميزون جدا، ليس فى الرياضة فقط، بل فى جميع المجالات، ولا بد من تسليط الضوء عليهم، وتوفير بيئة مناسبة للعمل».

معاملة الناس «محبطة».. و«نفسى ثقافة الناس عننا تتغير»

قطع فى الحبل الشوكى أعقبته إصابة فى العمود الفقرى، هكذا كانت الدقائق الأولى لها مع الحياة، إذ أصيبت بماء زائدة على المخ، تسببت فى شلل نصفى، لكن «آية أيمن» البالغة من العمر ١٧ عامًا، استكملت حياتها واستمدت من الألم طاقة أمل لا تنتهى حتى أصبحت سبّاحة عالمية.

فى البداية، واجهت آية صعوبات أثناء دخولها المدرسة، فلم تلق ترحيبًا من المدارس، لكنها أكملت مراحلها التعليمية حتى وصلت إلى الثانوية العامة فى مدرسة «الرواد كوليج»، لتبدأ حياتها الرياضية منذ ٢٠٠٦، بلعب الشطرنج.

وعندما أعلن نادى الشمس، افتتاح تدريب السباحة لذوى الاحتياجات الخاصة، التحقت بالتدريب وحصلت على أول بطولة محلية عام ٢٠٠٨، وخاضت العديد من البطولات سواء على المستويين المحلى أو الدولى، وتأهلت للبطولات الدولية فى نهاية عام ٢٠١٤.

تعتبر آية أيمن أول سباحة مصرية تتأهل لأوليمبياد ريو دى جانيرو فى ٢٠١٥، وحصلت فى بطولة إسبانيا الدولية على ميدالية ذهبية فى سباق ٥٠ متر حرة، وفضية فى سباق ١٠٠ متر حرة، وأخرى فى سباق ٤٠٠ متر حرة.

ومنذ هذه البطولة تأهلت لبطولة العالم فى بريطانيا «جلاسكو» ٢٠١٥ كأول وأصغر سباحة مصرية، ١٥ عامًا، تتأهل لكأس العالم فى السباحة للمعاقين فى سباق ٤٠٠ متر حرة، ٥٠ متر حرة، وكانت أول سباحة مصرية تتأهل للنهائى «A»، وحصلت على المركز السابع على العالم، وسجلت أرقامًا إفريقية جديدة باسمها، وحصلت على رقم إفريقى فى سباق ٤٠٠ متر حرة فى زمن قدره ٦.٠٤ دقيقة، وحصلت على رقم آخر فى سباق ٥٠ متر حرة بزمن قدره ٣٨.٨٠ ثانية.

ومن بطولة العالم بـ«جلاسكو» تأهلت كأول سباحة فى مصر لأليمبياد «ريو دى جانيرو» بالبرازيل فى سباق ٤٠٠ متر و٥٠ متر حرة، وفى ديسمبر ٢٠١٥ وصلت لبطولة بولندا الدولية، وحصلت على ميداليتين ذهب وميدالية فضة، وبرونزية على مستوى كل التصنيفات فى البطولة فى سباق ٤٠٠ متر حرة، وبعدها تأهلت لبطولة ريو دى جانيرو فى سباق ثالث وهو ١٠٠ متر حرة.

وقالت آية: «أنا متفائلة جدًا وبحب أرفع اسم مصر فى كل مكان فى العالم، لكن من أصعب الأشياء اللى بمر بيها هو عدم تقدير الناس ليا، وبعانى كتير من معاملة الناس الوحشة»، وأضافت: «أنا بحب الناس جدًا بس معاملتهم السيئة هى اللى بتصيبنى بالإحباط»، وختمت حديثها متمنية تغيير ثقافة الناس فى التعامل مع المعاقين.

أنشأ مؤسسة لمنع التسول بـ«الإعاقة» وأثار قضية زواج المعاقين ذهنيًا

أصيب «محمد صلاح» بشلل أطفال فى الساقين عندما كان يبلغ عامين من عمره، نتيجة إصابته بارتفاع درجة الحرارة، لعدم توافر الإمكانيات، وواجه فى البداية معوقات كثيرة فى دخوله المدرسة بسبب إعاقته، لكنه فى النهاية حصل على ليسانس آداب قسم اجتماع.

بعد التخرج عمل «محمد»، الذى يبلغ ٥٠ عاما الآن، فى مجالات عديدة، بقسم الحاسب الآلى بشركة الكهرباء عام ١٩٨٦، ثم بالصحافة وكان مساعد رئيس تحرير جريدة «التحدى الدولى» الخاصة بذوى الاحتياجات الخاصة عام ١٩٩٨، وأقرب الوظائف إلى قلبه عمله مندوب إعلانات، ثم تمت ترقيته لمدير إدارة بالنظم والمعلومات، حتى وصل إلى درجة كبير باحثين بالإدارة العامة للنظم والمعلومات فى الشركة المصرية للكهرباء، فضلا عن أنه عمل مدربا إقليميا على منطقة الشرق الأوسط.

لم تكن إعاقته تمثل عائقًا أمام تحقيق آماله، وعلى الرغم من أنه من مستخدمى الكرسى المتحرك فإنه يعشق ممارسة الرياضة، وألف العديد من الكتب، منها «الزواج وتحديات المستقبل»، وكذلك كتاب عن «مبارك والفئات الخاصة»، بالهيئة العامة للكتاب، وصمم على تأليف هذا الكتاب حتى يتيح لكل فئات المجتمع الفرصة لقراءته، سواء فنانين أو سياسيين، فهو يناقش قضايا المعاقين بشكل يجمع بين السياسة والفن.

يعتمد «محمد» على نفسه فى كل شىء، لم يحب أن يساعده أحد، ولم يواجه أى مشكلة فى الذهاب إلى أى مكان فلديه سيارة خاصة به تنقله حيث يشاء.

وعن المواقف السلبية التى واجهها فى حياته قال: «كل حاجة وحشة بقابلها كنت بحولها لشىء أستفيد منه ودا نتيجة دراستى علم الاجتماع.. مبخليش حاجة توقفنى عن حلمى».

وذكر «محمد» أن «قضية الإعاقة لم تلق أى اهتمام فى التسعينيات سوى من ٣ أشخاص فى الدولة، وبعد ذلك بدأت الناس تتسول بها، ما دفعنى لأن أفعل المستحيل لتوصيل قضيتنا للمجتمع بشكل صحيح»، مضيفا: «ماكنش فيه اهتمام أصلا باحتياجات واهتمامات المعاقين».

ولاهتمامه الكبير بقضية المعاقين، أنشأ مؤسسة «لست وحدك» فى ٢٠٠٥، لمنع التسول بقضية الإعاقة، بل رعاية المعاقين مجانا، ومساعدتهم فى تنمية مهاراتهم، وقال: «لا نحصل على أى مقابل مادى، لكن هناك تبرعات تأتى للمؤسسة، سواء ملابس مستعملة أو أدوية أوغيرهما من المستلزمات، وكانت أول قضية فجرتها المؤسسة هى زواج المعاقين ذهنيا».

ويختتم: «أول مشكلة نفسى ألاقى حل لزواج المعوقين ذهنيا، وقدمت جواب لفضيلة الشيخ على جمعة لكن الإجابة لم تكن مفهومة، لأن هذا الموضوع مسبب أزمة لأمهات المعاقين، المشكلة التانية مفيش فى مصر دار ترعى المعاقين باستثناء الإعاقات الذهنية، فمثلا مفيش للإعاقة الحركية دار ترعاهم».

«ضحية حرب الخليج» يرفع علم مصر على قمم جبال العالم

أصيب بشلل أطفال فى قدمه اليمنى، نتيجة عدم تناول التطعيم فى موعده، بسبب ظروف حرب الخليج، التى عاد أثناءها من العراق إلى مصر، وكان عمره ٣ سنوات، وعلى الرغم من إعاقته ساعده أبواه على ممارسة الرياضة، ومارس الفن والمسرح والموسيقى والسباحة.

هو «مازن حمزة» الذى انتهى من دراسته بكلية التجارة، والآن يدرس فى كلية الإعلام «تعليم مفتوح»، يهوى الرياضة منذ طفولته، لكنه توقف لفترة لخضوعه لعملية عندما كان فى الصف الثانى الإعدادى، وظل يسير بعكاز حتى الصف الأول الثانوى، ثم عاد إلى الرياضة مرة أخرى، وتسلق هرم خوفو عام ٢٠١١.

وعن ذلك يقول: «فى البداية راودنى حلم تسلق هرم خوفو عام ٢٠١١ ورفع لافتة تطالب بحقوق ذوى الإعاقة، فبدأ ينادينى الناس بـالمغامر، وعندئذٍ قررت توصيل أصوات ذوى الإعاقة والمطالبة بحقوقهم من أعلى قمم الجبال، واستعددت لذلك نفسيًا وبدنيًا، فبدأت تدريباتى بالجيم ثم انتقلت إلى تدريبات أكبر‎‏‏‏ بمحمية وادى دجلة».

قرر «مازن» أن يكمل التحدى ويحقق حلمه، فصعد جبل موسى لأول مرة عام ٢٠١٢، وتم تسجيله كأول مصرى متحدى إعاقة يصعد جبلًا، ثم وجد دعوة على الإنترنت من إحدى الشركات فى إنجلترا بأنها ستحقق حلم ١٠ أشخاص فى العالم، بشرط أن تكون قصتهم ملهمة، وكتب لهم بالفعل عن قصته، وأنه يريد الصعود لجبال الألب، وبالفعل قبلوه وأرسل لهم الفيديوهات والصور. دخل «مازن» مرحلة التصويت لمدة ٣ أسابيع وكان ضمن ٥ من مصر، وحصل على أكثر من ٨٠٠ ألف صوت، وكان وقتها يتم تكريمه فى كوريا، وذهب لاستاد سيول وسط حضور ١٤ رئيس جمهورية، والفائزين بجوائز نوبل للسلام الذين ما زالوا على قيد الحياة، وفاز بالتصويت، فتم تجهيز كل شىء.

ويروى مازن: «بدأت خلال ٤ أيام تنفيذ خط سير الرحلة إلى قمة الألب، وفق ما حددته الشركة المنظمة وقتها كانت درجة الحرارة ٣٠ تحت الصفر، وبرغم أنها جبال ثلجية، إلا أنها ممهدة للصعود عكس الجبال الصخرية، وهدفى دائمًا كان الوصول للقمة».

وفى ٢٠١٦ صعد جبل «طوبقال»، وهو أعلى قمم سلسلة جبال الأطلس ببلاد المغرب، وفى ٢٠١٧ شارك فى فعالية مجتمعية برعاية محافظ جنوب سيناء والهيئة العامة لتنشيط السياحة، حيث قاد أفرادًا يعانون أنواعًا مختلفة من الإعاقات، وصعد بهم قمة جبل موسى.

وفى ٣ ديسمبر ٢٠١٧ صعد أعلى قمة فى مصر وهى سانت كاترين، وكان هذا أصعب موقف واجهه فى حياته، لأنه حاول صعودها ٤ مرات من قبل، وقوبل طلبه برفض تام خوفًا عليه، لأن الطريق غير ممهد، لكن بسبب تصميمه نجح فى صعود الجبل بارتفاع ٢٦٤٢ مترًا فوق سطح البحر، بالتعاون مع رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة لتأمينه، فضلًا عن محافظ جنوب سيناء ووزارة البيئة والبدو القاطنين هناك.

بعد عودته، استقبله اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، بمكتبه بشرم الشيخ، وكرمه باعتباره أول مصرى من متحدى الإعاقة يتسلق أعلى قمة فى مصر، ورفع علم مصر خفّاقًا عاليًا فوق أعلى القمم، تحت شعار «نحن نستطيع» وهو شعار أطلقه المحافظ. وإيمانًا منه بقضية ذوى الاحتياجات الخاصة، علم الغواصين كيفية التعامل مع المعاقين، لكى يساعدوهم أثناء الغطس، ما فتح مجالًا واسعًا للاستثمار فى هذا المجال. وبالفعل نجحت فكرته، وبدأ عدد من متحدى الإعاقة يسيرون على نهجه.

يقول مازن: «أنا عملت كده عشان كان فيه حاجات كتير كانت ممنوعة على ذوى الاحتياجات الخاصة، نظرًا لخوف الأهالى والدولة عليهم، لكنى بذلت محاولات عديدة لتذليل الصعاب، بالإضافة إلى أن الحاجات دى هتفتح سوق تانى لمصر من الناحية السياحية، وفى النهاية كله لصالح البلد».

وأضاف أنه فى ٢٠١٨ ينوى صعود أعلى قمة فى إفريقيا «كالمنجارو»، برعاية شركة «سى إف جى» ورئيسها محمد الغزالى، الذى صعد معه جبل سانت كاترين.

أوقفوا ترقياتها بسبب «الشلل» فاتجهت لـ«الشغل الخاص»

«ضحية مصل فاسد».. عبارة تلخص معاناة «فاطمة سيف»، التى أخذت حقنة فاسدة وهى بعمر عام، سببت لها إصابة بشلل أطفال فى يديها وقدميها، لكن مع العلاج الطبيعى بدأت حالتها الصحية تستقر إلى حد بسيط، وانتقلت إلى حالة ضعف فى اليد اليمنى، وسقوط فى مشط القدم اليمنى، فضلًا عن شلل كامل فى الساق اليسرى.

تخطت «فاطمة» الخمسين من عمرها، وأكملت تعليمها، ورغم الظروف المالية الصعبة لعائلتها، أصرت أن تكمل تعليمها، فدخلت المدرسة فى سن ٦ سنوات، وكان والدها لديه عربة فول، فساعدته فى العمل حتى فترة الإعدادية.

أكملت دراستها حتى التحقت بكلية تربية قسم لغة عربية، وعملت بالتدريس فى مدرسة الزيتون الحديثة لمدة سنتين، إلا أنه لم يرُق لها، فتركته وتوجهت للعمل بوزارة الكهرباء كباحث إدارى فى شئون العاملين، وبعد مرض والدها ووفاته وتراكم الضرائب، ساعدها أخوها الكبير الذى يعمل مهندسًا، نظرًا لضعف معاش والدها.

وبعد وفاة والدتها، دخلت «فاطمة» معهد تجويد ودرست ٣ سنوات حتى أصبحت بارعة فى أسانيد القرآن، وتمت ترقيتها إلى خبير فنى إدارية بدرجة مدير عام لتشرف على إدارة الموارد البشرية بديوان عام وزارة الكهرباء، وعضو لجنة الموازنة ٩ سنين متتالية، وعضو بلجنة الجرد، وعضو بلجنة المشتريات، وكونت مشروعًا خاصًا فى مجال الطباعة على الجلد والتيشرتات إلى جانب «التريكو».

كانت «فاطمة» تسير بعكازين حتى تعرضت لحادث مرورى أصيبت على إثره بكسر فى قدميها، وأصبحت تمشى بكرسى متحرك، وتقاعدت عن العمل سنة كاملة، وعادت مرة أخرى، لكن عند عودتها اصطدمت بمشكلة وهى عدم توافر مصعد خاص بذوى الاحتياجات الخاصة، واستمر الوضع ٧ شهور حتى تدخلت الإعلامية مرام سعيد لدى الوزارة وحلت مشكلتها.

لم تواجه «فاطمة» أى عقبات فى حياتها بسبب إعاقتها، وكانت تؤدى أى عمل بنفسها، ووقت الحادث اضطرت للانتقال للعيش مع أختها منذ ٢٠١٣، مؤكدة أن أكثر شىء يزعجها عدم أخذ حقها فى الترقيات رغم نجاحها، وهو ما أرجعته إلى إعاقتها، ورغم ذلك تم تكريمها فى جمعية «أم المصريين»، ومنذ عام قدم رئيس النقابة العامة للمرافق عادل نظمى، مذكرة لتعويضها ماديًا، لكن ذلك لم يتم حتى الآن.

تقول فاطمة: «المعاق أو أى إنسان بيكيّف نفسه حسب البيئة اللى موجود فيها، أنا كنت مبعرفش أمسك كوباية شاى، وبعمل المستحيل عشان أساعد نفسى، لكن المشكلة هى عدم ثقة المجتمع فينا، لذا لا بد من توفير وظيفة للمعاق عشان فرصهم محدودة لازم نهيأ لهم البيئة اللى هيعيشوا فيها».

واختتمت حديثها قائلة: «الحياة حلوة بس إحنا اللى قافلين حياتنا على نفسنا، وربنا مدّينا نعم كتير بس مش عارفين نستغلها».

مترجم ألمانى يشكو من ارتفاع تكاليف مراكز التأهيل

كان «محمد أنور» شابًا عاديًا، لكن حادثًا مروريًا تعرض له منذ ٤ سنوات غيّر حياته تمامًا، بعد أن تسبب له فى كسر بعموده الفقرى أدى إلى شلل سفلى، ما اضطره لاستخدام الكرسى المتحرك.

تخرج «محمد» فى كلية لغات وترجمة ألمانى، ويعمل مترجمًا بشركة «بلو سكاى» فى الغردقة، ورغم إصابته بالإعاقة إلا أنها لم تؤثر على حياته المهنية، بل على العكس لاقى اهتمامًا كبيرًا من الجميع، ووقف أصدقاؤه فى الشركة إلى جانبه، لكن ما يعيقه حقًا هو أن الوصول إلى أى مكان يريده أصبح غير ميسر.

بعد إصابة «محمد» كان يعانى من فقدان التوازن وعدم القدرة على الحركة بشكل كامل فتوجه للمركز التأهيلى فى العجوزة لتلقى العلاج الطبيعى وتحسنت حالته جزئيًا، فالمركز مزود بكل التقنيات اللازمة، لكن واجهته مشكلة ارتفاع التكاليف المادية فحجز الغرفة كان ٤٥٠ جنيهًا فى اليوم، فضلًا عن أن المستلزمات الطبية على حسابه الشخصى، الأمر الذى دفعه لإيقاف العلاج والعودة إلى الغردقة.

حاول «أنور» الحصول على علاج فى أى مركز تأهيلى فى الغردقة، لكن بسبب ارتفاع أسعار حجز الغرف لم يستطع أن يكمل علاجه، فضلًا عن ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية التى يستخدمها، وعلى الرغم من إعاقته إلا أنه يحرص على الالتزام فى عمله.

يروى «محمد» الصعوبات التى يواجهها فيقول: «من العقبات التى أواجهها أنى لا أستطع الدخول إلى أى بنك أو معظم المؤسسات الحكومية، لأنها ليست مزودة بمصعد خاص بمتحدى الإعاقة».

ويضيف: «معنديش مشكلة فى إعاقتى المشكلة هى فى ثقافة الناس فى التعامل مع المعاق، أحيانا بفضل واقف كتير استنى حد يساعدنى، مش لازم أطلب أنا من الناس أنهم يساعدونى، المفروض المبادرة تبدأ من عندهم».

طلبه «العدالة».. وحلمه «مأمورية حج»

مرض وراثى تسبب له فى ضمور بعضلاته.. هذا هو حال «محمد سيف»، الذى يبلغ من العمر ٥٠ عامًا، إلا أن المرض لم يؤثر عليه، بل كان يمارس حياته بشكلٍ عادى حتى المرحلة الثانوية، لكن مع التقدم فى العمر ازدادت حالته سوءًا حتى أصبح يسير بكرسى متحرك.

حصل «سيف» على ليسانس آداب، ثم التحق بكلية الألسن قسم اللغة الإيطالية وحصل على الليسانس، ثم عمل فى شركة «شل» الهولندية للبترول لمدة ١٠ سنوات حتى استقالته، وعمل مترجما بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات لمدة سنتين، لكنه استقال أيضا لعدم توافر الإمكانيات التى تساعد ذوى الاحتياجات الخاصة، فضلا عن كثرة عدد الموظفين، ثم عمل بالحجز المركزى فى شركة «مصر للطيران» بالغردقة.

حب «محمد» الشديد لعمله جعله يرفض الحصول على إجازة من العمل- رغم حقه الطبيعى بها نظرا لإعاقته- قائلا: «بحب شغلى جدا لدرجة أنى مش باخد إجازة غير يوم واحد فى الأسبوع»، وعلى الرغم من تفانيه فى العمل فإنه واجه عدة مشاكل نتيجة إعاقته: «أنا ببقى نفسى أطلع مأموريات زى زمايلى بس مبيرضوش عشان إعاقتى رغم أن فيه أقل خبرة سافروا كتير».

حاول «محمد» مرارا وتكرارا أن يكون له نصيب فى أى مأمورية إلا أنه فشل: «كان نفسى أطلع مأمورية الحج بس هما رفضوا وقالولى إنت ملكش سفر عندنا»، لذا فإن حلمه الوحيد أن تتحقق العدالة، وأن يتساوى المعاقون مع الأسوياء فى الحقوق والواجبات، فلا يريد أن يشعر أن حقه مهدور بسبب إعاقته. ويروى «محمد» أنه يواجه صعوبة فى صعود المواصلات، فبعد أن كان يمتلك سيارة منذ عام ١٩٩٦، باعها فى ٢٠٠٣ ليشترى أخرى، إلا أن طلبه قوبل بالرفض بسبب إصابته بالضمور.

أصيب بإعاقة حركية فى اليد اليمنى منذ ولادته، ولديه يد أكبر من الأخرى بشكلٍ ملحوظ، إلا أن تلك الإعاقة لم تقف فى طريقه حائلًا أمام تحقيق أحلامه، فاستطاع استكمال جميع مراحله التعليمية والتحق بكلية تجارة بجامعة عين شمس، إلى جانب إنشاء مصدر رزقه الخاص، وهو محل لأجهزة الحاسب الآلى.

هو «كيرلس سمير»، البالغ من العمر ٢٥ عامًا، والذى بدأ حياته العلمية والعملية بشكل طبيعى، ولم يلق أى معوقات، وبعد التخرج عمل فى البنك الأهلى لمدة عام، ثم سافر إلى دبى، وعمل فى «ناشيونال بنك دبى» عام ٢٠١٤، لكنه اضطر للعودة بسبب حدوث حالة وفاة فى أسرته عام ٢٠١٥.

تخبط كثيرًا بعد عودته، وعمل فى شركة لتوكيل المفاتيح الإيطالية ثم تركها نتيجة لضعف المرتبات، حتى تعرف أخيرًا على نائب بدائرة عين شمس قبل الانتخابات، وتولى حملته الانتخابية.

وعن أصعب المواقف التى واجهها فى حياته، يروى كيرلس: «لما كنت فى دبى كنت عاوز أشتغل موظف حجز، لكن إدارة الموارد البشرية قالت لى: (وانا أخدك ليه)، وبعد كده قالوا لى: (استنى وهنرد عليك تانى)، ثم دخلت (إنترفيو) مع المدير نفسه ووافق علىّ بالفعل».

الكرسى المتحرك بـ4 آلاف جنيه.. والعكاز بـ300 بعد «التعويم»

رغم اهتمام الدولة بذوى الاحتياجات الخاصة، فإن المستلزمات الطبية التى يحتاجونها تتسبب فى أزمة كبيرة للفقراء ومتوسطى الحال منهم، خاصة أنه بعد تحرير سعر الصرف، ارتفعت أسعار تلك المستلزمات بنسبة ١٠٠٪.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل