المحتوى الرئيسى

القمص أنجليوس جرجس راعى كنيسة المغارة- أبوسرجة فى حواره لـ «المصري اليوم»: الحج المسيحى للقدس لا يكتمل إلا بزيارة مصر | المصري اليوم

01/03 22:44

قال القمص أنجليوس جرجس، راعى كنيسة المغارة – أبو سرجة، إن مصر «بيت لحم ثانية»، وقصدها المسيح وفضلها على بلاد الدنيا ليحتمى وسط أهلها، موضحا أن كنيسة المغارة تحتفل كل عام بالعيد الوطنى لدخول السيد المسيح مصر، ما يعكس التنوع الوطنى ويجمع الرموز المصرية كافة.

ولفت إلى أن الحج المسيحى إلى مصر لا يرتبط بالآلام التى تعرض لها المسيح مثلما يتم فى كنيسة القيامة، ولكن يتم على مدار العام، خاصة فى أعياد الميلاد، مشيرا إلى أن الكنيسة تستقبل العيد بتسبحة «كيهك» التى تنشد فيها المدائح والتسابيح والتماجيد للعذراء والسيد المسيح.

وأضاف فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن التراث الموسيقى الكنسى ضخم للغاية، وأنه موضع إعجاب العالم كله، موضحا أن داوود النبى كان يغنى مزاميره على القيثارة، وأن الفن يرتقى بالوجدان. كما هاجم القرار الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لافتا إلى أنها خطوة متسرعة ترمى إلى تهويد المدينة المقدسة.

وشدد راعى كنيسة المغارة على ضرورة الارتقاء بالتعليم الذى يضع حدا لكل الدعاوى المتطرفة والإرهابية، مؤكدا على أهمية التثقيف والتنوير الذى ضرب له مثلا بالإمام محمد عبده.. وإلى نص الحوار:

■ كنيسة المغارة لها أهمية خاصة ووصفتها بأنها «أيقونة مصر» والعائلة المقدسة مكثت بها نحو 3 أشهر ولها عيد وطنى كل عام ما مظاهر الاحتفال بهذا العيد من حيث الطقوس والمشاركة؟

- نحتفل بالعيد الوطنى، أى بدخول السيد المسيح والعائلة المقدسة مصر، أول يونيو، وله فى الحقيقة مظاهر من بينها قداس له ألحان نستقبل به العيد، واحتفلنا به فى كنيسة المغارة، ودعينا بعض رموز الدولة، محافظين ووزراء السياحة والآثار والثقافة، وكل التيارات السياسية والأحزاب والمفكرين، فهذه هى مصر، حتى أننى قلت إن هذه هى أيقونة مصر، بجانب طبعا الكنيسة، لكن فى الحقيقة أول يونيو جاء فى شهر رمضان، ولم نقم احتفالا ضخما، فاكتفينا بالاحتفال الدينى فقط من خلال تسبحة «كيهك» التى تنشد فيها المدائح والتسابيح والتماجيد للعذراء والسيد المسيح، وذلك بسبب ظروف توقيت الإفطار، وسوف نستأنف الاحتفال السنة المقبلة، لكن نحن نحتفل بدخول المسيح جميع أيام السنة، لأن المسيح ظل يتنقل قرابة الـ4 سنوات فى مصر.

■ متى يبدأ موسم الحج للكنيسة؟

- كلمة حج تعنى التبارك بالأماكن المقدسة، وفى المسيحية تكمن فكرة الحج فى القدس فى أسبوع الآلام، وهناك طريق الآلام والمناطق التى تألم فيها والأحداث التى وقعت فى الأسبوع الأخير، وكلها مرتبطة بالحج، لكن هناك حجا آخر، وهو عيد الميلاد، وهذا مختلف عن مصر، قد يكون فى أورشليم والناصرة والأماكن التى عاش فيها السيد المسيح، وهو فى مصر ليس له وقت معين، ما يعطى لمصر عمقا مختلفا.

■ قلت إن الحج المسيحى للقدس لا يكتمل إلا بزيارة مصر وأنها بيت لحم ثانية.. لماذا؟

- هذا صحيح، وقلت ذلك لأنه إذا كان الحج هو التبارك بالأماكن التى عاش فيها السيد المسيح فى أورشليم والجليل، فإنه يكون ناقصا إن لم يزر الحاج مصر، لأنها المكان الوحيد الذى عاش فيه المسيح خارج وطنه، فالحج المسيحى للقدس فعلا لا يكتمل إلا بزيارة مصر، وكان من السهل أن يعبر نهر الأردن أو يتجه إلى الشام أو يعبر البحر المتوسط إلى أوروبا، وسوف يكون الأمر أكثر سهوله له، بدلا من الرحلة الشاقة فى سيناء والمناطق الصحراوية، لكنه اختار مصر، لأن نبوءة فى سفر أشعياء تقول من مصر دعوت ابنى وسقطت أوثان مصر.

■ كيف استقبلتم مباركة بابا الفاتيكان لأيقونة مسار العائلة المقدسة، وما انعكاس ذلك على المسار، خاصة أن كنيسة المغارة تعتبر أهم المحطات التى قضى المسيح وقتا بها بعد دير المحرق؟

- الحقيقة شىء مفرح ومبهج أن العالم كله ينظر إلى مصر بهذه النظرة، فلم تعد مصر مجرد شواطئ فقط، ولا بلد الفراعنة فقط، لكن إلى جانب الحضارة الفرعونية لدينا حضارة مسيحية وحضارة إسلامية، وهذا لأن العالم ينظر إلى مصر التى أقول إنها بقعة فريدة جدا فى العالم تستطيع فيها استنشاق رائحة الحضارة العابرة عبر العصور كلها، فعندما قال بابا روما إن مصر ستكون أرض حج قلت إنها استعادة مرة أخرى، لأنه فى القرون الوسطى، لم يكن الذى يذهب للأماكن المقدسة يكتمل حجه إلا بعد أن يأتى إلى مصر خاصة هنا فى أبى سرجة كنيسة المغارة.

■ هناك اكتشافات أثرية فى كنيسة المغارة منها المعموديتان والمكان الذى مشى عليه المسيح كيف تتم هذه الكشوف وهل تجرى بمجهود فردى أم بتدخل رسمى من الدولة ممثلا فى وزارة الآثار أو بعثات أجنبية؟

- الاكتشافات الحديثة جاءت نتيجة بعض الدراسات التى أجريت ونحن أكملناها، وهى الأرضية التى مشى عليه السيد المسيح، وكان هناك دراسات سابقة تثبت أن أرض المغارة الأصلية التى فى الأسفل هى نفس أرض مغارة الميناء أيام الفراعنة، وما قمنا به هو أننا كشفنا حتى نصل إلى الأرض الأصلية، وعثرنا عليها فعلا، وبدأنا نحوطها بالزجاج بمعاونة وزارة الآُثار التى تولت الإشراف، لكن الكنيسة تحملت التكلفة كاملة، وكنت متأكدا أن هناك أشياء لم تكتشف بعد، لكن عندما استصدرنا قرارا للترميم عام 2014، مرفقا بالدراسات المبدئية، صممت أن يدرج بند قرار ترميم ما هو قائم، وقلت وما يستجد من اكتشافات، حتى لا يوقف أى شىء قد يستجد.

■ كيف تقرأ القرار الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟

- قرار متسرع خلفه ضغوط يهودية صهيونية بمعنى أشمل للإسراع بوتيرة بناء الهيكل، وفكرة تهويد القدس مرتبطة بفكرة تراود اليهود منذ أن سقط الهيكل، وتم التشتيت سنة 135 م، وهم يراودهم الرجوع مرة أخرى إلى أورشليم وبناء الهيكل وإعلان دولتهم اليهودية، وعندما ترفض القرارات الدولية، وتؤكد أنه ليس وطن يهود فقط، ولكن وطن يهود ومسيحيين ومسلمين، وهذه قضية عادلة، فهم كالعادة يتحايلون على بعض الأمور، خاصة نتيجة عدم تصدى المجتمع الدولى لبعض القرارات التى اتخذت فيما يتعلق بتهويد القدس، مثل بناء المستوطنات وغيره، ولأن الوضع الحالى هو وضع ضعيف ومنطقة كلها ممزقة، فأفضل وضع لهم هو أن يفرضوا أمرا واقعا.

■ بمناسبة التلاحم نسمع الآن الأذان يعانق جرس الكنيسة وبجوارنا معبد بن عزرا اليهودى وهى حالة فريدة من التعايش والتسامح الدينى بمصر فما شعورك؟

- هؤلاء هم المصريون، فالإحساس الروحى للمسلة هى قاعدة فى الأرض تنطلق منها الروح فى السماء، ويكتب عليها أناشيد أو تاريخ، ثم دخلت المسيحية فكانت المنارة، أيضا الكنيسة فى الأرض والمنارة فى السماء، ثم جاء الجامع، المئذنة نفس الفكرة، وحينما تنظر إلى مصر بالطائرة تستطيع أن ترى المسلة فى المعابد والمنارة فى الكنائس والمآذن فى المساجد، فهذه هى مصر.

■ لكن هناك من لا يرى الصورة على هذا النحو فى الخارج وإلى جانب مخطط برنارد لويس لنموذج الدول الفسيفسائية هناك من يحاول التصنيف إلى مسلم ومسيحى؟

- للأسف، لكن ليس كل اللوم عليهم فى الخارج، ولكن هناك لوم علينا نحن أيضا فى الداخل.

- يعنى عندما تترك تيارا يصر على التفرقة، ويصر أن المسلم لا يهنئ المسيحى بعيده، وأن تكون الصورة فى مصر أن القبطى ذمى وأنه يعاد حسب الصورة القديمة تهميشه، فهذا فكر تغلغل عبر سنوات.

■ لكن هذا ليس فكرا أحاديا بل هو من الطرفين فهناك فى المقابل من كان يدعو المسيحيين إلى التحصن بالكنيسة؟

- نهائيا لم يكن لدينا ذلك، فالأقباط لم يدخلوا الكنيسة ليغلقوا الأبواب على أنفسهم، بل كانوا مواطنين عاديين.

■ تقصد أن فكرة «الجيتو» أو العزلة لم تكن لدى المسيحيين؟

- على الإطلاق لم يحدث، وإلا كنا أقمنا لأنفسنا أحياء مثل لبنان، فالقبطى فى مصر مرتبط بالوطن والأرض والحياة، وحتى لا أكون مجحفا لا أريد أن أقول مسلما ومسيحيا كمواطن، ولكن أيضا نحن ومع المسلم المعتدل، أكلنا وشربنا معا وحاربنا معا ومتنا وعشنا معا، لذلك أقول إن هناك أناسا صدرت هذه الصورة عن مصر نتيجة جهل بالوطنية، وجهل بمصر، وجهل بالدين، فهذا التيار هو الذى يرفض فكرة أن الدين لله والوطن للجميع، رغم أن هذه الجملة تعنى كل ما فى وطنية التاريخ المصرى، ولا أحد يحاسب أحدا على دينه، فقط حاسبنى على دورى كمواطن.

■ هناك تيار دينى متشدد ظهر بعد الثورة يقول نحن 36 مليون مسيحى ونحن أصحاب البلد الأصليين فى مقابل التيار الدينى الإقصائى الذى لا يعترف بالمواطنة، برأيك ماذا يحتاج الخطاب الدينى؟

- نحن نعانى من خطاب دينى غير مثقف، وأرى أن الذى يتكلم ويعلم لابد أن يكون أهلا للتعليم أصلا، فالمسألة تبدأ بالتعليم، يعنى محمد عبده بقامته الكبيرة كيف حقق استنارة، وهو رجل مثقف جدا، الثقافة هنا معناها انفتاح الفكر، لكن فكرة عدم قبول الآخر جاءت نتيجة مشاكل مع الذات فى الداخل، كلما كان الإنسان مستنيرا فى الداخل استطاع أن يقبل الآخر.

■ ما سبب القصور فى الاهتمام بالتراث القبطى فعلم القبطيات أو الكوبتولجى لا يوجد، باستثناء قسم داخل مكتبة الإسكندرية وبعض الكليات اللاهوتية؟

- هناك فترة من الفترات تغلغل المتطرفون فى مفاصل التعليم، وصار عندهم حساسية لكل ما هو مسمى قبطى أو مسيحى، حتى إن مادة التاريخ القبطى اختزلت فى أربع صفحات فى التعليم الابتدائى، تخيل أن 600 سنة يتم اختصارها فى 4 صفحات، ولا يتم تدريس الفن القبطى، وهذا نتيجة انغلاق فكر وشخص غير مثقف، لكن لابد من أن يعاد النظر فى هذه الصورة فى التعليم، حتى يفهم الطفل أن مصر هى حضارة فراعنة وأقباط ومسلمين، وإن كنت أرى أن الحضارة لا توضع فى قوالب دينية، لأن الدين هو الإنسان والله، بينما الحضارة هى معايشة الإنسان للوطن، فهذا القصور نابع من التعصب وإغلاق الفكر، تخيل أننا ليس لدينا فى كليات الآداب والتاريخ والأماكن المعنية قسم كبير عن القبطيات، وبعض فصول فى كتب تدرس فى كلية فنون جميلة عن الفن القبطى والجامعة الأمريكية، لكن كدراسة متخصصة لا يوجد.

- نعم، لك أن تتخيل أن الأقباط هم من صاغوا قانون الإيمان فى القرن الرابع فى مجمع نيقية، ودافعوا عن الإيمان ضد هجمات الفلسفات التى أرادت أن تهدم هذا الإيمان وهم من قدموا شهداء.

■ لكن ما حقيقة ما فعلوه مع الفيلسوفة هيباتيا؟

- هيباتيا فيلسوفة وثنية كانت تحرض ضد المسيحيين، وحدث احتقان فى الشارع بسببها، والكنيسة كانت بعيدة تماما، وكانت تتكلم فقط ضد فكر هيباتيا كفكر.

■ ألم يكن البابا كيرلس عمود الدين هو المحرض على قتلها؟

- هيباتيا أعادت نشر 10 مقالات كتبها إمبراطور وثنى اسمه يوليانوس، والبابا كيرلس كان يعظ وقتها ويعلم ضد فكر هيباتيا، لكنه لم يتطرق نهائيا لفكرة انتقام، أى فكر مقابل فكر، ولكن حدث احتقان فى الشارع بين الوثنيين الذين كانوا يخطفون الأقباط من الشوارع ويعذبونهم فى مبعد السيرابيوم، فماتت هيباتيا على أثر الاحتقان الطائفى فى الشارع، والكنيسة ليس لها دخل.

■ تقصد أنها قتلت بالصدفة؟ هناك روايات تاريخية تقول عكس ذلك ما رأيك؟

- جميع المصادر نابعة من مؤلف إنجليزى فى القرن الـ19، إذ كتب رواية مؤلفة عن هيباتيا، والتى أخذ منها بعض المصريين، وهناك كتّاب من الغرب كتبوا عن الحادث، وهناك مؤرخون قالوا إن احتقانا حدث لكن لم يذكرا أن البابا كيرلس تسبب فى قتلها، يا عزيزى فكرنا وديننا وتاريخنا وكتبنا وتراثنا لا أصل فيها لمصطلح القتل.

■ لكن ما حقيقة ثورة الرهبان التى أدت إلى قتلها؟

- هذه قصة غير صحيحة، فالقول بأن الرهبان نزلوا من دير الأنبا شنودة، هذا غير صحيح بالمرة، ودير الأنبا شنودة فى سوهاج بالصعيد، ثم أى ثورة وعلى من ولمَ؟.

■ على الفكر الوثنى رغم أنها كانت فيلسوفة ومفكرة لا تستحق القتل؟

- كيف إذا كانت المسيحية فى هذا الوقت كانت على أوجها، وكان الإمبراطور الرومانى يساند المسيحية تماما التى كانت فى أعلى مراحلها الدينية.

■ سمعت لك معزوفة وأنت تعزف على العود داخل الكنيسة.. ألا يتنافى ذلك مع كونك كاهنا؟

- كنا نستعد لموضوع الحج، فقالوا ماذا تقدمون للأجانب والحجاج، فخطر ببالى أنهم لا يرون جدرانا صامتة، بل يجب أن نقدم لهم فنانين يعزفون الألحان القبطية، ونجعلهم يسمعونها بحيث يتم تخصيص يوم لعازف قانون، ويوم للعود، وثالث للكمنجة، وأنا أعزف عود، ولكن لى شخصيا، وداوود النبى كان يعزف مزامير داوود على القيثارة، والتراث الموسيقى لدى الكنيسة القبطية ضخم للغاية، وبالمناسبة لا أسمع من الغناء إلا ما يطربنى، إذا وجدت وقتاً.

■ هل هناك رسالة تحرص الكنيسة على توصيلها من خلال الفن؟

- عندما يعود الشعب أن يسمع الموسيقى الراقية، فمستحيل أن يسمع موسيقى غير مريحة للأذن، كيف يمكن من يصلى بالموسيقى أن يسمع صخبا، فهناك مثلا موسيقى «بلاك ميتال» فى أوروبا، والتى تستخدم للشيطان، فالموسيقى قد تؤدى إلى دخول شخص إلى دائرة الشيطان، وتجعل الروح فى حالة شيطانية، أما الموسيقى المقدسة فتجعل الروح فى حالة عبادة.

■ بمَ خرجت من السنة الماضية؟

- سنة صعبة اقتصاديا على الجميع، لكنها كانت سنة إنجازات، وأهمها المشروعات القومية والتصدى للإرهاب.

■ ما سبل مواجهة الإرهاب فى رأيك؟

- للأسف نواجه الإرهاب أمنيا، فهذه الطريقة تعنى أننا نواجه المنتج الأخير ونترك المصنع الذى ينتج الفكر الإرهابى والمفكر الذى يعلم الإرهابى التكفير، فلم نواجه هجمات الفكر الإرهابى منذ السبعينيات، ولذا ظهر كم كبير من الإرهابيين، وكان لابد من الوقوف على سبب استخدام هذه الأفكار الدينية بطريقة مغلوطة، بأن الجهاد هو جهاد القتل، وأن الآخر يقتل ما لم يكن على دينى، وأن الحكومة والبلد والقائمين عليه يقتلون إن لم يطيعوا فكر هؤلاء الإرهابيين، وأنه لابد أن ترجع الدول إلى عصور وضعت فيها هذا الأفكار قديما.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل