المحتوى الرئيسى

هل آن أوان مراجعة قرار الإخوان؟ | المصري اليوم

01/04 00:36

تنطلق مصر فيما يخص علاقاتها بكثير من دول العالم من ثوابت لا تحيد عنها، ولعل أبرز هذه الثوابت الحفاظ على وحدة واستقرار المناطق التى تعانى من نزعات انفصالية تفككية، لذا كانت القاهرة أول من دعا إلى الحفاظ على وحدة العراق وسوريا وليبيا، ليس باعتبار أنها دول مجاورة فى المنطقة فحسب، لكن التاريخ يشهد أن مصر كذلك دعت إلى الحفاظ على استقرار كثير من الدول التى تفككت إلى جمهوريات وأقاليم.

يوغسلافيا كانت من بين هذه الدول، وذلك نظرا للعلاقات التاريخية بين البلدين والتى شهدت اقترابا كبيرا فى عصر الرئيس المصرى الراحل عبدالناصر واليوغسلافى جوزيف تيتو، اللذين كانا نواة تأسيس حركة «دول عدم الانحياز» فى أوائل الستينيات، لكن الحروب والنزعات الانفصالية لدى سكان بعض الأقاليم ذات الحكم الذاتى، والقمع الذى مارسه سلوبودان ميلوسيفيتش وبسببه تمت إدانته كمجرم حرب فى الثمانينيات والتسعينيات.. كانت سببا كافيا للانهيار.

ومن ضمن الأقاليم التى انفصلت وحصلت على استقلالها إقليم كوسوفو أو (كوسوفا)، الذى أجرى سكانه فى يوليو 1990 استفتاءً كانت نتيجته معبرة عن رغبة إقامة جمهورية مستقلة، الأمر الذى أدى إلى صدام مسلح عنيف بين الخلايا العسكرية التى كونها سكان الإقليم والتى عُرفت بـ«جيش تحرير كوسوفو» من جهة، والجيش الصربى من جهة أخرى، فانتهى الأمر إلى تدخل أعنف من قوات حلف شمال الأطلسى «الناتو» بقيادة أمريكا، أدى إلى انسحاب الصرب من الإقليم ووضعه تحت الحماية الأطلسية، ونشر نحو 17 ألف جندى متعدد الجنسيات فيه.

انفصال كوسوفو بشكل نهائى حدث فى فبراير 2008، وهو الانفصال الذى دعمه الأمريكيون ومعظم الأوروبيين وكثير من الدول العربية، وعارضته روسيا وبعض من الدول ومنها مصر، التى هى من جهة ضد النزعات الانفصالية كما ذكرنا، ومن جهة أخرى تحافظ على التوازن فى علاقاتها التاريخية القوية والعميقة مع صربيا.

ويتضح ذلك خلال تصريحات السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية وقتها، بعد أشهر من إعلان الاستقلال، والتى قال فيها: «إن قرار الاعتراف بالدول يحتاج دراسة معقدة من جانب مصر ليتوافق موقفها مع مصالحها، وهو ما يستدعى دراسة ردود الفعل ومواقف الدول الأخرى وتداعيات الموقف على مصر حال تبنيها موقفا معينا».

كان حسنى مبارك يدرك أيضا أن الاعتراف بكوسوفو سيشكل ضربة قوية لعلاقات مصر بصربيا، حيث ربط الرئيس الأسبق مسألة الاعتراف بالإقليم المستقل بفتوى استشارية من محكمة العدل الدولية بشأن شرعية استقلال الإقليم المعلن من جانب واحد. فيما أكد وزير الخارجية المصرى أحمد أبوالغيط فى 2010 ذلك أيضا خلال لقائه مع سكندر هيسينى، وزير خارجية كوسوفو، مذكرا إياهم بأن مصر تنظر فى طلب الاعتراف بالإقليم، مؤكدا أن الاعتراف من عدمه ليس بسبب كوسوفو وإنما لأسباب أخرى.

حتى جاءت فترة التقلبات السياسية والاجتماعية فى مصر ما بين 2012 و2013، والتى امتطى فيها الإخوان الحكم وأصبح التأثير التركى التوسعى لاستعادة الدولة العثمانية الغابرة حاضراً على قرار الإخوان فى مصر. فزادت تطلعات الجماعة إلى تقوية دعائمها مع الدول ذات الغالبية الإسلامية والرعاية الأمريكية، ومنها كوسوفو، فسارعت مؤسسة الرئاسة ذات الصبغة الإخوانية وفى قلبها عصام الحداد، مساعد الرئيس المسجون مرسى، إلى محاولة الاعتراف بالإقليم، على الرغم من العقلانية التى اتسم بها خطاب وزارة الخارجية فى ذلك الوقت، فكان الأمر يوحى بأن ثمة تضاربا بين تصريحات الرئاسة المندفعة نحو الاعتراف، والخارجية التى حاولت أن تتناول الأمر وفقا لتوازن العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية المصرية.

كانت كوسوفو باعتبارها دولة مسلمة (95% من المسلمين) تمثل إغراء لمصر الإخوانية للتمدد فى البلقان على أسس جديدة، أخذاً فى الاعتبار وجود دول مسلمة مجاورة لها، هى ألبانيا والبوسنة ومقدونيا، ما يمكن أن يشكل فتحاً إخوانياً لهذه المنطقة، إضافة إلى كونه سعياً آخر فى سبيل نيل الرضا الأمريكى.

واندفعت الخطوات الإخوانية فى هذا الاتجاه ووصلت إلى ذروتها مع دعوة مرسى رئيس الوزراء الكوسوفى، هاشم ثاتشى، لحضور القمة الإسلامية فى القاهرة، وكذلك قيام مساعدة الرئيس المصرى للشؤون السياسية حينها، باكينام الشرقاوى، بزيارة رسمية إلى بريشتينا فى الذكرى الخامسة لإعلان الاستقلال فى فبراير 2013، حيث صرحت فى مؤتمر صحفى بأن مصر فى طريقها للاعتراف باستقلال كوسوفو.

أيضا كانت العلاقة الوثيقة بين القائم بأعمال سفارة كوسوفو فى القاهرة بكر إسماعيل والقيادى الإخوانى المسجون صفوت حجازى امتدادًا للتواصل بين البلدين، حيث صار حجازى أكبر الساعين والمؤثرين لأجل اعتراف مصر باستقلال الإقليم، وعلى هذا الأساس زار حجازى كوسوفو فى أكتوبر 2011 والتقى بعدة مسؤولين، كما أصبح يستقبل كل المسؤولين الذين أتوا للقاهرة على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية، ومن هؤلاء وزير الخارجية الكوسوفى أنور خوجا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل