المحتوى الرئيسى

علاء النهرى: إطلاق قمر صناعى مصرى بنسبة 100% بحلول 2022

01/04 21:41

-وكالة الفضاء ليست رفاهية بل طريق إلى الرفاهية

-23 مليون دولار من الصين لإنشاء معمل للتصنيع والاختبارات.. وآن الأوان أن تتخلص مصر من التبعية للمؤسسات الأجنبية

قال الدكتور علاء النهرى، نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة سابقًا، إن وكالة الفضاء المصرية ذات فوائد اقتصادية وسياسية وعسكرية، مؤكدًا أنها ستسهم فى اكتشاف موارد مصر وتأمين حدودها، وتجعلها تتخلص من التبعية الدولية للدول التى تريد الإضرار بها. وكشف عن تقديم الصين منحة قدرها ٢٣ مليون دولار لمصر، لإنشاء أول معمل مصرى لتصنيع واختبار الأقمار الصناعية، معتبرًا أنها الدولة الأقرب للتعاون مع مصر، لإطلاق عدة أقمار خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى وجود خطة عمل مشتركة مع الجانب اليابانى، لتصنيع أول قمر صناعى مصرى بنسبة ٧٠٪، وسيتم الإعلان عن موعد إطلاقه خلال ٢٠١٨، مضيفًا: «بحلول ٢٠٢٢ سيكون هناك قمر صناعى مصرى كامل ١٠٠٪».

■ بداية.. ما أهمية إنشاء «وكالة الفضاء المصرية»؟

- تكمن أهميتها فى توطين صناعة وإنتاج تكنولوجيا الفضاء فى مصر، وهو ما يحدث من خلال تصنيع وتجميع أقمار صناعية وإطلاقها، بغرض التنمية المستدامة وتحقيق الأمن القومى، فمصر ليس لديها أقمار عاملة فى مجال الاستشعار عن بُعد فى الوقت الحالى، وفى يوليو المقبل سنطلق قمرًا صناعيًا صغيرًا بالتعاون مع اليابان. وعامة، لدينا خطة لإطلاق ٥ أقمار صناعية صغيرة كان من المفترض أن تنطلق فى ٢٠١٧، لكنها تأخرت، وسيتم البدء فى إطلاقها خلال ٢٠١٨ حتى عام ٢٠٢٣. ويمكننا من خلال هذه الأقمار، التعرف على الموارد الطبيعية فى مصر، سواء زراعية أو تعدينية، بالإضافة إلى قياس مساحات الأراضى الزراعية والمياه الجوفية، ولأن الفترة المقبلة سيتم الاعتماد على نسبة كبيرة من المياه الجوفية فى الزراعة والاستخدامات المنزلية، بهدف ترشيد استهلاك مياه النيل، ستساعدنا الأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء كثيرًا فى تحديد أماكنها وكيفية استخراجها.

ويمكن الاستفادة من الأقمار الصناعية أيضًا فى مهمة التخطيط العمرانى، والأهم من ذلك كله مراقبة الحدود، ومساعدة قوات الأمن فى السيطرة عليها، ومراقبتها بشكل مستمر، لمنع تسلل الخلايا الإرهابية واستهداف أماكن وجودها بعد تحديدها بشكل دقيق باستخدام الأقمار الصناعية.

■ متى سيتم الانتهاء من تصنيع أول قمر صناعى مصرى، وما تفاصيل المشروع؟

- لدينا خطة عمل مشتركة مع الجانب اليابانى لتصنيع أول قمر صناعى مصرى بنسبة ٧٠٪، ولدينا أيضًا تعاون مشترك مع الصين لإطلاق عدة أقمار مصرية، وبحلول ٢٠٢٢ سيكون هناك قمر صناعى مصرى كامل ١٠٠٪.

■ ما رأيك فى الانتقادات الموجهة إلى تكاليف المشروع العالية؟

- «وكالة الفضاء المصرية» ليست رفاهية، لكنها طريقنا إلى الرفاهية، ولو نظرنا إلى تجربة الهند سنفهم مدى ضرورة وجود هذه الوكالة من الناحية الاقتصادية، وأود أن أوضح أن الهند بدأت مشروعها الفضائى فى نهاية الخمسينيات مع مصر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى أعتبره «أبوالفضاء المصرى»، وكان متحمسًا جدًا لمشروع الفضاء المصرى، وبدأ بالفعل فى العمل عليه، وكان هناك مشروع الصواريخ المصرية «القاهر والرائد والظافر»، لكن المشروع توقف تمامًا بسبب نكسة ١٩٦٧.

وفى عهد حسنى مبارك تم إهمال المشروع تمامًا واختزاله فى مجلس بحوث الفضاء، وكان عبارة عن مجلس روتينى لا يهدف لتحقيق مشروع قومى كبير، على عكس الهند التى استمرت فى مشروعها الفضائى، وتمكنت من تحقيق عائد اقتصادى كبير.

ومنذ عام ٢٠٠٠ بدأت الدولة تهتم تدريجيًا بمشروع الفضاء، لكنه كان يسير ببطء، إلى أن جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أحيا برنامج عبدالناصر، وأولى اهتمامًا كبيرًا بـ «وكالة الفضاء» التى ستبدأ عملها فى القريب العاجل.

■ هل الكوادر المصرية قادرة على إدارة «وكالة الفضاء المصرية»؟

- لدينا مجموعة كبيرة من العلماء والمهندسين، تم تدريبهم فى أكبر مراكز الفضاء فى العالم، وفى وكالات الفضاء بالصين واليابان وأوكرانيا، والمجموعة الأولى التى تدربت فى أوكرانيا هى التى أطلقت القمر المصرى «إيجيبت سات ١»، لكن بسبب عدم التطوير والمتابعة لم يستمر القمر.

ومن الضرورى جدًا أن نركز على عملية تطوير الأقمار الصناعية، وكان من المفترض أن نطلق «إيجيبت سات٢» على خطى القمر الأول، وبتكنولوجيا متطورة، لكننا للأسف نستحدث تكنولوجيا جديدة دون تطوير القديم، وهذا خطأ كبير، يحدث بسبب عدم توافق الرؤى بين الإدارات المتتالية.

ومن الضرورى أن تعتمد مصر فى إنتاج الأقمار الصناعية على الصغير منها، لأن تكلفتها أقل، فالقمر الواحد لا تتعدى تكلفته الـ ٥٠ ألف دولار، ومساحته أصغر ويؤدى نفس المهام التى يؤديها القمر الكبير الذى يعد إطلاقه فى الفضاء صعبًا للغاية.

ألمانيا مثلًا تمتلك مجموعة كبيرة من الأقمار اسمها «رابيت آى»، قررت أن تستبدلها بمجموعة «النانو ساتليت»، ونحن هنا نتحدث عن دولة تمتلك أسرابًا من الأقمار ولها تاريخ فى التعامل مع تكنولوجيا الأقمار الصناعية، وهذا يعنى أن العالم بدأ يتجه نحو استخدام الأقمار الصغيرة لمميزاتها، ومن الضرورى أن تسير مصر على نفس الخطى.

■ كيف يمكن حماية الأقمار المصرية من الاستهداف؟

- أنا ممثل مصر داخل لجنة الاستخدام السلمى لتكنولوجيا الفضاء فى الأمم المتحدة، وهذه اللجنة المختصة مهمة جدًا بالنسبة لنا، خاصة أن إسرائيل انضمت لعضويتها منذ عامين تقريبًا، وعُرض على اللجنة مقترح باستخدام «الليزر» فى التخلص من «نفايات الفضاء»، وهى عبارة عن بقايا أجسام صواريخ أو أقمار منتهية الصلاحية، لكن مصر اعترضت على المقترح بشدة، لأنه يمكن استغلال «الليزر» لضرب أقمار صناعية عاملة، وطالبت بتشكيل لجنة، وتمت الموافقة على طلبها، ووضع برنامج زمنى محدد الملامح للتخلص من النفايات بشكل سلمى لا يهدد الأقمار الأخرى.

■ ما قصة خداع مصر من جانب وكالة الفضاء الأمريكية، وتقديمها صورًا مشوشة لـ«سد النهضة»؟

- الوكالة فعلت ذلك، ورغم أنه من المفترض أنها تصور بدرجة عالية جدًا من الدقة، وتمتلك صورًا واضحة للمناطق التى تستهدف تصويرها، إلا أن ما حدث هو تقديمها صورًا لمصر دون تصحيح «راديومترى»، وبالتالى وصلت الصور «مشوشة»، لكننا استطعنا التخلص من التشويش على الصور فى «الهيئة القومية للاستشعار عن بُعد». تلك النقطة تقودنا إلى الأهمية القصوى لامتلاك مصر وكالة فضاء قومية، تكون تحت تصرف الدولة يمكن من خلالها حماية وتأمين الحدود، والتعامل مع القضايا التى تمس الأمن القومى مثل قضية «سد النهضة».

آن الأوان أن تتخلص مصر من تبعيتها لأى مؤسسة أجنبية، ونحن فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، نسير على خطى الاستقلال التام عن أى تبعية وستحقق الوكالة جزءًا من هذا الاستقلال.

■ ما الإجراءات المفترض تنفيذها لبدء مشروع الفضاء المصرى؟

- تم تخصيص مساحة فى التجمع الخامس لإقامة الوكالة، وهناك اهتمام حكومى كبير جدًا بها، خاصة أنها تتم برعاية الرئيس السيسى، ومن الضرورى قبل بدء العمل بالوكالة، أن ننظر إلى مشروع الفضاء الهندى، خاصة أنه بدأ فى ظروف اقتصادية صعبة وحقق نجاحًا كبيرًا، ويمكننا الاستفادة من هذه التجربة فى تدشين الوكالة المصرية.

وأبوالفضاء الهندى «فيكرام صربهاى» عندما سألوه عن سبب الاهتمام بتدشين مشروع فضائى للهند، خاصة أن ظروفها الاقتصادية لا تسمح، قال إنه يريد أن يرى دولته من بين الدول التى تستطيع الوصول للقمر أو المريخ، واستطاعت الهند الآن الوصول للقمر والمريخ، وفى ٢٠١٧ حققت رقمًا قياسيًا فى إطلاق الأقمار الصناعية، وأطلقت ١٠٤ أقمار على صاروخ واحد. وكانت روسيا آخر دولة حققت رقمًا قياسيًا عندما أطلقت ٤٣ قمرًا على صاروخ واحد، لكن الهند تجاوزتها، وإذا نظرنا للمشروع الهندى الذى بدأ من الصفر، يمكننا استشراف مستقبل الوكالة المصرية.

■ ما الدول الأقرب للتعاون مع مصر فى مشروع وكالة الفضاء؟

-الصين، لأنها قدمت لمصر منحة بقيمة ٢٣ مليون دولار، لإنشاء معمل اختبارات وتصنيع الأقمار الصناعية، وبدأ العمل فيه بالفعل لجعل البنية الأساسية للوكالة المصرية جاهزة، والحقيقة أن مصر تريد التعاون مع الجميع، ونريد أن نستفيد من جميع البلدان المتقدمة فى مجال تكنولوجيا الفضاء ومنها الصين وروسيا واليابان ودول أوروبا.

■ وماذا عن الدور الروسى؟

- لدينا تعاون مع روسيا فى مجال الفضاء منذ فترة، وساعدتنا فى إطلاق القمر الصناعى «إيجيبت سات٢»، لكنه فُقد بعد عام من إطلاقه، واتهمونا بالمسئولية عن ذلك، إلى أن تأكدت بعد ذلك أن عملية الفقد تمت بسبب عوامل بيئية ومناخية ليس لمصر أى علاقة بها، وهى ظروف تحدث لأى قمر فى أى دولة، لذلك قررت أن تعيد تصنيع القمر المصرى على نفقتها كاملة دون تغريم مصر أى نفقات ومن المفترض إطلاقه فى ٢٠١٨.

■ ماذا يضمن نجاح مشروع الفضاء المصرى هذه المرة؟

- توقف المشروع فى المرة الأولى، كان بسبب النكسة على الرغم من إصرار عبدالناصر الكبير عليه، وبعدها تم إهماله، ولم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية من جانب «السادات» أو «مبارك» لإحياء المشروع، وكما قلت فإن الرئيس السيسى رجل مخابرات ويعلم جيدًا أهمية المعلومات واستخدام تكنولوجيا الفضاء فى الحصول عليها، لذا فالإرادة السياسية التى يملكها الرئيس السيسى تضمن وحدها نجاح المشروع.

وإطلاق الأقمار الصناعية ليس رفاهية، ولكنه ضرورة قصوى للحفاظ على الأمن القومى المصرى والتنمية المستدامة، وبفضل الصور الواردة لنا من الأقمار الصناعية استصلحنا ٧٠٠ ألف فدان ضمن مشروع الضبعة، كما نحتاج للأقمار المصرية فى مراقبة الحدود ومتابعة كل ما يتعلق بالظرف الأمنى المصرى فى هذه الأوقات، بالإضافة إلى الربح الاقتصادى الكبير الذى ستدره الوكالة على خزينة الدولة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل